عاجل
السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
ذكرى انتصارات أكتوبر
البنك الاهلي

بحضور نخبة من أبطال حرب أكتوبر

صالون "بوابة روزاليوسف": حرب "التحرير" معجزة عسكرية.. ومشروعات "التنمية" و"التعمير" ضربة قاصمة للإرهاب وأعوانه

جانب من فعاليات الندوة
جانب من فعاليات الندوة

مصر لا تترك ثأرها.. ودماء شهدائها لا تذهب هباءً



اللواء محيي نوح: شاركت في تأسيس كتيبة الشهيد أحمد منسي "103 صاعقة" بعد حرب اليمن.. ورسالتي لشباب مصر: لا تستمعوا للشائعات.. اعملوا من أجل الوطن ورفعته

 

الشعب المصري لا يعرف المستحيل وعقيدة قواته المسلحة "النصر أو الشهادة"

 

الجيش خاض معركة "رأس العش" الأسطورية بعد هزيمة 67 بـ25 يومًا.. وأعتز بأن دمائي أسهمت في عودة سيناء لأحضان الوطن ومشروعات التنمية بها تشعرني بالفخر

 

اللواء ا.ح محمد زكي الألفي: رأيت كيف حطم الجندي المصري أسطورة العدو.. ورسالتي لشباب مصر: ثقوا بالله وفي قدراتكم وقيادتكم وابتعدوا عن التواكل الحروب الحديثة تستهدف التشكيك في منجزات الدولة بنشر الأكاذيب.. وأطالب كل مؤسسات الدولة ببذل الجهد في التوعية بقدرات المصريين في مواجهتها

 

اللواء ا.ح ناجي شهود: روح وقدرة جيل أكتوبر خالدة ويجب تنميتها لدى الشباب بالعلم والثقافة والتكنولوجيا.. أهالي سيناء قدموا خدمات جليلة لقوات الاستطلاع المصرية.. وموشى ديان اعترف بأنهم من أسباب هزيمة إسرائيل المذلة

 

اللواء محمد الشهاوي: عندما حاول العدو كسر إرادتنا قمنا بتحطيم خط برليف بمضخات المياه.. واستكمالًا لهزيمة الإرهاب نستصلح نصف مليون فدان بمياه "بحر البقر" المعالجة

 

أول شهداء أكتوبر كان مسيحيًا.. واللواء فؤاد عزيز كان يتلو القرآن لرفع الروح المعنوية لدى الجنود

 

د.عزة بدر: بطولات الجيش المصري تبقى ملهمة للأدباء والشعراء والفنانين.. وتعد إحدى قوى مصر الناعمة في معركة الوعي

 

أدار الندوة رئيس التحرير الكاتب الصحفي أيمن عبد المجيد.. وأعدها للنشر ياسر شوقي

 

 

تخليدًا لذكرى انتصار أكتوبر العظيم، وما أعقبه من معارك دبلوماسية وقانونية لاسترداد كامل التراب الوطني، وإيمانًا بانتصار مصر الحاسم والقوي في معركة التنمية والتعمير التي تخوضها بطول البلاد وعرضها، والتي تؤكد أن دماء شهدائها في مواجهة الإرهاب الأسود لم تذهب هباءً، عقد صالون "بوابة روزاليوسف" ندوة تحت عنوان "مصر بين حربين: التحرير والتعمير..  كيف حشدت مصر قوتها الشاملة"، بحضور كوكبة من أبناء المؤسسة العسكرية، وأبطال حرب أكتوبر المجيدة.

 

أدار الندوة الكاتب الصحفي أيمن عبد المجيد، رئيس تحرير "بوابة روزاليوسف" والكتاب الذهبي، الذي تحدث في البداية مشيدًا ببطولات الأجداد، وبسواعد الأحفاد التي تخوض معركة التنمية والتعمير في كل ربوع مصر حاليًا، مشيرًا إلى أن ما تحقق من إعجاز عسكري في حرب أكتوبر المجيدة عام 1973، يتواصل في تطهير البلاد من الإرهاب، وفيما تخوضه مصر من انتصارات مستمرة على كل المعوقات والتحديات، مضيفًا أن هذه الندوة محاولة لوضع لبنة في تشكيل حصون بناء الوعي المصري، وذلك من خلال الماضي بخبراته البطولية بهدف مواجهة الحاضر بتحدياته، وبلوغ مستقبل أفضل بتوقعاته المبنية على أسس علمية وعملية.

 

ووجه "عبد المجيد"، التحية لجيش مصر العظيم في شهر الانتصارات، ولضيوف الندوة الكرام، ولشعب مصر العظيم بمناسبة ذكرى العبور والمولد النبوي الشريف، ولأرواح الشهداء، وإلى بطل الصاعقة المصرية الشهيد إبراهيم الرفاعي، الذي ترفرف علينا ذكراه العطرة مع يوم استشهاده في 19 أكتوبر 1973، تاركًا للأجيال القادمة صفحات مضيئة بالبطولات الأسطورية التي أذهلت العدو، خلال حربي الاستنزاف والسادس من أكتوبر.

 

وخلال الندوة أكد الحضور، أن ما تحقق في حرب أكتوبر يعد إعجازًا مصريًا تتدارسه كبريات الأكاديميات العسكرية في العالم، وستظل بطولاته التي لم ترو بعد مدادًا وذخيرة للأجيال القادمة، وهي في طريقها للتنمية ومواجهة التحديات مهما بلغت قوتها.

 

وشدد المشاركون على أن بطولات اليوم في حرب التطهير من الإرهاب وتعمير سيناء وكل ربوع الوطن، لا تقل أهمية عن حرب تحرير سيناء ١٩٧٣، وما شهدته من بطولات، وما أعقبها من معارك دبلوماسية وقانونية لاسترداد كامل التراب الوطني.

اللواء محي نوح
اللواء محي نوح

 

 

قال اللواء محيي نوح، أحد أبطال المجموعة 39 قتال صاعقة، خلال حرب الاستنزاف والسادس من أكتوبر، تحت قيادة الشهيد إبراهيم الرفاعي: إن القوات المسلحة عقيدتها النصر أو الشهادة، وهي عقيدة راسخة، تؤكد أن المصري لا يعرف المستحيل.

 

وأضاف "نوح"، الذي تولى قيادة المجموعة بعد استشهاد العميد إبراهيم الرفاعي، أن القوات المسلحة خلال الاستعداد لحرب أكتوبر، قامت بعمليات عبور واقتحام وقتال واشتباك، ولدت لدى أبنائها ثقة كبيرة أدت لكسر الصورة الذهنية عن الجندي الإسرائيلي، والهالة التي اكتسبها بعد معركة 1967.

 

وأشار إلى أن أول زيارة للقوات المسلحة قام بها الرئيس السادات بعد توليه الحكم كانت للمجموعة 39 قتال، التي كانت تتواجد وقتها بمنطقة الحلمية، لافتًا إلى أن الرئيس السادات خصهم بحديث أبوي، وحثهم على المزيد من العمليات والبعد عن الإحباط.

 

وقال اللواء محيي نوح، إن ما حدث في حرب 1967 ليس للجندي أو المقاتل المصري أي ذنب فيه، متابعًا: بعد حرب 67 مباشرة بدأ الرئيس جمال عبد الناصر، والفريق فوزي، والفريق عبد المنعم رياض، واللواء أحمد صادق، عمليات إعادة بناء القوات المسلحة.

 

وحكى بعضًا من ذكرياته، قائلًا: معركة رأس العش التي اشتعلت بعد 25 يومًا من حرب 67 تعد إحدى المعارك الرائعة التي شهدت احتكاكًا مباشرًا بين الجندي المصري والجندي الإسرائيلي، ومنها تولدت لبنات الثقة لدى جنودنا، فقد تكبّدت خلالها قوات الاحتلال خسائر فادحة، عكست بسالة الجندي المصري، ورفعت الروح المعنوية لدى الشعب المصري وقواته المسلحة.

 

وأكد أنه قام بتوثيق وتصوير تلك المعركة، لافتًا إلى أنه أصيب 4 مرات خلال عمليات حرب أكتوبر، وأنه يعتبرها 4 أوسمة على صدره، ويفخر بأنه أسهم بجزء بسيط من دمه في عودة سيناء لأحضان الوطن.

 

ومن خلال صالون "بوابة روزاليوسف" وجه اللواء محيي نوح رسالة للشعب المصري ولشبابه تحديدًا قائلًا: "لا تستمعوا إلى الشائعات.. عليكم الانتباه إلى أنها تكون في بعض الأوقات مدمرة".. "اعملوا واجتهدوا من أجل مصر، واجعلوها نصب أعينكم".. "جيش مصر وشعبها لا يعرفون المستحيل".

 

وأشاد بما شهده الجيش المصري من تنامٍ في قدراته وقوته، وتنوع في مصادر تسليحه، وهو ما يعكسه حرص جيوش 21 دولة من كبريات دول العالم على المشاركة معه في مناورات عسكرية.

 

وأضاف، لقد شاركت في 92 عملية إنزال خلف خطوط العدو خلال حرب الاستنزاف، ونجحت القوات المسلحة في تنفيذ عمليات داخل إسرائيل نفسها، وكان ذلك مهما لتحطيم نفسية العدو وقياداته.

 

وعن ذكرياته مع الشهيد إبراهيم الرفاعي، قال إنه كان معه في حرب اليمن، وفور العودة طلب مني انتقاء عناصر لتأسيس الكتيبة 103 صاعقة، ونجحنا في تأسيس الكتيبة التي مازالت تقدم شهداء وتصنع بطولات حتى اليوم، وهي ذاتها الكتيبة التي قدمت الشهيد أحمد منسي، وشهداء ملحمة البرث بشمال سيناء، ولها بطولات في المعركة الشاملة ضد الإرهاب.

 

وأضاف: الـ92 عملية التي قامت بها المجموعة 39 قتال صاعقة، كبّدت العدو الإسرائيلي 430 قتيلًا، ودمرت 17 دبابة و77 مركبة عسكرية، فضلًا على أسر يعقوب رونية، أول أسير إسرائيلي، وكانت المجموعة تقوم بغارات متواصلة كل يومين أو ثلاثة على مواقع العدو على طول الجبهة، لكسر أنفه، وبهدف رفع الروح المعنوية للشعب المصري وقواته المسلحة.

 

وقال: أخذنا بالثأر بعد 40 يومًا من استشهاد الفريق البطل عبد المنعم رياض، وذلك في عملية 19 إبريل، فقد خرجنا 64 فردًا مقاتلًا بعدد 6 قوارب فقط، وتمكنا من تكبيد العدو خسائر فادحة في الأرواح والمعدات، حتى يعلم أن مصر لا تترك ثأرها، وهي العملية التي أصبت خلالها، وعندما زارني الرئيس عبد الناصر في المستشفى، طلبت منه أن أكون مع زملائي في العملية القادمة.

 

وأشار "نوح" إلى أنه يشعر بالفخر الشديد عندما يزور سيناء حاليًا ويشهد ما يحدث بها من تنمية وتعمير، لأن دماء الشهداء لم تذهب هباء. مضيفًا: كنا شبابًا عندما حررناها، واليوم يعمرها الشباب تحت قيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، ويسطر جنودنا في سيناء اليوم بطولات أهم من بطولات أكتوبر 1973، لأنهم يواجهون عدوًا خفيًا يعيش في الجحور، وليس جيشًا نظاميًا يمكن معرفة قدراته ومواقعه.

محمد زكي الألفي
محمد زكي الألفي

 

وبدأ اللواء أركان حرب محمد زكي الألفي، أحد أبطال الكتيبة 18، وأحد أبطال حرب أكتوبر المجيدة، حديثه قائلًا: إن اللفظ الدقيق لأهم أحداث حرب أكتوبر، هو اقتحام قناة السويس وليس عبورها، والحروب دائما تنسب للتاريخ وليس للأجيال.

 

وعما رآه بعينيه خلال الحرب قال: عندما زاد الساتر الترابي لليهود عن 20 مترًا، بدأنا في التفكير في إنشاء 3 مصاطب يزيد ارتفاعها على 22 مترًا ليتمكن جنودنا من ملاحظة ومراقبة قوات العدو، وكانت تلك المصاطب مفيدة في تأمين الموجة الأولى من العبور، إلى جانب حرمان العدو من استخدام دباباته التي كانت أقوى أسلحته، وتعد العدو الأول لسلاح المشاة.

 

وأضاف أن الجندي المصري تدرب على حمل ما لا يقل عن 35 كجم، والصعود إلى الساتر الترابي على الضفة الشرقية للقناة، ومدافع الهاون وأطقم الصواريخ كان يتم تفكيكها وتحميلها على أكتاف الجنود، وتم تدريبهم على ذلك جيدًا في منطقة الرياح الناصري، التي ما زالت موجودة حتى الآن، وكنا نتقبل الخسائر في تلك التدريبات الشاقة.

 

وقال: قبل الحرب كان يتم رفع درجات الاستعداد ثم خفضها، وتكرر ذلك كثيرًا كخطوة ضمن خطط الخداع الاستراتيجي، ونجح ذلك في مفاجأة العدو واقتحام قناة السويس.

 

وأشار إلى أن الرئيس الراحل محمد أنور السادات قبل وخلال الحرب، كان يرتدي "زنط" الجنود، وقوم بزيارات لجميع المواقع الحربية لرفع الروح المعنوية للجنود، وللتأكيد على أن الكل خلال الحرب سواسية، القائد والجندي.

 

وتابع: كنت قائد فصيلة خلال حرب أكتوبر، وشهد زيارة للرئيس السادات، ومشاركة قادة المجتمع في الحرب، ومنهم السيدة راوية عطية، التي كانت تحرص على زيارة الجنود في مواقعهم المختلفة بهدف رفع روحهم المعنوية.

 

وقال: وصلت إلى الجبهة عام 1970، وكان هناك قوات عربية من الجزائر والكويت وفلسطين، إلى جانب القوات المصرية، وعادة يكون قرار بدء الحرب وإنهائها قرار القيادة السياسية، لكن القرار في حرب أكتوبر تم بطريقة ديمقراطية، بمعنى أن المعلومات كانت تأتي من أسفل إلى أعلى أولًا قبل إصدار أي قرارات، بحيث تستمع القيادة إلى المرؤوسين وأفكارهم للبناء عليها، والدليل على ذلك تبنى فكرة المهندس مقاتل باقي زكي يوسف- رحمه الله- لعبور قناة السويس، فكان التفكير الاستراتيجي يعتمد على الاستماع للفرد وأفكاره، ثم دراستها وتجربتها واختبارها، ثم يحضر دور كبار القادة الكبار بدراسة نقاط القوة والضعف، بمعنى أن الفكرة لا تنفذ مباشرة وفوريًا، بل يتم اختبارها وتجريبها للتأكد من صحتها، وكان قادة الحرب يحضرون الاختبارات بأنفسهم ويشجعون الجنود معنويًا وماديًا، عقب اطمئنانهم على قدرة الأسلحة على التنفيذ.

 

وأشار إلى أن بين مهام الكتيبة 18 الدفاع عن منطقة الدفرسوار، أو منطقة الممرات التي تفصل بين الجيشين الثاني والثالث الميداني لأهميتها الاستراتيجية، وكانت القيادات دائمًا ما تزور الكتيبة وفي مقدمتهم الرئيس السادات لرفع الروح المعنوية، والتأكد من جاهزية القوات.

 

ووجه اللواء أركان حرب محمد زكي الألفي، رسالة خاصة لشباب مصر قائلًا: "ثقوا بالله سبحانه وتعالى الذي معنا دائما، وثقوا في أنفسكم، وفى قدراتكم وقيادتكم وحافظوا على ما بين أيديكم من تراث وعادات وتقاليد لها وزنها وقيمتها.. وابتعدوا عن التواكل".

 

وأوضح أن الجندي المصري ضرب أعظم صور البطولة والفداء والتمسك بالأرض، وكان ذلك صدمة كبيرة للعدو وحطم أسطورته، لافتًا إلى أن الالتحام مع العدو في حرب الاستنزاف رفع معنويات القوات المصرية، بما أدى إلى تحقيق إنجازات وهدم أكاذيب كان يروجها العدو عن نفسه.

 

وشدد على أن شباب مصر قادر على صنع المعجزات، وأن تحرير سيناء كان معجزة استطاع القادة بمعاونة الشباب من تحقيقها، داعيًا لتحمل كل مؤسسات الدولة، إعلام ومؤسسات تعليمية ودينية، وأسرة، ومؤسسات ثقافية، إلى بذل الجهد في بناء الوعي والتنمية الثقافية بتاريخ مصر، وقدرات المصريين في مواجهة الحروب الحديثة، التي تستهدف الروح المعنوية بنشر الأكاذيب والشائعات والتشكيك في منجزات الدولة.

اللواء ناجي شهود
اللواء ناجي شهود

 

وقال اللواء أركان حرب ناجي شهود، مساعد رئيس المخابرات الحربية الأسبق، وأحد أبطال حرب أكتوبر المجيدة خلال الندوة: إن المخابرات الحربية وجميع أجهزة المعلومات تعد عين الدولة المصرية التي يمكن من خلالها رؤية ما يحيط بنا.

 

وتابع: عقيدة الجيش المصري راسخة، وهي النصر أو الشهادة، وخلال حرب أكتوبر المجيدة اقتطع الشعب المصري من قوته وكسائه وغذائه من أجل قواته المسلحة التي أقسمت على الحفاظ على أموال الشعب، ولذلك فإن أي طلقة أو معدة تم استخدامها قبل أو أثناء حرب أكتوبر المجيدة، كانت وراءها معلومات دقيقة ومؤكدة.

 

وأضاف اللواء أركان حرب ناجى شهود، أن جميع المصريين شاركوا في خطة الخداع الاستراتيجي لحرب أكتوبر المجيدة، ولم تكن الخطة منحصرة على مستوى أفراد أو قطاعات معينة، بل شارك فيها جميع المصريين، والذين لم أحد وقتها في ماذا يفكرون، لم يكن في ذهنهم سوى تحرير الأرض، والرئيس السادات أكد وقتها أنه لن يترك الأرض، وأن الأرض عرض، وأن ما أخذ بالقوة يسترد إلا بالقوة.

 

وتابع: المشكلة التي واجهت الجيش المصري أثناء الاستعداد للحرب، تمثلت في أن إسرائيل موجودة شرق القناة، وتقوم بعمليات مراقبة مستمرة لقواتنا، وما يفصل بين الجانب الشرقي والغربي مسافة قدرها 170 مترًا فقط، وبالتالي فإن مراقبتها سواء عن طريق المراقبة المباشرة أو بالأقمار الصناعية يعد أمرًا سهلًا وفى متناول العدو، ولذلك كان لا بد من وضع خطة خداع استراتيجي كبيرة، بداية من عقد مؤتمرات دولية للإعلان عن حاجة المصريين لمعدات وطائرات، مرورا بقرارات وزير الزراعة ووزير البترول ووزير الخارجية التي خدمت الحرب، وتغيير 3 وزراء دفاع، وإعطاء إجازات للعساكر والضباط، وزيادة عدد أيام الإجازة، وفتح المصايف، ثم طرد الخبراء السوفييت من مصر في يوليو 1972، إلى جانب إجراء مناورات أدت لقيام إسرائيل باستدعاء قوات الاحتياط عدة مرات، وهو أمر مكلف بالنسبة لها.

 

ويتذكر قائلًا: في 17 مايو 1973 أكدت المخابرات الأمريكية والإسرائيلية، أنه لن يكون هناك معارك شاملة في مصر، بل محدودة، وذلك في الوقت الذي كان يتم فيه تدريب القوات المصرية بكل قوة، وعلى أعلى مستوى استعدادًا للحرب الشاملة.

 

وفي 23 أغسطس قام الرئيس السادات يرافقه أشرف مروان بلقاء الملك فيصل، ولم يعلم بهذا اللقاء سوى طاقم الطائرة فقط، وخلال اللقاء أخبر الرئيس السادات الملك فيصل بأن مصر ستدخل الحرب خلال شهر سبتمبر أو أكتوبر، وأنه بحاجة لمساعدة السعودية، فرد الملك فيصل قائلًا: فخامة الرئيس توكل على بركة الله، لن يكون الدم أو النفط السعودي أغلى من الدم المصري.

 

وتابع اللواء أركان حرب ناجي شهود، أنه في أواخر سبتمبر ومطلع أكتوبر وقبل الحرب بأيام، تأكد لدى كل المراقبين أن ما يحدث من تحركات عسكرية في مصر وسوريا ما هو إلا مناورات عادية، وتحدث صدفة دون ترتيب، وحتى آخر لحظة لم تكشف تقارير المطالعة الإسرائيلية بشأن استعدادات الجيش المصري أي شيء عن الاستعدادات الفعلية للحرب، وهذا يؤكد عبقرية المصريين. مشيرًا إلى أن القدرة والروح التي كانت موجودة لدى جيل أكتوبر مازالت موجودة لدى المصريين عموما والشباب بصفة خاصة حتى الآن، وأنه يجب تنميتها بالمزيد من العلم والثقافة والتكنولوجيا.

 

وتابع: المصريون لديهم دائمًا القدرة على العمل الجاد والابتكار والتجديد، وشباب مصر هم المنوط بهم استكمال مسيرة البناء والتعمير والتنمية.

 

عن كواليس اختيار يوم 6 أكتوبر لخوض المعركة قال اللواء أركان حرب ناجي شهود، إن ذلك تم بناء على حسبة دقيقة، حيث تبين وقتها أن شهر نوفمبر لن يكون مناسبًا نظرًا لهبوط الجليد على هضبة الجولان، وهو ما يحدث مشاكل للدبابات، وتبين أن شهر أكتوبر يشهد 8 أيام إجازات رسمية في إسرائيل، ويوم 6 أكتوبر تحديدًا تتوقف الحياة تمامًا بسبب يوم كيبور، حيث يعم السكون فيه إسرائيل ويتوجه الجميع للعبادة والصلاة فقط، وتتوقف الإذاعة والتليفزيون أيضًا.

 

وأضاف: أن الجيش الإسرائيلي مقسم إلى مجموعتين، قوات عاملة، وأخرى احتياط يتم استدعاؤهم عبر الإذاعة، والتي كما ذكرنا لا تعمل يوم كيبور.

 

وأكد أن نجاح خطة الحرب كان قائمًا على إتقان التدريب والدقة البالغة في تنفيذ جميع التعليمات، إلى جانب تكاتف القادة مع الجنود والضباط، فكانت ملحمة تاريخية سجلها التاريخ، وتمكنت مصر من الحفاظ على أرضها بكل الطرق العسكرية والدبلوماسية والقانونية.

 

وعاد بذاكرته ليشير إلى أن الدولة المصرية نجحت بعد حرب 67 في تعبئة الشعب المصري بالكامل للمعركة، معتمدة في ذلك على المصداقية والوضوح والشفافية في التعامل مع الشخصية المصرية.

 

وقال إن الجندي الإسرائيلي خلال حرب أكتوبر كان يقاتل من فوق معدة أو من وراء جدار حصين، وتحديدًا خلال أوقات النهار، ويتقوقع في النقاط القوية طوال الليل تخوفًا من الدوريات والكمائن المصرية، في حين كان يقاتل الجندي المصري مدافعًا عن أرضه بصدره العاري دون خوف إذا تطلب الأمر ذلك، وكان يقوم بعمله طوال اليوم، ويفضل العمل ليلًا لأنه لا يعرف الخوف.

 

وأكد "شهود"، أن حرب أكتوبر استطاعت أن تفجر طاقة الإنسان المصري، وفرغت كل ما في جعبته، فهناك 3 أشياء رئيسية لا يعرف المصريون مزاحًا فيها وهي: "الدين والأرض والعرض"، ولذلك كان انتصار أكتوبر إعجازًا بكل المقاييس، صنعه شعب مصر بكل مكوناته، ونفذته القوات المسلحة المصرية باستعدادها القتالي العالي، وأخذها بأسباب العلم والدراسة الدقيقة لكل التفاصيل حتى اقتحام خط برليف المنيع، وتحرير سيناء.

 

وعن دور المخابرات الحربية قال: كانت المخابرات الحربية والاستطلاع، بمثابة عين الإنسان للجيش المصري، وكان لها دور كبير في رصد تسليح وتحصينات العدو، وتوفير المعلومات الدقيقة عن الأهداف وقوتها التسليحية، والقوة المطلوبة لتدميرها، وأفضل التوقيتات والطرق لذلك.

 

كما كان لأهالي سيناء دور كبير في خدمة الاستطلاع ورصد قوات العدو وتحركاتها، كانوا بمثابة رادارات بشرية ترصد العدو وتحركاته، وهو وصف استخدمه موشي ديان، وزير دفاع الاحتلال الإسرائيلي آنذاك، حيث قال عن أهالي سيناء: "هزمتنا الرادارات البشرية".

 

وشدد على أن الإنجاز تحقق بحسابات بالغة الدقة والتعقيد، حيث كانت كل تفصيلة في المعركة محسوبة بدقة بالغة، ومخطط لها، وسبقها تدريب على كل شيء، وكان بحوزة كل جندي دليل يساعده حتى في حالة ابتعاده عن القوات، وكانت لكل فرقة علامات هندسية خاصة على الخوذة تمكن من يراها من معرفة هل من يجاوره من فرقته أم لا.

 

ووجه رسالة خاصة لشباب مصر في ذكرى حرب أكتوبر المجيدة، قائلًا: "يا شباب مصر لا تلتفتوا إلى من يقول إنكم ضعفاء، أو تعانون من الضياع أو التهميش، أنتم المستقبل، وأفضل ما في مصر هم شبابها".

 

كما أكد أن تمكين شباب مصر من أولويات الدولة المصرية في الوقت الحالي، لأنه لا بد أن تتلاقى الأجيال الكبيرة والشباب لنقل وصقل الخبرات، والشباب هم من يخوض معركة التعمير.

اللواء محمد الشهاوي
اللواء محمد الشهاوي

 

وكشف اللواء محمد الشهاوي، مستشار كلية القادة والأركان، وأحد أبطال سلاح الحرب الكيميائية في حربي الاستنزاف وأكتوبر، أن الشباب هم من قادوا الحرب، وحاليًا يقوم الشباب بتطهير سيناء من الإرهاب والإرهابيين، وآخر عملياتهم كانت العملية الشاملة سيناء 2018، والتي استطاعت أن تقضي على الكتلة الصلبة للإرهابيين، وتدمير بنيتهم الأساسية.

 

وتابع: الشباب هم من قاموا بثورة 30 يونيو 2013، التي أجهضت مخطط تقسيم الدول وتدمير الجيوش، وهم الأمل، هم نصف الحاضر، والمستقبل بأكمله.

 

وأشار إلى اهتمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، بالشباب وقضاياهم، وتمكين المرأة، وتهدف المشروعات الجديدة التي تم إنشاؤها في سيناء لإيجاد فرص عمل للشباب، حتى لا يسهل استقطابهم من قبل الجماعات الإرهابية المتطرفة.

 

وأضاف اللواء محمد الشهاوى، أنه قبل وخلال التحضيرات لحرب أكتوبر، كان هناك قنوات اتصال مفتوحة ودائمة بين قادة الحرب وبين الجنود والضباط، وهو ما عجّل بالنصر، وهي حرب تعطي مؤسسات الدولة درسًا مهمًا، وهو أن القوات المسلحة تستمع إلى ضباطها وأبنائها خلال الحرب، وكان هناك قنوات اتصال مفتوحة ودائمة.

 

وقال إن حرب أكتوبر المجيدة تم تصنيفها ضمن حروب الجيل الثالث، أو الحروب التقليدية، والتي استخدمت فيها إسرائيل الحرب النفسية، وتحديدًا يوم 28 فبراير 1971 عندما قامت بإشعال النيران على شاطئ القناة، ثم النداء عبر مكبرات الصوت على المصريين الموجودين بالشاطئ الغربي، قائلًا "سنحرقكم بهذه النيران أيها المصريون"، وذلك بهدف زرع اليأس وتحطيم الروح المعنوية للمصريين، فعندما يزرع اليأس ينمو الغضب وتثمر الفوضى ويعم الخراب، لكن المصريين كانوا صامدين وبدأوا في التجارب والتفكير فيما سيتم القيام به، إلى أن توصلت إدارة الحرب الكيميائية إلى مادة تستخدم ضد الحرائق، وهي نفس المادة التي عولجت بها "الأفرولات"- ملابس الجنود والضباط، لمنع اشتعالها، خاصة بين قوات العبور الأولى.

 

وكان الطيران المصري يحلق على ارتفاعات منخفضة لعدة أسباب، منها عدم التقاطه من قبل الرادارات الإسرائيلية، إلى جانب رفع الروح المعنوية للقوات المسلحة، ولإرسال رسالة لإسرائيل بمدى كفاءة الطيار المصري.

 

وفكرت قوات الصاعقة البحرية أيضًا في تحطيم مصدر النيران من الأساس، ووجدوا أنها تأتي من خزانات كبيرة بالشاطئ الشرقي، موصولة بمواسير وفتحات تقذف الحمم المشتعلة، كما توصل فحص القوات المصرية وقتها إلى أن تلك الخزانات محصنة ولا يمكن تدميرها بسهولة، وبالتالي جاءت فكرة سد تلك الفتحات، وكانت نتيجة للعصف الذهني واستماع القادة إلى الضباط والجنود، فالفكرة إن لم تجد من يسمعها وينفذها، تكون هي والعدم سواء.

 

وتابع اللواء الشهاوى: بالفعل تم سد الفتحات ليلًا في اليوم السابق لحرب أكتوبر، عن طريق الغوص تحت الماء بعيدًا عن الرقابة الإسرائيلية، وكانت إسرائيل معتادة على تجريب واختبار صلاحية تجهيزاتها يوميًا، فيما عدا يوم 6، نظرا لانشغالها بيوم كيبور، وقبل الحرب بساعات اختبروها ووجدوا أنها معطلة فاضطروا لإحضار أفراد الصيانة من تل أبيب، لكن الحرب كانت قد بدأت، وتعطل عمل المواد الحارقة، ومن هنا نؤكد رسالة مهمة، وهي أن التدريب وقت السلم يوفر الدماء وقت الحرب.

 

وأضاف: أن الإرادة الشعبية توقفت أمامها الولايات المتحدة الأمريكية عند حسابها للقوى الشاملة للدول، والتي تقدر من خلال القوة الاقتصادية والعسكرية والسياسية والتكنولوجية، إلا أنها أضافت عليها محورًا اعتبرته رئيسيًا في حالة مصر، وهو الإرادة الشعبية.

 

وتابع: في 67 شهدنا هزيمة كبيرة، وتدميرا لأغلبية معداتنا، وأعقب ذلك تنحي رئيس الجمهورية، لكن الشعب المصري تمسك بروحه العالية التي أعلت الروح المعنوية للقوات المسلحة في حرب أكتوبر المجيدة، والتي هزمت نظرية الأمن الإسرائيلي وكسرت ذراع العدو الأساسية وهي الجيش الذي كان يدعي أنه لا يهزم.

 

وأكد اللواء محمد الشهاوى، أن نتائج حرب أكتوبر ما زالت تدرس في الأكاديميات والمعاهد العسكرية العالمية، باعتبارها معجزة، اعتمدت على القوة والعزيمة والصبر والمثابرة، وروح معنوية مرتفعة استمرت معنا حتى الآن، سواء عند القضاء على الإرهاب في سيناء، تلك القطعة الحبيبة في قلب ووجدان كل مصري، وأيضًا في ثورة 30 يونيو المجيدة، التي أجهضت مخطط تفتيت الدول وتدمير الجيوش، وفي المشروعات التنموية التي يفتتحها الرئيس عبد الفتاح السيسي، وأبرزها أكبر محطة معالجة ثلاثية تنتج مياهًا تكفي لري 500 ألف فدان في سيناء.

 

وشدد على أن الحفاظ على الروح المعنوية المرتفعة، ومواجهة الحرب النفسية التي شنتها قوات الاحتلال الإسرائيلي عقب نكسة 1967، كانت بداية الانتصار، وهي العامل الرئيسي في جميع انتصارات مصر عند مواجهة أي عدو.

 

وأضاف أن العدو سعى لكسر إرادتنا وبث اليأس في قلوبنا، فحطمنا خط برليف بواسطة مضخات المياه، وكان في الحقيقة يحتاج لقنبلة نووية لا نمتلكها، فقد كان لدينا قنبلة نووية من نوع آخر وهو الجندي المصري.

 

وأوضح أن ما تشهده سيناء من عمليات تعمير، وما يسطره الجيش المصري من بطولات في حربه على الإرهاب سيسطرها التاريخ، والمياه التي يتم معالجتها بمحطة بحر البقر إنجاز كبير يختلط بدماء الشهداء على أرض سيناء الحبيبة، لتثمر خيرًا ورخاء لمصر من خلال استصلاح نصف مليون فدان.

 

وأضاف اللواء الشهاوي: الرئيس عبد الفتاح السيسي يحقق إنجازات تنموية في سيناء وكل ربوع مصر، ويمكّن الشباب والمرأة، ويخلق فرص عمل للشباب وهذه مكافحة جديدة للتطرف، فمن يجد تنمية وفرص عمل وحياة كريمة يكون محصنًا ضد استقطاب المتطرفين له.

 

وأكد أن القوات المسلحة المصرية، تمتاز بديمقراطية بحث القرار، حيث يستمع القادة إلى الجنود، والرتب الأقل، في عصف ذهني يولد أعظم الأفكار، وهذا ما أنتج فكرة فتح ممرات في خط برليف بواسطة مضخات المياه، وهي الفكرة التي طرحها المهندس مقاتل باقي زكي يوسف- رحمه الله- في حين حاول إعلام العدو كسر إرادتنا وبث اليأس، بزعم أن اقتحام خط بارليف المنيع يتطلب قنبلة نووية لا تملكها مصر، لكنها كانت تمتلك مصر قنابل نووية من نوع آخر، وهو الجندي المصري، الذي هدم خط برليف وأسطورة الجيش الإسرائيلي، الذي زعم أنه لا يهزم.

 

وأوضح أن لحمة الشعب المصري من أهم أسباب النصر، وكان أول شهداء حرب أكتوبر مقاتلًا مصريًا مسيحيًا، وأتذكر اللواء فؤاد عزيز غالي، قائد الفرقة ١٨ الذي كان مسيحيًا، وأثار ببطولاته الذعر في قلب قوات العدو، وكان يرحمه الله يتعمد تلاوة القرآن أمام الجنود لرفع معنوياتهم، هذه مصر التي فشل دائمًا الأعداء في شق صفها.

 

وقال الشهاوي، إن ما تشهده سيناء من تعمير اليوم، وما يسطره الجيش المصري من بطولات للقضاء على الإرهاب في شمال سيناء، سيسطره التاريخ، فالمياه التي تمت معالجتها في محطة بحر البقر إنجاز، يخلطها بدماء الشهداء في سيناء، لتثمر تنمية وخيرًا لمصر عبر استصلاح نصف مليون فدان.

 

ومن جانبها أكدت الدكتورة عزة بدر، الأديبة والكاتبة الصحفية، أن الأدباء والشعراء سجلوا عددًا من بطولات الجيش المصري، والتي تبقى ملهمة دائمًا، ولفتت إلى عدد من الأعمال الأدبية الرائعة التي تحوّلت إلى أعمال سينمائية، وفي القلب منها: "الرصاصة ما زالت في جيبي"، و"موسم العنف الجميل"، و"الرفاعي" لجمال الغيطاني، والتي تناولت بطولات العميد الشهيد إبراهيم الرفاعي، مؤسس الفرقة 39 قتال، و"الحرب في بر مصر" ليوسف القعيد، و"حكايات الغريب" و"دوي الصمت".

 

وشددت على أن بطولات جيش مصر ستظل ملهمة للأجيال القادمة من الأدباء والشعراء والمُبدعين، داعية للاهتمام بإظهارها وتوثيقها في أعمال أدبية وسينمائية، لما لها من قوة ناعمة في معركة بناء الوعي.

 

- شارك في الندوة من الزملاء بـ"بوابة روزاليوسف"، عادل عبد المحسن، محسن عبد الستار، مديرا التحرير، وأحمد خيري نائب رئيس التحرير، وزين إبراهيم سكرتير تحرير الكتاب الذهبي، وسلوى عثمان، وشريف مدحت، وإسراء علاء الدين، والسيد علي، ودينا عبد القادر، ونورهان خفاجي، ومحمد الوكيل.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز