عاجل
الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
طريق الكباش
البنك الاهلي
طريق الكباش.. أسئلة حول الفنون التعبيرية المصرية القديمة

طريق الكباش.. أسئلة حول الفنون التعبيرية المصرية القديمة

الاتحاد الأوروبي عندما يهنئ مصر بمناسبة افتتاح طريق الكباش بالأقصر، وعندما تصبح عناوين الصحف العالمية مثل ديلي ميل: "مصر أزاحت الستار عن أقدم الممرات التاريخية منذ قرون".



 

وكل تلك المتابعات المهمة من المواقع والصحف ووسائل الإعلام المسموعة والمرئية حول العالم، والتي ثمنت إعادة إطلاق الطريق التاريخي الذي يمتد بين معبدي الأقصر والكرنك بطول 2700 متر، وعرض 700 متر في استعادة لطقوس موكب عيد الأوبت الذي كان يقام بمدينة الأقصر- عاصمة مصر القديمة- قبل قرابة 3500 عام، فإن الافتتاح يبقى بعرضه المبهر الذي اعتمد على الإضاءة الحديثة، والمزج بين الغناء الاحتفالي المصري القديم والغناء المعاصر يطرح أسئلة مهمة. 

 

هذا الطريق تم اكتشافه في عام 1949، وظلت الدولة المصرية تسعى جاهدة لإزالة المباني والمستجدات المعمارية التي تراكمت فوق الطريق عبر قرون، إلى أن استطاعت الإرادة السياسية القوية المدعومة بالإطار المرجعي للمصريين، على النحو العاطفي والعقلي معًا، أن يدرك أن الرئيس عبد الفتاح السيسي يعمل لصالح مصر الحاضر والمستقبل، فكان أن تمت إزالة تراكمات تاريخية ومنها مبان ذات حساسية دينية، وفهم الأقصريون والمصريون جوهر الهدف المهم الذي يعيد إطلاق التاريخ حيًا من جديد. 

 

وتظل مصر القديمة هي الحقيقة الأساسية القادرة على حصد اعتراف العالم بدور مصر المحوري والقيادي في المنطقة العربية، وفي المحيط الإقليمي وعلى الصعيد الدولي. 

 

فمصر هي مركز تفاعل الثقافات والتأثير في جهات ورياح الدنيا الأربعة، ولعل الافتتاح الرائع لطريق الكباش يبقى في جوهره إطلاق لعبقرية المكان، فالطريق هو بطل الاحتفالية والأقصر هي نجمة الدنيا اللامعة. 

 

أحد الأسئلة المهمة هو كيف يمكن إعادة إحياء الفنون التعبيرية المصرية القديمة لتصبح حية ودالة على أول حضارة إنسانية في التاريخ البشري. 

 

تظل اللغة الهيروغليفية غير مفهومة للمصريين المحدثين، فهل يمكن البحث عن لغة تمزج على سبيل الترجمة الإبداعية بين اللغة الهيروغليفية المسموعة، وبين مفردات عامية مصرية معاصرة. 

 

وتبقى الموسيقى المصرية القديمة هي العامل الجوهري المشترك بين اللغتين. 

 

هذا والموسيقى البحتة قادرة على التواصل مع البشر في كل زمان ومكان، فهل يمكن في أعمال فنية قادمة إطلاقها في استعادة معاصرة تجعلها تتواصل مع وجدان المصريين، وتعيد تنشيط ذاكرة جينية مصرية رفيعة المستوى في الإبداع وفي تلقي الفنون. 

 

ما أحوجنا إلى هذا التفكير كي نعيد إحياء الفنون المصرية القديمة المسموعة والمرئية، لتصبح حية حاضرة يمارسها المصريون كعادة يومية اجتماعية.

 

ويمكن إعادة إطلاق ذلك في معالجات عصرية للملابس المصرية القديمة، خاصة ملابس المرأة وملحقاتها البديعة، والتي يستلهمها العالم المعاصر لدى العديد من بيوت الأزياء، ومراكز تصنيع الحلي وأدوات الزينة. 

 

هل يمكننا التفكير الجاد في إنشاء فرقة مسرحية منتظمة تقدم العروض المصرية الدرامية الأثرية، في إطار إحياء الإبداع المصري القديم، كي يبعث المكان حيًا بطاقة إبداع البشر؟ 

 

وهي الفرقة التي يمكن أن تقدم بشكل موسمي عروضها للجمهور العام المصري، ولطلاب الجامعات والمدارس وغيرهم، وللجمهور العربي والزوار الأجانب، في إطار إحياء السياحة الثقافية المصرية. 

 

كما أن الافتتاح الذي أعاد الأقصر لهويتها المعمارية البصرية الأصلية هو العمل التراكمي الجاد من أجل المستقبل، وهو الإنجاز الرائع الذي يدعونا للسؤال عن هوية مصر المعمارية ككل، وضرورة إعادة إبراز تنوعها الثري القبطي والإسلامي والبدوي والنوبي، وغير ذلك. 

 

وفي هذا الإطار يمكننا تأمل عددًا من التجارب التاريخية الإنسانية في الحفاظ على المكان الممتد عميقًا في الزمان الماضي حيا في الحاضر المعاش، وهي تجارب رائدة أذكر منها في الغرب مدينة روما التي هي متحف مفتوح يعيش فيها الأثر التاريخي حيًا، ومدينة كيوتو في الشرق وهي عاصمة اليابان القديمة، حيث تبقى الأماكن التاريخية قابلة للتفاعل مع الأيام المعاصرة. 

 

وها هي الأقصر تطل بهويتها البصرية المصرية القديمة، قادرة على البقاء تتنفس الحرية والتاريخ، وتتوهج مع الحاضر وتنظر للمستقبل في ثقة.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز