محمد هيبة
فجر جديد
الضرب بيد من حديد
أعتقد أنه ليس لما تشهده مصر من إنجازات ومشروعات تنموية، ومحاولة اللحاق بالمستقبل في خطوات سريعة، وما تم في السبع سنوات الأخيرة، مثيل طوال الأربعين سنة الماضية، وقبل تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي مسؤولية قيادة البلاد.
فنحن نشهد افتتاحًا لمشروعات نفذتها الدولة، مرة كل أسبوع، وأحيانًا مرتين، وأصبحنا نلهث من متابعتنا لهذه الإنجازات، نحاول أن نلحق بالكتابة عنها وإلقاء الضوء عليها، لكن "رتم" الرئيس دائمًا أسرع.
ولعل افتتاح محطة بحر البقر لمعالجة المياه لتكون صالحة للزراعة، يؤكد ما ذكرته فعلًا، وما يعنيني هنا هو الرسائل الحاسمة والغاضبة من الرئيس على ما يحدث من تعديات- كانت ومازالت- على الأراضي الزراعية والترع والجسور وأراضي الدولة، وللأسف يحدث هذا قبل أقل من عام على تدخل الدولة بقوة بقانون التصالح، لوقف هذا النزيف المستمر للأراضي الزراعية.
الرئيس كان حاسمًا في تصريحاته، حيث أكد أن الدولة لن تقبل السكوت على أي تعديات، ووقفها يمثل أمنًا قوميًا، وعلى الجهات المختصة إزالة جميع التعديات التي تمت على مدار الـ٣٠ عامًا الماضية خلال ستة أشهر، وكلف الرئيس السيسي المحافظين، ووزارة الداخلية، والقوات المسلحة، بالإضافة إلى الأجهزة المعنية، بإزالتها وإعطائه تمامًا بذلك.
الرئيس تطرق إلى العقوبات التي ستنفذ على المتعدين، وأنه يجب حصرهم، ووقف كل أشكال الدعم، الذي تقدمه الدولة لهم، مثل الخبز، والتموين، وأشكال الدعم الأخرى.
والحقيقة أنه يجب الضرب بيد من حديد فعلًا على كل من تسول له نفسه بالتعدي على الأراضي الزراعية والترع والجسور وأملاك الدولة، وكان ذلك فحوى رسالة الرئيس إلى الأجهزة، وأن بناء البلاد "ما بيجيش بالدلع والطبطبة".. "بناء البلاد بييجي بالجدية والعمل"، وهذا بيت القصيد، لأنه وللأسف فقد عادت ريما لعادتها القديمة، وبدأت ظاهرة البناء على الأراضي الزراعية، تطل برأسها من جديد في القرى البعيدة والمتطرفة، وكأن الأجهزة المسؤولة عن منعها قد دخلت في سبات عميق، رغم صدور قوانين التصالح، ومنع التعديات على أملاك الدولة، وما تم من إزالة في مخالفات البناء، ومخالفات تبوير الأراضي الزراعية والبناء عليها، ورغم أن المسؤولين في الجمعيات الزراعية يقومون بإبلاغ الإدارات المركزية ومديريات الزراعة والري، إلا أنه لا توجد إجراءات رادعة وحاسمة لوقف استنزاف الأراضي الزراعية، كما أن متابعة القرارات الصارمة في هذا الشأن شبه معدومة، والأغرب ما يتردد من أن الحكومة تغض الطرف عن التعديات لتطالب أصحابها بعد ذلك بغرامات التصالح! أي أن كل ما يهم الحكومة هو جمع الأموال والسلام، وطبعًا هذا الكلام غير منطقي، لكنه نتيجة لتقاعس بعض الأجهزة عن القيام بدورها، وهو ما يفتح المجال لمزيد من الفساد.
والرئيس أعلن أنه بينه وبين الفساد خصومة، لذا لا بد من تعميم العقوبات، التي أقرها على كل أنواع المخالفات، وكل أنواع التعديات، وأن يضاف لها الحبس والغرامة بالتشريعات القانونية اللازمة، ويكفي أنه يسابق الزمن لبناء الجمهورية الجديدة ومصر الحديثة.