عاجل
الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
"الروح المقدسة" عند قدماء المصريين

"الروح المقدسة" عند قدماء المصريين

عند قدماء المصريين، كان يتطلب العبور للعالم الآخر بعد الموت، الحفاظ على الجسد، مع تجهيز جدران المقبرة برسوم وصور تشمل نصوصاً باسم صاحبها، وأيضاً مشاهد وتعاويذ سحرية تضمن له الخلود والأبدية. 



والموت من وجهة نظر المصري القديم كان سداً وحائطاً يمنعه من ذلك، وحسب تخيله فإن إله الخلق شكل البشر من جزأين أساسيين، أولهما المادة، أي الجسم الذي يحوى بداخله عوامل الفناء والتحلل، والثاني هو جوهر الحياة أي الروح، وكان مستقرها السماء بعد الموت، ولخص ذلك فى أحد نصوص الأهرامات.

- إن الروح مستقرها السماء، بينما الجسد للأرض 

-  يمد الجبل ذراعيه له وتصحبه "الكاوات" الحية، وتقبض على ذراعيه "كاواته" و"كاوات" أسلافه

- ما أجمل أن تحيا مع "كاك" إلى أبد الأبدين

- الملك في طريقه إلى ذلك القصر النائي لأرباب "الكا"، حيث تتجلى الشمس كل صباح لتكون رب من ذهبوا إلى "كاواتهم"

- لقد جاء الملك بيبى إليك "أوزوريس" وأحضر لك "كاك"

وتخيل المصري القديم أنه بحلول الموت يفترق الجسد والروح مدة زمنية محدودة، ثم تحل الروح فى الجسد ثانية يوم الدفن كي ترشدها فى رحلة العالم السفلى، ولكن فى النهاية تبقى الروح خالدة فى السماء والجسد فى الأرض.

 

إن كل فرد يمتلك كياناً روحياً يسمى "كا"، وهى تقابل الذات فى الإنسان وتولد الـ "كا" مع الإنسان وتعتبر جزءاً مكملاً لكيانه، ويهتم الأفراد بكافة التجهيزات والمتاع الجنائزى من أجل الـ "كا" التي تم تمثيلها على شكل ذراعيين ممدودين، ويطلقون على المقبرة بيت الـ "كا"، وهناك كيانات روحية أخرى وهى الـ "با"، والتي يعتقدون أنها تفارق الجسد لحظة الموت، وصوروها على هيئة طائر يحمل رأساً بشرية.

 

يقول النص: "روحك تنتمي إلى السماء عند رع، وجثتك تنتمي إلى الأرض عند أوزيريس، روحك ينبغي أن تستريح على جثتك كل يوم" (الفصل 89 من كتاب برت أم هيرو).

 

وعمل المصري القديم على تقريب المسافة بين العالم المادي والعالم غير المادي، وتوصف القرابين الجنازية بأنها تقدم لـ"كا" الشخص المتوفى، أما "البا" فتعبر عن الروح ورسمت فى عصر الدولة الحديثة على شكل طائر له رأس إنسان يرفرف فوق المومياء، وأفضل تعريف لها أنها مظهر خارجي للروح، يبقى بعد الموت وله قوة لتقمص الجسد والخروج منه.

 

إن "الكا" هي قوة الحياة والقرين الفلكي، وتقِيم فى تمثال المتوفى، ومن دون الجسد المادي لا تستطيع أن توجد، وهذا هو السبب الرئيسي فى ضرورة الحفاظ على الجسد.

 

ولعل "الكا" من أكثر التصورات عراقة عند المصريين، فقد تصورا أن الشخصية الإنسانية عبارة عن مركب من عنصرين: الجسم و"الكا".

 

وفى المقابر التي تصور ميلاد الملوك، وجد أن الآلهة تحمل الأمير المولود حديثاً وقرينه، لتبدأ "الكا" عند الميلاد، وتستمر تحيا بعد الموت.

 

وقد تصور االمصري القديم أن "الكا" تترك الجسم الإنساني أثناء النوم وفي حالات الغيبوبة، وفي هذه الحالة يقوم الشخص بالتجول بعيداً، ويزور الناس والأماكن، وتبقى كل تجاربه حية في الذاكرة، وعلى ذلك كانت تعتبر الأحلام حوادث واقعية.

 

و"البا" هى قوة حياة النفس وجوهر السمات الفردية، وتولد عندما يموت الجسد، وتغادر المقبرة خلال ساعات النهار وتعود ليلاً.

 

وبعد بعث الجسم لابد من إعادة قوى الإنسان العقلية إليه واحدة فواحدة، ويوم حصوله عليها يصير المتوفى روحاً "با".. وبتلك الكيفية يعود المتوفى إلى الحياة مرة أخرى، وهو حائز جميع قواه التي تساعده على المعيشة فى الحياة الآخرة، وبذلك ابتدع المصري القديم فلسفة استطاع من خلالها أن يعيد إليه حياته.

 

ولما كان المتوفى يعجز عن أن يكون "با" أو روحاً بعد الموت، كان من الضروري مساعدته، وكان "أوزيريس" قد صار روحاً بعد موته بعد أن تسلم من ابنه "حور" عينه التي انتزعها من "ست"، ومن ثم صار أي قربان يقدم للمتوفى يسمى "عين حور"، وبتلك الكيفية يتحدث "أوزيريس" للمتوفى، ويقول الكاهن: "قم لخبزك هذا الذي لا يمكن أن يجف، وجعتك التي لا يمكن أن تصير فاسدة إذ بها تصبح روحاً".

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز