عاجل
الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
زرع الثقافـة.. قراءة إعلامية

زرع الثقافـة.. قراءة إعلامية

يبقى السؤال المتردد يطل برأسه متوجسًا ومعتدًا بذاته رغم غيابه عن الطرح العام لمدة طويلة. ماذا عن دور الصناعات الثقافية والإعلامية المصرية وتأثيرها المحوري في المحيط العربي والإقليمي والدولي؟



 

وكيف يمكن التفاعل الإيجابي فنيا وثقافيا وأدبيا وإعلاميا مع المتغيرات الجارية في عالمنا الآن؟

 

لقد كانت الآداب والفنون ووسائل الإبداع ووسائل الإعلام تتطور في هدوء وببطء وتتجدد بتجدد المجتمعات الغربية والشرقية الحديثة وما بعد الحديثة.

 

أما الإبداع والإعلام المصري والعربي فلا يزال منذ النصف الثاني من القرن العشرين يجتاز المسافات قفزا ويطوي الزمن طيا، فكانت النتيجة هي ضعف الصلة بين المنتجات الإبداعية والإعلامية ذات المحتوى الفكري والجمالي والمنتمية لدعوات التجديد والتطوير، مع الواقع الاجتماعي المصري والعربي، إلى حد كبير.

 

ذلك أن الزرع الإيجابي للتيارات الحديثة الفنية والإبداعية والتعاطي المعاصر مع الأدوات الإعلامية المعاصرة، ربما يبدو أمرا متعارضا مع عملية النمو الطبيعية والتي تحدث ببطء والتي تحتاج لظروف موضوعية عربية/ مصرية حتى يمكن لها أن تنضج وتتوافق مع الاتجاهات الحديثة والمعاصرة.

 

إلا أن أيامنا المعاصرة والتي يمكن أن نصفها بأيام وحدة العالم على صعيد الإبداع والإعلام، وامتزاجهما بمعنى التداخل الملحوظ بين الإنتاج الإعلامي، في عالم اعتمد الصورة والوسائط المتعددة كمدخل أساسي للتواصل والتفاهم وتبادل الخبرات الإنسانية، يمكن أن تدفعنا لإعادة النظر في قدرتنا على ضم المراحل واستيعابها وليس حرقها والقفز عليها، للتواصل مع الأدوار الثقافية والإعلامية المعاصرة في هذا العالم الجديد.

 

وذلك عبر نظرة مرنة لعالم معاصر واحد في وحدته واتصاله المعرفي عبر سرعة وسيولة ولا محدودية وسائل الاتصال الجماهيري، وهو عالم معاصر يعتمد العلم والتقنية والتقدم.

 

وهو يخترق الثقافات ويسعى لدعم الرفاهية، من خلال تحطيم العزلة الاقتصادية للمواطن، وتمكين قوانين السوق لتحل محل العلاقات الاجتماعية التقليدية.

 

في حين أن المنافسة المطلقة العنان للوصول إلى أفضل أسلوب حياة، أدى إلى تراكم عالمي غير مسبوق على صعيد المكتسبات المادية تحتاج لإعادة عادلة لتوزيعها على مختلف المجتمعات.

 

فالإبداع والإعلام في جوهره هو عملية مستمرة من عمليات إنسانية هامة هي عملية زرع الثقافة.

 

-Agri – Culture-

إن المجتمعات المعاصرة قد ألغت الوساطة بين منتج الثقافة والإبداع والإعلام وبين المستهلك، إذ أن المسافة بين الإنتاج والجمهور أصبحت قصيرة ومباشرة، ذلك أن الشفاهية المعاصرة للتكنولوجيا وتقنياتها وسرعتها المذهلة، اختصرت تلك المسافات التي كانت قائمة بين منتجي ومستهلكي المواد الإبداعية والإعلامية.

 

ومما ساهم في حرية حركة تلك المواد الجديدة إبداعيا وإعلاميا، أنها لم تعد تمثل المعنى الرمزي للفنون أو النسق الرمزي التقليدي للإعلام، فهي لم تعد معبرة عن السرديات الكبرى، ولا القضايا الإنسانية الرمزية للمجتمع الحديث، ففي عالم معاصر أصبحت صفة الإنتاج الثقافي والإعلامي ذات طابع انتقائي تتعدد فيه الاختيارات الحرة والتي تصنع لنفسها علامات التمييز الخاصة بها.

 

ويمكنك أن تتأمل معي بهدوء ما يمكن تسميته بالأعمال الأكثر مشاهدة، والأخبار التي تحقق أكبر نسب في المتابعة والتعليقات في مصر والوطن العربي والعالم، فسنجد انها ذات طابع جذاب، أحيانا هي أمور هامة جدا وذات طابع رمزي، وأحيانا هي أمور شديدة الهامشية، البعض يصفها بالتفاهة، وما بين أرق وأجمل الإبداعات القادرة على الانتشار الجماهيري مثل موكب الملوك ومحتواها الثقافي ورمزيته السياسية، وبين أعمال تعتمد على العنف أو الضحك الخشن تنتشر للغاية، وبين أغنيات حفلات الموسيقى العربية من دار الأوبرا المصرية، وبين أغنيات الهامش التي تحقق نجاحا مدويا، بين قصائد الشعر المصري البديع الأكثر تداولا على وسائل التواصل الاجتماعي حتى الآن لصلاح جاهين والأبنودي وصلاح عبد الصبور، وبين كلمات لا معنى لها شديدة الطزاجة والبلاهة.

 

وينطبق الأمر على العديد من المنتجات الإبداعية والاعلامية الاخرى أنه جمهور، انتقائي وجماعات تأويل حرة، وعلينا أن ندرك ذلك جيدا في إنتاجنا الإعلامي والثقافي القادم، في عالم معاصر حجب المسافة بين المنتج والجمهور، وسمح بمساحات كبرى من التلقي الانتقائي في عصر الجماهير الغفيرة المهتمة بكل المتناقضات.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز