عاجل
السبت 31 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
باقي علي افتتاح المتحف الكبير
  • يوم
  • ساعة
  • دقيقة
  • ثانية
البنك الاهلي
اللواء حسن الألفي.. وزيراً للداخلية من عائلة الفنون الجميلة

اللواء حسن الألفي.. وزيراً للداخلية من عائلة الفنون الجميلة

في استاد جامعة أسيوط الأنيق، وبحماس الشعراء وحزم لواء مخضرم وبشاشة وجه كريم، لا يزال حضوره الإنساني في عقلي ووجداني، وهو يفتتح مهرجان الربابة الدولي عام 1990، إنه اللواء حسن الألفي، رحمه الله رحمة واسعة، كان وقتها محافظاً لأسيوط. 



وهي ليست أسيوط الحاضر الهادئ، بل كانت آنذاك مكاناً نشطاً للعمليات الإرهابية التي ترفع زوراً وبهتاناً راية الإسلام السياسي، وتمارس عنفاً معادياً للإسلام وللمجتمع والدولة. 

كان المهرجان أول مواجهة مجتمعية بعد نشاط أمني مكثف أعاد الأمور لطبيعتها، وكان صانع الثقافة الموقر الأستاذ صلاح شريت، وكيل وزارة الثقافة وقتها، رئيساً لإقليم وسط وجنوب الصعيد، وكان رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة، رجل الإدارة الثقافية النادر الأستاذ، حسين مهران، رحمه الله رحمة واسعة، وذلك في وزارة الفنان التشكيلي الكبير، صانع الثقافة المغامر، فاروق حسني. 

هكذا كان مهرجان الربابة الدولي برئاسة د. رتيبة الحفني، رحمها الله رحمة واسعة، وكانت مديرته التنفيذية الفنانة التشكيلية الأسيوطية، نادية الشابوري. 

واقترح سيادته آنذاك اقتراحاً مقدراً وفي عمق الفهم المجتمعي، إذ طرح علينا طرحاً اتفق الجميع معه، ألا وهو ضرورة مواجهة الإرهاب بالفن، دون الإشارة إلى ذلك، ودون استخدام عنوان الفن في مواجهة الإرهاب إعلامياً، حتى يصبح إطلاق البهجة، والموسيقى، والألوان، والإبداع في مساره الطبيعي، وحتى يتفاعل معه الناس، وفقاً لإطارهم المرجعي الطبيعي الديني، والثقافي، والأخلاقي، والجمالي. 

قلت يجب أن نركز على الفنون المختصة بالرجال، وكانت الربابة وفنون الشعر، حتى لا تحدث صدمة مجتمعية، ووافق، وترك حضور المرأة المبدعة لفرق مصرية وعربية وأجنبية أخرى. 

كنت في اندفاع الشباب وحماسة آنذاك، وكان يستمع لي بكل إنصات، وكان يغير عدداً من المسارات مع سكرتير عام المحافظة، اللواء المحترم قدري أبو حسين، بعد المناقشة، وأبديت اندهاشاً من معرفته الواسعة بالفنون وتفاعلها مع الجمهور، فقال لي رحمه الله: هل تعرف الفنان التشكيلي صالح الألفي، قلت نعم، إنه أحد الرواد المؤسسين لكلية الفنون الجميلة المصرية، قال إنه عمي، فأدركت ما معنى أن يخرج من عائلة الفنون الجميلة مختصاً في الأمن، وكيف يحركه ضميره وإحساسه رفيع المستوى. 

كان رحمه الله صاحب اهتمام خاص بالعمارة وعلاقتها بالشارع المصري، وعمل في أسيوط وفقاً لمنهج علمي يكافح التلوث البصري المعماري، وأنجز إنجازات مبكرة في هذا الصدد. 

بعد انتهاء التحضيرات كانت فرقة أسيوط للموسيقى الشعبية مفاجأة للجميع، ومفاجأة لمؤسسها الذي شاركته آنذاك، الموسيقى المحترف والقائد المبدع المايسترو، عبد الحميد عبد الغفار. 

كان العالم كله عام 1990 في أسيوط، جاء العازفون المهرة، وحضرت الفرق من إفريقيا وأوروبا والصين، وتونس مصدر إلهام ومنشأ السيرة الهلالية التي شارك المصريون التونسيين إبداعها. 

وأطلق المحافظ اللواء حسن الألفي من أسيوط إشارة هامة آنذاك، عن المشترك الإنساني في الفنون، إنها الربابة المصرية التي يوجد لها شقيقات في كل أنحاء العالم، إلا أنها في مصر تظل لها خصوصيتها، لأن صاحبها ليس عازفاً فقط،  بل شاعر مبدع. 

كان المحور الذي ارتكز عليه الأمر هو شاعر ربابة اسمه حامد، العم حامد أصبح بعد قليل صديق شخصي للمحافظ، وأصبح حضوره من مركز الفتح لأسيوط العاصمة، مسألة يهتم بمتابعتها مكتب المحافظ يومياً. 

تلك الطاقة الإنسانية الصادقة الحريصة على التفاصيل الدقيقة، والتي سرت في أسيوط آنذاك، هي اللواء حسن الألفي. 

كان العم حامد الأسيوطي، رحمه الله، يحفظ السيرة الهلالية وأشعار التراث الشعبي وينشدها مجدداً ومبدلاً ومبتكراً في كل مرة ينشد فيها ما حفظ، إبداع شعري موسيقي مصري شديد الاختلاف. 

تبقى تلك الذكريات حاضرة معي، وتبقى تلك الرموز المصرية مشرقة وقادرة على الإلهام حتى الآن. 

إن القيادة المصرية المقتدرة المتفردة اللواء حسن الألفي، يظل درساً في ضرورة الثقافة للعمل الأمني، وفي الإدارة المجتمعية، وفي الحكومة المصرية في كل التخصصات، إذ تبقى الثقافة ضميراً وحضوراً وتفسيراً للوجود، وفهماً للبشر في كافة المهن والتخصصات. 

وبالتأكيد لدى كل الذين عملوا مع سيادة اللواء حسن الألفي في كافة المواقع المتعددة، وفي وزارة الداخلية ذكريات ثرية وعديدة، إنه نموذج مصري فريد، رحمه الله وأسكنه فسيح جناته.  

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز