الأعمال الدرامية القصيرة: لون فرضه الواقع أم تنوع فني؟

انتشرت مؤخرا فكرة الأعمال الدرامية القصيرة سواء متصلة الفكرة أو منفصلة من خلال تقديم العديد من الحكايات، والتي أصبحت ذات جماهيرية عالية معيدة إلى الدراما رونقها من جديد، بالإضافة إلى التطرق إلى بعض القضايا الشائكة في المجتمع من تنمر ، وقضايا تتعلق بدور الأيتام، وأخرى تناقش قضايا ذوي الهمم .

وهذا ما قد تفتقده الدراما من زمن، والتي عادت في شكل حلقات مركزة بشكل كبير في عرض الفكرة والهدف الرئيس دون إطالة حول الأحداث بالعديد من الحلقات.

وفي هذا الإطار تحدث عدد من القائمين على الصناعة الفنية لـ"بوابة روز اليوسف" عن الأعمال الدرامية القصيرة ومدي مساهمتها في ضخ دماء جديدة في عالم الفن، وهل من الممكن أن تقضي على فكرة الأعمال الفنية الدرامية الطويلة ذات الـ30،45،60 حلقة، وأيهما أفضل من واقع تجربتهم بالنوعين.

لا تدع وقت للملل

من جهتها تقول الفنانة إلهام شاهين أنها أحببت كثيرا العمل في الأعمال الدرامية ذات الحلقات القصيرة بعد تجربة حكاية "حتة مني" ، موضحة أن فكرة الخماسية والسباعية كانت موجودة منذ فترات طويلة.

وأشارت شاهين خلال تصريحاتها لـ"بوابة روز اليوسف" إلى أن  أنجح أعمالها كان مسلسل "نصف ربيع الآخر" والذي كانت حلقاته 17 حلقة فقط، موضحة أن عددا قليلا من الأعمال الدرامية الطويلة لها نالت نجاحا كبيرا مثل مسلسل  "ليالي الحلمية" والذي تسبب في نجاحه عوامل كثيرة منها أسامة أنور عكاشة وخطوط كثيرة في تركيبة العمل.

واستطردت قائلة: عادة في الأعمال صاحبة الـ 45، و 60 حلقة متصلة قد يضعوا بها خطوط فرعية كثيرة جدا ليس لها علاقة بالحدث الأساسي لملئ الوقت، موضحة أنها ليست مع هذه التجارب التي تقوم على السرد المطول من الحلقات، كما انها عملت في المسلسلات صاحبة الـ 30 حلقة التي ترتبط بشكل كبير بالسباق الرمضاني لتتناسب مع أيام الشهر الكريم في العرض، والتي قد تعتبر موفرة أكثر إنتاجيا من المسلسلات ذات الـ 15 حلقة .

كما أضافت أنها خاضت تجربة الأعمال القصيرة من قبل في الموسم الرمضاني في مسلسل " إمرأة في ورطة " في النصف الأول من رمضان ، ومسلسل " نعم مازلت أنسة " في النصف الثاني لنفس العام ، قائلة :" أنا مع أن الكاتب يطلق لخياله العنان في كتابة قصة العمل دون أن يضع لنفسه عدد حلقات معين ولا يضع خطوط فرعية لا داعي لها ولا تفيد العمل" .

وأضافت شاهين أن تجربة العمل في مسلسل درامي قصير من فئة الخمس حلقات في حكاية " حتة مني" من مسلسل زي القمر من أروع التجارب التي خاضتها في مشوارها الفني والتي جعلت تشعر بأنها تصور فيلم من قله عدد أيام التصوير.

كما أشارت شاهين إلى أن فكرة المنصات الإلكترونية في عرض الأعمال الدرامية القصيرة دون فواصل إعلانية تجعله بمثابة فيلم والتي أصبحت تراعي المشاهد الملول، كما أن الأحداث لا تدع وقت للملل فهي شيقة جدا.

لا يوجد فارق

بينما يري المنتج أيمن يوسف  أنه لا يوجد فارق كبير بين  الأعمال الدرامية الطويلة و القصيرة سوى كيفية تقديم المحتوي نفسه وهذا  يعود إلى تكلفته وطريقة كتابته فهذا ما يجعله منتج لها إضافة وأثر في الدراما المصرية والعربية .

و أوضح  يوسف في تصريحاته لـ"بوابة روز اليوسف" أنه لا يوجد صعوبة أو اختلاف أيضا في تقديم المحتوي من تصوير وغيره ، فكل الأعمال تحتاج نفس قدر الاهتمام والجهد والحد الأدني من عناصر الجودة لكي تليق بالذوق العام ، لافتا إلي أن الاختلاف الوحيد يعود إلى مدته التصوير حسب عدد حلقات المسلسل.

وأردف: لا يقتصر فكرة ضخ دماء جديدة  للأعمال الدرامية على طول العمل أو قصره ، فيوجد العديد من المسلسلات حصدت العديد من نسب المشاهدة وكان لها أجزاء عدة ، وعلى النقيض الأخر يوجد أيضا أعمال قصيرة نالت حب الجميع ، فهذا المقياس راجع إلى مدى مناقشة العمل لقضايا من الواقع أو معايشة الجمهور العمل كأنه جزء من الحياة اليومية لنا .

بينما يؤكد الناقد الفني طارق سعد على أن أن الانتشار الكبير هذه الفترة للأعمال الدرامية القصيرة يعد نوعا من التطور لأنها كانت موجودة منذ زمنا ليس بطويل ، كما تندرج أيضا تحت مصطلح التنوع وهذا يعود إلى محاولة إرضاء جميع الأذواق المختلفة التي أصبحت كثيرة بكثرة الجمهور المتابع لهذه الأعمال ، مع محاولة تلبية احتياجه إلي التنوع في الأفكار وعدم الإطالة في السرد .

محطة ناقلة للفنان

وفي مطلع حديثه لـ"بوابة روز اليوسف" أشار سعد إلي أن الأعمال القصيرة بمثابة حركة للمياه الراكدة ، فجعلت الجمهور يتعرف على العديد من الوجوه الموجودة بالفعل منذ فترة طويلة ولهم أعمال كثيرة ولكن ليست معروفة بالنسبة للجمهوروليست من حقوا نجاح فني ، كما أظهرت العديد من الوجوه الجديدة وعرض المواهب الكامنة داخلهم. 

وفي سياق متصل  أشار إلي  أن الأعمال القصيرة وفرت المساحة الكافية  لفنانين لديهم كاريزما في التمثيل لم تظهرها الأعمال الدرامية الطويلة ، على سبيل المثال الفنانة سما إبراهيم التي لعب دور " أم بسنت" في مسلسل ملوك الجدعنة في الموسم الرمضاني السابق 2021 ، هي أيضا من تشارك حاليا في مسلسل موضوع عائلي مع القدير ماجد الكدواني ، والذي أخذ مساحة من الحوار عبر رواد التواصل الاجتماعي حول تجسيدها للشخصية ، وأيضا أخرون من النجوم .

ولفت إلي أن أن ضخ الأعمال الدرامية القصيرة حاليا هو ضخ تاريخي بالإضافة إلى مساعدة المنصات الإلكترونية التي أصبح يفضلها الجمهور عن التليفزيون والتي أصبحت أيضا تلائم طبيعة الجمهور الملول الغير قادر على متابعة الأعمال  الطويلة بالإضافة إلى عدم قدرته أيضا على مشاهدة الكثير من الإعلانات التي يعرضها التليفزيون عبر تقديم حلقة من المسلسل .

كما أوضح أنه لا يوجد نوع من الأعمال يقضي على نوع اخر بل العكس صحيح فهي عملية تعويضه وما لا يقبل تقديمه في الأعمال ذات الثلاثين حلقة يعرض في الأعمال ذات العشر حلقات أو أقل، مضيفا أن كثير من الأعمال الدرامية الطويلة صاحبة الثلاثين و السيتين حلقة قد تخرج عن إطار ربط الأحداث في الغالب لكن يجب تقديمها حسب التعاقد أما الأعمال القصيرة تقدم الهدف بتركيز وإيجاز .

وأضاف أن الأعمال القصيرة أصبح لها جماهيرة أكثر في الوقت الحالي وهذا ما بدأت به من قبل المنصات الإلكترونية إلى أن خاضت التجربة شاشات التليفزيون حتي أن لاقت استحسان كبير ورغبة عالية من الجمهور في هذا النوع .

 ووصف سعد  المسلسلات القصيرة بـ " الرشيقة" وأنها أصبحت في منافسة شرسة بين الأعمال الطبيعية الـ 30 حلقة والغير طبيعية الـ 45 ،60 حلقة،مشيرا إلى أن الهدف الرئيس في الأعمال القصيرة هو عودة  الروح في متابعة الدراما من جديد والعمل على مناقشة كافة القضايا المجتمعية بالإضافة إلى مشاركة العديد من الوجوه الشابة التي تمس قلوب الجمهور فيصبح للعمل جماهيرية أكثر .

واختتم الناقد الفني طارق سعد حواره لـ"بوابة روز يوسف"  بأن الأعمال الدرامية القصيرة المعروضه عبر المنصات الإلكترونية تعتبر بمثابة محطة ناقلة في حياة الفنان الشاب على وجه الخصوص، موضحا أن العديد ممن ظهروا ف البداية عبر عمل قصير من خلال منصة إلكترونية أصبح له علامة في الدراما نقل من خلالها إلى الأعمال الدرامية الكبيرة والسباقات الرمضانية ، هذا بالإضافة إلى توفير فرصة لضخ عدد كبير من الكتاب والمخرجين والمخرجين المساعدين الموهوبين الذين ظهروا خلال الفترة الحالية .