مسلسل "ولاد ناس" استعادة الدراما الاجتماعية (1- 3)

انتشرت فى العشر سنوات الماضية توصيف افتراضى أن دراما رمضان التلفزيونية تعرض ضمن "السباق الرمضانى " او "ماراثون الدراما " ربما توصيف سباق اشعل المنافسة ولكن  سباق من ضد من ؟. وعلى ما يبدو ان البعض استساغ استخدام هذا الوصف ، فهل تختلف أدوات وآليات العمل الدرامى الذي يعرض فى رمضان ، عن العمل الدرامى الذي يعرض أثناء شهور السنة، أو الذي يعرض  بالمنصات.

 

 وإذا كان السباق أصبح أمر واقع  فهل نضع الأعمال فى سلة واحدة فلكل عمل هويته وقيمته وهدفه ونجومه ، ومن غير المعقول المفاضلة بين عمل تاريخى وعمل رومانسى مثلا ، ولنعطى كل عمل حقه بموضوعية . ولن نعلق المشانق للممثل ، فقد يجيد الممثل فى تمثيل دوره باتقان بينما لا يعجب جمهوره بقصة المسلسل ، فينصفه جمهوره باعتباره الداعم الاول والآخير وهو من منحه النجومية.

 

اما التاريخ فهو المنصف الصادق للأعمال الدرامية بكافة تنوعاتها لأن معياره يتوقف على استمرارية بقاء تاثير العمل على ذاكرة المشاهد، على سبيل المثال من شهور وجدنا ترند حقيقى غير مأجور لمشهد فرح سنيه من مسلسل "  لن أعيش فى جلباب أبى" والذي مر عليه اربعة وعشرون عاما العمل بطولة الأستاذ العظيم الراحل نور الشريف والذي لم يحصد اثناء عرض لمسلسل ان النجم الافضل لرمضان 1996 .

 

  ولأنى أثق فى مصداقية التاريخ سواء للأعمال أو النجوم واعلم مثل غيرى افتقاد الجمهور لنوعية الأعمال الأجتماعية التي تخاطب الأسرة المصرية وتشتبك مع قضايا اجتماعية وواقعية نتجت من متغيرات العصر، وتربية الأبناء وبالأخص المراهقين ، وأزمة التعليم بالمدارس الخاصة ، والإشكالية الأهم والأخطر هى الأباء والأمهات وعلاقتهم النفسية والتربوية بالابناء . وتم طرح كل ما سبق ذكرة  بمسلسل " ولاد ناس " بوجود المؤلف والمخرج هانى كمال الذي قبل التحدى  ليستعيد الدراما الاجتماعية ويطرح قضية لاول مرة فى الدراما ، غرد "كمال " خارج السرك ، نعم السرك والسرب معا ، السرك الذي يقدم فقرات معتادة نعرف نهايتها من بدايتها ، فقرات السرك قد تضحكنا وقد تبكينا ولكنها لا ترك آثر بحياتنا ، ومع ذلك للسرك رواده .

 

 لذا فان "ولاد ناس " الذي يعرض ضمن أعمال دراما رمضان 2021  سيجد سطور التاريخ فى أستقبالة بترحاب ولهفة العائد من زمن فات وآت ، العمل من انتاج منى قطب وابراهيم حموده ، وبطولة جماعية لنجوم يجسدون نماذج مختلفة لاسر المصرية من بينهم رانيا فريد شوقى ،احمد وفيق ، صبرى فواز ، وفاء صادق ، ايهاب فهمى ، لقاء سويدان ، صفاء الطوخى ، احمد صيام ، بيومى فؤاد ، محمود حجازى ، فريد النقراشى ،  وضيف الشرف ماجد الكدوانى وآخرون ، يالاضافة الى نجوم من الاطفال ومن الوجوه الشابة منهم تيم اسماعيل ،ادهم عبد الله ، جومانة فؤاد ،اميرة اديب ، ادهم وهدان ،نور حمزة ، معتز هشام وأخرون .

 

عصافير وبتروض وحوش   

زحمة وشوش الون رتوش/ أحلام بتنزل على فاشوش / موجة تعدى تغرقك /  صدمة بتيجى تفوقك / ايدين تمد وتلحقك / عصافير وبتروض وحوش ، هذا جزء من كلمات تترالمقدمة كتبت كلمات الاغنية الشاعرة دعاء عبد الوهاب وغناء وتلحين تامر عاشور ، عند مشاهدتى وسماعى للتتر لاول مرة كتبت على ورقى من اوراق مكتبى  هذه الجملة  "عصافير وبتروض وحوش " ثم احسست بالخوف والترقب لبداية الحلقة بعد ان اعاد المطرب جملة " صدمة بتيجى تفوقك ". انها ليس مجرد كلمات غنوة  بل نصا درامى موازى .

 

بداية مآسوية  

  اختارالمؤلف والمخرج هانى كمال بداية ماسوية مؤلمة لاحداث المسلسل وهذه البداية آثرها وتاثيرها موجعحادث مأسوى مشهد انقلاب سيارة اتوبيس مدرسة خاصة ، وقبل انقلاب الاتوبيس قامت مشاجرة عنيفة بين الاولاد بداخل السيارة ، ظلت السيارة تنقلب مع اصوات صراخ الاطفال ، ومع تكرار مشهد الانقلاب تجده ليس فقط مشهد لحادثة تمر مرور الكرام ،  بل انقلاب حياة الجميع ليعيد الكل ترتيب حياته ، جالة اسقاط نفسية فلسفية .  تسبب الحادث فى اصابة 11 طالبا اصابات بالغة ، بينما توفى طفلا وسائق الاتوبيس ، واصابة مشرفة السيارة ، مشهد افرعنى بشكل شخصى لانه اعيد على ذاكرتى رحيل صديقتى بحادثة مشابهة

 

صدمة بتيجى تفوقك

. فكانت اول رسالة يبعثها المؤلف "كمال " بالحلقة الاولى  ان مخطىء من يظن ان حياته تسير كما رسمها وارسها،  من اخفى حقيقته وأخطائه التي فعلها بقصد او بدون قصد ، وصمت عن تجاوزاته بل وصنع لها مبرر ، وسعى واجتهد لدفن اشلاء ماضيه طمعا فى الكتمان والستر ، لابد ان يعلم ان يوما ما يتذكره القدر بحدث جلل وصدمة غير متوقعة ،  تجعلة يتسال هل هذه محنة ام ابتلاء ،  وهل يمكن من الخسائر ان نحقق مكاسب ، فى كلا الحالتين المحنة سوف تكشفت الستار عن المسكوت عنه فى حياة الجميع الاباء والامهات والابناء والمدرسة .

 

 مع قسوة اصابات الاطفال تتشد المواجهات بين الاباء والامهات مع مديرة المدرسة النجمة "صفاء الطوخى " لتحميلها مسؤولية تقصير بالاهتمام بسيارة المدرسة ، وعلى الجانب الاخر الموازى وداخل صالة الطوارىء بالمستشفى بينما تمتلى ارض المسشتفى بدماء الاطفال تتصاعد المواجهات القاسية بين الاباء والامهات وكل منهما يجتهد فى كشف عيوب الآخر ويحمله عدم الدراية باهتمامات ابنه او ابنته خصوصا ان من بين الاطفال شباب فى مرحلة المراهقة ، ومع مشاهد فلاش باك للاطفال يتضح حقائق كم كان الاب بعيدا عن اولاده بحجة انه يعمل من اجل ان يظلوا فى مستوى افضل ، وكم كانت الام مشغولة بامور آخرى، قد يكون لكل منهما عذرا ام مبرر  .

 

 فهل بالفعل يتغير الانسان بعد الصدمة ويندم ويسعى اولا لاصلاح ذاته ، ثم اصلاح ما افسده للآخرين ، ام لا يبالى بالصدمة ويهرب من المواجهة ويظل مكابر ومعاند محافظا على انجازاته الخاصة .

 

نكمل فى المقالة القادمة الحديث عن الابطال والنجوم ومشاهد الماستر سين .