عاجل
الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

نشوى سلامة تكتب: ماما

نشوى سلامة
نشوى سلامة

طول ما أنت لسه بتقولي يا ماما فأنتِ لسه صغيرة، جملة قالتها احدى صديقاتي في جلسة ضحك وهزار، إلا أنني توقفت عندها كثيرًا دونما أن أُشعر أحدًا بما دار في نفسي، لقد كانت الجملة بمثابة جرسًا له صوت عالٍ جدًا، انتبهت بَعدهُ بواقع الأمر، انتبهت أنني لم أَعد التي تشعر بالحنان كالصغار حينما ينطقون لفظة ماما، انتبهت أنني كبرت فجأة، وأعلم ذلك ولا أرفضه، ولكنني فقط رافضة كِبَر عُمرى لكوني لا أشعر بمذاق ماما، فلم أعد أناديها منذ رحيلها، منذ أن تركتنا نكبر.



 

وها هو عيد الأم، هذا اليوم الذي يحمل انفعالات متصارعة، بالرغم من أنه ابتهاج الا اننا نبكي، حتى من يتمتع بوجود امه يبكي ولا اعلم لماذا، انا نفسي كنت ابكي كثيرا في هذا اليوم لأن داخلي يحمل انفعالا غريبا، ربما خوفًا من الفقد، ربما خوفًا وظنًا بالتقصير فأبكي خجلا، وربما لا أتحمل دفء ذاك الحضن فأبكي من فرط نشوتي به.

 

ومع ذلك نختصر حقها في يوم وهدية، وأتساءل الآن: ما هو الحال لمن فقد أمه مثلي، كيف سيقضي ذلك اليوم؟ هل سأبكي كلما تغنت فايزة أحمد بشجن صوتها يا رب يخليكي يا أمي، هل ستتسابق دموعي حينما تتبادل نازك ومحمد فوزي وصفها بأحن قلب في الدنيا دي أنت يا أمي؟ ماذا عساني أجعل ذلك اليوم يمر دون دموع، كيف سأفرح بأولادي وهم يحتفون بي دون حزن يختبئ في جفون العين، كلما نظرت حولي اذرفت دمعًا.

 

كيف سأهرب من التجار والمحال وهم يبتهجون لعيد الأم ويعدون طقوسًا خاصة به، وإذا نجحت ماذا سأفعل مع الدعاية والإعلانات في كل مكان لتذكرني بشيء واحد؟ أعلم أن ذلك موسمًا وأن دنيا هؤلاء التجار لن تتوقف عندي، وأنهم سيبتكرون كل الحيل لكي نبتاع منهم بضاعتهم لنقدمها هدايا إلى ينتهي اليوم، وبالرغم منه انه يومًا وسيمر كباقي أيام السنة الا انه بالفعل مؤلم، بالرغم من انني أشعر بالفقد طول الوقت وأشعر بأن الدنيا قد زادت فراغًا من حولي الا ان ذلك اليوم يظل له التأثير الأقوى.

 

ولا أدرى ماذا أقول، ترفقوا بحالنا، أم أقول لا تجعلوا هذا اليوم يمر مرورًا عاديا واجعلوا أمهاتكم ملكات متوجات لأنهن يستحققن ذلك، واجعلونا نشعر معكم اننا لا نزال نحتفل بأمهاتنا اللاتي رحلن عن الدنيا، هل أقول مرروا لنا حلاوة شعور ندائكم للأمهات بكلمة ماما، بل أُلح عليكم بأن امنحوا لنا الفرصة كي نعود صغارًا.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز