عاجل
الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
المتوسطون المصريون .. والدراما التليفزيونية

المتوسطون المصريون .. والدراما التليفزيونية

أصبح الناس يعيشون الآن قسما واضحا من حياتهم افتراضيا، وحضور الدراما التليفزيونية الحاد على الشاشات الفضائية وملحقاتها الرقمية يساهم بوضوح مع الاستخدامات المبتكرة على الشبكة الدولية للمعلومات، فى جعل الكثيرين منا يعيشون حياتهم فى واقع مختلط متعدد الحواس.



 

وتوفر لنا الدراما التليفزيونية الآن المقدرة على محاكاة أحداث الواقع والتلاعب بالشخصيات، وإعادة صياغة التجارب.

 

وتأتى مقدرتها الكبيرة على التأثير فى الأفراد والمجموعات المتعددة من الجمهور من مقدرتها على صنع العوالم الإفتراضية التي تقدم الصور الرمزية التي تدخل إلى النفس وتؤثر على طريقة تفكيرها.

 

أما الأمر الذي يمكن أن يكون غائبا فى الحديث عن مقدرة الدراما التليفزيونية على التأثير، فهو الأمر المتعلق بعيدا عن الإدراك العقلى والعصبى والتأثير فى سلم القيم والأخلاق، وصنع العادات السلوكية الجديدة، هو ذلك التأثير فى الروح الفردية للمتلقى. وبالتالى التأثير الروحانى الجماعى.

 

فالصور الرمزية ذات الطابع متعدد الحواس تخاطب النفس، وتؤثر على الموارد البشرية الهائلة ذات الصلة بالحيوية والإبداع والذكاء والرحمة والحميمية والوعى الموسع والروحانية. ولذلك فالدراما التليفزيونية تساهم فى علاج مسارات، وصناعة مسارات أخرى.

 

وعلى سبيل الإشارة المحسوسة، عندما تتحدث دراما هجمة مرتدة عن التصدى لمشروع إستبدال فلسطين بسيناء، وإعادة توطين أهلنا فى فلسطين بها كحل للصراع العربى الإسرائيلى ورفض الدولة الوطنية لذلك.

 

فهو بمثابة التذكير بالوعى الحاد بالثوابت الوطنية، وإستعادة رمزية لقدرة الفنون على أن تحافظ على الثوابت الوطنية، وهو الدور الجوهرى للفنون والقوة الناعمة المصرية.

 

أما الأمر الذي يحتاج للإنتباه الجاد حتى لا تتسبب الدراما التليفزيونية فى أزمة روحية عميقة، فهو ضرورة النظر لمشكلات وطموح ورغبات وأزمات الطبقة المتوسطة المصرية.

 

الدراما التليفزيونية تتصرف بشكل يحقق التلاعب الواضح بنتائج الحراك الاجتماعى فى مصر، والذي يرى البعض نتيجته على سبيل الخطأ، أن الطبقة المتوسطة المصرية قد خرجت من هذا الحراك، وأنها إنهارت تماما وخرجت من معادلة التأثير فى الحيوية الاجتماعية فى مصر.

 

الطبقة المتوسطة المصرية لا تزال حاضرة بقوة فى مصر، وإن غابت عن معظم العوالم الدرامية الإفتراضية. وبالتالى فعلينا أن نسمع صوتها، صوت الطبقة المتوسطة المصرية وهى تقول نحن حاضرون فى مصر فى عالمنا الواقعي الواضح، والذي تنكره إنكارا حادا العوالم الدرامية الكثيفة. 

 

إننا طبقة عريضة من أساتذة الجامعات والأطباء والمهندسين والمدرسين والمحاسبين والعاملين فى الجهاز الإداري للدولة، والكتاب والصحفيين والتجار والمهنيين وغيرهم. 

 

ونحن تحترم القانون وتحكمنا أخلاق جاءت من الدين والانسانية والرحمة.  لم يملك أحدنا أسلحة نارية فى بيته، ولم نشترك فى مشاجرات الشوارع ونكافح من أجل العيش بكرامة وإحترام. لم نعرف هؤلاء الصياع والمجرمين ولا بائعى المخدرات،  ولا سمعنا ألفاظ خادشة للحياء ومرت علينا كأقوال عادية. 

 

لم نعش فى تلك القصور الفاخرة، وليس لدينا هذه السيارات الفارهة، وليس لدينا فتيات ليل ونهار بهذه الصورة المنفلتة. 

 

نحن هنا المتوسطون جدا بكفاح كريم ولن نسمح بأن نختفى أو نصمت فمصر ليست هكذا، مصر ليست مجتمع منقسم إلى جزئين الاول فاحش الثراء منعدم الأخلاق، والثانى مدقع الفقر خارج على القانون.

 

تلك هى الأزمة الحقيقية المتراكمة لسنوات والمستمرة فى الدراما التليفزيونية وعالمها الافتراضى، وتلاعبها بالنتائج الاجتماعية ورسمها لصور حياة غرائبية، وصنع حالة من حالات الإحباط الروحى العام ضد كل معانى النفس المصرية الممتلئة بالرحمة والدين والقيم والعمل والكفاح والوعى العام والإستقرار الروحى. 

 

إن تلك الصور الرمزية المصورة القادرة على العلاج النفسى للأزمات الاجتماعية يجب إدراك أهميتها ويجب إدراك قدرتها الهائلة على تحقيق الإستقرار الروحى يجب أن ترى الطبقة المتوسطة المصرية نفسها فى الصور الدرامية، ويجب أن تصبح هى الرموز الهامة الحاضرة فى الصور الذهنية التي يضعها المبدعون كما هى حاضرة فى الواقع حرصا على السلام الروحى المجتمعى.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز