"سيدي بوسعيد" التونسية تتلألأ من جديد والسياحة تعود بقوة بعد السيطرة على كورونا
تتربع مدينة "سيدي بوسعيد" التونسية على عرش السياحة في تونس، وذلك على الرغم من جائحة كورونا التي أثرت على كل بقاع الأرض، فإن المدينة التونسية ذات الموقع الاستراتيجي تعد أول محمية طبيعية في العالم حيث تشتهر بطابعها المعماري المميز مع ثنائية اللونين الأزرق والأبيض وهو ما جعلها قبلة للسياح من مختلف أرجاء العالم.
ويعتمد اقتصاد المنطقة بشكل كبير على دخل السياحة حيث تعد مدينة "سيدي بوسعيد" من أبرز الوجهات السياحية في تونس التي تستقطب آلاف السياح من كافة أنحاء العالم.
وقد أثرت اللقاحات المضادة لفيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) بشكل إيجابي على استعادة السياحة للمدينة التونسية الشهيرة، حيث عاد السياح إليها من كل مكان للاستمتاع بأوقاتهم وبالطبيعة الخلابة التي تشتهر بها المنطقة بأكلمها.
وأكد خميس صاحب أحد البازارت في المنطقة، أن عدد السياح الذين يتوافدون على المدينة شهد زيادة كبيرة خلال الفترة الماضية مرجحا أن السبب وراء ذلك هو توزيع اللقاحات المضادة لفيروس كورونا واستكمال قرابة 5 ملايين شخص في تونس لعملية التطعيم ضد الفيروس.
وأضاف أن جنسيات السياح الوافدين متنوعة ومختلفة حيث يأتي إلى المدنية ألمان وفرنسيون وإيطاليون وبلغاريون وروس، مشيرا إلى عودة السياحة الداخلية بقوة وانتعاش عمليات البيع والشراء بالمنطقة بعد الركود الذي شهدته فترة انتشار الوباء خلال فصل الصيف.
وأوضح أن الإقبال يكون على شراء المنتجات اليدوية التونسية مثل الجبة التونسية الشهيرة والتي يتوفر منها أنواع متعددة بينها الحرير والقطن وتلبس عادة مع الشاشية التونسية الرفيعة في المناسبات مثل عيد الأضحى وعيد الفطر .. كما أن للنساء نصيب أيضا من الجبة التونسية فلها عدة أشكال وتكون دائما مزركشة بخيوط ذهبية وتلبس في الأفراح والمناسبات.
وأشار إلى الشاشية بشكلها التونسي التقليدي ولونها الأحمر فإنها تعمل على التدفئة في الشتاء خاصة في الولايات والمدن التونسية التي تنخفض فيها درجات الحرارة بشكل كبير، موضحا أنه يتم محليا أيضا صناعة اللون الأسود حيث يفضله الليبيون. من جانبه، قال محمد صاحب أحد بازارات الأحذية والحقائب الجلدية، إن حركة البيع والشراء تحسنت كثيرا في الفترة الأخيرة، مشيرا إلى الإقبال على المنتجات الجلدية التي يفضلها الكثير من السياح والتونسيين لألوانها الجذابة ولطبيعة الجلود وبالطبع لذوقها الراقي وهو ما يدعم صناعتها المحلية.
وأضاف أنه يمتلك مصنعا لإنتاج الحقائب الجلدية والنعال المزينة والأحذية بأسعار مناسبة للسياح من جميع أنحاء العالم، مشيرا إلى أن هذه المنتجات تلقى رواجا كبيرا وتخطف الأنظار لألوانها المبهجة وخاماتها القوية التي تعيش لفترات طويلة.
أما عن المقاهي والمطاعم فتتميز في مدينة "سيدي بوسعيد" بالمجالس العربية والألوان الجذابة والمشروبات والمأكولات التونسية الخالصة التي تجذب كل المتواجدين مثل "البمبلوني" وهو نوع من أنواع الفطائر التونسية المغموسة بالسكر و"الكفتاجي" وهو طبق رئيسي من أطباق المطبخ التونسي ويقدم مع الخبز وهو عبارة عن فلفل وطماطم وكبدة وبطاطا وقرع وبيض مقليين مقطعين ومتبلين بالإضافة إلى "اللبلابي" وهو أكلة شعبية تونسية مكونة أساسا من الحمص والكمون وقطع صغيرة من الخبز ويمكن أن يضاف إليها عادة أحد أو كافة المكونات التالية من بيض وزيت زيتون وهريسة وتونة وزيتون كما يمكن أيضا أن يضاف إليها لحم فخذ البقر .. ويعد "اللبلابي" أكلة شتوية بامتياز حيث يعتبرها التونسيون أكلة مقاومة للبرد. وقد حافظت المدينة على خصوصيتها كما أصبحت الوجهة المفضلة لزوار تونس للاستمتاع بهوائها العليل وجمال أزقتها واقتناء التحف الذكارية من المحلات الموجودة بها. وتقع مدينة "سيدي بوسعيد" على بعد عشرين كيلومترا في الضاحية الشمالية من العاصمة التونسية وتتوسط مدن "حلق الوادي" و"الكرم" و"قرطاج" و"المرسى" و"قمرت" ولأنها تقع على أعالي منحدر صخري، فإن هذه المنطقة تطل على خليج تونس وأيضا على سواحل البحر الأبيض المتوسط.
وتعود نشأة سيدي بوسعيد لزمن الفينيقيين الذين أسسوا مدينة "قرطاج"، وكان جبل سيدي بوسعيد يسمى …يسمى آنذاك "جبل المنار" أو "جبل المرسى" وقد استعمل هذا الجبل لمراقبة وتحصين قرطاج .. وحمل اسم سيدي بوسعيد رسميا لدى إحداث بلدية في هذا المكان عام 1893. واستمدت المنطقة اسمها من اسم الولي الصالح بوسعيد بن خلف بن يحيى التميمي الباجي (1156-1230) الذي أقام فيها متفرغا للتعبد وناشرا للتعاليم الصوفية، ويتواجد حتى الآن ضريح أو مرقد هذا الولي الصالح وأتباعه من المتدينين الزاهدين مثل سيدي الظريف وسيدي بوفارس وسيدي الشبعان بأعالي سيدي بوسعيد. وتميزت "سيدي بوسعيد" سابقا باحتفالاتها الدينية ومن أبرزها "الخرجة" التي ما تزال تقام إلى اليوم وهي عبارة عن حفل ديني تدق فيه الطبول وترتل فيه الأذكار الدينية والأناشيد وتطبخ نساء البيوت المجاورة للضريح "الكسكسي" وهو الأكلة الشعبية التقليدية في تونس ويجتمع كل أهالي القرية مع بعضهم البعض باللباس التقليدي يومها لإحياء ذكرى الأولياء الصالحين.
وتمثل المدينة وجهة سياحية شهيرة يقصدها الآلاف من السياح من مناطق مختلفة من العالم للاستمتاع بروعة الأجواء والمعالم السياحية المثيرة للاهتمام، فخلال النهار يتجه السائحون إلى الشوارع الضيقة المرصوفة بالحجارة ويتفاعلون مع البائعين المحليين والمقيمين، مع فرص اقتناء الهدايا التذكارية من الأكشاك المتواجدة على جانبي الشوارع التي تقدم سلعا فريدة من نوعها وهدايا تذكارية تصور التاريخ الغني للمدينة.
ويقوم معظمها ببيع المنتجات التقليدية التي تصلح كتذكار جميل أو هدية لطيفة، من بينها الأواني الفخارية المزخرفة والملابس التقليدية والصابون التونسي المصنع بشكل يدوي ذو الرائحة العطرية المنعشة بالإضافة إلى اللوحات الفنية والأطباق النحاسية. ومن أشهر معالم "سيدي بوسعيد" ما يعرف بقصر "النجمة الزهراء" الذي بناه الكونت الإنجليزي "إرلانجر" وقد تحول لاحقا إلى متحف يعرض الآلات الموسيقية ويقيم حفلات الموسيقى الكلاسيكية والعربية.