عاجل
السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
القاهرة– براغ– بودابست.. عن جودة الحياة

القاهرة– براغ– بودابست.. عن جودة الحياة

في امتداد متصل لما كتبه الكاتب الكبير أسامة سلامة في مجلة روزاليوسف 25 ديسمبر 2021 الماضي تحت عنوان "الله يحب أوروبا"، في بهجة كتاب الشاعر الكاتب الصحفي الصديق جرجس شكري "كل المدن أحلام"، وفي حديثه عن المدن وطابعها وأحلامها وشخصيتها، تصادف وجود صديقي المسرحي الجميل سامح الحجار، في جولة بعواصم شرق أوروبا.



ولأنه صديق مبهج حرص على أن يشاركني أوقات فراغي جولاته في شوارع بودابست وبراغ، عبر مكالمات الفيديو التي تساهم في إلغاء المسافات بين البشر في كل أنحاء الدنيا الأربع.

وبينما تمتعت معه بتلك البهجة طلب مني وهو مثلي واحد من عشاق "وسط البلد"، أن أكتب عن ملاحظات ضرورية في المقارنة بين وسط المدينة القاهرية، ووسط براغ وبودابست العريقتين، في ظل ابتهاجه بما أنجزته الدولة المصرية في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، من استعادة لطرز المباني الرائعة في القاهرة الخديوية، وفي تنظيم مساحات في قلبها، وفي إضاءتها وتجميلها، في محاولة استيعادية للقاهرة التي حصلت على المركز الأول في أكثر المدن جمالًا حول العالم في النصف الثاني من عشرينيات القرن الماضي.

ولذلك ولأن الصور الجميلة لا تكتمل إلا بالتفاصيل الصغيرة، فقد لاحظ معي أن تطوير منطقة القاهرة الخديوية لا يزال يحتاج لمتابعة في مسألة المطاعم والمقاهي والمحلات المتعددة التي تستخدم وبعضها سلاسل عالمية تجارية، مجموعة من اللافتات التي تحمل اسمها بطريقة الألوان الزاعقة والإنارة الكبيرة والتكوينات البلاستيكية المعاصرة، التي لا تتناسب في معظمها مع طبيعة البناء المعماري القديم، والطرز المدهشة في جمالها، وهي التي تحتاج إلى لافتات بسيطة عادية تتناسب مع الطراز المعماري، ولأبواب مناسبة لذات الطراز.

كما يمكن التفكير في وضع امتداد لدائرة عدم مرور السيارات، ليصبح الاتجاه المروري الدائري مفتوحًا من ميدان طلعت حرب لشارع 26 يوليو على الحواف دون دخول السيارات يمينًا أو يسارًا، لعودة العاصمة الجميلة مزارًا ومتعة للمشاة، مع حلول مبتكرة لأماكن انتظار السيارات، تستخدم باطن الأرض بطرق مبتكرة يستطيع تحديدها أصحاب الاختصاص الدقيق.

مع عودة لدور السينما التاريخية في جمالها القديم، ودور العرض المسرحي، ودخول كافة المحال والمقاهي للمساحة المخصصة لها، وترك الشارع الجميل القديم ليعود لأناقته التاريخية، بالإضاءة المناسبة التي تسمح بالرؤية الصحيحة، وتحافظ على سحر المكان. 

هذا وفي جميع أنحاء مصر أماكن وأحياء عريقة بعبق التاريخ، تحمل طابعًا مميزًا مثل الجمالية، مصر القديمة، سيدنا الحسين، الأزهر، والقيثاريات التاريخية المتعددة، مثل قيثارية أسيوط الشهيرة وغيرها، يستطيع المهندسون المعماريون المصريون إعادة إنتاجها من جديد بطرزها الرائعة، ولا شك أن في شارع المعز لدين الله الفاطمي، نموذجًا واقعيًا لذلك، وهو يحتاج للمتابعة الدائمة للحفاظ على هذا البهاء.

لاحظت أيضًا الانسجام بين الحداثة والطراز المعماري القديم، فأنت ترى لافتات أحدث الفنادق العالمية تعلن عن نفسها بهدوء واتساق مع طبيعة الشارع، بينما تشع حداثتها في انسجام مع مدخلها المختلف المعاصر، وبينما يمر القطار الكهربائي الأنيق شديد الحداثة بلونه البرتقالي المبهج في الشارع الواسع بوسط براغ، يبدو منسجمًا كعلامة على الزمن المعاصر، تجعل المشهد القديم للطراز المعماري التاريخي للمدينة العريقة مبهجًا ومريحًا لكل هؤلاء المشاة الذين يسيرون بحيوية تحت المطر الخفيف المصاحب لوداع ديسمبر، بينما تتذكر تلك العواصم التي تعاني أزمات اقتصادية عديدة بهجة شوارعها النظيفة، والحرص على تلك الملابس الأنيقة، تبدو فخورة بماضيها الحي مستعدة للانتصار على المشكلات الاقتصادية، والدخول لمستقبل أفضل. 

في عالم أصبح من الممكن فيه عبر مكالمات المحمول المسموعة المرئية أن يصحبك صديقك، وأنت في دفء الفراش، لجولة في تلك الشوارع الرائعة والتي نتذكر معها روعة القاهرة والمدن الجديدة التي تنجزها مصر الآن، في محاولتها المستمرة لإحقاق حق جودة الحياة وأول شروطه الفراغ العام الذي يتحرك فيه الإنسان المصري، ألا وهو الشارع. 

ولذلك أثق أيضًا أن الله يحب مصر كثيرًا، وعام جديد سعيد على مصر والمصريين والإنسانية كلها التي تحتاج بلا شك لمحبة الله وعطفه عليها.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز