عاجل
الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
اللهم عافنا من شهوة التـــريند.. قاتل الله التريند!

اللهم عافنا من شهوة التـــريند.. قاتل الله التريند!

قاتل الله التريند. أزمة ضمن أزماتنا تريندات مواقع تواصل خلفت أبطالاً من ورق، وخبراء من فلين. 



منحت مواقع التواصل فرصًا من ذهب، لشخصيات من حديد أحاط بها الصدأ.. طرحت آراءً مضللة.. فى علب مزوقة لتركب التريند. 

أصبحت الأزمات مواسم لاستغلال التريند.. ومواسم لتلبية شهوات زيادة الفولورز. يلعب بعضهم على الأزمات كما لو أنه ليس منا. إن جيت للحق.. ليس منا من تاجر بالأزمات ركوبًا للتريند.. وليس منا من لعب على الحبال وعينه على مزيد من المتابعين. 

قاتل الله التريند مرة ثانية وثالثة ورابعة. اللهم عافنا مما ابتليت به غيرنا من راكبى التريند.

 

سبق واقترب بنا التريند للطريق إلى ستين داهية. سبق وخدعنا التريند، وسبق وضللونا رموز التريند. 

سبق وخدعنا التريند خداعًا كبيرًا.. سبق ولعب بالتريند وبنا أشرار ومرتزقة، فاقتربوا بنا لحدود الهاوية لولا أن ربنا سلم. 

لكن تقول إيه؟ وتقول لمين؟ 

 

(1) 

 

على مواقع التواصل طالبوا بإقالة وزير النقل. للطرافة، أخذت بعضهم الجلالة بمطالبات بإلغاء وزارة النقل! 

كوارث على مواقع التواصل. جرائم ترتكب باسم الرأى وحرية التعبير. خطايا بائنة، من تداعيات حادث قطار الصعيد التي استغلها بعضهم، وصولاً لحكاية دكتور الإعلام إياه الذي خرج مغاضبًا بتلفيقات وقلة أدب، وكلام فى الفاضى وسفالات على الماشى.. وظن أن لن يقدر عليه أحد.. مع أن بعض الظن إثم. 

هل حلول مرفق النقل بميراث أكثر من 60 سنة مشكلات متراكمة فى استقالة وزير النقل؟ افرض استقال كامل الوزير، ثم استقال مليون كامل الوزير بعده.. هل تنقضى مواريث ثقيلة، ومشاكل وأزمات وتعقيدات وتشابكات وتراكمات أكثر من 60 عامًا فى واحد من أكبر وأعقد مرافق خدمات الدولة؟

الإجابة: طبعا لأ.

لدينا مشكلات، هذا صحيح. لدينا أزمات هذا صحيح أيضا، لكن من قال إن الحلول فى التنحى أو فى التخلى. حلول المشكلات فى مواجهتها. التنحى فى الشدائد جبن وصغار وقلة قيمة.. وقلة مسؤولية. 

هذه دولة ورثت تركات ثقيلة من الأزمات فى كل القطاعات ولم تكل. هذه دولة عملت من اليوم الأول على مختلف الأصعدة وفق خطط استراتيجية غير مسبوقة تستهدف تنمية شاملة فى كل القطاعات.

استلم عبدالفتاح السيسي مصر عام 2014 شبه دولة. اقتراب مصر من توصيف الدول الفاشلة عام 2012 كانت ترجمته على أرض الواقع سلطة غائبة، وسطوة قانون مفقودة، وخدمات مهترئة إلى آخر مدى فى كل المرافق، ليس فى مرفق السكك الحديد وحده. 

بدأت خطة استعادة الدولة من 2014، محققة فى أزمنة قياسية، وبلا مبالغة، قفزات على مسارات عدة.. وعلى محاور ثلاثة.. أولها استعادة المكان والمكانة دوليًا وفى الإقليم خارجيًا، واستعادة البشر والحجر وفق إجراءات جذرية داخليًا. 

رصدت الدولة وأنفقت مليارات وفق معادلات الأولويات . استعادة الدولة بعد أعوام طويلة من الاهتراء الخدمى، وبعد لخبطة اجتماعية، وبعد شروخ فى العلاقة بين المؤسسة والمواطن لم يكن متوقعًا تمامه بين ليلة ونهار. 

صحيح قطعت الدولة شوطًا واضحًا على مسارات مختلفة، لكن تبقى التنمية وتيرة مستمرة الأهم فيها الخطة، وفق التمويل المتاح، بالتوازى مع عمل متوازى لحفظ متطلبات 100 مليون مصري، أكثر من 75 % منهم أكثر احتياجًا.

أكثر من 225 مليار جنيه رصدتها الدولة لتطوير مرفق النقل الحيوى على ثلاث مراحل، لكن على مواقع التواصل، لا يعرفون الأرقام، ولا يهتمون بحقائق. عادة ما لا يعرف مدمنى الهرى، إلا الكلام ابن عم حديث.. وهذه أزمة كبرى!

الأرقام لا تكذب، وخطط التنمية فى قطاعات الدولة مطروحة على عشرات المواقع على الإنترنت لمن أراد.. لكن بعضهم لا يريد!

 

(2) 

 

انتهت وزارة النقل من مرحلة التطوير الأولى لمرفق السكك الحديد فى 30 يونيو الماضى. تضمنت تلك المرحلة إعادة إحياء انضباط غائب فى المنظومة، واستعادة أمن مفقود على طول خطوط ثانى أطول سكة حديد فى العالم، وأقدمها.

تأسس ضمن تلك المرحلة معهد وردان لتخريج دفعات مدربة متعلمة للعمل على خطوط القطارات. فى زمن فات، وصلت مراحل الهدر المهنى إلى سائق قطار «يادوب بيفك الخط»!

فى نفس المرحلة، انتهت أعمال تطوير ورش، وصلت بعد 2011 إلى ما يشبه «الخرابات» المقننة المثبوتة فى الدفاتر محطات دعم وصيانة على خلاف الحقيقة. 

خطة التطوير مستمرة، واكتمال منظومة التطوير هو الحل الوحيد لضمان عدم تكرار تلك الحوادث. 

 

(3) 

 

«إهمال أو فساد.. كله هيتحاسب» هذا ما وعد به الرئيس. تعهد رئيس الدولة بأنه لن يفلت مهمل أو مقصر أو متهاون أو متخاذل أو متعمد من الحساب.

نزل رئيس الوزراء، ووزراء الحكومة لموقع حادث سوهاج بعد دقائق من وقوعه. نزول الحكومة بهذا الشكل، وبتلك الطريقة، إشارة واضحة لدولة تعمل بنظام، وبجد وبحزم فى مواجهة مشكلات موجودة، لديها القدرة على حلها. 

هذه دولة توجه، وحكومة تخطط، لكن يبقى ما يمكن تسميته بالمسؤولية المجتمعية للمواطن لتمام اكتمال منظومة التطوير. للمواطن مسؤولية فى مقابل مسؤوليات الدولة. مفترض للمواطن جهد مقابل لجهد المؤسسة. ثقافة المسؤولية الاجتماعية ربما تكون غائبة إلى حد ما لدى بعضهم. وهذه واحدة من مواريث عهود سابقة، تخاذلت فيها الدولة عن بعض مسؤولياتها، فنسى المواطن بالكامل كل مسؤولياته. 

فى الكلام عن التطوير، لا يجب التغاضى عن مسؤولية الموظف فى مكانه، والمواطن فى مجاله. 

هل استقالة كامل الوزير، أو مئات من كامل الوزير هى الحل فى مواجهة لامبالاة سائق قطار أهمل نداءات لاسلكية وتليفونية متتالية تحذيرًا من قطار توقف على نفس الخط؟

طيب.. هل تمنع استقالة 10 وزراء نقل تخاذل سائق قطار قادم بأقصى سرعة من عدم الاستجابة أو الالتفات لسيمافور أصفر فتجاوزه، ثم أحمر فتجاوزه ليصطدم بقطار آخر توقف لأسباب طارئة على نفس السكة؟

ليس تدخلًا فى تحقيقات، ولا هو استباقا للأحداث، كما أنه ليس افتئاتًا على أحد، هى فقط محاولة لبيان عنصر إهمال واضح ظاهر حتى الآن (لو استبعدنا عنصر التخريب المتعمد).

للآن، الإهمال ظاهر، ومتكرر، وملح، وهو فى حادث قطار سوهاج، وحتى الآن، يرقى إلى حد الفساد. 

لن تعمل الدولة وحدها. وفى إطار جهود تنمية مرافق الخدمات، تبقى المسؤولية المجتمعية للموظف عنصرًا أساسيًا من عناصر اكتمال التطوير. المقصود بالمسؤولية المجتمعية للموظف فى مرفق السكة الحديد مثلاً، هو حرصه على مقابلة جهود الدولة.. بمسؤولية وظيفية. 

 

مقصود بالمسؤولية الوظيفية هنا الالتزام بمقتضيات الوظيفة وضوابطها وواجباتها حرصًا على أرواح المواطنين.. وحفاظًا على ممتلكات الدولة. 

ضعف المسؤولية المجتمعية، وتضائل وازع الواجب الوظيفى على مقعد سائق قطار متخاذل تستنزف بالضرورة أى جهود تنمية مهما كانت.

مذيع مشهور بمبدأ خالف تعرف تكلم بعد الحادث عن «حكومة مدللة».. هذا ليس صحيحًا ولا منصفًا. هذا كلام مقصود به ركوب التريند. مرة أخرى، قاتل الله التريند، ومرة ثانية، عافانا الله من شهوات التريند والميسر والآزلام وماذبح على النصب وما أُهل به لغير الله . 

استحكمت لدى بعضهم شهوات التداول على مواقع التواصل بأى كلام. ماذا يمكن أن تسمى اقتران شهوة التداول على مواقع التواصل بنشوة جماهيرية مزيفة استغلالاً لأزمة؟ ولعباً على أوتار آلام الناس؟ 

الحياد فى الأزمات خيانة، فما بالك باستغلال الحوداث إليكترونيًا؟ 

باب التخرصات واسع.. قاتل الله الخراصون، من أول المذيع المشهور، لأخينا دكتور الإعلام إياه. كله صيد فى ماء عكر، لأغراض كانت وأهواء. أذكر عندك سابقة اتهام المذيع المشهور للرئيس الأسبق مبارك بإصدار أوامر قتل المتظاهرين ركوبًا للتريند عام 2011، بينما هو نفسه المذيع الذي نفى أمام المحكمة الاتهامات لمبارك بقتل المتظاهرين ركوبًا للتريند أيضا عام 2015!! 

لو كل طالب تريند ألقمته حجرًا .. لصار الحجر مثقالاً لدينار. 

 

(4) 

 

دخل مرفق السكة الحديد المرحلة الثانية من التطوير، مرة أخرى للتذكرة، رصدت الدولة أكثر من 225 مليار جنيه لتطويره على مستوى الجمهورية. تنتهى المرحلة الثانية بإحلال 110 قطارا جديدا، و300 عربة ركاب، و6 قطارات إسبانى. 

تضمن المرحلة الثانية تطوير إشارات أكبر 3 خطوط بالشبكة، منها خط القاهرة أسوان، يعنى خط الصعيد، يعنى الخط الذي شهد الحادث، وبالتعاون مع أفضل 3 شركات عالمية. 

المفاجأة هى أن حادث سوهاج وقع فى منطقة تم تطويرها بالفعل وتعمل فيها الإشارات أتوماتيكيًا، وأشارت التحقيقات الأولية إلى تجاهل قائد أحد قطارى الحادث للإشارات الأتوماتيكية!

هذا ليس دفاعًا عن أحد، ولا دفاعًا عن وزارة، كما أنها ليست دفوعًا فى صف حكومة، هى فقط محاولة لاستجلاء حقائق حادث اليم حل ببلد يسعى بكل الطرق للتنمية وبأقصى سرعة.

تبقى أحد أهم الحلول لمشكلاتنا فى مواكبة المواطن لجهود الدولة فى التنمية بمسؤولية. تبقى حلولنا فى الحديث عن أزماتنا بلا تضليل، ولا لعب على الحبال.

تبقى حلولنا أيضا فى الوعى، مع الاستمرار فى العمل بدفع مجتمعى.. لا بمحاولات تقطيع هدوم، ولوى أذرع.. وكلام فى غير محله.

حلولنا فى مواجهة الناس بالحقائق والواقع.. لا فى انتهاز بعضهم الفرص بألعاب حواة .. أو فى محاولات آخرين بلبلة البسطاء شوقًا للتريند.

يا أخى.. الله يحرق التريند !

 

من مجلة صباح الخير

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز