عاجل
الأربعاء 31 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
البنك الاهلي

الوقود والكهرباء والخبز.. التفاصيل الكاملة لأزمة لبنان الاقتصادية الأسوأ في العصر الحديث

دخلت الأزمة الاقتصادية الحادة التي يتعرض لها لبنان، مرحلة صعبة للغاية، مع فقدان المحروقات من البلاد جراء نقص السيولة النقدية.



 

ولبنان في خضم أزمة مالية يصفها البنك الدولي بأنها إحدى أعمق حالات الكساد في العصر الحديث. وأجبر شح الوقود في الأسابيع الماضية، السائقين على الاصطفاف في طوابير لساعات طويلة أمام محطات الوقود، التي اعتمدت سياسة تقنين حاد في توزيع البنزين والمازوت “الديزل”.

 

وفي محاولة لتدارك الأزمة، استجابت الحكومة لطلب محافظ مصرف لبنان المركزي رياض سلامة المقدم لها، الخميس الماضي، بمنحه أساسا قانونيا لإقراضها بالعملات الأجنبية من الاحتياطيات الإلزامية لتمويل واردات الوقود المدعومة، والتي تلتهم نصف مخصصات الدعم السنوية.

 

ووافق رئيس وزراء حكومة تصريف الأعمال حسان دياب أمس الجمعة على مقترح لتمويل واردات الوقود بسعر صرف 3900 ليرة للدولار بدلا من سعر الصرف السابق البالغ 1500 ليرة، في ظل تفاقم نقص البنزين.

 

وتمثل الاحتياطيات الإلزامية، وهي ودائع بالعملة الصعبة لدى المركزي من البنوك المحلية، نسبة مئوية من ودائع العملاء ولا يُسحب منها عادة إلا في ظروف استثنائية، وبالمسوغ القانوني المناسب.

 

وبلغت احتياطيات لبنان من النقد الأجنبي ما يزيد قليلا عن 15 مليار دولار في مارس الماضي بعد أن كانت عند نحو 30 مليار دولار في نهاية العام 2019. ولم يقدم المركزي تحديثا للرقم منذ ذلك الحين.

 

ويرى محللون وخبراء اقتصاد أنه من المتوقع أن يؤدي سعر الصرف الأقل، الذي يقلص فعليا دعم الوقود، إلى رفع سعر البنزين للمستهلكين، لكنه يسمح للحكومة بتوفير إمدادات من الوقود لفترة أطول.

 

ويقول المستوردون إن شحّ الوقود يعود بشكل رئيسي إلى بطء المركزي في فتح الاعتمادات المطلوبة لاستيراد الوقود على وقع انخفاض الاحتياطي بالدولار وسط الانهيار الاقتصادي المتمادي والشلل السياسي.

 

ويدعم المركزي استيراد الوقود عبر آلية يوفر بموجبها 85 في المئة من القيمة الإجمالية لتكلفة الاستيراد وفق سعر الصرف الرسمي المثبت على 1507 ليرات لكل دولار، بينما يدفع المستوردون المبلغ المتبقي وفق سعر الصرف في السوق السوداء الذي يتجاوز 15 ألفاً.

 

لكن السلطات، بدفع من المركزي، تدرس منذ أشهر ترشيد أو رفع الدعم عن استيراد السلع الرئيسية كالطحين والوقود والأدوية، وبدأت تدريجياً من دون إعلان رسمي رفع الدعم عن سلع عدة.

 

ويربط مسؤولون وخبراء اقتصاد الأزمة الراهنة بعاملين رئيسيين هما لجوء الكثير من التجار إلى عمليات التخزين، إضافة إلى ازدهار التهريب إلى سوريا المجاورة.

 

وتعلن قوى الأمن اللبنانية دوريا عن توقيف متورطين بعمليات تهريب ومداهمة مستودعات تخزن فيها كميات كبيرة من المازوت والبنزين المدعوم.

 

ويغطي برنامج الدعم الحكومي سلعا أساسية مثل القمح والأدوية والوقود وتبلغ تكلفته نحو ستة مليارات دولار سنويا. وقد اُستحدث البرنامج العام الماضي في الوقت الذي تمخضت فيه الأزمة الاقتصادية للبلاد عن ظروف معيشية صعبة.

 

وفي أحدث مسلسل هذه الأزمات، وجد قطاع المخابز في لبنان نفسه أمام خطر التوقف عن العمل، بسبب النقص الحاد في الوقود اللازم لتشغيلها مع تصاعد التحذيرات من نفادها.

 

وقال اتحاد نقابات المخابز والأفران في بيان الجمعة، إن “الأفران والمخابز استنفدت كل الاحتياط لديها من مادة المازوت، وما هو متوافر لا يكفي، ما قد يؤثر على الإنتاج، لاسيما تلك الكبيرة منها التي توزع على كل المناطق اللبنانية”.

 

وأشار كذلك إلى أن المطاحن تعاني أيضا من الأزمة ذاتها. وحذر “جميع المسؤولين من مغبة عدم استدراك الأمر ومعالجته بشكل عاجل لأنه سيؤدي إلى أزمة خبز قسريا”.

 

وتسربت المشكلة قبل أيام إلى قطاع الكهرباء، فقد بدأ أصحاب المولدات الخاصة في مناطق لبنانية عدّة الأربعاء الماضي بإبلاغ مشتركيهم بالتوقف عن تزويدهم بالتيار الكهربائي نتيجة نفاد مخزونهم من المازوت، وسط شحّ في الوقود تشهده البلاد الغارقة في انهيار اقتصادي غير مسبوق.

 

وبحسب ما ذكرته وسائل إعلام محلية، أدّى نضوب المازوت إلى انقطاع الكهرباء عن مبنى إداري تابع لوزارة الخارجية والمغتربين، وتوقف الموظفين عن العمل، ما أثار امتعاض مواطنين تواجدوا في المبنى لإتمام معاملاتهم.

 

وتراجعت تدريجياً قدرة مؤسسة كهرباء لبنان الحكومية على توفير التيار الكهربائي، حيث تصل ساعات التقنين يومياً إلى 22 ساعة.

 

ومع عجز السلطات عن إيجاد حلول إنقاذية تضع حداً للأزمة المتمادية، التي صنّفها البنك الدولي الشهر الحالي على أنّها من بين الثلاث الأسوأ منذ منتصف القرن التاسع عشر، تتجلى أكثر فأكثر تداعيات الانهيار.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز