عاجل
الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

 مجلة أمريكية تحذر: تدخل واشنطن في هايتي سيؤدى لكارثة

انتقدت مجلة "فورين بوليسي"  الأمريكية الدعوات إلى تدخل الولايات المتحدة عسكريا في هايتي، وذلك بعد اغتيال رئيسها جوفينيل مويس، محذرة من اتخاذ مثل هذه الخطوة التي من شأنها أن تسفر عن "كارثة" أخرى.



ورأت المجلة الأمريكية أن فكرة التدخل الأمريكي في هايتي ستكون مريعة لعدة أسباب. وأضافت أنه "بينما يتخلى الرئيس الأمريكي جو بايدن عن مشروع فاشل لبناء دولة في أفغانستان، فمن المستبعد أن يكون البيت الأبيض حريصا على الدخول في مشروع آخر بمنطقة البحر الكاريبي".

ونقلت "فورين بوليسي" عن مسؤول بارز في الإدارة الأمريكية قوله: "ليس لدى الولايات المتحدة أي خطط لتقديم مساعدة عسكرية في الوقت الحالي"، رغم توقعات بمشاركة مسؤولين من مكتب التحقيقات الفيدرالي ووزارة الأمن الداخلي في التحقيقات.

واستدركت المجلة الأمريكية قائلة إن معظم الأشخاص الذين يناقشون هذا الأمر، يطرحون "السؤال الخطأ" وسط انخراط الولايات المتحدة بشدة في هايتي، مشيرة إلى التساؤل الواجب خلال هذه الفترة والذي ينبغي أن يدور حول "كيفية مساهمة الانخراط الأمريكي، كحد أدنى، في التمهيد للأزمة التي تعصف بها الآن وعما يجب أن تفعله من الآن فصاعدا".

وذكرت بأن أول غزو أمريكي لهايتي كان في عام 1915، وكان سببه اغتيال رئيس تلك الدولة آنذاك، وكان ذلك في وقت كانت الولايات المتحدة تسعى فيه إلى تكثيف طموحاتها العالمية، مستشهدة بانشغال القوات الأمريكية في مطلع القرن العشرين في غزو معظم أمريكا الوسطى والمكسيك وضم الآلاف من جزر المحيط الهادئ، بما في ذلك هاواي والفلبين، بغرض توسيع التجارة والنفوذ السياسي للولايات المتحدة في جميع أنحاء العالم.

وفي عشرينات القرن الماضي، بدأت الولايات المتحدة في توجيه أنظارها صوب هايتي، ثاني أقدم دولة مستقلة في الأمريكيتين وأول دولة تلغي العبودية على مستوى العالم.

ووفقا للمجلة الأمريكية، تجاهلت الولايات المتحدة "مبدأ مونرو" المناهض للتدخل الأوروبي في نصف الكرة الأرضية الغربي، حيث فرضت فرنسا، تحت تهديد السلاح، تعويضات على حكومة هايتي عام 1825، والتي أدت إلى إفلاس الدولة وإرغامها على طلب قروض ضخمة من مصارف فرنسية وألمانية وأمريكية.

وبذريعة ضمان سداد قروض هايتي، وخاصة تلك المقترضة من "سيتي بنك" في نيويورك، داهمت فرقة من مشاة البحرية الأمريكية المصرف المركزي في "بورت أو برنس" في ديسمبر 1914 واستولت على نصف احتياطي الذهب في البلاد، ونقلته إلى "وول ستريت"، بحسب المجلة الأمريكية.

ودفعت هذه الفضيحة رئيس هايتي آنذاك إلى الاستقالة وتسبب نائبه فيلبورن سام في موجة غضب شعبية عارمة تجتاح البلاد بعدما أعرب عن استعداده للتعامل مع الأمريكيين، مما أدى إلى اندلاع حملة تمرد شمال البلاد. وعندما أعدم سام متآمرين ضد مشتبه بهم في بورت أو برنس، طارده أقاربهم الغاضبون إلى مقر المفوضية الفرنسية، وانهالوا عليه بالضرب حتى الموت.

وأشارت "فورين بوليسي" إلى أن الرئيس الأمريكي آنذاك وودرو ويلسون، استغل مقتل سام كذريعة لغزو شامل، بعدما أكد مساعدوه أن السيطرة العسكرية ضرورية لضمان تحقيق السلام والاستقرار والازدهار لشعب هايتي. واحتلت قوات مشاة البحرية الأمريكية هايتي لنحو عقدين.

وأكدت المجلة الأمريكية أن الاحتلال الأمريكي لهايتي لم يحقق الوعود بتحقيق السلام والازدهار، لكنه أنجز أهداف الولايات المتحدة الأساسية من إبعاد النفوذ الأوروبي وتأسيس شركات تصدير أمريكية مربحة وملء خزائن "سيتي بنك" ومصارف أمريكية أخرى وإنشاء دولة تابعة لحماية ممرّ بحري حيوي لقناة بنما المشيّدة حديثا، مشيرة إلى أن الولايات المتحدة استبدلت جيش هايتي بقوات شرطة عسكرية وأعادت فرض العمالة القسرية غير مدفوعة الأجر، تحت تهديد السلاح، لتأسيس نظام يضمن السيطرة العسكرية والتجارية.

ونبهت "فورين بوليسي" إلى تعمد الولايات المتحدة وحلفائها إضعاف حكومات هايتي، لافتة إلى أن سجل الولايات المتحدة في إثارة انقلابات والتخطيط لاغتيال رؤساء أجانب في دول أخرى، دفع البعض إلى التساؤل عن احتمال تورط مسؤولين حكوميين أمريكيين في اغتيال الرئيس مويس.

واستدركت المجلة الأمريكية قائلة إنه ما من دليل يثبت ذلك، لاسيما وأن مويس كان حليفا لواشنطن، مضيفة أنه بالنظر إلى سجل الولايات المتحدة الحافل بالدعم السخي لهايتي، فمن الصعب تصور أن واشنطن تريد رحيل مويس أو تلجأ إلى قتله للإطاحة به من السلطة.

وأفادت بأن ليس هناك أي جهة من الحكومة الأمريكية متورطة بشكل مباشر في اغتيال مويس، لأن الأزمة الحالية في هايتي ولدت من رحم الهيمنة الأمريكية عام 2021، محذرة من أن تعزيز تلك الهيمنة مع مزيد من التدخل المباشر، لاسيما في شكل غزو عسكري أمريكي آخر، لن يؤدي إلا إلى استمرار دورة الكوارث.

واختتمت "فورين بوليسي" تقريرها بالقول إنه مهما كانت الإجابة على التساؤلات المطروحة حول الأزمة الحادة في هايتي، يجب أن ينبع حل الأزمة من داخل هايتي، لا من رجال أعمال تجمعهم علاقات دافئة بزعماء أمريكيين، أو ساسة فاسدين أمضت الولايات المتحدة عقودا في تعزيز مكانتهم.

وأشارت إلى أنه يجب أن يأتي الحل من قلب الأغلبية الهايتية والطبقات الشعبية التي تمثل أول وآخر ضحايا النضال المستمر والذين يتعين عليهم حتمًا لملمة شتات بلادهم بعد ذلك.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز