عاجل
الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
السرد الفني والإخباري.. وعلم الإدراك العصبي

السرد الفني والإخباري.. وعلم الإدراك العصبي

يحدث الآن تفكير نقدي جديد في العالم كله. إذ تترسخ فكرة محاولة سد الفجوة بين الفن والعلم من خلال رسم خرائط للطرق المتعددة التي يستجيب بها الدماغ لتلقي الشعر والنثر والفنون.



 

فقد ظل العقل الواعي والعقل الباطن والذاكرة المعرفية والانفعالية للجمهور هو الإطار المرجعي الحاكم في عملية تلقي الفنون.

 

ولكن ومنذ بداية العقد الماضي من القرن الحادي والعشرين تأكدت الدراسات العصبية وعلاقتها بتلقي الفنون، عبر دراسة عمل المخ “الدماغ” أثناء التعرض لعملية تلقي الفنون. وواحدة من تلك الدراسات، حدثت في جامعة إكستر بالمملكة المتحدة.

 

فقد استخدم العلماء أحدث تقنيات “FMRI” التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي، والتي تتيح تصوير نشاط الدماغ التي يتم تنشيطها لمعالجة الأنشطة المختلفة.

 

فقد وجدوا أن الكتابة العاطفية أثارت العديد من مناطق الدماغ التي تستجيب للموسيقى.

 

فقد تم إثبات أن تلك المناطق في الدماغ والتي تتحدد جغرافيتها على الجانب الأيمن منه، هي التي تؤدي إلى "الرعشات أسفل العمود الفقري" الناتجة عن رد فعل عاطفي للموسيقى.

 

وجد الفريق دليلًا على أن الشعر ينشط مناطق الدماغ مثل القشرة الخزامية الخلفية والفص الصدغي الإنسي، والتي تم ربطها بالتأمل الذاتي.

 

فقد تم تشكيل فريق عمل ضم أساتذة في الآداب الإنجليزية مع أساتذة علم الأعصاب، بقيادة طبيب الأعصاب وأستاذ علم الأعصاب الإدراكي آدم زيمان.

 

وتم تصوير عمل أدمغة عدد من المتطوعين عند تعرضهم لسماع الأشعار والمقاطع المحببة لهم من الروايات وعند تعرضهم للموسيقى.

 

وفي هذا قال الاستاذ الدكتور زيمان: "يقول بعض الناس أنه من المستحيل التوفيق بين العلم والفن".

 

لكن تقنية تصوير الدماغ الجديدة تعني أننا نشهد الآن مجموعة متزايدة من الأدلة حول كيفية استجابة الدماغ لتجربة الفن. كانت هذه دراسة أولية. ولكنها كلها جزء من العمل الذي يساعدنا على تكوين فهم نفسي وبيولوجي وتشريحي للفن.

 

وهكذا أصبحت دراسات تلقي الفنون ذات صلة بالعلوم العصبية، وهي صلة تمنح تلك العلوم صفة العلوم المعرفية المرتبطة بعلم النفس وعلم الأعصاب والصحة النفسية والعقلية.

 

هذا وقد امتدت تلك الدراسات لتعمل بشكل تراكمي في جامعة ماكماستر، وهي جامعة بحثية حكومية كندية.

 

ويبرز فيها التعاون الواضح بين كلية العلوم الصحية وكلية العلوم الإنسانية.

 

وواحدة من ثمار ذلك التعاون تلك الدراسة المعنونة بدراسة التصوير بالرنين المغناطيسي، العملية الوظيفية للإنتاج السردي.

 

في إطار تحديد محور داخل الدماغ “المخ” أمكن تسميته محور السرد وهو ذات المركز العصبي المرتبط بالقوة العاطفية للشعر والنشر.

 

إذ يعمل محور السرد داخل المخ بمجرد التعرض للقص أو الحكي أو التصوير أو الصياغة الدرامية "التمثيل" للحكايات والقصص.

 

وقد وجد الباحثون أنه بغض النظر عن نوع الحبكة الدرامية، إلا أن الدماغ ترتبط بشكل واضح بالبطل أو بالشخصية الرئيسية ودوافعه ومعاناته وصراعاته داخل السرد، أو الدراما المتجسدة حية.

 

والمخ يعمل بنفس الطريقة سواء كان السرد بصيغة الماضي كما هو في فن الحكي والروي، أو بضمير الفاعل كما يحدث أمامنا في المسرح والسينما والقصص المصورة والدراما التليفزيونية.

 

فالمتلقي يقوم بالتركيز على الشخصية أو البطل ويتأثر بحالتها العقلية والنفسية مما يؤثر على عمل الدماغ “المخ”، وحدوث نشاط به أمكن إدراجه ورصده ومتابعته عبر علم الإدراك العصبي.

 

وهو الأمر المتصل أيضًا بالأخبار الصحفية وتقارير المواقع الإليكترونية والقصص الإخباري في القنوات التليفزيونية.

 

مثل خبر إنقاذ الصيادين المصريين في المياه غير الإقليمية، أو خبر الجراح الذي نسى مقصًا في أمعاء مريض، أو خبر الاعتداء على طفلة بريئة، أو مشهد يعرض افتتاحا لإنجاز مهم يسعد الناس.

 

كل تلك السرديات تؤثر على المخ وعمله بالنسبة للمتلقي الفرد، والجمهور العام.

 

ولذلك فالمزاج العام للناس وطريقة عمل أدمغتهم مسألة ذات صلة مباشرة بالقصص الإخباري والشعر والسرد والموسيقى والغناء والتصوير والفنون الدرامية.

 

ولهذا يمكن فهم الحالة المزاجية الهادئة والشعور بالبهجة والاستقرار النفسي الذي حدث ليلة وصبيحة مشاهدة المصريين لموكب الملوك المصحوب بموسيقى مصرية قديمة، تم استخدام الربابة والناي المصري فيها في مزج مدهش بالموسيقى الهارمونية، وكيف كان أثر هذا النظام والجمال والإبداع على المشاهدين.

 

ولهذا فالفنون والأخبار والإعلام مصدر مهم لصناعة النشاط العقلي العصبي الإدراكي للشعوب.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز