عاجل
الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
 (بنات عبدالرحمن ) أشرقن فى (مالمو) !!

(بنات عبدالرحمن ) أشرقن فى (مالمو) !!

 (البنات البنات ألطف الكائنات) هكذا غنت سعاد حسنى بكلمات صلاح جاهين، من الممكن أن تتحول ألطف الكائنات لو شعرت بالظلم إلى أكثرها شراسة وعنفًا؟ تعلمنا الحياة، أن للضعفاء أو ما نعتبرهم بنظرة قاصرة كذلك، أيضًا أسلحة،  هذا هو عمق فيلم (بنات عبدالرحمن) الذي تنقل بين العديد من المهرجانات، حاصدًا إعجاب الجمهور، وآخرها (مالمو) بالسويد.



 يجب أن أذكر بكل سعادة، أن السينما الأردنية باتت لها مكانة مميزة على خريطة صناعة السينما العربية، محققة مساحة من الحضور اللافت، بعد طول غياب لتشارك فى المهرجانات وتقتنص أيضًا الجوائز، وبالمناسبة الفيلم الأردنى (الحارة) ناله أكثر من جائزة. 

أهم مؤشر تستطيع من خلاله الحكم على العمل الفنى أن تشاهده مع الجمهور المستهدف، وأتيح لى مشاهدة الفيلم ثلاث مرات الأولى مهرجان (القاهرة) والثانية (البحر الأحمر) والثالثة (مالمو)، وفى عدد كبير من اللقطات، مع تباين الجمهور كنت أستمع إلى تصفيق الجمهور حينًا وضحكاته الصاخبة حينًا آخر، وأغلبها ضحكات نسائية لا تخلو من مؤازرة وموافقة ضمنية من قطاع لا بأس به من الرجال.

 من الممكن أن نضع ردود الأفعال تحت يافطة (فش غل) أو (طق حنك)، المرأة مهيضة الجناح هذا هو الموضوع، وتلك هى الصورة الذهنية الراسخة، والتي كثيرًا ما دأبت الدراما السينمائية والتليفزيونية على اللعب بها، إلا أن الأمر ليس أبدًا على هذا النحو مع (بنات عبدالرحمن).

عندما تتعرض المرأة للاضطهاد تصرخ أم تثأر لكرامتها؟ هذا هو السؤال الذي أرق زيد أبوحمدان كاتب ومخرج ومشارك فى إنتاج الفيلم.

زيد أبوحمدان، يقدم فيلمًا حميمًا يشبه الحياة عن أربع نساء شقيقات، كل منهن لها حياتها، التي قد تتناقض شكليًا مع السلوك الحميد،  الذي تعارف عليه المجتمع الأردنى أو العربى فى دائرته الأوسع، حيث تتقاطع هذه الدوائر مجتمعة وبنسبة كبيرة، تختلف ربما فى هامش ضئيل، ولديهم عادة معيار وحيد للصواب، وهو فى العادة الإطار الشكلى الذي صرنا جميعًا مع اختلاف الدرجة أسرى له، من تنطبق عليه الأطر الشكلية ينجو من أى لوم أو حتى نظرة تحمل شيئًا من الغضب أو التساؤل.

عبدالرحمن (أبو البنات) رجل طاعن فى العمر أصيب بخرف الشيخوخة، يختفى فى ظروف غامضة، عندما يرى ابنته التي تعمل فى حياكة الملابس ترتدى ثوب الزفاف، ولم يكن ثوبها بل كانت تعبر عن حلم مستحيل، لتبدأ رحلة البحث عن الأب، وما يمثله لهن من حماية، حتى وهو يعيش تحت سطوة المرض، ونقترب أكثر من بناته الأربع، صبا مبارك وحنان الحلو وفرح بسيسو ومريم الباشا، لنعيش القصص المختلفة وقد تشابكت فيما بينها، الفيلم يقدم المرأة المتحررة التي لا تمارس الرذيلة إلا أنها لا تصدر هذا الوجه الملائكى الذي يريده المجتمع، ويعتمده فقط كدلالة على الانضباط.

كل الجوانب الإيجابية للمرأة تعتمد فى تقديمها على قانون الأضداد، الأبيض يزداد نصوعًا بجوار الأسود، الرجال أغلبهم منافقون كاذبون لا يتحملون المسؤولية يبحثون فقط عن السلطة وعلى فرض الأمر الواقع، إلا أن الفيلم قدم أكثر من مشهد نرى فيها المرأة لا تكتفى بالانتصار الفكرى على الرجل، بل تنال منه جسديًا، موجهة له قبضتها الحديدية.

الرجل المهمش الضئيل لا يستطيع أن يدافع حتى عن نفسه، يعلو صوته ولكن عندما يعلو صوت المرأة أكثر، يلوذ هو بالصمت، القضايا مثل العيش مع رجل بدون زواج واحدة قطعًا من العلاقات الشائكة فى المجتمع العربى، النقاب الذي احتل مساحة فى الشارع العربى، بينما يكشف تلك الازدواجية المقيتة والتي تحولت من فعل مستهجن إلى حالة يتواطأ عليها المجتمع، الرجال ظالمون مؤكد، ولكن ألا توجد امرأة طوال الأحداث ظالمة.

الفيلم لا يكشف فقط سلوكًا نراه على الشاشة، بل من المؤكد أن المشاهد بات جزءًا من تلك الحكاية، المخرج لجأ إلى استخدام (المونولوج) الطويل، تحكى كل بطلة جزءًا من حكايتها ويعلو صوتها وفى الوقت نفسه يعلو صوت التصفيق فى دار العرض، المخرج على موجة الجمهور هذه حقيقة، كان عليه أن يلجأ لاستخدام لغة سينمائية فى الصوت والصورة، بدرجة فنية، أقل صخبًا وأكثر عمقا، حيث يتجسد الإيحاء الجميل.

 (بنات عبدالرحمن) نغمة سينمائية على موجة الناس، يصفق لها النساء ويجبر الرجال أيضًا على التصفيق، أينما تواجد، في القاهرة أم جدة أم مالمو!!.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز