عاجل
الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

أمجد المصري يكتب: مصر والسودان.. وإثيوبيا

أمجد المصري
أمجد المصري

ما زال ملف "سد النهضة" وضمان حقوق مصر العادلة في حصتها المقررة من مياه النيل هي من أهم ما يؤرق الدولة المصرية والشارع المصري في الأسابيع الأخيرة وما زالت الرسائل تتواصل وتتسارع في سباق مع الزمن حتى لا نصل فجأة إلى حالة الأمر الواقع فيصبح الصدام مكلفًا للجميع.



 

خلال الأيام القليلة الماضية وقعت مصر والسودان اتفاقيات عسكرية وأمنية مهمة خلال زيارة الفريق محمد فريد، رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية إلى السودان في الأسبوع الماضي.

 

كما زارت وزيرة الخارجية السودانية، مريم الصادق المهدي، القاهرة، حيث التقت الرئيس السيسي وعقدت جولة مباحثات مع وزير الخارجية المصري سامح شكري لتبادل وجهات النظر حول القضايا المشتركة وفي مقدمتها ملف سد النهضة والتهديدات الإثيوبية.

 

ثم جاءت الزيارة المهمة التي قام بها الرئيس السيسي للخرطوم لتؤكد قوة ومتانة العلاقات بين البلدين الشقيقين ووحدة الرؤى حول هذا الملف الشائك.

 

مصير واحد يجمع أبناء وادي النيل عبر تاريخهم الممتد. ماض وحاضر ومستقبل يربط البلدين في الشمال والجنوب، مهما حدث، وهو ما يستلزم الكثير من التقارب بمثل تلك اللقاءات رفيعة المستوى، عسكريًا وسياسيًا، من أجل الضغط على الجانب الإثيوبي المماطل، الذي أفسد كل جولات التفاوض خلال السنوات الطويلة الفائتة، أملًا في فرض الأمر الواقع وبدء ملء سد النهضة خلال الصيف القادم، وهو ما لن يتم السكوت عنه من قبل الإدارة المصرية أو السودانية، فما زال حق الحياة مكفولًا للجميع ويستحق الذود عنه بشتى الطرق والبدائل التي باتت جميعها واردة ومطروحة أمام متخذي القرار في شطري وادي النيل.

 

لن أضيعكم. هكذا تعهد الرئيس السيسي سابقًا خلال حديثه عن النقص المحتمل في حصة مصر من مياه النيل. واليوم وغدا ما زلنا نثق في وعد الرئيس وانه ما زال يحتفظ بأوراق وبدائل قادرة على حسم الأمور، سواء بالتفاوض الجاد القائم على صيانة المصالح المصرية، أو بغيرها، ولكن ما يعنينا كمواطنين هو الحفاظ على أمننا المائي دون تهديد أو نقص، ولنترك للدولة المصرية وقيادتها ومؤسساتها الوطنية طريقة تنفيذ ذلك، وفقًا لما تقتضيه الظروف، فما زال الأمر شديد التعقيد وما زالت الأزمة متأرجحة بين أطراف دولية وإقليمية عديدة في حوض وادي النيل وخارجه.

 

يجب أن يفهم الجانب الإثيوبي أن الأمر ليس هينًا، ولن يتم التساهل فيه، لا من الحكومات، ولا من الشعوب التي باتت تنتظر حلولًا حاسمة للخروج من تلك الأزمة، التي طال أمدها وحان وقت حلها، فحين يتعلق الأمر بمقوم من أهم مقومات الحياة- وهي المياه- فلا سبيل سوى الدفاع عن حق الأجيال الحالية والقادمة في أن تعيش، وهو ما لن يختلف عليه اثنان في الداخل أو الخارج، فهذا أحد أركان حقوق الإنسان التي يتحدثون عنها ويتغنون بها وبالتالي يصبح الدفاع عن هذا الحق بشتى السبل امرًا مشروعًا ومبررًا، ولا غبار عليه، لا إنسانيًا ولا قانونيًا.

 

من حقنا أن نعيش. ربما هي الرسالة قبل الأخيرة للإدارة الموجودة في الحكم هناك في إثيوبيا، والتي تمادت في العناد طويلًا، من أجل كسب بعض الوقت وتحقيق مكاسب سياسية في الداخل الإثيوبي، ولكن يبدو أن الأمر لم يعد يحتمل هذه المراوغات، فجاء التقارب المصري- السوداني الأخير عسكريًا ودبلوماسيا ليؤكد أننا في قارب واحد حتى النهاية، من أجل مستقبل هذه الشعوب، التي كانت وما زالت تعتمد على مياه النيل في الزراعة وتوفير الغذاء وتحقيق متطلبات الحياة.

 

لن يكون الأمر هينًا فليراجع هؤلاء ومن يدعم مواقفهم جيدًا قبل فوات الأوان، فربما يكون الرد خارج كل التوقعات. هكذا عودنا المصريون حين تتأزم الأمور فتتجلى العبقرية المصرية بأعظم الحلول، ولا تنسوا أننا من حطمنا خط برليف العتيد، واستعدنا الأرض، وانتقمنا للعِرض في ساعات معدودة، حين كان العالم بأسره يشكك في إمكانية تحقيق ذلك.. من حقنا أن نعيش.. حفظ الله مصر ونيلها الطاهر. حفظ الله الوطن.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز