عاجل
الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
هل المسرح وسيلة إعلامية معاصرة!؟

المسرح والاتصال الجماهيري الكبير

هل المسرح وسيلة إعلامية معاصرة!؟

كان المسرح منذ مصر القديمة واليونان القديمة، وظل كذلك طوال التاريخ البشري، هو وسيلة الاتصال الجماهيري الكبرى.



 

لكنه فقد تلك القدرة مع ظهور الصحافة ثم السينما ثم البث الإذاعي والتليفزيوني، والذي أصبح الآن فضائيًا.

 

فقد أثرت الثقافة الرقمية على كافة المجالات الفنية والثقافية والإعلامية، وبات من الضروري الانتباه لتأثيرها الفعال على المسرح المصري.

 

إن تأثير التكنولوجيا الرقمية على الثقافة المعاصرة كان عادة ما تم تلخيصه بالتعريف البارز (الثورة الرقمية.(

 

وقد ظهرت داخل هذا المفهوم وحول هذه المسألة مواقف تمتدح التخصص التكنولوجي، وتناقش جذريا التأثيرات الضمنية الثقافية والفلسفية الناتجة عن ذلك التغير.

 

ومن جهة أخرى يحاول علماء الحاسوب والمهندسون ومعهم أيضا الفلاسفة والفنانون، اقتراح تحليل وافتراضات تأريخية حول هذه الظاهرة.

 

السؤال إذن: هل يمكن تحميل المسرح، والمستهدف هنا هو المسرح المصور في علاقة مع الكاميرا، تصورًا إعلاميًا؟ بمعنى أكثر عملية:

 

هل يمكن استعادة قدرته عبر الدمج التكنولوجي على أن يكون وسيلة اتصال جماهيري واسعة الانتشار؟

 

هناك دائما صراع بين أهداف الفنان وحدود إمكانات التكنولوجيا المتاحة. ولكن الآن وعندما أعطت الثورة الرقمية نظامًا تشفيريًا مشتركًا لكل أشكال الوسائط، فإن التوتر بين الرغبة والقدرة يخضع لنوع جديد من الجدل بين الأخلاقيات والجماليات.

 

وذلك التطور التاريخي في تاريخنا الثقافي يشبه الجدل الشهير الذي طرحه عالم النفس إيريك إيرسكون للنمو الفردي.

 

وفي هذه الحالة فنحن نعكس قول علماء البيولوجيا الكلاسيكية، إن النشوء والارتقاء يلخص ويعيد تطور الكائن الفرد.

 

وبمجرد تحول الصور والأصوات والنصوص إلى الشكل الرقمي، فإن كل شيء ممكن.

 

إن العالم الرقمي بلا حدود، ما يمكن استهدافه إذن هو تلك العروض المسرحية الرقمية ذات المحتوى الإنساني والإعلامي في ذات الوقت، وفي هذا يمكن العودة إلى مشروعات رقمية قائمة ومن أشهرها في هذا الشأن، مشروع تطوير الشخصيات الافتراضية، ومشروع المسرح الافتراضي، ويمكن للمهتم أن يتابع تفاصيلها عبر العودة إلى الموقع الإلكتروني "عن تطوير مشروعات الشخصيات الافتراضية."

 

وقد تميزت مجموعة العمل في هذا المشروع بالتداخل المتميز للعلوم فيها وكان يشارك فيها مبرمجون ومصممون، ومهندسو تحريك والموقع لافت للنظر وهو عن: "مشروع المسرح الافتراضي Virtual theatre في قسم علوم الكمبيوتر لجامعة ستانفورد (كاليفورنيا) Stanford university، وقد قدم المشروع عددا من الأمثلة والنماذج التطبيقية اللافتة للنظر.

 

وليس في ذلك أي تعارض مع ذاتية الفنان، وطاقته الإبداعية، الأمر الجوهري هو استخدام اللغة الفنية الإنسانية المشتركة القادرة على جمع حساسيات متعددة، وجماعات تأويلية مختلفة، والتي تعتمد على لغة فنية يفهمها المتلقي في الداخل المصري والعربي، كما يفهمها الآخر الغربي البعيد القريب، في عالم هو دائرة متصلة من المحتوى الرقمي.

 

هذا وقد سمح انتشار الإنترنت وتحول أجهزة الحاسوب إلى أجهزة نقل إعلامي في منتصف التسعينيات، بإقامة علاقة متداخلة بين العرض المسرحي والأجهزة الجديدة للتكنولوجيا الرقمية.

 

إلا أنه ما زال علينا أن نعرف الوسائل التي من خلالها يمكن للتطور التكنولوجي أن يصبح من جهة تطورًا لغويًا، ومن جهة أخرى منهجا آخر للتمثيل في العالم المعاصر.

 

فما زالت الوسائل المنهجية لعمل ذلك قليلة جدا حتى الآن، وما زالت الحالات المرتبطة بهذا الواقع والمستخدمة لاقتفاء أثر هذا التطور مجزأة، ويصعب من خلالها إنجاز تحليل متكامل.

 

وهو ما يجعل الأمر صعبًا على اتساع العالم الرقمي، إنها وسائل قيد التجربة في العالم كله، ولكنها مساحات مدهشة يجب التفاعل الثقافي المصري الإبداعي معها، لكونها في معظم التقديرات هي بوابات المستقبل.

 

ولكن هذا السؤال عن استخدام المسرح المصري بتلك الطريقة، يطرح سؤالًا عامًا، وعلى المسرح المصري أن يطرحه على نفسه في جميع الأحوال، وهو سؤال عن تعقد العلاقة بين التقنيات الحديثة والمسرح.

 

فالكتابة الدرامية والسينوغرافيا علاوة على انتشار وسائل نقل المعلومات عبر الإنترنت، ووجود المشاهد بالقرب من هذه التفاعلات المتبادلة والتواجد عن بعد، كل هذه المظاهر تؤدي إلى طرح سؤال أساسي عن المسرح المنفصم بين الوجود والظهور، بين الواقع والخيال، بين الحقيقة والوهم.

 

إن غزو التقنيات داخل العرض المسرحي يولد تساؤلات أساسية تتعلق بعلاقة المسرح وارتباطه بما يحيط به.

 

التلاقي بين مجموعة الإمكانيات الحديثة المتوافرة للمسرح، وإبداعات مؤلفيه وممثليه ومخرجيه يؤدي بالقطع إلى تعقيد طرق تناول العروض، بين المسرح والتقنيات الحديثة، تتواجد عندئذ أشكال مسرحية جديدة مهجنة ومصدر هذا الهجين الذي يمكن تسميته بتداخل الأنواع الفنية من لغة الصورة في الفنون التشكيلية إلى لغة الكاميرا المرتبطة بفن السينما، إلى مشهدية المسرح هو المجال الحيوي المفتوح، والذي تحدث فيه تفاعلات عديدة تفتح آفاقا ناشئة لا محدودة.

 

وتلك الآفاق المفتوحة تعيد بلا شك للمسرح إمكانية أن يحصل على مقدرته الطبيعية للتواصل مع الملايين حول العالم وتحرره من محدودية المكان داخل صالة العرض المسرحي.

 

ليصبح وسيلة واسعة المقدرة على الاتصال الجماهيري، كما كان تاريخيًا قبل ظهور السينما، ثم البث الفضائي للتليفزيون، فالعالم الآن يفكر ويعمل على استعادة الجماهيرية الكبيرة للمسرح.

 

وهذه العملية من المنتظر أن تنتج أنواعًا مبتكرة للغاية في فنون الأداء، وعلاقتها بالمحتوى الثقافي والفني والإعلامي.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز