عاجل
الإثنين 30 ديسمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
التطبيق العملي لأخلاق النبي
البنك الاهلي

في ذكري مولد سيد الإنسانية: الأسرة فى حياة النبى محمد "ص" 

البس الاسلامي لللأسرة المصريه
البس الاسلامي لللأسرة المصريه

يحتفل العالم الإسلامي هذه الأيام بمولد رسولنا الكريم سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم، الأسوة الحسنة الذي يجب علينا الاقتداء بأفعاله وأقواله وسلوكه، ومنها احترامه للمرأة صلى الله عليه وسلم بصفة عامة، والزوجة بصفة خاصة، ورغم ذلك فإن الخلل في حياتنا الاجتماعية كبير وظاهر للعيان، حيث انتشر التفكك الأسرى، وزادت نسب الطلاق لأسباب واهية، فى حين لم تترك السنة النبوية المطهرة شيئاً إلا وعالجته. 



 

إحترام المرأة جزء أساسى قى سيرته صلى الله عليه وسلم.. والعشرة الحسنة والبعد عن الطلاق أساسيات بناء المجتمع

 

يقول الدكتور وليد  سامي، الاستشاري الاسري، إن الرسول صلي الله عليه وسلم وضع الخريطة الحياتية والأسرية الصحيحة والتطبيق العملي من خلال حديثه صلي الله عليه وسلم “خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي”، حيث أن العلاقة بين الزوجين من أسمى العلاقات الخاصة والمميزة القائمة على المودة والرحمة، لكن الزواج يشمل العديد من التحديات، ويمكن أن تضع هذه التحديات الزوجين تحت ضغط كبير، لكن العمل على مواجهتها معاً يمكن أن يقوي الروابط، وبالتالي لا يجب أن تفرق التحديات، لكنها قد تقرب اعتماداً على طريقة التعامل معها. 

 

وأضاف أن بعض الزوجات يشتكين من عدم قدرتهن على بناء علاقة قوية مع أزواجهن، سواء في بداية الزواج أو بعد مرور فترة من الزمن، وكذلك شكوى بعض الأزواج من نفس المشكلة، وهو ما قد يتسبب فى الانفصال، والذي أصبح ظاهرة فى مجتمعنا لا يجب أن نغفل عنها، لأنها تهدد استقرار وقوة وتماسك الأسرة التي هى أساس أى مجتمع. 

 

وأوضح أن هناك العديد من المشاكل التي تؤدى أيضاً إلى الانفصال، منها على سبيل المثال (“العناد - حب السيطرة - التسرع في الأحكام - العنف  المباشر وغير المباشر - عدم مشاركة الاهتمامات - النقد المستمر- الشعور بالتوتر بسبب أشياء أخرى في الحياة  - وعدم الشعور بالأمان...الخ “ وهناك أيضا  الظروف المادية غير المستقرة، ولهذا يجب أن يحتاط الزوجين لعدة أمور، منها:

 

-  ضرورة أن يحيط الزوجين أشخاص يعيشون علاقات صحية، يقدرون الزواج ويدعمون الحياة الزوجية.

 

-  على الزوجين وضع استمرار العلاقة الزوجية كأولوية، قبل أى شيء أخر بما في ذلك الاهتمام بالأبناء.

 

- على الزوجين التوقف عن أخذ الشريك كأمر مسلم به، فمن الجميل الانتباه للتفاصيل الصغيرة في العلاقة وتقديرها.

 

- التصرف مع الشريك على أساس أن سعادته أولوية، فرعاية الطرف الآخر تغذي مشاعر الثقة والامتنان والعاطفة، كما أن لذلك  تأثير ايجابي على العلاقة الجنسية بين الزوجين.

- الحصول على استشارة المختصين، وتتضمن في العادة جلسات تحفز على إعادة التواصل بين الزوجين.

- محاولة تغيير الطباع واتباع خطة تعامل جديدة تتضمن دعم الشريك والتخفيف من حدة الانفعالات.

 

  وأشار الدكتور وائل عبد الكريم،  المدرس بقسم الثقافة الإسلامية بكلية الدعوة  جامعة الأزهر، إلى أن رسولنا الكريم سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم كان حريصا علي احترام المرأة في زمن كان يتم فيه وآد البنات، والإسلام أولي المرأة اهتمامًا كبيرًا ونظر إليها نظرة تكريمٍ واعتزازٍ، فهي الأم والأخت والإبنة والعمة والخالة والجدة والزوجة، وهي شريكة الرجل في تحمل مسؤوليات الحياة، وشقيقته في النهوض بمهمة الاستخلاف في الأرض، وقرينته في تربية الأبناء وتنشئتهم تنشئة سوية، وجعلها على درجة واحدة مع الرجل في التكريم والإجلال. 

 

والمرأة عند النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ  عالية القدر والشأن، ودرة مصونة، ولؤلؤة مكنونة، صنو الرجل، فقال عليه الصلاة والسلام: “إنما النساء شقائق الرجال”. 

 

وأوضح الدكتور وائل عبد الكريم، أن الله تبارك وتعالى خص النساء بسورة كاملة من كبار سور القرآن سماها باسم النساء، بل وفي أعظم المحافل التي وقفها رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ على عرفات في هذا اليوم العظيم المهيب الكريم تكلم النبي عليه الصلاة والسلام عن حرمة الدماء، وعن حرمة المال والعرض، ولم ينس أبداً أن يبين قدر المرأة ومكانتها، وفي صحيح مسلم عن جابر بن عبد الله قال صلى الله عليه وسلم: “اتقوا الله في النساء، فإنكم أخذتموهن بأمان الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله”.

 

 

ولفت إلي أن رسول الله كرم المرأة أماً وبنتاً وأختاً وزوجة، وأمرنا بأن نكفل لها الحياة الكريمة، وربَّى أتباعه على احترام قدرات النساء، فالمرأة جزء من كيان المجتمع ولا يمكن أن تستقر الأمور الأسرية والاجتماعية والأخلاقية دون أن يكون للمرأة دوراً واضحاً وبارزاً في مسيرته.

 

وضرب أمثلة لاحترم رسول الله للمرأة أماً، فحينما جاءه رجل يسأله من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك، قال ثم من؟ قال: أمك، قال ثم من؟ قال: أمك، قال ثم من؟ قال: أبوك. 

 

كما احترم رسول الله المرأة أما وأختا، وجعلها سبب من أسباب دخول الجنة فعن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من كان له ثلاث بنات، أو ثلاث أخوات، أو ابنتان، أو أختان، فأحسن صحبتهن، واتقى الله فيهن فله الجنة".

 

ومما يدل على احترام رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم لمشاعر المرأة وقوفه في وجه كل سلوك ظالم من جانب الآباء الذين يكرهون بناتهم على الزواج من رجال لا يرغبن فيهم، وأكد ادانته لكل علاقة زوجية تبنى على الإكراه والقهر، فأساس الزواج "إيجاب وقبول"، وحتى لو كانت مبررات رفضها غير مقنعة لابد من احترامها وتقدير مشاعرها وتلبية رغبتها بعد تقديم النصائح المخلصة، قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم: «الثيب أحق بنفسها من وليها، والبكر تستأذن في نفسها"، وقد أخبرتنا السيدة عائشة رضي الله عنها أن فتاة جاءت إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله إن أبي زوجني من ابن أخيه ليرفع بي خسيسته “أي ليكرمه بي” فجعل رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم الأمر بيدها. أي خيرها بين أن تقبل أو لا تقبل، فقالت: يا رسول الله قد أجزت ما صنع أبي، ولكن أردت أن أعلم النساء، أن ليس للآباء من الأمر شيء.

 

وأضاف الدكتور وائل عبد الكريم: إن لنا في سيرة الحبيب صلى الله عليه وسلم مع زوجاته أرقى معاني الحب والاحترام، فمن يطالع سيرته يجد أمثلة تحتذى، فقد كان يسامر زوجاته ويؤنسهن ويدخل السرور على قلوبهن وكان يداعبهن ويلاعبهن حتى كان يرسل الهدايا لصديقات السيدة خديجة رضي الله عنها، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: «خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي»، وقال: «خيركم خيركم لنسائهم»، ومن الرقة والحب والاحترام حسن المناداة، فقد كان صلى الله عليه وسلم ينادي عائشة يا عائش، ويا حميراء، يتألفها ويدخل الأنس في قلبها، وربما وضع فمه على موضع شرابهن، وهن يبادلنه ذلك، ويأكل من موضع أكلهن، تقول أم المؤمنين السيدة عائشة: "كنت أشرب فأناوله صلى الله عليه وآله وسلم، فيضع فاه على موضع فيّ، وأتعرق العرق فيضع فاه على موضع فيّ"، أي يأكل ما بقي من لحم تركته السيدة عائشة على العظم، وكان يتزين لهن عند اللقاء، وكان لا يفاجئ زوجاته بالدخول عليهن حتى يستعددن له، وكان يراعي مشاعرهن حتى عند النوم يخفض صوته أو حركته، ومن شدة احترامه ـ صلى الله عليه وسلم ـ وحبه لزوجاته لم يجد حرجا من الإعلان عن حبه لزوجاته صراحة، سواء بينه وبينهن، أو أمام الناس، فقد كانت نفسه شفافة إذا أحسّ أمرا أخبر به، وهو ما يدل على أنه كان يعتبر الأمر مألوفا، ولا يعنى الخنوع أو الغلبة، ولا يتعارض مع خلق الحياء، كما قد يعتبره البعض.

 

فها هو سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلن لأمنا عائشة، عندما غارت من كثرة ذكره للسيدة خديجة: “إِنِّي قَدْ رُزِقْتُ حُبَّهَا”، وها هو يرد على سؤال سيدنا عمرو بن العاص رضي الله عنه، بعد عودته بغنائم من سرية، وكان يمنّي النفس بأن يكون ممن يحبهم رسول الله: يا رسول الله! من أحب الناس إليك؟ فيقول: "عائشة".

 

وسألت أمنا عائشة ذات مرة زوجها: يا رسول الله، كيف حبك لي؟ وكأنها تريد أن تطمئن، فأجابها: "كعقدة الحبل"، ولم تكتف بهذا، ولعل هذا راجع إلى طبع المرأة وميولها إلى الاستماع الدائم لترديد هذه الكلمات على لسان زوجها، فكانت لا تفتأ تسأله: كيف العقدة يا رسول الله؟ فيقول: "هي على حالها".

 

ويعدد عبد الكريم مظاهر احترامه صلى الله عليه وسلم لزوجاته، فلم يكن يهمل السمر مع نسائه والإنصات لهن واحتواء حكاياهن، ولعل الحديث الشهير بـ “حديث أم زرع” خير دليل على جمال العلاقة بين أمنا عائشة وسيدنا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، والحديث يظهر مدى قدرته صلى الله عليه وسلم على احتواء السيدة عائشة، كما يظهر مهارتها ـ رضي الله عنها ـ في الحكي وتشكيل السرد بما يشد انتباه زوجها لفترة طويلة دون تأفف، حيث تستفيض في سرد قصة إحدى عشرة امرأة مع أزواجهن، والنبي ـ صلى الله عليه وسلم ــ يستمع بانتباه وتركيز، حتى يقول لها في النهاية: "يا عائشة كنت لكِ كأبي زرع لأم زرع"، ويزيد مطمئنا إياها: "إلا أن أبا زرع طلق وأنا لا أطلق"، فتلتقط الزوجة إشارة زوجها وترد عليها بأحسن منها: "بأبي وأمي لأنت خير لي من أبي زرع لأم زرع".

 

أنصت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم  ـ لزوجته ولم يتهمها بالثرثرة والكلام الفارغ، ولا بتضييع وقته الثمين وهو الكثير المشاغل، ولا بهوان ما تقول أمام عظمة ما يفكر فيه، كما يفعل بعض الرجال اليوم، بل استطاع بشفافية نفسه أن يفهم أنها تريد الاستئثار بزوجها لمدة أطول لأن هذا الفعل يسعدها.

 

ومن مظاهر احترام رسول الله لزوجاته أيضا أنه كان يستشيرهن ويأخذ برأيهن في كثير من الأمور، ومن ذلك استِشارته لزوجِته أمِّ سلمة - رضي الله تعالى عنها - في أمر مِن أهمِّ أمور المسلمين يوم الحُديبيَة؛ فقد عاهَد النبي - صلى الله عليه وسلم - المشركين على تركِ القتال عشر سِنين، ووافقَهم على شروط ظاهِرها فيه الإجحاف بالمسلمين، فكَرِهَ ذلك أصحابه، وأبوا أن يتحلَّلوا بالحَلْق أو التقصير من إحرامهم بالعمرة ليعودوا إلى المدينة، وتأخروا في تنفيذ أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأحزنَه ذلك، وشقَّ عليه، فذهب إلى أمِّ سلمة يَستشيرُها، فقال: «هلك الناس»، فأشارَت عليه بأن يَخرج إليهم ويَحلِق رأسه، فعند ذلك يُسرعون إلى حلقِ رؤوسهم، وقد أصابَت في قولِها، فإنهم سارَعوا إلى طاعته، وامتثَلوا أمر نبيِّهم واعتَذروا عما كان منهم، وفي هذا دليل على أنه يرى للرجل أن يَستشير أهله ليَستطلِع ما عندهم مِن حلِّ ما تعقَّد مِن الأمور، وهذا مِن سماحَة أخلاقه وشريعته واحترامه للمرأة - عليه الصلاة والسلام، وهكذا كان إمام العظماء نصيرا للمرأة محترما لها مدافعا عن حقوقها المشروعة، رافضاً كل صور الظلم في التعامل معها.

 

شاهد أيضاً

 

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز