عاجل
الخميس 26 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
We
ثورة 30 يونيو المشروعات القومية
البنك الاهلي
الهيدروجين الأخضر و"الدلتا" والبيان الرئاسي

30 يونيو.. ثورة بناء الجمهورية الجديدة 11

الهيدروجين الأخضر و"الدلتا" والبيان الرئاسي

يومًا بعد يوم، تتعاظم قدرة الدولة المصرية، برؤية استراتيجية عميقة، لمتطلبات الحاضر وتحدياته، واحتياجات المستقبل، وتوقعاته.



 

في كل مشروع قومي، يفتتحه الرئيس عبد الفتاح السيسي، أو يناقشه مع المعنيين من الحكومة وأجهزة الدولة، تتكشف أبعاد جديدة لرؤية استراتيجية تنموية شاملة، متكاملة، تستهدف بناء دولة جديدة عصرية، تملك أحدث مقومات القوة والقدرة الشاملة، التي يتطلبها المستقبل.

 

الشمول والتكامل في الرؤية التنموية، سمة أساسية للجمهورية الجديدة، التي يرتفع بنيانها، على قواعد ثابتة من البنية الأساسية الحديثة القوية، التي تراعي- منذ لحظة تأسيسها- تلافي أخطاء الماضي، وضمان الإيفاء بمتطلبات المستقبل وتوسعاته.

 

هذه المقدمة الجامعة، لمقالي الحادي عشر في سلسلة: "30 يونيو.. ثورة بناء الجمهورية الجديدة"، واجبة، فما يحدث إنجاز تاريخي غير مسبوق، يدعو كل وطني يعي حقيقة ما يحدث الآن على الأرض؛ لأن يفخر ويطمئن أن وجد الوطن من يقدر إمكانياته ويدرك تحدياته، فريق إنقاذ مصر- برئاسة الرئيس عبد الفتاح السيسي- صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فوفقهم الله سبحانه على رفعة شأن وطنهم وخدمة شعبهم، وأجياله القادمة.

 

بالأمس استطلع الرئيس عبدالفتاح السيسي- خلال اجتماع مع المهندس مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء، والدكتور محمد شاكر وزير الكهرباء والطاقة المتجددة- الموقف التنفيذي للخطط الاستراتيجية لوزارة الكهرباء والطاقة المتجددة بكل ربوع مصر، بحسب ما أفاد به بيان السفير بسام راضي، المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية.

 

ذلك الاجتماع المهم، وفق البيان، استطلع فيه الرئيس عبد الفتاح السيسي جملة من المشروعات القومية، أقف عند توجيه رئاسي، ومصطلحي "الدلتا الجديدة"، "طاقة الهيدروجين الأخضر"، بالغي الدلالة في تقديري، لأهميتهما البالغة، كنموذجين تطبيقيين لما ذهبنا إليه في مقدمة المقال، حول عقل الجمهورية الجديدة الاستراتيجي، المراعي لحداثة بناء القوة وشمولها ومراعاتها متطلبات الحاضر وتوقعات المستقبل.

 

أولًا التوجيه الرئاسي:

-  "وجه السيد الرئيس بالاستمرار في الخطط الوطنية، الخاصة بتعزيز مكون الطاقة المتجددة، وتعظيم قيمتها، وذلك لتنويع مصادر إمدادات الطاقة التي تعتمد عليها عملية التنمية في مصر...".

 

- وفي هذه الفقرة من التوجيه الرئاسي، خلال الاجتماع، ألفاظ دالة، "الاستمرار في الخطط الوطنية الخاصة بتعزيز مكون الطاقة، فالإنجازات التي شهدتها مصر لن تقف عند الاكتفاء الذاتي من الطاقة لعلاج مشكلات سابقة خاصة بانقطاع التيار ومعاناة المواطنين، بل الخطط مستمرة لمضاعفة القدرات لتلبية متطلبات التنمية التي تشهدها مصر.

 

- الخطط تراعي تنويع مصادر الطاقة المتجددة، وهنا يجب أن نعي بدقة دلالات ذلك، فاستراتيجية الدولة المصرية تعظيم قدرة امتلاك طاقة متجددة نظيفة خالية من الملوثات، وتنويع تلك المصادر لتعظيم القدرة، بتنوع البدائل، ولا نكون رهن مصدر واحد للطاقة بما لذلك من آثار.

 

-  التنوع في مصادر القوة استراتيجية وفلسفة للجمهورية الجديدة، بدأت بتنويع مصادر السلاح، لتعزيز القدرات الدفاعية، لحماية الأمن القومي ومقومات التنمية، فوجدنا السلاح الروسي والألماني والفرنسي والأمريكي رافال وغواصات وغيرها، بما يعزز استقلال القرار السياسي الوطني، ويقلص فرص التحكم الخارجي في قدراتنا التسليحية إلى درجة الصفر، مع إنتاج السلاح المصري بالتوازي مع التنوع في الاستيراد.

 

- التنوع فلسفة الجمهورية الجديدة، في بناء الاقتصاد ومصادر الدخل القومي، نهضة زراعية ومضاعفة للقدرة الإنتاجية، بتطوير أنظمة الزراعة "الصوب"، وأنظمة الري "التنقيط والرش"، ومضاعفة الرقعة الزراعية باستصلاح 500 فدان في سيناء، و2.2 مليون فدان في الدلتا الجديدة.

 

ثانيًا: "الهيدروجين الأخضر"

 

الشق الثاني من التوجيه الرئاسي:

"...بما في ذلك الاستراتيجية الوطنية لإنتاج الهيدروجين الأخضر، ولتعزيز أهداف الدولة بامتلاك القدرة في مجال توليد وتداول وتجارة الهيدروجين الأخضر، ومواكبة التطور العالمي في هذا المجال باعتباره مصدرًا واعدًا للطاقة".

 

- الهيدروجين الأخضر، ثورة طاقة متجددة نظيفة، يتجه العالم إلى التوسع في امتلاكها، وسعي مصر لإنتاجها يعكس فلسفة الجمهورية الجديدة، التي تستعيد مصر العظمى، المواكبة لأحدث منتجات العلم ومقومات القدرة.

 

- ببساطة: طاقة الهيدروجين الأخضر، هي الطاقة الأكثر وفرة في العالم، فالهيدروجين في كل جزيء من المياه 2 ذرة هيدروجين وذرة أكسجين، جميعنا يذكر دراستنا الكمياء في المرحلة الإعدادية، الماء مكون من "H2O"، والماء بوفرة في المحيطات والبحار والأنهار، تشغل مساحة 70% من الكرة الأرضية.

 

-  توليد طاقة الهيدروجين، يتم عبر التحليل الكهربي، ببساطة تعريض المياه لتيار كهربي يعمل على زيادة حركة جزيئات الهيدروجين والأكسجين في الماء، بما يؤدي لفصلها واستخلاص كل مكون على حدة.

 

- وهنا نحصل على الهيدروجين، الذي يمكن تخزينه واستخدامه، في تسيير الطائرات والقطارات، وتشغيل مصانع الإسمنت والحديد والصلب، وغيرها من الاستخدامات، من بينها بديل للغاز الطبيعي المستخدم بالمنازل.

 

- الهيدروجين الأخضر، هو ذلك النوع المستخلص بواسطة كهرباء منتجة من مصادر طاقة متجددة نظيفة كالرياح والشمس والطاقة النووية، وليست وليدة الطاقة الأحفورية كالبترول ومشتقاته، فالأحفوري يحوي ملوثات تجعل ذلك الهيدروجين من فئة تسمى البني.

 

- وهنا يجب ملاحظة أن النجاح في إنتاج الهيدروجين الأخضر ثورة طاقة المستقبل، رهن امتلاك الدولة قدرات إنتاج طاقة كهربائية نظيفة، وهذا يجعل كل مواطن مُفكر، يعود بذاكرته إلى تلك المشروعات العملاقة التي أنجزتها مصر في الصحراء، محطات توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية والرياح، ومحطة الضبعة النووية، بالقرب من ساحل البحر، ومصادر المياه للتبريد وإنتاج الهيدروجين الأخضر مستقبلًا، هنا تُدرك أن لديك دولة لها عقل، وأن التنمية بناء تراكمي يتطلب بنية أساسية مترابطة ومتكاملة.

 

- ولعل كل عاقل يُدرك- الآن- أهمية التوسع في تطوير وإنشاء بنية أساسية من الطرق والسكك الحديد، لربط كل بقاع الجمهورية، لتنقل بحرية وسرعة، وتبادل المنتجات، يوازي ذلك بناء الموانئ وإنشاء القلاع العسكرية لبسط الأمن وحماية الدولة وثروتها المتعاظمة بعون الله وفضله.

 

- "وتجارة الهيدروجين الأخضر"، تعني هذه العبارة أن مصر لا تسعى فقط لتحقيق اكتفاء ذاتي، بل تسعى أيضًا إلى تصديره للخارج، تواكب التطور العالمي، في بداياته، فقد كان استخدام ذلك النوع من الطاقة مقصورًا على محطات الفضاء، ومع التمكن من إنتاج تلك الطاقة من الكهرباء المولدة من طاقة الشمس والرياح، أصبحت تكلفة إنتاجها تساوي إنتاج طاقة الوقود الناتج من مشتقات البترول، وهناك إنتاج بأسعار أقل، لذا ستكون طاقة المستقبل.

 

- أهمية كبيرة لتلك الطاقة، بحسب العلماء والدراسات المنشورة عبر الهيئة الدولية للطاقة، تفيد بأن الهيدروجين الأخضر سيحمي العالم بخفض نسب التلوث الكربوني، فالهيدروجين الأخضر لا ينتج عن احتراقه غاز ثاني أكسيد الكربون، صفر ملوثات.

 

-أهمية عظمى لطاقة الهيدروجين الأخضر، تتمثل في كونه مخزنًا للطاقة الكهربية المولدة من المحطات الشمسية والرياح والنووية، فطاقة الكهرباء المولدة من الشمس يصعب تخزينها، تنتج للاستهلاك العاجل، وتصدير الكهرباء مكلف يتطلب شبكات ربط، بما يعني أن تصدير الكهرباء صالح إقليميًا فقط، وتزداد التكلفة بازدياد المسافات، بينما إنتاج طاقة الهيدروجين الأخضر من الكهرباء المولدة من الطاقة المتجددة يحوّلها إلى مخزن، يسهل تصديرها في أسطوانات لكل بقاع العالم بتحويلها إلى أمونيا.

 

- وهذا كله يعكس مواكبة الجمهورية الجديدة لأحدث مستجدات العلم، ومصادر طاقة وقوة المستقبل، بالتزامن مع ذلك بناء ١٤ مدينة ذكية، في القلب منها العاصمة الإدارية الجديدة، ومضاعفة الرقعة العمرانية والزراعية، وهذا ينقلنا إلى الدلتا الجديدة.

 

ثالثًا: الدلتا الجديدة

 

كل شيء في الجمهورية الجديدة، جديد، يخلق قيمة مضافة حقيقية تلبي احتياجات الحاضر ومتطلبات المستقبل، مع العمل الدؤوب على تطوير البنية الأساسية القديمة، لتتكامل مقومات الماضي والحاضر لبناء المستقبل.

 

مصر يعيش شعبها على مساحة ٧٪، تضاعف عدد السكان، ومتطلبات تلك الزيادة من سكن وغذاء، المدن الجديدة ومشروعات الإسكان ومبادرة "حياة كريمة"، جميعها يوفر سكنًا كريمًا يفي بمتطلبات ١٠٠ مليون مواطن، ورفع كفاءة الريف يلبي احتياجات 52 مليونًا من أهلنا.

 

- الدولة العاقلة، بفلسفتها الجديدة، تُدرك أن عليها أن تسبق بتنميتها معدلات الزيادة، ترى بعين المستقبل احتياجات الزمن القادم، حتى تحافظ على الجمهورية الجديدة قوية، لتظل مصر دولة عظيمة عصية على الكسر، يشعر أبناؤها بالأمان والكرامة، حتى لا يكونوا يومًا فريسة لمن يحاول استخدامهم لتنفيذ مخططات التفتيت من الداخل.

 

- من هنا تأتي أهمية المشروع القومي العملاق الدلتا الجديدة، على مساحة 2.2 مليون فدان، منها مليون فدان تستصلح للزراعة، لمضاعفة الإنتاج الزراعي لتحقيق أمن قومي غذائي، بتوفير السلع الاستراتيجية الأساسية بكميات تعزز الإنتاجية من حيث الكمية والأسعار، التي تكون في متناول جميع المواطنين.

 

 - ١.٢ مليون فدان من مساحة الدلتا الجديدة، تُخصص لمشروعات إنتاج الثروة الحيوانية، ومشروعات تصنيع المنتجات الزراعية والتعبئة والتغليف والتخزين، والإعاشة للعاملين والخدمات، وهي فلسفة التكامل وتعظيم القيمة للمنتجات، التي تضاعف ربحية المنتج، وتقلل الفاقد، وتخلق فرص عمل إضافية لأهل مصر.

 

- مليون فدان صافي تمثل ٣٠٪ من مساحة الدلتا الجديدة، مساحات مخصصة للزراعة الحديثة بأساليب ري حديثة، تقلل من فاقد المياه، وتعظم الإنتاجية، المشروع بالفعل جارٍ إنجازه، ليضاف لسلسة الإنجازات المتحققة تحت قيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي.

 

هذه مؤشرات من اجتماع رئاسي واحد ناقش مشروعات قومية، أشير إليها في بيان رئاسي من آلاف الاجتماعات والزيارات الميدانية، التي لا تتوقف، يقوم بها سيادة الرئيس، حتى في يوم الجمعة، الإجازة الأسبوعية.

 

الوعي بحقيقة ما يجرى على الأرض، ضرورة لبناء صورة ذهنية حقيقية عما يحدث، ويُنجز، وفلسفته وتكامله، المستهدفات والآليات، كل ذلك يولد قناعات تحكم السلوك والمواقف، وتخلق حصون وعي تتحطم على جدرانها مؤامرات التحريض المستمر لعرقلة مواصلة الدولة لجهود بنائها.

 

مصر العظمى، إن شاء الله، قادمة بميلاد جمهوريتها الجديدة، جمهورية العلم والعمل والأمل.

وللحديث، إن شاء الله، بقية 

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز