عاجل
الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
الفساد.. وحقوق الإنسان!

همس الكلمات..

الفساد.. وحقوق الإنسان!

قد يكون من قبيل الصدفة أن يشهد شهر ديسمبر من كل عام احتفالين عالميين، الأول هو اليوم العالمي لمكافحة الفساد، والثاني اليوم العالمي لحقوق الإنسان.



وفي الواقع أرى أن هناك ارتباطًا وثيقًا بين الحدثين، حيث إن العمل على مكافحة الفساد يمثل أهم خطوات حماية حقوق الإنسان، لأن الفساد ببساطة تعدٍ على حقوق الغير لتحقيق مصالح شخصية، وقائمة من الأعمال غير الأخلاقية، منها الابتزاز، والرشوة، والمحسوبية، والاختلاس، وبصورة خاصة دفع أموال للحصول على وظائف لأناس غير مؤهلين، أو للحصول على ترقيات مهنية سريعة، وبالتالي تؤدي كافة أنواع الفساد إلى ضياع حقوق الإنسان التي كانت من حقه لولا وجود ذلك الفساد.

 

ومن الضروري الاعتراف أنه بمواجهة الفساد تُستكمل حقوق الإنسان التي ركز عليها الرئيس عبد الفتاح السيسي، من خلال إطلاق الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، وغيرها من المبادرات، ومنها "حياة كريمة"، وأيضًا الحق في السكن الآمن، وسلامة التنقل من خلال طفرة في مشروعات الطرق والكباري والنقل والمواصلات، وغيرها من الواجبات التي حملتها الدولة على عاتقها لتحقيق وتطبيق أهداف ومبادئ حقوق الإنسان بشكل حقيقي.

 

ورغم أن الاحتفال باليوم العالمي لمكافحة الفساد يرتبط دائمًا بضرورة التوعية، لكن لا بد من الاعتراف بأننا جميعًا مسؤولون عن أي مظهر من مظاهر الفساد وضياع الحقوق وانتهاكاتها، وليس الدولة فقط، فكيف ذلك؟ الرد ببساطة أن أحد أسباب الفساد عدم وجود شجاعة مواجهته، والكثير من فئات المجتمع يغضون البصر أو يصمتون على الفساد، ما يشجع الفاسدين للاستمرار في أعمالهم بشكل أكبر.

 

وعلى ذلك أشيد باحتفالية الرقابة الإدارية التي نظمت حملات توعوية تحت شعار "احفظوا حقوقكم وقولوا لا للفساد"، فهي بالفعل بداية المواجهة وعدم التعامل مع الفساد بأنه فرض مسلم به.

 

كما يعد من الحقائق المهمة ضرورة التعرف على أسباب الفساد، للعمل على مواجهتها من الجذور قبل انتشارها، ومن وجهة نظرى تأتي في مقدمة تلك الأسباب انخفاض الحس الوطني والأخلاقي، نتيجة نقص مستوى التعليم عند هؤلاء الفاسدين. 

 

وهذا يوجهنا إلى الطرق اللازمة لمكافحة الفساد للحدّ من تفشّي تلك الظاهرة، وفي البداية لا بد من زيادة حملات التوعية المجتمعيّة لهذه الظّاهرة الخطيرة، ومدى تأثيرها على المجتمع والأفراد، وتنمية دورهم في مكافحتها والقضاء عليها، ووضع عقوبات رادعة، بشرط أن يعلن عن الفاسد على الملأ كعبرة وعظة، كما أن هناك حاجة لخلق فرص عمل مناسبة للمواطنين، من خلال ايجاد كادر وظيفي مناسب لكل فئةٍ من فئات المجتمع، وذلك لتحسين الظّروف المعيشيّة للفرد، والمجتمع، حتى لا يعلق أحد الفساد على شماعة الظروف الاقتصادية الصعبة.

 

إضافة إلى سن التشريعات المضادّة ومنها الاستراتيجية الوطنية لمنع الفساد، والتي أعطى لها الرئيس السيسي أولوية خاصة، واختيار مصر لاستضافة الدورة التاسعة من مؤتمر الدول الأطراف باتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد بمدينة شرم الشيخ، دليل على نجاح مصر في اتخاذ خطوات عملية وواقعية لمواجهة الفساد.

 

كما أن هناك عبئا آخر على الدولة لسد بعض ثغرات الفساد، ومنها على سبيل المثال ضرورة وضع توصيف واضح لمواصفات الوظيفة المطلوبة ومؤهلاتها، وبالتالي لن يكون هناك مجال للمحسوبية أو الرشوة، وفي مجال توريد سلعة أو منتج معين من خلال المناقصات، من الواجب وضع مواصفات واضحة لتلك السلعة، حتى تكون المنافسة على ضمان توافر المواصفات وليس السعر فقط، خاصة في كراسات الشروط المطروحة، مع أهمية استكمال منظومة تعميم الميكنة في كافة المجالات التي تساهم في مواجهة الفساد وضعاف النفوس.

 

أولستم معي، أن مواجهة الفساد مسؤولية مجتمعية، للحفاظ على حقوق الأفراد والدولة، وأن محاربة الفساد بشتّى السّبل والأشكال، يتأتي أولًا من طريق الالتزام الدّيني والأخلاقي والوطني والإنساني.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز