عاجل
الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

منال خليل تكتب: ( لم أحبه هو ) 

منال خليل
منال خليل

 - سمعت "تالين أديب" صوت الهاتف منادياً بنغمة حبيبة مميزة فانتفضت من مكانها .. لا تعلم أين وضعت هذه القطعة الحديدية اللعينة برسائله التي لا تصلها أبدا كما تتمناها  ..



 بالأمس القريب كان قلبها يتراقص بين الضلوع عند سماع تلك النغمة، علمت أنه هو !!!  .. ذلك الآخر، رفيق الروح …

تذكرها أخيراً بعد غياب آخر وليس بجديد .. تتحسس دقات قلبها، يداها وقدماها كيف لم تتسابق فرحاً وركضاً للرد ككل مرة!!  - كانت تجلس "تالين"  بنفس المكان المقابل لمكان مجلسه المعتاد .. بذلك الفستان المزهر وكأنها زهور ألوانها تأذن بربيع راحل .. مكشوف الصدر والجانب، طويل .. فاردة قدمين صغيرتين بأظافر قصيرة مصبوغة بلون السحاب و كعب وردي يعلوه خلخال ذهبي رفيع..  عطرها المميز ملء الهواء وكأنه يناديه .. شعر  مغسول أشقر طويل لم يجف بعد.. وجه خالٍ المساحيق و التعبيرات.. إلا من ألم جسدي معتاد ، وحيدة.... ربما !!

 - مع فنجان قهوة مقلوب ..كأس ماء وبقية من قطعة شيكولاتة بالنعناع، وفيلم أبيض و أسود منخفض الصوت لا تتابعه!! و قد كانت تجلس "نادين الألفي" صديقة عمر "تالين "  صامتة مربعة القدمين على فوتيه قريب تنظر حائرة لتالين، ماذا تفعل لها ومعها وهي تشرب فنجان النسكافيه بهدوء لتشغل نفسها أثناء شرود تالين لا تريد أن تضغط عليها بالحديث.

 - كان يشغل رأس "تالين" أعباء ومناوشات تخلو منه لأول مرة... ومن عراكها المشاغب ،الدائم معه حباً وعشقاً، بالفترة الأخيرة كانت تراقب تراجع رصيده المستمر بقلبها وعقلها  دون أن يشعر هو ..  تجاوزات إهماله، غيابه، جفاء قلبه وصدء مشاعره تجاه أنوثة، فيها بدأت تختفي خجلاً من عدم احتوائه لها.. وتركها وهو يعلم بأنها تمر بمحنة أصعب  أن تتحملها بمفردها... ولكنه غاب كالمعتاد منه بمبرر ما احتفظ به لنفسه ككل مرة.

 

_ تغالط نفسها وتستعديها عندما تهفو إليه... لربما سلمت أخيرًا بأنه لا يليق بهذا القلب الذي غمره حباً وأغرقه بحضن عظيم ورحيم .. فهو لم يستطع يوما مجاراتها فيه فقط كان يستغرق بالنوم على صدرها وقلبها مرتاحاً كطفل الحب فيه.

 - لطالما عانت معه بجنون أفكاره ورفضه للمشروع وللمقبول والمتاح .... وفرضه عليها فرضياته الخاصة وفقا لمصلحته الخاصة دائما..

 - كانت تالين تعاني من ذلك الشعور المهين الذي ينقله إليها عبر برود أفعاله، أو ردود أفعاله المؤجلة دائما لبعد ميعاد استحقاقها، كرهت إقبالها عليه ورغبتها فيه .. مع كل تسامحها وانتظارها وصبرها عليه .. 

- غلبها شحيح أحاديثه والعطل الدائم الذي يصيبه وقت حتمية إرسال بعض من مشاعر التواصل ...وأخذ القرارات .

عندما شعرت أن أبجديات العشق عنده لن تتعدي يوماً ما .... مرحلة الكراكيب و نكش ترتيب أولوياته ..

أصابها الزهد وجعاً من استجداء غموض وجوده المؤقت والمرهون بأنانية رضاه ... و بين اعتيادها وحدتها دونه وتكرار إختفاءاته .. تسرب الحب منهما زهقاً ... و تجاوزهما عابراً، آخذاً معه الشوق الحاني لرؤيته و كل الحنين المدخر ..

 - كانت "تالين أديب " تحدث نفسها بصوت عالٍ بكل ذلك ... و"نادين" صديقتها صامته تسمع نفس الكلام للمرة الألف وهي تحاول مواساتها و ولكن بالنهايه صرخت تالين  باكيه :

 - لم أعد أحتمل أكثر ... "ساجي" حفر بملامحي  كل مسببات العذاب على مدار عامين وأكثر، أدور بدائرة من الحب والعشق والاحباط وكره الذات لا تنتهي  أنا أحببت روحه .. 

"لم أحبه هو" !!!

ذلك الجسد المادي من شكل ومظاهر وظاهر أفعاله وجبن تصرفاته .. أراها.. وليس لها علاقة بروحي التي أحبت روحه ..التي أصابت قلبي بالعلة والعقم العاطفي عما هو دونه من البشر ... 

- أمس تجسد لي بالمنام يا نادين .. شعرت به بملمس قدمه ... جسده  و رائحته و صوته و كانه حقيقه ..صحوت راضيه فرحه .  وكانه جاء ليكسر حدة الشوق و البعاد 

أعلم أنه لم يحبني بقدر ما أحببته،  لانه لم يحب أحد  قبلا ولا يعرف  كيف يكون الحب ... وأعلم أنه ظالم وهو يعلم أنه ظالم .. ومتوافق جدا  مع مبرراته  وظلمه لي ..ولكني انا من اتعذب ..فيما لا أملك من نفسي وروحي...  كأني أحببته من حيوات سابقة وزمن قبل هذا  الزمن .. و لقاءنا مجرد قدر وتحصيل حاصل وليس بجديد فوجودنا كأنه حتمي وكان قبل العمر بعمر ... 

 - أنعم بعذابي مع ذكرى كل مكان جمعنا معا .. أو طيف صوته ونظرة عينان كاذبتان ... 

 "ساجي" شخصان مختلفان تماما، هو ذاته يتقلب بينهما وكأنه لا يملك زمام نفسه، متردد ومتناقض الأجوبة والمشاعر ... ... أنا عشقت أحدهما والآخر أكرهه .

- نادين: كفي عن هذا العشق العقيم يا تالين ..أنت تختفين فيه، حتى مشاعرك أصبحت مختلطة ..لا تجيبي اتصالاته .... أرجوكي .

( وكان الهاتف يرن تلك الرنة المميزة ثانية)

-  سحبت تالين نفسها، وكأنها مغيبة لا تسمع نادين .... باتجاه الهاتف بنية كتم الصوت و لربما بقايا المشاعر وهي تقاوم ضعفها وكل الحنين...  ولكنه كان قد سبقها... و انطفأ هو الآخر .  

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز