سمير نوح.. الشجاعة الفائقة وروح البطولة..
أحد أبطال المجموعة 39 قتال يروي تفاصيل أخطر العمليات القتالية فى حرب أكتوبر
حوار- د.عزة بدر
الرائد سمير نوح بطل من أبطال حرب أكتوبر 1973، محارب فدائي من سلاح الصاعقة البحرية، وهو من مجموعة 39 قتال بقيادة البطل الشهيد إبراهيم الرفاعي، قامت المجموعة بحوالي 92 عملية فدائية، حصلت على نوط الجمهورية العسكري من الطبقة الأولى من الرئيس السادات عام 1971، وعلى وسام أبطال حرب أكتوبر 1973، وعلى العديد من الأوسمة وشهادات التقدير.
هو رمز للشجاعة الفائقة، تتجسد فيه روح البطولة، يؤرخ لسير أبطال حرب أكتوبر، وهو الذاكرة الحافظة لملاحم النصر، وتفاصيل المعارك البطولية.
محارب فدائي
يتحدث الرائد سمير نوح عن المجموعة 39 قتال، وقائدها البطل الشهيد إبراهيم الرفاعي فيقول: التحقت بالخدمة العسكرية بعد حصولي على الثانوية الصناعية، تطوعت فى القوات البحرية والتحقت بسلاح الصاعقة البحرية، وحصلت على جميع فرق القوات المسلحة القتالية: فرقة معلمي الصاعقة وفرقة مظلات عام 1966، وفرقة مهندسين عسكريين، وفرقة أمن حربي، وفرقة حراس أمن، وفرقة طبوغرافيا.
وعندما تم تشكيل المجموعة 39 قتال بقيادة إبراهيم الرفاعي في 25/7/1969 كنت واحدا من رجالها.
ومن 1967 - 1973 كنت رقيبا أول، ومحاربا فدائيا بلواء الوحدات الخاصة الذي كان يتفرع منه وحدتان: الصاعقة البحرية، والضفادع البشرية، من زملائى فى الوحدة نفسها الأبطال: نبيل عبدالوهاب، ورامى عبدالعزيز، وعمرو البتانونى رحمه الله، كانوا أبطال عمليات ميناء (إيلات) بقيادة إبراهيم الرفاعي، وكان من أفراد الوحدة المحاربين علي أبوريشة، وعبده مبروك.
وهم الذين استطاعوا جميعا تدمير السفينتين الحربيتين «بيت شيفع» و«بيت يم» فى ميناء «إيلات الإسرائيلية» وكانت المدمرة «إيلات» تمثل ثلث القوات البحرية الإسرائيلية، واستشهد في هذه العملية العسكرية فوزي البرقوقي، وحمله نبيل عبدالوهاب، الذي سحبه في المياه - بعد استشهاده مسافة 14 كيلو حتى ميناء العقبة في الأردن.
35 عملية قتالية
سألته عن القائد الشهيد إبراهيم الرفاعي وعن المجموعة 39 قتال وبطولاتها.
فقال: «الرفاعي الأب والأخ لكل أفراد المجموعة هو قائدي الذي غرس فينا الإخلاص والتمسك بالقيم الوطنية، قمت بحوالي 35 عملية قتالية تحت قيادته من حرب الاستنزاف حتى تشكلت المجموعة 39 قتال عام 1969.
ومن العمليات العسكرية التي قامت بها الصاعقة المصرية عملية «رأس العش» فى 30/6/1967 واشترك فيها الملازم فتحى عبد الله، والمساعد حسني سلامة، والنقيب محيي نوح، والملازم خليل جمعة خليل، ومن خلال هذه العملية سيطرت القوات المصرية على بورفؤاد وظلت فى يد قواتنا منذ ذلك التاريخ، وفي هذا دلالة على قدرات الجيش المصري، وبطولاته التي أحرزها منذ حرب الاستنزاف حتى حرب أكتوبر 1973.
سلسلة عمليات عسكرية منها نسف تشوينات الذخيرة المصرية حتى لا يستخدمها العدو، وكانت العملية بتاريخ 4/7/1967، واشترك فيها الرفاعى وأربعة من الكتيبة 503 صاعقة منهم الملازم أول رأفت جمعة، والملازم أول بهجت خضير.
وبعدها تمت عملية الاستيلاء على صواريخ كهربائية إسرائيلية، وكانت أمريكا قد أهدت لإسرائيل الصواريخ الكهربائية والتي كانت تجربتها ضد القوات المصرية، وفى ذلك الوقت كان الخبراء السوفييت يريدون فحص صاروخ من تلك الصواريخ وحصلت قواتنا على ثلاثة صواريخ كهربائية وتمت التجارب عليها ومعرفة مداها، وبعدها تم تكريم البطل عبدالمنعم غلوش بترقية استثنائية إلى درجة مساعد، ومنحه الرئيس عبدالناصر نوط الجمهورية العسكري من الطبقة الثانية تقديرا لأعمال البطولة والشجاعة الفائقة في جبهة القتال، وكان هذا التكريم فى 3/11/1967.
كمين جبل مريم
ويتحدث الرائد سمير نوح عن عملية كمين جبل مريم وقمنا بها بتاريخ 25/8/1968 فيقول: «كان دوري فيها زرع الألغام على الطريق التي تمر عليها الدورية الإسرائيلية شرق الإسماعيلية أمام منطقة جبل مريم، وتم فيها أسر أول أسير إسرائيلي وهو يعقوب رونيه وهذه العملية العسكرية سببت رعبا للعدو لدرجة أن موشيه ديان وزير دفاع العدو طالب بمحاكمة الفدائيين المصريين الذين عبروا القناة، وفى هذا الوقت أعلنت منظمة «فتح» مسؤوليتها عن العملية كنوع من الخداع العسكري.
وحصلت أنا وزملائى على نوط الجمهورية العسكرى من الطبقة الثانية فى عملية الكمين
ويستطرد سمير نوح قائلا: «ومن العمليات المهمة التي كلفت فيها بزرع الألغام عملية الأخذ بالثأر للشهيد عبدالمنعم رياض الذي استشهد فى 9 مارس 1969، وقامت المجموعة 39 قتال بقيادة إبراهيم الرفاعى بتنفيذ عملية لسان التمساح الأولي فى الذكرى الأربعين للشهيد البطل أى يوم 19/4/1969، فقدمت ومعى فرقة من المهندسين برص الألغام على جانبى الطريق التي تمر عليها الدوريات الإسرائيلية، ومن عنف الانفجارات تصورت المواقع الإسرائيلية المحيطة بأن فرقة قتالية مصرية قد عبرت.
ثم قامت المجموعة 39 قتال بالهجوم على موقع لسان التمساح مرة ثانية بتاريخ 7/7/1969، وهذا الموقع من المواقع الحصينة لخط بارليف، وعبرنا إلى الموقع باللنشات الساعة 9 ليلا، وكان عددنا 69 من رجال المجموعة 39 قتال، تم تشكيل أربع مجموعات:
مجموعة اقتحام، ومجموعة لحراسة اللنشات، ومجموعة لقطع الطريق ومنع الإمدادات عن الموقع الإسرائيلى، ومجموعة القيادة بقيادة إبراهيم الرفاعي.
وفى هذه العملية تم تدمير دبابتين بقيادة الملازم أول محسن طه وكتيبته، وكانت حراسة اللنشات بقيادة النقيب إسلام توفيق قاسم، والمقدم عالي نصر، وتم تدمير الموقع، وكان معي النقيب محيي نوح، وأطلقنا قنابل مسيلة للدموع وقنابل هجومية تم إلقاؤها من «الهوايات» الخاصة بالموقع، فاضطر أفراد الموقع الحصين إلى الخروج وفتح الأبواب الفولاذية الموجودة بالموقع وأطلقوا علينا النار، وحذرني زميلي محمد شاكر من وجود أفراد من قوات العدو خلفي، فأخذت حذري، وبدأت أنا والبطل هنيدي مهدي أبوشريف في التعامل معهم وكانوا ثلاثين ضابطا وعسكريا إسرائيليا، بالإضافة إلى 14 آخرين في الملاجئ الأخرى تم تدميرهم جميعًا. وأسفرت العملية عن إصابة البطل النقيب محيي نوح، والبطل الجيزي الذي أصيب ورغم ذلك فقد ظل يقاتل معنا، كما أصيب البطل حسن البولاقي.
ويستطرد سمير نوح قائلا: «وفى 7/7/1967 تم الهجوم على موقع «لسان التمساح» مرة أخرى أخذا بالثأر لأبطالنا حرس الحدود المتواجدين على شاطئ القناة، والذين قتلهم العدو وحرقهم بالنابالم، وقامت المجموعة 39 قتال بالهجوم على هذا الموقع وتدميره، واستشهد تسعة من الأبطال المصريين وهم: رقيب مجند بحرى موسى عبدالعاطى، وعريف بحرى مجند محمد عبدالحليم الشامى، وطه السباعى الحداد، ومحمد الزناتى مهران، وثاقب محمد جاد، ومحمد العوضى السعيد، ومحمد عبدالمنعم التونى، ومحمد عبدالمنعم الحاطى، والباز سالم سليم.
عملية عيون موسى
ويستعيد سمير نوح بطولات جنودنا خلال حرب الاستنزاف والتي مهدت لنصر أكتوبر العظيم فيقول: «عملية نسف سقالة كرنتينة عيون موسى»، وهى المنطقة التي كان يتم فيها الحجر الصحي للحجاج قبل الاحتلال الإسرائيلى لمنطقة «عيون موسى»، وكان هناك ساقلة ترسى عليها المراكب والسفن، وأذكر أن عصام الدالي كان قادما من فرقة تدريب صواريخ فى الاتحاد السوفيتى، وقابله إبراهيم الرفاعي في المطار قبل عملية كرنتينة عيون موسى، وأخبره بها فقرر عصام الدالى المشاركة فيها علما بأنه كان فى موسكو للتدريب لمدة ثلاثة أشهر ولم ير أولاده بعد، فذهب معنا عصام الدالى لتنفيذ العملية، فى عدة لنشات بحرية، أحدها بقيادة البطل القبطان وسام عباس حافظ، والبطل الجلاد، والبطل أبوالحسن/ والبطل عامر يحيى عامر ووضعنا المتفجرات على السقالة وانفجرت بدون إشعال النار، فعدنا للسقالة ثانية، ولغمناها ثانية، وانفجرت فى خليج السويس وبدأت المدفعية الإسرائيلية توجه طلقاتها على اللنشات فاستشهد عصام الدالى وعامر يحيى عامر.
ومن أهم العمليات ما قام به إبراهيم الرفاعى ومعه خمسة من أبطال مجموعة 39 قتال فضربوا منطقة بلاعيم البترول فى الشرق لعدم استفادة العدو منها، وكان ذلك يوم 6 أكتوبر 1973 وقصفنا بلاعيم البترول بعدة طائرات، كان فى الطيارة الأولى الرفاعى ومعه على أبوالحسن، والطيار جلال النادى والطائرة الثانية فيها المقدم عالى نصر، ومصطفى إبراهيم الشهير بالغضنفر، والطيار حليم يوسف والطائرة الثالثة كان فيها النقيب محمد فؤاد مراد، وعريف مجند أحمد مطاوع والطيار السيد زهران.
وقد نفذنا العملية بنجاح، لكن تم أسر فؤاد مراد، وعند أول تبادل للأسرى حصل على نوط الشجاعة العسكرى، وأذكر أنه بعد ضرب بلاعيم البترول فى سيناء ظلت النيران مشتعلة لمدة ثلاثة أيام، وشوهدت النيران من مدينة الزقازيق.
ويستطرد سمير نوح قائلا: «وفى 9، 10، 11، أكتوبر 1973 صدرت لنا الأوامر بالتعامل مع العدو فى منطقة «رأس محمد» فى شرم الشيخ فتحركنا ووصلنا إلى الغردقة يوم 9 أكتوبر 1973، واستطعنا ضرب القوات الإسرائيلية بالصواريخ فى «رأس محمد» يوم 10 أكتوبر 1973 حيث تحركنا بستة لنشات، وعدنا ثانية يوم 11 أكتوبر 1973 بأربع لنشات بقيادة إبراهيم الرفاعى، وكانت معركة حامية بين لنشات القوات المصرية، ولنشات العدو التي دمرناها، وعدنا إلى جزيرة شدوان.
استشهاد البطل الرفاعي
ويستطرد سمير نوح قائلا: ومن العمليات العسكرية المهمة التي أدت إلى منع قوات شارون من التقدم إلى الإسماعيلية فى حرب أكتوبر، تعاملنا مع العدو فى منطقة «نفيشة» و«الدفرسوار» وقد استشهد الرفاعى فى هذه العملية وهو صائم فى الجمعة الأخيرة من شهر رمضان وقت آذان الجمعة، يوم 19 أكتبور 1973، وأمر الرئيس السادات بنقله بطائرة خاصة للدفن فى مقابر الأسرة. بطولات عظيمة سجلها أبطالنا تفيض بها ذاكرة سمير نوح تستعصى على الحصر، يقول عنها: «لقد بذل جنودنا الأبطال كل غال ونفيس، وجادوا بأرواحهم فداء لمصر فطوبى للشهداء، وكل من شارك فى حرب الاستنزاف وحرب أكتوبر من جنودنا البواسل، وأعظم تكريم لنا من عند الله هو تقدير الشعب المصري للأبطال المقاتلين.
وتظل سيرة البطولة وشجاعة الجندى المصري فى ذاكرة الأجيال فهو الحامى والظهر والسند فى السلم والحرب، وهو المعبر عن الشخصية المصرية فى كمالها، وقيمها الوطنية وعشقها للوطن الغالى.