عاجل
الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

دينا توفيق تكتب: يا حواء

دينا توفيق
دينا توفيق

ربما كان أسوأ شيء يمكن أن تشعر به “حواء” هو إحساس الفقد، عندما تفقد قلبا كان يحتويها، قلبا كان يطمئنها، قلبا كان يشعرها بالحنان، وليس بالضرورة أن يكون هذا الفقد بوفاة الشخص، بل قد يموت في نظرها وهو على قيد الحياة.. فبعد أن كان وجوده يعنى كل شيء بالنسبة لها، أصبح الآن لا يعنى شيئا.. فالرجل ينجح أحيانا في هدم مكانته بنفسه في قلب “حواء” حتى يأتي اليوم الذي يقف فيه أمامها دون ان تراه لأن صورته التي كانت في مخيلتها قد اختفت تماما، فلم يعد الفارس النبيل الذي كانت تنتظر قدومه ليضيء حياتها.



 

كان بالنسبة لها جذع الشجرة وساقها وأوراقها، وكانت هي ثمارها.. كان قويا في حبه، فالرجال الأقوياء هم أيضا أقوياء في عواطفهم.. لكنك لم تعد كذلك! لقد أخطأت أيها الرجل عندما أخذت “حواء” على أنها أمر مسلم به واعتقدت أنها ستظل باقية مهما تجاهلت مشاعرها، لكنها يا عزيزي وجدت أن البعد عنك أفضل من القرب منك في ظل عدم التقدير.

 

التقيت بسيدة مرهفة الأحاسيس، أم حنونة ولديها موهبة التطريز، كانت تهرب من مشاكلها مع زوجها الى الأعمال اليدوية التي تجيد صنعها...كان يقلل من شأنها في الوقت الذي تنال فيه اعجاب الآخرين.. وبدأت الفجوة تكبر بينهما شيئا فشيئا حتى أصبح الانفصال هو الحل الأمثل إنقاذا لما تبقى منها.

 

وليس هناك امرأة أيها الرجل، تريد هدم بيتها، فهي تحملت كثيرا حفاظا على كيان هذا البيت، لكنك أخطأت عندما اعتقدت أنها ستظل تتحمل للأبد.. فأنت يا عزيزي تجهل تماما حجم الصراع الذي يدور بداخلها، بين عقلها وقلبها قبل أن تقرر الرحيل في النهاية.. وهذا ما قامت به تلك السيدة التي قررت أن ترحل في صمت، فقد أحست أن كل شيء انتهى ولن يعود، رحلت في صمت لأنها لم تجد فائدة من الحديث مع قلب أصم لا يرى سوى نفسه فقط.. رحلت لأنها لم تعد تحتمل كل هذا الألم والعذاب.

فقررت أن تلملم أحاسيسها التي تبعثرت بقربك أيها الرجل.. لتبدأ من جديد حياة لست طرفا فيها.. وتأكد يا عزيزي أن القلوب التي تصبر طويلا وتتنازل كثيرا، ان قررت الرحيل، لن تعود يوما.

 

لقد دهست بقدمك مشاعرها وجعلتها منطوية داخل جدران غرفتها المظلمة تذرف الدمع بسبب تصرفاتك الاستفزازية نحوها، رغم ما كانت تقوم به من أجل الحفاظ عليك.. لكن مسامحتها المتكررة لك وتفضيلك على نفسها في كثير من الأمور، جعلك لا تبالي بمشاعرها بل وتماديت كثيرا في حقها الى حد العبث بكرامتها.. فأدركت “حواء” عندئذ أن البعد قد يكون أجمل.. فهناك عمر آخر ينتظرها لن تكبر أنت معه، وأفراح كثيرة لن تكون أنت سببها.. فلا تترددي يا عزيزتي في الرحيل عندما تكتشفين أن الأشياء حولك لم تعد تشبهك وأن الجدران التي تحيط بك لم تعد تتسع لأحلامك..فأنت لك الحق في الرحيل عندما يقسو عليك المكان الذي كان في الماضي مصدرا للدفء، فأفعال البعض قد تجبرنا أحيانا على الرحيل حتى ان كانوا في يوم ما يعنون لنا الدنيا بأكملها.        

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز