عاجل
الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
حوار وطنى محظور فيه الشعارات

حوار وطنى محظور فيه الشعارات

التحضيرات للحوار الوطني على قدم وساق على كل المستويات. كل الكيانات والهيئات والأحزاب ومنظمات المجتمع المدنى مدعوة. 



الإرادة صادقة لتفعيل حوار فى مصلحة الجميع.. والجميع للصالح العام.

مهم الإشارة والتأكيد أنه حوار وطني يشمل الكل. بعضهم فهم خطأ أنه حوار سياسى.. والبعض الآخر فهم خطأ أن الحوار خاص حزبى.

هذا ليس صحيحًا كما يشير الواقع.. وكما تقول دعوة رئيس الدولة المصرية.

 

فالطريق لترسيخ الجمهورية الجديدة، به الكثير من التحديات، والقضايا والمسائل متعددة ومتنوعة يصح معها استطلاع رؤى الجميع.. أحزابًا وهيئات.. مفكرين وإعلاميين.. صحفيين وبرلمانيين.. وأعضاء فى منظمات المجتمع المدنى. 

الجميع مدعو لإضافة رؤى.. المهم أن تكون رؤى قابلة للاختبار.. وقائمة على معادلات تنجح فى الاختبار.

(1)

هناك من يرى أن الدعوة للحوار الوطني مشروطة. وهؤلاء عندهم حق. 

أول الشروط أنه لا حوار مع أى ممن تلوثت يديه بدماء المصريين.

لن يقبل المصريون أى كلام مع عرّابي الفوضى، وأصحاب الذقون، ومن لف لفهم بزرع القنابل المفخخة، أو من هدد المصريين إما الإرهاب.. وإما الاستمرار فى الحكم.

إخوان الإرهاب يتمحكون من الخارج. وشياطين هدم الأوطان يحاولون أن يشبوا من شبابيك غير مشروعة على فضائيات مسروقة.. ويناورون. 

الحقيقة الباب مقفول فى وجه هذه الوجوه. كل المدن موصدة، وكل الشبابيك مغلقة.. بلا نقاش ولا تفكير ولا حتى محاولة للتفكير. 

إذا كان أهل الشر مستبعدين بالثلث، تظل هناك شروط يفرضها المصريون من كل بيت ومن كل حارة على جميع الأطراف المشاركة فى الحوار. 

الشرط الأهم على قائمة مطلوبات الحوار الوطني، تقديم الجميع رؤى سليمة، واقتراحات ذات معنى.. وتوصيات ذات جدوى. 

المطلوب بيانات على الأرض، وإجراءات صالحة على الواقع، تضيف إلى ما قامت به الدولة خلال 7 سنوات ماضية نجحت فيها نجاحات واضحة على محاور عدة.

لا تبنى الدول بالكلام.. ولا بالتهويمات البعيدة عن الواقع. لا تقام الحضارات بالكلمات الحلوة المذوقة التي يدخل عليها التطبيق.. فيتبين أنها لا تصلح للتحقيق. 

إن جيت للحق، بعضهم أدمن كلامًا مزوقًا فوق الحلاوة بأكثر من درجة.. لكن لما دخلت نظرياتهم الاختبار فشلت بالثلث.

فشلت لأن الكلام كان نظريات فوق الواقعية. لذلك غرقنا فترة ما يعلم بها إلا ربنا فى الشعارات.. والهتافات. لم يعد هذا زمن ذلك أو ذاك.. لكن فى المثل الدارج «اللى على البر عوام».

خلال سنوات، من بعد 2011 كان كثيرون يسبحون فى «حمامات سباحة الشعارات» لا بهم ولا عليهم. ساهم الكلام ابن عم الحديث فى وصول إخوان الإرهاب إلى الحكم.

هذا واقع.. علينا ألا ننساه. كما لا ننسى ما فعله بالمصريين الإخوان.

الذي لا يمكن أن ينساه المصريون أن بعضهم ساهموا فى دفع الإخوان إلى قصر الاتحادية الجمهورى، من باب الدعوة للحرية.. والدعوة للديمقراطية.. وبحجة التغيير، لولا أن الله سلّم.

الفكرة أنه إذا كانت نتائج النظرية غير واقعية، أو غير مدروسة، فإن على أصحابها أن يعيدوا طريق وأساليب التفكير مرة ومرة ومرة. على أصحاب النظريات والتهويمات أن يعيدوا التفكير مرات، لأن الأوطان ليست حقل تجارب، ولأن الشعوب ليست «فئران» فى معامل من نصبوا أنفسهم قوامين بلا سند ولا مقتضى.. ولا حتى كرامات!

(2)

صحيح الحوار الوطني شامل متكامل والتحديات كبيرة وكثيرة، وسط أزمة عالمية لم يشهد العالم مثلها منذ ما يزيد على المائة عام، لكن يبقى من المهم إضافة إلى التعاطى بالتخطيط لمجابهة التحديات الطارئة على المستوى الدولى، إعادة توصيف خرائط الأحزاب على المستوى الداخلى فى الطريق لحراك حقيقى لأحزاب تحقق طموحات المصريين.

رغم وجود أكبر عدد من الأحزاب تشهده الجغرافيا السياسية فى مصر فى تاريخها (أكثر من 100 حزب سياسى بعد 2011) إلا أنه لا يمكن أن ينكر أحد، أن محصلة أغلب تلك الأحزاب ليست واضحة، ولا ظاهرة.. ولا فعالة.

كثير من الأحزاب لا كوادر لها على الأرض. وكثير من الأحزاب لا رؤى لها واضحة فى الواقع. مفترض أن الحركة الحزبية أكبر من ندوات فى المقرات، وأكثر من تصريحات فى تقارير صحفية أو بيانات منشورة فى المناسبات.

هذا كلام لابد من تداوله بصراحة، لأنه حسب تصورات كثير من المصريين، فإن ضمن أهداف الدعوة للحوار الوطني دفع الدماء فى الحركة الحزبية المصرية، ودفع الأحزاب لإعادة صياغة هياكلها وأساليبها.. ومساعدتها على طرد الكوليسترول الضار من شرايينها.. لتواكب الحركة.. والأحداث المحيطة.. وتنزل بقواعدها على أرض الشارع، خروجًا من مكاتب مكيفة.. أو جلسات مسائية فى أماكن فاخرة على شط النيل!

(3)

بعضهم طالب بإذاعة جلسات الحوار الوطني على الهواء لمشاركة الشارع ما يجرى فيها. الرأى صائب، وتحقيقه ربما يكون أملًا لدى الشارع.. كى يعرف الشارع من لديه رؤى حقيقية.. ومن ليس لديه إلا الكلام. 

لا تبنى الدول بالكلام. لمصر خصوصية شديدة تجعل من ضرر «مجرد الكلام والتهويمات» سُمًّا فى العسل.. وسيانور فى عصير المانجو.

صحيح مصر الدولة الوحيدة الناجية، بفضل ربنا، من ما سمى بالربيع العربى، الذي قلب البلاد وشرد العباد.

مصر الوحيدة المتعافية من فوضى قلبت دولًا أخرى «فوقانى تحتانى»، بطاعون عصرى لم تجد له كثير من شعوب أخرى ترياقًا للآن، لكن يظل للربيع العربى فى مصر تداعيات، نعيشها للآن.. وحتى كتابة هذه السطور. 

ورثت القيادة السياسية تداعيات ربيع عربى، وتداعيات ما قبل الربيع العربى لا تسقط بالتقادم. نجحت الدولة بخطة إنقاذ واجبة شجاعة، وسط أنواء وحروب بأسلحة مختلفة، لا تهدأ.. ولم تهدأ للآن. 

تخطت مصر حواجز مهولة فى الطريق لاستعادة الاستقرار، واستعادة الدولة، واستعادة حقوق المواطن. 

لذلك سيظل مفهوم الصالح العام ومفهوم الأمن القومى أولوية على أچندة المصريين، كما هما أولوية قصوى على أچندة القيادة السياسية.

مفترض أن تُطرح فى الحوار الوطني أفكار لمزيد من دعم تحسين جودة حياة المواطن، والبناء على نجاحات القيادة السياسية فى استعادة المكان والمكانة المصرية.

منتظر أن تطرح أطراف الحوار الوطني رؤى فى الأوضاع الاجتماعية، لمزيد من دعم المواطن، بالنظر إلى أزمات اقتصادية يشهدها العالم، وصل فيها التضخم فى الولايات المتحدة الأمريكية إلى أعلى مستوى له منذ أكثر من 50 عامًا.

يبقى أن يتفهم الجميع أن «تحسين جودة حياة المواطن» ليس شعارًا يقال ونمضى. أو ليست جملة، يهُتف بها من على المنصات.. ودمتم.

منتظر من الجميع طرح مزيد من الرؤى فى جلسات الحوار الوطني، للبناء على نجاحات الدولة فى تحسين جودة حياة المصريين، على سبيل المثال، والوصول بالخدمات، والحياة الكريمة إلى أبعد نقطة على أطراف محافظات لم يكن يصلها الكهرباء.. ولا المياه النظيفة.. من قبل. 

على مستوى السياسات التعليمية، مطلوب البناء على استراتيجيات وضعتها دولة 30 يونيو بإصلاح منظومة تعقدت وتشابكت على مر أكثر من 60 سنة، حتى وصلنا إلى وضع غريب.

وضع يتخرج فيه طلاب الجامعات فى تخصصات مختلفة، بصرف النظر عن سوق العمل.

ووضع يتخرج فيه طلاب بالآلاف.. بلا فرص عمل حقيقية، لأن – وهذا واقع – كثيرًا ما لا يكون هؤلاء الخريجون مدربين أو مؤهلين كفاية.. للانضمام إلى سوق العمل! 

مع الزيادة السكانية تبدو مزيد من التحديات لدعم مراحل التعليم المختلفة، وتحسين الخدمات الصحية، ومزيد من حلول متزايدة للقضاء على أزمة الإسكان، ولمزيد من خفض معدلات البطالة.. بينما يقع على الدولة عبء ملاحقة نمو سكانى مطرد، يضع فيه المواطن (للأسف) التزامات على الدولة، دون أدنى التزامات على الأسرة أو على المجتمع.

فى مسألة الزيادة السكانية، ما زالت الفكرة الأثيرة لدى بعضهم هى إلزام المجتمع الدولة، أكثر من إلزام المواطن بالمشاركة. 

ما زالت الفكرة هى تحميل الدولة تداعيات انفلات سكانى رهيب، لا تستوعبه المساحة ولا تستوعبه الخدمات، ولا تستوعبه البنى التحتية.. مهما تسارعت فيها وعليها التنمية، دون تحميل المواطن أية أعباء.. ودون الحديث عن ما يلزم من مشاركة من المجتمع فى تنفيذ ما عليها من واجبات. 

التحديات كثيرة.. على محاور كثيرة.. ومتعددة. ودعوة الرئيس عبدالفتاح السيسي لحوار شامل متكامل، فرصة لابد أن تستغل، لمصلحة وطن مفترض أن الجميع يسعى لدفعه للأمام.

هذا حوار وطني لصالح الجميع.. لا هى فرصة لمكاسب سياسية، ولا هى بارقة أمل تفتح الباب لاحتمالات تحقيق طموحات شخصية لبعضهم. 

لذلك فالمشاركة واجبة بنوايا خالصة.. وأفكار لها جدواها. زهق المصريون من الشعارات. ملاعين أصحاب الشعارات.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز