عاجل
الإثنين 28 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
البنك الاهلي

"المحددات الحاكمة لتنامي النشاط الإرهابي في القارة الإفريقية".. دراسة للمركز المصري للفكر

المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية
المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية

نشر المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية دراسة تناولت المحددات الحاكمة لتنامي النشاط الإرهابي في القارة الإفريقية.



 

 

وتناولت الدراسة التي أعدها الباحث في شؤون الأمن الإقليمي محمد فوزي، والباحثة ببرنامج الأمن والدفاع بالمركز المصري للفكر والدراسات منى قشطة، أهم العوامل التي ساهمت في تنامي الأنشطة الإرهابية في إفريقيا، وتوجه تيارات الإرهاب المعولم نحو القارة السمراء، ومن هذه العوامل:

 أولاً: إيجاد مناطق نفوذ جديدة:

حيثُ مُنيت تيارات الإرهاب المعولم وعلى رأسها تنظيم داعش، خلال السنوات الأخيرة بالعديد من الهزائم والضربات التي كبدت التنظيم خسائر ضخمة، وذلك مع انهيار ما يُعرف بـ"استراتيجية التمكين" التي تبناها تنظيم داعش، وهي الاستراتيجية التي سقطت بسقوط "الخلافة الداعشية" في  الموصل في سبتمبر 2017، والباغوز في مارس 2019، وهو الأمر الذي دفع التنظيم إلى تبني تغيرات تكتيكية على مستوى استراتيجيات التمدد وممارسة النشاط الإرهابي، حيث تحولت أولوية التنظيم إلى إعادة بناء نفسه، من خلال استقطاب عناصر جديدة، وجماعات مسلحة تنضوي تحت لوائه، مع السعي لتكوين مناطق تمركز وحضور جديدة خارج نطاق مناطق النفوذ والارتكاز التقليدية.

وأشارت الدراسة إلى أن تنظيم داعش ركز على مناطق الساحل والصحراء، ووسط وغرب إفريقيا، وقد لوحظ أن التنظيم ركز في تحركاته في القارة الإفريقية على مسألة "الانتشار القاعدي" في مناطق جديدة مثل: خليج غينيا، وهو التحرك الذي قرأته العديد من التقديرات على أنه نتاج الاستراتيجية الجديدة لداعش والتي تستهدف خلق مناطق نفوذ جديدة، بما يضمن جعل التنظيم متفوقاً على كافة تنظيمات الإرهاب العالمية من حيث مستوى الانتشار الجغرافي، فضلاً عن زيادة قدرة التنظيم على منافسة تنظيم القاعدة في إفريقيا.

 ثانياً: تحقيق مكاسب استراتيجية:

ذكرت الدراسة أنه  لا يمكن قراءة تنامي النشاط الإرهابي في القارة الإفريقية بمعزل عن الأهداف الاستراتيجية الأوسع الحاكمة لتحركات التيارات الإرهابية، فالإرهاب في ذاته ليس هدفاً بقدر ما هو أداة تستخدمها هذه التيارات بما يخدم على مشروعاتها السياسية، وأطماعها التوسعية، وتصوراتها المتطرفة، فالقارة الإفريقية تتمتع بموقع جغرافي متميز يجعلها تتحكم في المضايق والبحار وخطوط النقل البري والبحري، وهو الأمر الذي يزيد من الأهمية الجيوسياسية والاستراتيجية للقارة الإفريقية بالنسبة للتنظيمات الإرهابية، إذ أن السيطرة على هذه الممرات والطرق سوف يمثل ورقة ضغط قوية على كافة القوى الإقليمية والدولية.

وأشارت الدراسة إلى أن  القارة الإفريقية بما تملكه من موقع جغرافي متميز، وثروات اقتصادية ضخمة، تمثل فرصة كبيرة بالنسبة للتنظيمات الإرهابية على صعيد تعزيز شبكات الدعم والتمويل، فضلاً عن المزايا العملياتية الكبيرة التي تتيحها القارة بالنسبة لهذه التنظيمات، وهي المزايا الناتجة عن ضعف الرقابة على الحدود، والانتشار الواسع للأسلحة والمعدات الحربية في كافة دول القارة، بفعل الصراعات المسلحة والحروب الداخلية، وهو الأمر الذي توظفه تنظيمات الإرهاب من أجل زيادة قدراتها التسليحية والعملياتية، أيضاً توفر هذه الصراعات الداخلية والحروب الأهلية أفراداً ذوي خبرات قتالية كبيرة، وبالتالي فاستقطاب التنظيمات الإرهابية لهؤلاء يمثل دعماً كبيراً بالنسبة لقدرات واستراتيجيات هذه التنظيمات.

 ثالثاً: وجود بيئة مُحفزة للنشاط الإرهابي في إفريقيا:

أشارت الدراسة إلى أن حالة الضعف والهشاشة التي تعيشها أكثر الدول الإفريقية، تجعل من الأخيرة مطمعاً للجماعات الإرهابية، التي تنظر إلى هذه الدول على أنها فرصة ومساحة أمثل للحضور والانتشار، خصوصاً مع ضعف المؤسسات الأمنية، والمناخ السياسي – الاجتماعي المضطرب، والأوضاع الاقتصادية المأزومة – مما يسهل عملية استقطاب عناصر جديدة -، فضلاً عن عدم قدرة الحكومات على بسط سيطرتها على كامل حدودها السياسية بما يسهل عملية اتصال التنظيمات الإرهابية بالعالم الخارجي وبالتنظيمات الإرهابية الأخرى، كذلك يمثل شيوع ظاهرة الفساد في الدول الإفريقية فرصة بالنسبة للتنظيمات الإرهابية لاختراق المؤسسات الحكومية في هذه الدول، وتوظيفها بما يخدم على الأنشطة الإرهابية.

 رابعاً: استلهام نموذج طالبان في الوصول للحكم:

وفقاً للدراسة، مثّل صعود حركة طالبان وسيطرتها على مفاصل الدولة الأفغانية، مصدر تخوف للعديد من الدوائر السياسية، حيث رأت هذه الدوائر أن صعود طالبان قد يمثل نموذجاً مُلهماً بالنسبة للتنظيمات الإرهابية في إفريقيا، بما يعزز من آمالهم في إقامة ما يُعرف بـ"الخلافة"، وقد عزز من هذه المخاوف اعتبارين: أولهما، توجه بعض القوي الإقليمية والدولية كفرنسا وتشاد إلى سحب بعض قواتهم المرابطة لمكافحة الإرهاب في المنطقة، ما يترك فراغاً أمنياً قد تستغله الجماعات الإرهابية في التمدد وتعزيز نفوذها في القارة. 

وثانيهما، توجه بعض الحكومات الإفريقية نحو إجراء مباحثات مع جماعات التطرف العنيف، كما حدث في مالي مؤخراً، الأمر الذي قد تكون له نتائج سلبية على جهود مكافحة الإرهاب في المنطقة، فالجلوس على طاولة المفاوضات قد يمثل نجاحاً لهذه التيارات، وحافزاً لها لمواصلة نشاطها الإرهابي. ويعد تحول حركة طالبان من مجرد جماعة إرهابية في نظر بعض القوي الدولية إلى شريك أساسي يتم الجلوس معه على طاولة المفاوضات ونجح في الوصول إلى سدة الحكم، مثالاً معبراً على ذلك.

وتطرقت الدراسة في النهاية إلى القول إن القارة الإفريقية بما تملكه من مميزات جيوسياسية واستراتيجية كبيرة، وما تعج به من أزمات أمنية وتنموية وسياسية واجتماعية بما يوفر بيئة "مُحفزة ومولدة للإرهاب"، مرشحة أكثر من غيرها لتكون القبلة الرئيسية لتنظيمات الإرهاب المعولم في الفترات القادمة، خصوصاً في ظل فشل مقاربات مكافحة الإرهاب في القارة سواءً الإقليمية أو الدولية.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز