عاجل
السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

حكايات شعب البرنو في تشاد

د. إبراهيم محمد مرجونة
د. إبراهيم محمد مرجونة

وجدت "دولة البرنو" اهتمامًا كبيرًا من المؤرخين والجغرافيين العرب والأوروبيين للدور التاريخي العظيم الذي قامت به في القارة الإفريقية، فقد ثبت تاريخيًا أنها كانت من أكبر الدول الإفريقية مساحة، فقد امتدت من نهر النيجر غربًا وحتى نهر النيل شرقًا، ومن إقليم فزان شمالا حتى الأدماوا جنوبًا، كما أنها كانت أطول الدول عمرًا، فقد عاشت لأكثر من ألف عام (700– 1919م)، ولهذا فقد قامت بدور كبير في نشر الإسلام في القارة الإفريقية عامة، ومنطقة السودان الغربي والأوسط خاصة، بل إن شعوب هذا الإقليم الواسع دخلوا الإسلام على أيدي البرنو، وانتشرت الثقافة الإسلامية والعربية عن طريق معاهد البرنو ومساجدها التي ظلت تعمر هذه المنطقة طوال العصر الوسيط وجزءا من العصر الحديث، ولم تنطفئ نيرانها القرآنية إلا بعد الغزو الاستعماري للقارة.   



وتحد "بلاد البرنو" من الشرق "بلاد التكرور" ومن الشمال البلاد الإفريقية، ومن الجنوب "الهمج"، وتقع بلاد البرنو غرب بحيرة تشاد، وقد أخذت بلاد البرنو بالتوسع نحو الشمال والشرق والغرب، فامتدت من الشمال حتّى صحراء زويلة- الفزان. 

  ويشير البكري (852 هجرية) إلى أَنَّها وراء صحراء زويلة، ويلاحظ أَنَّ اتساع البلاد توقف عند حدود الإقليم الشمالي، وذلك لأن التوسع الشمالي يزيد من تجارتها عبر الصحراء ويقوي اقتصادها.

 

أمّا فيما يخص الحدود الشرقية فإِنَّها تمتد حتّى بلاد النوبة، فالإدريسي يذكر عند حديثه عن سكان "نجيمي"، أَنَّهم يجاورون النوبة من الجهة الشرقية، وتمتد الحدود الغربية حتّى نهر النيجر، إذ ضمت قسمًا من بلاد الهوسا في بعض فترات قوّة السلطنة.

 

 

وبناء على ما سبق فإن بلاد البرنو توسعت حتّى صارت تسيطر على جميع الأراضي الواقعة إلى الغرب والشرق والشمال من شواطئ بحيرة تشاد، وأصبحت البحيرة تتوسط قلب البلاد، وقد أهلها موقعها الجغرافي لأن تكون حلقة وصل بين منطقتي السودان الغربي والشرقي، وبين مناطق الصحراء في الشمال ومناطق الغابات الاستوائية في الجنوب، فصارت بذلك ملتقى عِدَّة طرق تربطها شرقًا بمصر، وشمالًا بمناطق بلاد المغرب.

 

  كما بسطت دولتهم الشورى والعدل بين رعيتها، واتخذت من الشرع الإسلامي منهجًا في كل نظمها السياسية والحضارية، فكانت مثار إعجاب كل الرحالة الذين زاروها عربًا كانوا أو أجانب، فاستطاعت بذلك أن تقيم علاقات قوية مع حكام مصر ودول شمال إفريقيا، ومدت يدها إلى الخلافة العثمانية فقبلتها وأمدتها بما يلزم من المد المادي والمعنوي، فانطلقت قوافلها التجارية تجوب الصحراء الإفريقية، فكانت كسفن تموج في بحر عميق، وازدهرت تجارتها مع مصر والحجاز وشمال إفريقيا، بل ذهبت تجارتها حتى الصين والهند شرق إفريقيا. 

 

  وظهر تجار البرنو كدعاة، وكان الحج مظهرًا إسلاميًا مهمًا لسلاطين البرنو، حتى يقال إنه حج أكثر من ثلاثين سلطانا من سلاطين البرنو، وهكذا ملأت هذه الدولة الفتية المنطقة الإسلامية حركة وبركة، واستطاعت أن تحافظ على أملاكها طوال تلك الفترة، وعندما دخل الاستعمار الأوروبي القارة الإفريقية خلال القرن العشرين- ثلاث جبهات بريطانية وفرنسية وألمانية- سقطت الإمبراطورية العجوز، بعد أن جاهدت طويلًا، ثم قسمت أملاكها بين تلك الدول الثلاث، لكنها تركت للمسلمين تراثًا رائعًا، وصفحات خالدة من التاريخ الإسلامي والحضارة الإسلامية لهذه القارة.

 

 أهم مدن بلاد البرنو:

كاكا:   بكافين بعد كُلّ منها ألف، وهي قاعدة سلطان برنو، وبينها وبين جيمي أربعون ميلًا، سلطان تلك البلاد رجل مسلم، وهو من ولد سيف بن ذي يزن، وأول من بث الإسلام بها الهادي العثماني الذي ادعى أَنَّهُ من أولاد الخليفة عثمان بن عفان، وهي بلاد تكثر فيها الفواكه والرمان والخوخ وقصب السكر.

 كتنسكي:       بكاف مضمومة، وتاء مثناة فوقها ساكن، ونون مكسورة، وسين مهملة ساكنة، وكاف مكسورة، وبعدها ياء مثناة، وهي شرق مدينة كاكا على مسيرة يوم واحد منها، وهي إحدى مدن البرنو التي انفرد القلقشندي بذكرها.

 

أستاذ التاريخ والحضارة الإسلامية

رئيس قسم التاريخ – كلية الآداب

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز