عاجل
الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

د. إيمان ضاهر تكتب: "المداح ٢" أسطورة الوادي

د. إيمان ضاهر
د. إيمان ضاهر

أردت أن أكتب عن لغز نسيج الإبداع في دراما واقعية، بنائها الريادة والتميز الراقي، والإخراج الرائع، قصة مختلفة عن الاعتياد، أليست حكاية إنسانية لنبذ الشر، ورسالة للخير وغفران. 



 

الذنوب؟ 

"المداح"، أسطورة الوادي.. إنسان دون أساطير يموت من البرد، وشعب دون أساطير هو ميت  بالفعل، وهنا أتحدث عن الأيديولوجية التي يعيش من خلالها المجتمع للحفاظ على ضميره حياً بالمثل العليا المتبعة من جيل إلى جيل.

المداح أسطورة الوادي، دراما أبطالها متمسكون بالأمل، في إيصال رسالة الفن الأساسية التي تحول أي اختلاف، أي إعاقة، إلى مصدر من الطاقة الدرامية الخيالية.

 

من هنا يشع "العمل الرائع" ليشفي المريض المسحور، ويضيء النور لينكشف سر المملكة .. وليبكي السامع المبهور.

 

ومازال الجزء الثانى من المداح بزخرفة قصته في دار المعاناة، يسحرنا بقدرة المؤمن على التوبة وتطهير النفس .

 

أسطورة الوادي بأنوارها الداخلية تنير السلوك، وتزينه، وتبدل الصفات القبيحة إلى إهدائنا باقة ورود من المزايا الحسنة، ومن لم يتواضع قلبه في شهر رمضان فلن يكون مسكناً لرضا الله تعالى، وصابر المداح زين كيانه بالفضيلة الروحية والبحث عن الذات، من خلال تواصله الروحاني مع أسطورة الوادي، لتطهير أسمى ما عنده من فضائل أخلاقية، فبدأ يسير على خطى الصلاح والخير لنشر البركة الحسنة بين الناس .

 

أسطورة الوادي مبنية على المعرفة البشرية، قائمة على أسس متينة، وأدلة مطلقة لحدس شيخ الوادي الذي لا يخادع، إنما هو الخلق السليم، فضل مضيء الدين، الشيخ الملاك عبد الرحمن، "النادر أحمد عبد العزيز"، ثمرة جهود الكبار الأتقياء، وخلاصة التركيز الروحي الذي يعيشه الصالحون، المؤمنون.  

 

وهكذا يواكب مسيرة المداح صابر الشافي، في مواجهة الشر وفك ألغاز السحر والشعوذة، وآثام الجن القاتلة والعابثة والمخادعة للإنسان، ولقد عانى الشيخ الوقور من آلام الجن والسحرة زمناً طويلاً.

 

والسحر مذكور في المصحف الشريف، "لهيب النار يأكل القلوب الضعيفة"، وقلب الشيخ الغامض، الملاك الناسك، المرشد، بكرم العلي، حاضراً لإزاحة غيوم الشر التي يجرنا إليها الشيطان دون إرادتنا.. وصابر المداح كاد أن يقتاد إلى الهاوية، فشعر باليأس وهلاك النفس،  لكن حب الله عز وجل في قلبه، ممتلكاً لروحه، فابتعد عن الظلام ليلتقي بعالم المملكة الروحية المضيئة، والبعيدة عن الضعف والماديات والتمسك بالمظاهر الفاسدة، وبات جاهزاً لنصرة المحتاج ومحاربة الأعداء "بلسم وسند وشاف بالرقية الشرعية"، ولابد لمسيرة الصالحين أن تكون مليئة بالعقبات، وتؤدي إلى أعمال بلا نهاية، فطوبى للرجل، صاحب النية الصالحة، الذي باسم الخير والصدق، وحب الله يصبح راعيا للضعفاء والمساكين، ولكن هل سيصمد المداح  في وجه الشر ومنحدراته؟ أيهزم الألم ؟ سيبقى مصغياً لأسطورة الوادي؟ .

 

هل سيتابع  قمة التسلق الكبير، ورؤية أشياء عظيمة كما هو رجل الحياة والمعاناة، الشيخ عبد الرحمن الذي أضاء القمر، واستبدل المحيط المظلم للوديان المليئة بالليل بالحنكة والحكمة والصبر، مركب شراعي مغطى بالقماش الأبيض الجليل، إنه ضمير المداح الأبيض، عسى أن تصير الوديان شوارعه، وحقول الطبيعة أزقته الخضراء، تبحث دوما عنه في الكروم، وتقودنا إلى رائحة الأرض الطيبة من خلال ثيابه، إنه الشيخ عبد الرحمن، الأمين على المعالين، يجسد صمت الوادي. والله العلى العظيم يكلل رأسه لينبع من هذه العمامة الأسطورة، بئر ماء مضيء، فيظهر القمر للقمر، والنرجس للنرجس، وحدة كاملة مع المداح، لمحاربة الشر، أليس هو الألم المخيف الذي يطفو باستمرار على سطح الأقوال والأعمال؟  

 

ولكن الصديق الودود، الشيخ الوقور، هل سيفلح في القضاء على عالم السحر والشر الذي غرق فيه صابر المداح؟ هل ستتمكن هذه الهالة الجبارة أن تلمس شفافية روح المداح، وتعمل على أحاسيسه الحميمة حتى النهاية؟

 

 المداح أسطورة الوادي، مجد للدراما المصرية، لم يتجعد قط، شعلة في الصوت، صوت المداح الذي يدخل إلى قلوب المشاهدين، دون استئذان، أبهى مظاهر الغناء، والبلاغة المنمقة العذبة في معاني الكلمات الرائعة كالماء الصافيى، لروح جريحة تنشد الخير والتوبة، مؤثرة على النفس، تستجيب لها المشاعر  والعواطف بتلقائية سريعة. 

 

المداح أسطورة الوادي، طاقم من الأبطال الأبرار، أسطورة تثيرنا بعالمها المتفاني، بقامة ملاحة الأدوار، مرآة جوهر الإنسان ألا وهي العاطفة والتضحية، الخوف والتوبة والحكمة النزيهة التي تأسرنا في كل ثانية لتثبت أن هيمنة الشر وضراوته ليست هندام الوسامة والنضارة لاستيعاب المعنى الكامل للحياة.

المداح أسطورة الوادي، تأسرنا بالموسقى الرائعة، والمخرج القائد، قبطان هذه السفينة  الدرامية المبتكرة بكل تفاصيل العمل، الموجه بالعناصر الراقية، من مهندسين الديكور والإضاءة، والصوت والمنفذين والمعدين، والمصورين.. المخرج  تولى عملية الخلق والإبداع والتصوير الدرامي الراقي، مع الحفاظ المتقن على التوازن والتناغم بين ثنائية الممثل والدور . 

وأخيراً، تابع أيها المشاهد بامتلاء كوبك رحيقاً، إملأه من عصير الطيب الخالص الصافي الذي اعتصر من جنى وثروة دراما الروح، لصابر المداح الصادق، النجم المتألق حماده هلال، والشيخ الأسطورة، ملك الدراما أحمد عبد العزيز، حيث يتجلى من فنهم غذاء الروح، وشفاء القلوب. ونجحوا في رسم صور أنماط جديدة للدراما  الجوهرية بكل ما في الكلمة من معنى، في كل آوان وزمان.  

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز