جمال عبدالصمد
هؤلاء أعادوا لنا الثقة في رجال الدين
منذ اندلاع ثورة ٢٥ يناير و ما تلاها من أحداث ، شهدت الخريطة السياسية عدة تغيرات ، ولاحظنا اهتمام فئات كثيرة في المجتمع بمناقشة وتحليل الأحداث السياسية التي تمر بها البلاد .
حيث ظهر على الساحة السياسية وقت ذاك عدد من رجال الدين " ليس الكل " يتبعون تيارات إسلامية مختلفة ، منهم من ارتدى ثوب " الواعظ " ، و منهم من قام بتنصيب نفسه " داعيا إسلاميا " يشرع و يفتي من أجل الوصول إلى مبتغاه . بذلك تحول دور رجل الدين إلى خبير سياسي و استراتيجي ، على حساب تفقيه و تعليم المسلمين أمور دينهم .
كان لظهور التيارات السياسية الإسلامية منذ ٢٥ يناير حتى نهاية حكم جماعة الإخوان ، النصيب الأكبر في انعدام و فقدان الثقة و التخوف من أخذ آراء بعض رجال الدين ، و سؤالهم في الأمور الدينية خاصة في الحقبة الزمنية التي أشرت لها مسبقا . يرجع السبب في ذلك إلى انحراف بعض رجال الدين عن مسارهم الأساسي و الوظيفي .
هناك من استغلوا الحالة السياسية التي مررنا بها و أعتلوا منابر المساجد و حولوها إلى منصات إعلامية ، و منهم من خرج علينا من القنوات الإعلامية المختلفة " قنوات فضائية ، صحف ، مواقع إلكترونية ، مواقع التواصل الاجتماعي ، وغيرها من قنوات تواصلية " ، و قاموا بخلط الدين بالسياسة وفقا لما يخدم أهوائهم و اتجاهاتهم ، حيث كانت تصريحاتهم تحمل في ظاهرها الشكل الديني و في باطنها الشكل السياسي بهدف تحقيق و تنفيذ خطط و سياسات تخدم مصالح فئة معينة .
برغم كل ما حدث ، إلّا أن بعد انقضاء عصر الفتن وزمن خلط الدين بالسياسة و غيرها من تصرفات ليس لها علاقة بسماحة و يسر الدين الإسلامي . بدأت الثقة تعود مرة أخرى تدريجيا من المواطن إلى رجل الدين ، خاصة بعد ظهور نماذج من علماء الأزهر و رجال الدين المعتدلين ، و ذلك من خلال برامج تتناول الأمور الدينية بشكل بسيط و ميسر وبطريقة تصل من خلالها الرسالة إلى كل فئات المجتمع دون تعقيد أو صعوبة ، بالإضافة إلى عدم إتاحة الفرصة لتأويل أقوالهم أو تحريفها بالشكل الذي يسئ أو يخالف الدين الإسلامي .
من هذه البرامج " الدنيا بخير" ، و " لعلهم يفقهون " ، و " مصر أرض المجددين" ، و " قلوب عامرة " ، وغيرها من البرامج الدينية التي تناقش قضايا المجتمع و الشباب والأمور المتعلقة بالدين الإسلامي ، على الاختلاف الفقهي والمذهبي ، فضلا عن أنها تركز على تجديد الخطاب الديني و تهدف إلى الارتقاء بوعي المسلمين من خلال تقديم قضايا و أخلاقيات المجتمع المصري بأسلوب عصري و حديث .
و من أشهر مقدمي تلك البرامج أو من تم استضافتهم بها ، كوكبة من علماء الدين الأجلاء منهم على سبيل المثال لا للحصر ، الإمام الأكبر الدكتور " أحمد الطيب " شيخ الأزهر الشريف ، و الدكتور " علي جمعة " مفتي الديار المصرية السابق ، و الشيخ " خالد الجندي " عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية ، و مدرس بوزارة الأوقاف المصرية ، و الشيخ "رمضان عبد المعز " إمام المركز الإسلامي بنيويورك و أمام و خطيب بوزارة الأوقاف ، و الشيخ " رمضان عبد الرازق "عضو اللجنة العليا للدعوة بالأزهر الشريف ، و الشيخ " رمضان عفيفي " ، و الشيخ " أشرف الفيل " أحد علماء الأزهر الشريف ، و الشيخ " عويضة عثمان" أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية ، و الدكتورة " نادية عمارة " الداعية الإسلامية و إحدى طالبات الشيخ الشعراوي ، و عدد من الشيوخ و العلماء الأجلاء .
في الختام أريد أن اشدد على أهمية و مكانة رجال الدين العلمية و الدينية و مدى تأثيرهم و تشكيلهم لوعي الكثيرين من أفراد المجتمع ، و قد شهد العالم الإسلامي رموز من هؤلاء العلماء الذين آثروا العالم بعلمهم المستنير ، على سبيل المثال لا الحصر الشيخ الراحل "محمد متولي الشعراوي " إمام الدعاة ، الذي يعد من أشهر مفسري القرآن الكريم بالعالم الإسلامي ، حيث أستخدم طرق مبسطة و سهلة في تفسير القرآن الكريم ، مما ساهم في استقطاب شريحة كبيرة من المسلمين في جميع أنحاء العالم العربي . و كذلك الشيخ الراحل " محمد طنطاوي " شيخ الأزهر الشريف الأسبق ، و غيرهم من الشيوخ ، و الأئمة ، و علماء الدين الذين برزوا و انتشروا في العالم الإسلامي .