عاجل
الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
 الجيش والمحاذير العشرة للأمن القومى المصرى

كيف ولماذا حكم السيسى مصر

الجيش والمحاذير العشرة للأمن القومى المصرى

لم يفكر (حكم الإخوان) كيف يحلون مشكلة المياه فى مصر، ولم يتفاوضوا مع إثيوبيا ووضع نقاط فوق الحروف لبناء (سد النهضة) الذي سيجور على حق الجارتين مصر والسودان، وانتقاص حصتهما المنصوص عليها فى الاتفاقيات الدولية، فقط عقد الرئيس الإخوانى اجتماعًا علنيًا اعتقد أنه سيسجل موقفه للتاريخ، لكن ما وراء هذا الاجتماع ما هو خفى، لقد فكّر كيف يوصل مياه النيل لإسرائيل، بل عقد اتفاقًا بهذا الخصوص، ولكنه لم يفكر كيف يصون مياه النيل للمصريين، إنها المتاجرة والتقية الإخوانية فى كل المناحى الحياتية وخاصة السياسية والاقتصادية.



 

وتتعقد مفاوضات سد النهضة الإثيوبى والأسباب التي تسوقها قنوات الإخوان تريد إبعاد الجرائم التي ارتكبوها فى حق شعوب وادى النيل من أجل مشروعهم العويل (الأممية والخلافة) على أرض براح، لا يُهم أين تكون ومن يملكها، فقط هم على رأس السلطة ينحرفون بالأمن القومى المصري فيمنحون صكوك استقطاع أراضينا وحدودنا، ومنحها للغير، وحقوق انتفاع لذوي الأطماع، والمقابل أن يكونوا خلفاء.

  فى مثل هذه الأيام من 8 سنوات كان المجلس العسكرى الجديد الذي شُكّل بقيادة وزير الدفاع «عبدالفتاح السيسي» يجتمع يوميًا فى مقر الوزارة بكوبري القبة، يبحث فيما يرتكبه الإخوان من أفعال مخزية فى حق السيادة الوطنية، ونداءات الشعب بالاستغاثة من حكمهم الجائر، وسعيهم لبيع الأراضى المصرية لمن يشترى، وخلص فى تحديد عشرة محاذير يجب أن يعلموها لرئيس الدولة الإخوانى وجماعته، وأن الأمر لم يعد يحتمل السكوت أو الانتظار، إنه ضياع الوطن دون هوادة، وأنه ينتظر (رد فعل الجماعة) خاصة بعد أن توصل وزير الدفاع أن (مرسى) لا يُعطى ردًا أو قرارًا إلا بعد أن يجتمع مع (مكتب الإرشاد)، ويعلن قرار الإخوان (خيرت الشاطر)، الذي يُعطى الأوامر لـ (مرسى العياط) ممثلهم بالرئاسة بإعلانه وتنفيذه، ولذلك أعطى (وزير الدفاع السيسي) محاذير الجيش مما تفعله الجماعة، وتنحرف بالأمن القومى المصري إلى الهاوية، وأن الجيش لن يقف مكتوف اليد على هذه الأفعال. تفتق ذهن القيادات الإخوانية وقالوا لـ(مرسى): قم بمناورة للمجلس العسكرى وقائده السيسى، وأعلن لهم غضبك بأنهم يجتمعون دون مشاركتك معهم كقائد أعلى للجيش، وأنك أنت الآخر تريد استفسارًا منهم لهذه الاجتماعات مثلما يطلبون تفسيرًا منا لما نفعله من بيع واتفاقيات تخص الأراضى المصرية.

وفى تمام الساعة الرابعة يوم 13 أبريل، وكان موافقًا يوم خميس، اتصل (مُرسى) بوزير الدفاع (السيسي) وأبلغه أنه يُريد أن يجتمع مع المجلس العسكرى فى قصر الرئاسة (الاتحادية)، ولكن وزير الدفاع رد عليه بأن المجلس العسكرى لا ينتقل بكامل هيئته خارج مقر الوزارة، وأنه إذا أراد الاجتماع بهم فإنهم بانتظاره فى أى وقت، بالطبع فشلت المحاولة الإخوانية فى حضور مكتب الإرشاد بكامل أعضائه مع المجلس العسكرى بكامل هيئته، وهنا بدأ الإخوان يعدون الأقاويل التي يجب أن يحملها مرسى، ويرددها على مسامع المجلس العسكرى كببغاء ناقل لرأى الجماعة.

ذهب (مرسى) فى السابعة مساء هذا اليوم إلى كوبري القبة، السبب الظاهر أنه غاضب، لأن المجلس يجتمع بدونه، لكن السبب الحقيقى هو ما طلبه (صندوق النقد الدولى) الذي طلب منه حكم الإخوان (قرضًا)، فقال لهم صراحة: قوموا بإزالة الخلافات الجوهرية بينكم، ممثلو السلطة من ناحية، والشعب والجيش من ناحية أخرى، لكى ينظر الصندوق فى أمر القرض من عدمه.

استغرق الاجتماع أربع ساعات بالضبط، وبدأ بعد وصول مرسى بربع ساعة، وانتهى فى الحادية عشرة والربع ليلًا، قبل هذا الاجتماع بأسبوع ذهب وزير الدفاع إلى (مرسى الإخوانى)، ونقل له أيضًا غضب المجلس العسكرى بكامل هيئته من الأمور التي تمس الأمن القومى المصري، وأيضًا تمس قادة الجيش السابقين والحاليين، وقدم السيسي مذكرة بترقية (قادة القوات إلى رتبة الفريق) لأنه لا يجوز حسب الأعراف العسكرية أن يستمروا دون ترقيتهم، التي كان يجب أن تتم خلال شهرين على الأكثر من توليهم القيادة، على الجانب الآخر أعرب (مرسى) عن ما لقّنه له مكتب الإرشاد بشأن اجتماع المجلس العسكرى دون وجوده وهو القائد الأعلى للمجلس، ورد عليه (السيسي) بأن هذه الاجتماعات مُصَغَّرة، تُناقَش فيها أمور المؤسسة العسكرية داخليًّا، وأحداث لها تداعيات على وضع الجيش ومهامه، وهذا يدخل تحت اختصاصات القائد العام أى (السيسي)، الذي بدوره قال لـ(مرسى) أن يقوم بالاجتماع مع المجلس العسكرى وقتما يشاء، ولكن المجلس لا ينتقل إلى أى مكان بكامل هيئته، لأن اللائحة المنظمة له تنص على أن تكون الاجتماعات داخل المقر المُخصص له، وأن يأتى له من يشاء حتى لو كان رئيس المجلس.

كان لدى المجلس العسكرى عشرة موضوعات مهمة، ويريد وضع النقاط فوق الحروف بخصوصها، وتقديم تفسيرات من مرسى وجماعته لما يحدث فى مصر، ومعرفة الأسباب التي دفعتهم إلى:

1- اتفاق الأمريكان مع الإخوان بضرورة توصيل مياه النيل لإسرائيل من أوغندا عبر سيناء.

2- السعى فى إقامة إمارة إسلامية (جنوب وشرق وغرب مصر) وتحريفهم للأمن القومى المصري والتفريط فى الحدود.

3- التحديات الداخلية والخارجية التي تواجه الجيش من جراء أفعال الجماعة لوضع مصر بين قوسين، أحدهما (سُنّى)، والآخر (شيعى)، والقلق الذي يلازم الحدود من الدول المحيطة، التي لا ينظر الرئيس والحكومة إليها، وهى قنابل موقوتة، فمن الشرق (حماس وإسرائيل)، والغرب (ليبيا وتشاد ومالى)، والجنوب (السودان واليمن والصومال وإريتريا وإثيوبيا).

4- القلق على قناة السويس، وأنه يجب أخذ رأى الجيش فى أى مشروع من أى نوع يقام بالقرب منها أو عليها.

5- أن التقارب مع إيران يعنى أننا معها فى خندق واحد يُطلق عليه المجتمع الدولى (محور الشر).

6- الجيش ليس طرفًا فى العملية السياسية الداخلية، ولا يُعطى رأيه فى الأحداث بشأنها، ولكن مهامه حماية الأمن القومى، وكل ما يمسه داخليًا وخارجيًا.

7- الجيش جزء من المشهد السياسى الداخلى، ولكنه لا ينخرط فيه، فقط يُراقب حتى لا يتم الجور على حق الشعب الذي يمنح الجيش شرعيته فى الدفاع عنه. 

8- لن نقبل بأى ميليشيات من أى نوع، ولن يقف الجيش مكتوف الأيدى أمام أى حماقة سياسية تُدخِله فى صراع غير محسوب، أو يُدفع له دفعًا لأى سبب كان، وواجبه حماية الشرعية التي يريدها الشعب وتعنيه فقط. 

9- لن يقبل الجيش بأى حال من الأحوال الإساءة إلى القادة العسكريين السابقين والحاليين. 

10- يجب أن يعرف الجيش فى أى دائرة تسير السياسة الخارجية لمصر، مع الوضع فى الاعتبار أن هناك دولًا عربية تهم مصر، وهى الظهير القوى للأمن القومى العربى مثل (السعودية - الإمارات - الكويت)، ولا يجب أن يكون بيننا وبينهم مشاكل من أى نوع. كان ذهاب (مرسى) بمفرده أمرًا ضروريًا، فالمجلس العسكرى تنظيمه وتشكيله لا يقبل انضمام مستشارين، أو متحدثين للرئيس لحضور مثل هذه الاجتماعات، وأنها عملية تقع فى النطاق العسكرى فقط، وعلى (مُرسى) الإجابة على (محاذير) المجلس العسكرى (العشر) التي وضعوها أمامه وطلبوا منه التوضيح الفورى عليها، كانت الجماعة لا يعنيها الأمن القومى المصري والذي تحُدده مجموعة من الجهات، وليس رئيس الدولة فقط، مثل (الدفاع الوطني، مجلس الأمن الوطني، المخابرات العامة، وقد يتطلب وجود الداخلية فى بعض قضايا الأمن القومى)، وفى ظل تخبط السياسة الخارجية التي كانت متبعة فى حكم الإخوان، فلا نعلم أى الدوائر الأولى لمصر وقتها هل الإفريقية، العربية، الأوروبية، الإسلامية؟ ولا توجد وزارة خارجية مُفَعّلة، ولديها محددات استراتيجية بأولويات التوجه، وعدم الالتباس فى العلاقات مع دول ربما تسبب توريطًا لمصر فى التصنيف معها، وأن الحدود الغربية والشرقية والجنوبية للبلاد التي تصفها الجماعة بأنها صحراوية لا فائدة منها، وتريد أن تتنازل عنها للغير، إنها فعليًا مسارح عمليات عسكرية، والجيش موجود ومتمركز فيها لحماية حدود البلاد، التي تُعَبِّر عن السيادة الوطنية فى ما تملكه الدولة من أراض تقع تحت سيطرتها، وفى نطاقها الجغرافى.

كان حكم الإخوان لا يهمه (حدود) ولكن (وجود) الجماعة، وهو ما استغلته أمريكا لتحقق أمن حليفتها الأولى والمُدَلّلة (إسرائيل)، وهذا ما لمسه وزير الدفاع (السيسي) من مقابلته مع وزير الخارجية الأمريكى (جون كيرى)، والتي كانت قبل أسبوع من اجتماع مرسى والمجلس العسكرى، ويومها ذكر كيرى أن ما يُهِمّ أمريكا ليس أمنها القومى فقط.. ولكن أمن حليفتها إسرائيل جنبًا إلى جنب، ولذا كانت واشنطن ترى فى الحكم الإخوانى العصا الذهبية التي ستأتى بالطموحات التوسعية لإسرائيل فى المنطقة، وأولها الاستيلاء على سيناء، ويتم إقامة إمارة إسلامية لحماس على جزء منها، وتكون البعبع الإرهابى للمنطقة العربية ككل، والجزء الآخر وهو السياحة تنعم به إسرائيل بعد أن استرددناها منها فى 73، وكانت الخطة جاهزة، وقيد التنفيذ، وقبض الإخوان ثمنها نقدًا، واتفقوا مع (البشير الإخوانى) على إعطائه حلايب وشلاتين وهى مناطق مصرية %100، ومنح الميليشيات الليبية الصحراء الغربية لتدريب الجيش الإرهابى الحر الذي تموله.

 كل هذه المحاذير التي وضعها الجيش على الطاولة أمام (الرئيس الإخوانى) هى التي تضع أمامنا الآن الإجابة على دعاوى إعلام الإخوان الذي يريد أن يدارى على تنازلاته المخزية للأراضى المصرية والتفريط فى حدودنا ومقدراتنا وانحرافهم بالأمن القومى مقابل حفنة دولارات، والاعتراف الأمريكى والأوروبى بأمميتهم وخلافاتهم الوهمية، فيتقَوّلون كذبًا وادعاءً وافتراءً.

من مجلة روزاليوسف

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز