عاجل
السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
مصر بين الدراما السياسية والسياسة الدرامية!

مصر بين الدراما السياسية والسياسة الدرامية!

القاهرة نقطة ارتكاز المنطقة.. والأيام القادمة محسوبة بتوقيتها.. وعلى خصومها مراعاة فروق التوقيت



لأنها نجحت فى توطين صناعة الفن.. حرب إقليمية على الشركة المتحدة

كوارث حتى مطلع الفجر.. (club hose) النصب باسْم الدولة

 

لم أستغرب عودة القاهرة لكى تكون نقطة ارتكاز الشرق الأوسط مجددًا.. لم أتفاجأ بمصر وهى ممسكة بالخيوط السياسية وتمضى استراتيجيتها نافذة بسلاسة وحسم.. دون ضجيج.

باختصار شديد نحن فى عصر مصر وزمنها.. العنفوان لا يمنح بل يبنى.. ومصر شَيّدت عنفوانها على مدار سبع سنوات من العمل الشاق الواثق فى النتائج، لأن معطيات معادلته شريفة.. لا تتآمر على أحد، ولا تضع مصالحها على أسس واهية، ولكن على ثوابت نابعة من رؤية استراتيجية نادرة لمنطقة تاهت معايير صياغتها على مدار عقد من الزمن.

 

بينما تُكتب هذه السطور.. دعنى أقدم قدرًا من مسوغات حديثى بأن مصر هى نقطة ارتكاز الشرق.. فى هذه اللحظة القاهرة وحدها فى منطقتها التي تتمتع بشراكة استراتيجية مع عواصم القرار العالمى (واشنطن. بكين. موسكو).. وهو أمر ليس باليسير تحقيقه، فالتضاد بين هذه العواصم يوضح قيمة المعنى لنجاح القاهرة فى العمل الواضح والقوى مع جميع القوى الدولية، وهو ما يشير إلى استقلالية القرار الوطني المصري.

وبينما تُكتب هذه السطور.. ستجد القاهرة هى العاصمة الوحيدة التي تربط المشرق العربى بمغربه.. من القاهرة نشأت آلية تعاون (مصر. الأردن. العراق)، ومن القاهرة أعلن ضيف مصر العزيز فخامة الرئيس التونسى قيس سعيد أن أمن مصر المائى من أمن تونس الشقيقة، وأن بلاده تتبنى موقف مصر أمام المحافل الدولية.

قالها الرئيس قيس سعيد بشجاعة وجرأة رجل دولة أصبح يدرك ما يحاط بوطنه من مخاطر، وإن كانت الأنظار والأخبار اتجهت إلى تصريحه، وكذلك إلى إعلان أن العام (2021 - 2022) سيكون عنوانه «عام الثقافة المصرية التونسية».. فى حين استقر فى ذهنى إعلان مهم أطلقه السيد الرئيس عبدالفتاح السيسي خلال المؤتمر الصحفى مع نظيره التونسى، جاء فى سياق ما تناولته المباحثات الثنائية، وهو الاتفاق على مواجهة التحديات والتهديدات المشتركة، و(محاولة تقويض الدولة ومؤسساتها).

هذا الإعلان بالغ الأهمية، لأن هذه الجملة تعكس مجالات من التعاون السياسى والاستراتيجى والأمنى بين مصر وتونس.. وعليك هنا أن تعتبرها (خط أحمر) جديدًا رُسم من القاهرة، أو أن الخط الأحمر الذي رسمته فى ليبيا امتد إلى جارة ليبيا المباشرة (تونس).

وبالتالى من المشرق إلى المغرب.. القاهرة هى القلب النابض.. وبالتالى أيضًا.. كان موقف القاهرة الحاسم والواضح فى دعم ومساندة الأردن لمواجهة جميع الأخطار التي فرضتها الأيام الماضية.. لأن مصر لها وجه واحد.. ولهذا فما تعلنه مصر مع الأردن هو ذات المنهج الذي أُعلن تجاه تونس، هو نفس المبدأ فى التعاطى مع الوضع فى ليبيا.. هى الفلسفة ذاتها فى الحرص على عودة العراق للقيام بدوره.. هو الجهد الصامت الذي حفظ سوريا من السقوط الكامل.. هو المبدأ الثابت (مسافة السكة) فى التعبير عن تضافر الأمن القومى المصري بأمن الخليج العربى.

وبينما تُكتب هذه السطور كذلك فإن القاهرة هى يد العون والسند لكى يجتاز السودان فترة إعادة التكوين السياسى، ورسم واقعه الجديد بما يليق بطموح أولاد النيل، بعد سقوط (عبء الكبت) عن السودان وأهله برحيل نظام عمر البشير.

والقاهرة التي تتحرك بدعم وتطوير قدرات جميع دول حوض النيل.. من أوغندا إلى بوروندى والقائمة تطول.. ومصر أصبحت النموذج التنموى الذي يدفع جميع الأشقاء فى القارة إلى ترديد مقولة (فعلتها مصر ونحن أيضًا نستطيع، وإن تعثرنا لن تتركنا مصر).

ولن نسقط أن القاهرة هى العمق الاستراتيجى الآن لدول جنوب أوروبا.. هى العاصمة القابضة على مسيرات الطاقة فى شرق المتوسط، وتستضيف منتدى الغاز، وهى العاصمة التي تمكنت من ضبط أفواج الهجرة غير المشروعة  ولم تبتز جيرانها يومًا بمفاتيح أمنهم مثلما يفعل البعض.

هذا السياق يجعلنا نطمئن.. ونحن نشهد أيام الغليان.. لأن كل قادم سيكون بتوقيت القاهرة.. شاء من شاء وأبى من أبى.

أيام الغليان لا تنطبق فقط على المشهد المباشر فى ملف مياه النيل.. فمن يعتقد أن النيل سيكون أسيرًا محبوسًا تحت رحمته.. فهو غافل.. ومن يظن أن بإمكانه أن يكون بعيدًا عن قدرة مصر فى هذه اللحظة فهو واهم.. ولكن علينا جميعًا أن نعرف ونُذَكّر أنفسَنا، ونُذَكر الآخرين بأن مصر دولة مبادئ.. وأن القدرات المصرية لم تكن يومًا دافعًا لغرور القوة وتهديد الآخرين.. لم يرصد التاريخ المصري قديمه وحديثه أن رفعت مصر سلاحها يومًا إلا على «معتدى».

أيام الغليان تنطبق على المشهد الدولى برمته، الذي ينتظر عاملًا محفزًا لكى ينفجر.. وهى أيام تضع مصداقية منظومة العمل الجماعى الدولى فى اختبار صعب.. وقد تكون آخر اختبارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن.

فما يحدث فى ملف مياه النيل.. إذا مضت إثيوبيا فى منهجها الذي يمثل نسقًا لم تعهده القارة الإفريقية فى حال وقوع المواجهة، تبعات هذه المواجهة ستمتد إلى جميع أركان توازن النظام الدولى الراهن، سواء المنظمة الرئيسية وهى الأمم المتحدة وفى القلب منها الأطراف الرئيسية فى المجتمع الدولى، وبشكل مباشر على الولايات المتحدة وروسيا وبكين ودول الاتحاد الأوروبى.

ولهذا لم تبالغ مصر عندما نجحت بوضع الملف على أچندة مجلس الأمن الدولى فى يونيو 2020 تحت بند «حفظ السلم والأمن الدولى».. فأبسط السيناريوهات يقود إلى أن اشتعال الموقف فى منطقة القرن الإفريقى من شأنه أن يتبعه تأثر مضيق باب المندب.. وإذا تأثر باب المندب.. تأثرت قناة السويس وإذا تأثرت قناة السويس ارتبك العالم.. وإذا ما تأثر باب المندب وقناة السويس.. تغيرت أهمية مضيق هرمز الاستراتيجية.. وإذا ما حدث تغيرت معادلة المواجهة الإقليمية الإيرانية إلى صالح إيران.. ولا نبالغ إذا قلنا إن تصفية الحسابات بين أطراف من خارج الأزمة قد تحضر فى المشهد.. وما يحدث على الحدود الأوكرانية قد يتم تصفيته فى هذه المواجهة التي لا نتمنى حدوثها.

نعم.. مصر صادقة عندما تقول إنها لا تتمنى حدوث هذه المواجهة.. والرئيس السيسي صادق فى قوله وعزمه بأن يكون الحل بالتوصل لاتفاق قانونى ملزم، وألا نصل إلى لحظة المواجهة رغم امتلاكنا للقدرة، بل لا نبالغ بقولنا بتعاظم قدراتنا إلى حد لا يُدركه خصوم مصر.

لماذا؟ لأن مصر تعرف نفسها، وتعرف تاريخها.. مصر تمتلك تاريخًا إنسانيًا عظيمًا فى إفريقيا لا يضاهيها فيه أحد.. ولعل اللحظة مواتية لكى نقول أكثر من ذلك وهو أن لمصر «أيادى بيضاء» فى تعاملها مع قارتها.. ودور مصر فى دعم حرية الشعوب الإفريقية كان سببًا مباشرًا فى تغير وجه الحياة لهذه الشعوب.

وبالتالى مصر لا تريد فتح صفحة أخرى يفرضها غيرها إلى كتابة سطورها، ويدفعها إلى كتابتها.. ولهذا أثمن كثيرًا تصريحات الرئيس السيسي فى قناة السويس قبل أسبوعين.. عندما أعلن بوضوح أن مصر تدرك ما تتركه الحروب من أثر لدى الشعوب.

القاهرة أعلنت أن خيارها المفضل هو التوصل لحل قانونى ملزم.. وأن تظل إفريقيا على عهدها فى العمل الجماعى.. ولكن أيضًا كل الخيارات مفتوحة بالنسبة إليها.. بل إنها تحدد الخيارات ولا تُفرض عليها، لأنها دولة المركز وعاصمة القرار.

 

الدور الوطني للشركة المتحدة ومحاولات الاستهداف الإقليمى

عادة لا أحب الكتابة الصماء المستترة.. لا أميل للكتابة بالرمز والإشارة وترك القارئ للتخمين.. الكتابة موقف ولا يصح أن تترك للقارئ عناء البحث عن موقفك.

مناسبة هذا الحديث مرتبطة بشكل مباشر بانطلاق موسم درامى يُعد هو الأقوى منذ سنوات طويلة.. مؤكد أنه سيخضع للآراء الفنية من قبل النقاد، ولهذا حرصنا على إطلاق «دوري النقاد» فى روزاليوسف.. لأن النقد المحترف فضيلة كبرى علينا الحفاظ عليها ودعمها فى جميع المجالات، وليس فى مجال الأعمال الفنية فقط، ونحن هنا نتعامل بمنهج (نزول النقطة)، وهى الفلسفة التي صكها الأديب العظيم جمال الغيطانى.. بعدم حرق المراحل من أجل الوصول إلى الهدف، والتعاطى مع كل فترة بسياقها المنضبط.

ولكنى لن أتحدث هنا عن الرسالة الفنية، أو حتى الرسالة السياسية التي تحملها الأعمال الدرامية.. سبق أن كتبنا هذا فى العدد السابق حول المحددات الضابطة للعمل الإعلامى والدرامى الآن.

ولكن.. أتحدث عن أهمية الدور الوطني الذي تقوم به الشركة المتحدة الآن فى تحديد بوصلة السلاح الدرامى صاحب التأثير بعيد المدى الذي يتجاوز الحدود.

هذا التأثير الذي نسميه اصطلاحًا بـ (القوة الناعمة).. وكل ما جرى على أرض مصر فى فترة الفوضى كان حصاد تسليم سلاح القوة الناعمة إلى الغير.. تحت مزاعم أثبت الزمن هشاشتها.

كل منتبه يلحظ الآن محاولة استهداف الشركة المتحدة من أطراف إقليمية بأحاديث ناعمة مغلفة.. لا تختلف كثيرًا عن تلك الأحاديث التي سمعناها عند بيع التراث السينمائى المصري، ونسجت كتابات تجميلية من قبل المستفيدين من نوعية أن هذا حفاظ للتراث.. وأن هذه المكتبة «كَمٌّ مُهمَل» سنقوم بإعادة الجودة لها وحفظها.

ثم ماذا حدث؟ أصبحت عناوين قنواتهم تقول: روائع السينما العربية، ولا تقول: روائع السينما المصرية، وهم من يمتلكون الحقوق، ونحن ندفع الثمن الذي يقررونه إذا أردنا إذاعة أعمالنا.

هذه تفاصيل قد تكون بعيدة عن القارئ، ولكنها واقع عليه أن يدركه.. أحاديث ناعمة لا تختلف عن تلك التي خرجت فى تسعينيات القرن الماضى باستقطاب الفنانات وتحجيبهن مقابل برامج دينية، أو مقابل تشويه الفن نفسه والندم على العمل به.

الآن تجرى هذه الصياغة من نفس الدوائر نفسها بحجة استقطاب الإبداع ورعايته، والهدف كسر استراتيجية نجحت الشركة المتحدة فى تحقيقها، وهى أن سلاح الفن المصري يوجه لبناء مصر وثقافتها ووعيها، ويضرب دانات مدافعه فى وجه خصوم الدولة المصرية.

محاولات الاستقطاب الراهنة تعمل على عنصرين، أولهما: أن الفن ليس له وطن، وفى ظنى أن الفنان الذي يرتضى هذه المقولة يهين نفسه كثيرًا.. أما العنصر الثانى فهو استقدام المحبطين من جراء عدم استيعابهم فى السوق، وبالتالى علينا هنا التفرقة بين العنصرين بأن نستوعب المحبطين بما لا يخل بالهدف المطلوب تحقيقه، والتصدى لمن ارتضى عزفًا غير مصري.

ولهذا علينا أن نعى طبيعة هذا الدور الوطني الذي تلعبه الشركة الرائدة.. الأمر أبعد من مجرد إنتاج أعمال كبرى أو ضبط سوق درامية.. ولكنها سند رئيسى فى المشروع الوطني المصري داخليًا وإقليميًا، وتوثيق فنى للمشروع الوطني الذي يقوده الرئيس السيسي.

بعد سنوات طويلة.. سنذهب جميعًا.. ولكن ستبقى هذه الأعمال تروى حكاية وكفاح هذا الشعب من أجل الحفاظ على هذا الوطن.

علينا أن نتذكر أن الفوضى التي ضربت أرض مصر فى تفاعلات يناير مُهّد لها سينمائيًا ودراميًا.. وكل القيم المنحطة قبل أن تشهدها شوارع الخراب صُنعت فى مشاهد.. ولا أبالغ أن البعض تعمد حدوث هذه الفوضى سينمائيًا لهدف سياسى.. صدرت صورة مصر على أنها دولة عشوائية لا تجد قوتها، فضلًا عن مفاهيم شاذة أخلاقيًا، للأسف أصبحت جزءًا من مكتبتنا الدرامية والسينمائية.

زمن الفوضى انتهى، وواهم من يظن أن مصر لم تع الدرس بكل تفاصيله، بما فى ذلك محورية دور صناعة الدراما فى تشكيل وعى المجتمع.

ماذا يحدث فى غرف الفتنة المُغلقة (Club house)؟

لن تعيش بمعزل عن تطبيقات التواصل الاجتماعى فلا يُنكر وجودها.. لأن هذا هو عالم اليوم، وجميعنا جزء منه.. ولكن علينا اكتشافه وأن ننتبه لما يجرى.

.. أحدث هذه التطبيقات ظهر قبل بضعة أسابيع Club house، يعتمد على ثقافة الحكى والبوح غير المقيد ظاهرًا، المحكوم واقعيًا بإتجاهات صناع (الغرف).. كُثُر يدخلون من أجل الاستماع للتسلية.. البعض يدخل لنقاش جاد وإعلان وجهة نظره فى الشأن العام.

قليل يملك المعلومة.. كُثُر يزعمون امتلاكها.. الكل يتحدث من منطلق امتلاك الحقيقة.

ولكن.. وجدت الجماعة الإرهابية ضالتها فى غرف التطبيق.. تروج لخطابها.. تدير ماكينة شائعاتها.. والأخطر هو تمرير مصطلح أنهم يشكلون (المعارضة المصرية فى الخارج)، وتحت هذا العنوان يدخل البعض لمواجهتهم والاشتباك معهم فى الحديث، ولا يعرف أن مجرد تواجده يُمَرّر ضمنيًا هذا المصطلح الكاذب.

ولا تتوقف الخطورة عند هذا الحد، فقد امتدت إلى النصب وادعاء السلطة.. وذلك بعد قيام شخص يدعى (أحمد مدكور)، يُلقب نفسه بالسفير، وهو لا ينتمى إلى وزارة الخارجية أو أى منظمة دولية، حسب بيان الأمم المتحدة الذي نفت فيه صلتها بالمذكور، لكنه من هؤلاء الذين يحصلون على ألقاب من جمعيات بير السلم، التي توزع ألقاب «سفير ومستشار وإعلامى».

قد تكون الظاهرة من فرط تكرارها لم تعد تشكل خبرًا، ولكن عندما يتحدث هذا الشخص مع الناس حول أمور الشأن العام، وينخدع الناس بصفته، ويأخذون حديثه على كونه مستمدًا من صفة وظيفية مرموقة نكون أمام جريمة ليست هينة.

الموضوع بدأ على السوشيال ميديا عندما كان يتحدث هذا الشخص فى إحدى الغرف، وتمت مواجهته بأنه كاذب، ومطالبته بالتوقف عن الكذب، وتصاعد الأمر بقيام الزميل الصحفى محمد الجارحى بتتبع أثر هذا الشخص، وقدّم ما يُشبه التحقيق الاستقصائى حوله، ونشره على مواقع التواصل الاجتماعى.

لتكتشف أن هذا الشخص تمتد كوارثه أيضًا إلى خارج الحدود.. يتحدث مع شخصيات عربية على كونه سفيرًا مصريًا، ويتحدث بشأن قضايا السياسة الخارجية، كما يدّعى أنه قريب من السلطات المصرية، وسيبحث ملفات حقوقية تتعلق بملفات ماثلين أمام العدالة فى قضايا أمنية!!

كل هذا العبث والنصب باسم الدولة يتم فى عالمٍ موازٍ، يستقطب يوميًا مزيدًا من الضيوف تستهويهم حكايات الغرف.. وهذه السطور نضعها بين يد السلطات المختصة.. لأن الأمر يستحق.. وللحديث بقية.

 

من مجلة روزاليوسف

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز