عاجل
السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
عيد الأم
البنك الاهلي

دينا توفيق تكتب: يا حواء

حبها غير مشروط.. انها الوحيدة التي تعطى ولا تنتظر أن تأخذ مقابل العطاء، هي الأم التي وضعت حياتها بين يدي أبنائها ودفنت أحلامها في أعماق قلبها ونسجت من أحزانها ثياب فرح كست به أطفالها، وصنعت من حرمانها الشديد إحساس الغنى في نفس وروح أطفالها.. انها الأم التي فقدت الزوج واستكملت المشوار وحدها بقوة وصلابة. وهي الجندي المجهول الذي يسهر الليالي من أجل أن تراعى صحة أطفالها.



 

وكم تصبح الحياة مؤلمة عندما تفقد الأم فلذة كبدها، ومن كان سندا لها في الحياة، في مثل هذا اليوم أتذكر دائما السيدة “سعاد يوسف” التي أفتخر بمعرفتها وأشعر بالراحة كلما تحدثت معها وهي والدة الشهيد “محمد أبو شقرة” ضابط الأمن الوطني الذي دفع حياته منذ 8 سنوات ثمنا من أجل الدفاع عن الوطن.

 

تحكى عنه والدته التي ما زالت تذكر احتفاله بها في عيد الأم، حيث كان عند دخوله الى المنزل يحتضنها ويقبلها على جبينها ويصطحبها الى أفخم المطاعم ويقدم لها الهدية التي اشتراها قائلا لها: هذا كله من خيرك يا أمي.

مازالت والدة الشهيد تبكي على فراقه، فقد كان يملأ حياتها بالبهجة.. لقد أحسنت تلك السيدة تربية ابنها حتى صار من أكفأ 10 ضباط مقاتلين في وزارة الداخلية.. كان شديد الوطنية ونموذجا للرجولة والشهامة...وبالرغم مما تشعر به من حزن، الا أنها تجلس هادئة تمسح دموعها برضا وابتسامة كلما ذكرت اسمه.. فهي تشعر أنه رحل عنها بجسده فقط لكن روحه مازالت باقية، انها تتألم في صمت، فالموت لا يؤلم الأموات ولكنه يؤلم الأحياء.. لقد منح الله تلك السيدة القوة لتتحمل قسوة الحياة.

 

كان لديها حلم أن يكبر ابنها أمامها ليكون عونا لها عند الكبر لكنه تحطم مع أول رصاصة اخترقت قلب الشهيد.

 في كل عيد أم، يلتف الأبناء حول الأم لبث الدفء في قلبها الذي يطير فرحا بمجرد سماع كلمة “كل عام وأنت بخير”..أي عيد يمكن أن يمر عليكى يا أم الشهيد وقد دفنت “كل عام وانت بخير” تحت التراب..أي عيد وقد اكتوى قلبك بنار البعد والحنين؟ اطمئنى يا أمي، فسوف تجدين من يطرق بابك، وإذا كنتي فقدتي ابنا، فكلنا أولادك.. وستظلين دائما مصدر قوة لنا لا ينقطع. أعلم جيدا كم تتألمين، وكم تمر عليكى الليالي طويلة وثقيلة، تستحضرين فيها الذكريات الجميلة، فهي كل ما تبقى لكي.

 

مازالت قدميكى لا تجرؤ أن تخطو خطوة داخل غرفته، حتى متعلقاته الشخصية لم تمسسها يد ومازالت كما هي في مكانها...لا تبكي يا أمي في عيدك.. ويكفيكى فخرا أنك قدمتي لنا من افتدانا بحياته دفاعا عن هذا الوطن.

ان ابنك لم يمت لأن روحه الطاهرة ترفرف حولنا، أعلم أن نيران قلبك لم ولن تهدأ لكن تأكدي أن ذكراه ستظل باقية بيننا.. يا أم الشهيد.. يا من أنجبتى وربيتي في قلب البطل حب الوطن، وحرصتي على تعليمه معنى التضحية، لقد قدمتي لنا يا أمي أعظم درسا في الرضا والصبر، لا أملك الا أن أنحنى لكي يا من جعلت الصبر عنوانا لكل أم ثكلى آمنت بقضاء الله تعالى.. ان حزنك يا أمي شامخا أصيلا لا يضاهيه أي حزن في الأرض.

أتمنى أن يربط الله على قلبك وينزل عليكى السكينة والراحة والطمأنينة.. يا أعظم أم في العالم.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز