عاجل
الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

حكاية الملك سُومنجورو– كانتيه

د. إسماعيل حامد اسماعيل
د. إسماعيل حامد اسماعيل

يعد هذا الملك من أبرز الحكام في تاريخ مملكة إفريقية قديمة غير مشهورة تقع في في غرب إفريقيا اسمها مملكة الصوصو، ويُطلق اسم الصوصو (السوسو) Kingdom of So-So، وقد يُكتب: Su Su على إحدى الممالـك الإفريقية التي قامت في بلاد السودان الغربـي.



وعلى أي حال فهي ليست من الممالـك الإفريقية الكبرى التي نالت شهرة واسعة كغيرها من باقي الممالـك السودانية الأخرى المعروفة التي كانت قد تأسست في منطقة غرب إفريقيا (بلاد السودان الغربي) مثل: ممالـك غانة (469-600هـ) أو مملكة مالي (596-874هـ) أو "سلطنة صنغي" (777-1000هـ). 

وجغرافيًا تقع "مملكة الصوصو" بالقرب من التخوم الغربية من مملكة مالي، وقد عرفت بذلـك الاسم نسبة إلى الشعب الذي كان يسكن أراضي هذه البلاد، وهو الذي اشتهر بـ"الصوصو". 

وشعب "الصوصو" هم في الغالب فرع من قبيلة "الفولان" (الفولانيين)، كانوا قد هاجروا من بلاد التكرور (في السنغال حاليًا)، ثم كونوا أسرةً حاكمة في إقليم يدعى "كانياجا"، وهو الذي يقع إلى الجنوب من تخوم مملكة غانة (469-600هـ). 

وتُشير بعض المصادر إلى أن شعب الصوصو كان يُعرف أيضًا باسم شعب (الإنكارية) أو "الونكارية"، وغير معروف على وجه التحديد دلالة هذا الاسم، لكن ربما يرتبط باسم شعب "الونقارة". 

وبلاد الصوصو كانت تابعة في بداية أمرها لسلطان ملوك غانا القديمة، غير أن ملوك "الصوصو" تمكنوا من أن يستعيدوا من جديد استقلالهم بعيدًا عن نفوذ ملوك غانا، ثم حكموا بلادهم بشكلٍ مستقل مرة أخرى آواخر القرن الخامس الهجري/ القرن الحادي عشر الميلادي، وذلـك بعد أن ضعفت مملكة غانا، ثم سقوطها بعد ذلك تحت حكم المرابطين الذين فرضوا على الصوصو دفع الجزية منذ سنة 469هـ/ 1076م. 

وتذكر بعض الروايات المحلية أنه في سنة 469هـ/ 1076م وحتى سنة 576هـ/ 1180م، كان شعب الصوصو تحت حكم أسرة ملكية تعتنق الدين الإسلامي، وهذه الأسرة كانت في الغالب من ذوي "الأصول السوننكية" المعروفة، وكان اسم هذه العشيرة (دياري– سو).       وخلال حكم أحد سلاطينهم وكان يدعى "بنـا– بوبو" في حوالي الفترة من (494-514هـ/ 1100-1120م)، ظهرت جماعات من قبيلة الفولاني في تلك المنطقة. 

ومن ناحية أخرى كان بعض الأفراد من أمراء تلك الأسرة التي كانت تحكم هذه البلاد اتخذوا الزوجات من عشيرة محلية تُعرف باسم: "صو" (سو)، وعلى هذا عرف أحفادهم باسم "شعب الصوصو"، ثم اشتهرت هذه البلاد بعد ذلـك بذات الاسم في المصادر التاريخية.

وقد سقط حكمُ هذه الأسرة في حوالي سنة 576هـ/ 1180م على يد أحد المحاربين من أصل ونكري (سركلي)، وكان يدين بالـوثنية، وكان ذلك المحارب ينتمي إلى أسرة من طائفة الحدادين، ويدعى "جارا- كانتيه" Djara Kante.

ثم ارتقى الحكم من بعده حاكم نال شهرة في هذه البلاد، وكان هذا الحاكم الجديد يُعرف بـ(سومنجورو- كانتيه)، وهو الذي أعطى "مملكة الصوصو" أهمية كبيرة في منطقة السودان الغربي، حيث تمكن من ضم عدد من الأقاليم التي كانت تقع في شمال وجنوب بلاد الصوصو، ثم استطاع ملوك بلاد الصوصو بعد ذلـك من هزيمة ملوك غانا المسلمين، ومن ثم اضطهدوهم.

ولعل هذا مما جعل عددًا كبيرًا من سكان مملكة غانا يُجبرون على الهروب من بلادهم، ومن ثم الهجرة بعيدًا إلى بعض المناطق الأُخرى النائية في بلاد السودان الغربي، وكان منها مدينة معروفة في غرب إفريقيا، وهي مدينة ولاتة (بير)، وكان ذلك في حوالي سنة 621هـ/ 1224م، ثم تمكن الملك سومنجورو- كانتيه من هزيمة ملوك دولة مالي.

وتذكر المصادر التاريخية أنه كان قد تمكن من قتل اثني عشر من أبناء ملك مالي، وهو ما يشير إلى مدى قوة مملكة الصوصو، واتساع نفوذهم في ذلك الوقت. 

وبقي حكام بلاد مالي خاضعين لحكم الصوصو حتى تمكن السلطان ماري جاطة (سندياتا) من تكوين جيش قوي، وتقابل مع ملك "الصوصو" في منطقة قرب مجرى نهر النيجر عند بلدة تدعى (كيرينا) سنة 628هـ/ 1230م. 

وانتهت هذه الحرب التي اشتهرت في الروايات التاريخية باسم "معركة كيرينا" بهزيمة ملك الصوصو (سومنجورو– كانتيه).    

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز