عاجل
الثلاثاء 30 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

الأزهر الشريف من عالمية الرواق إلى الاتحادات الإفريقية

الأزهر الشريف منارة للعلوم
الأزهر الشريف منارة للعلوم

لعب الأزهر الشريف دورًا كبيرًا في مكافحة الإرهاب في القارة السمراء، وهو دور يختلف عن كثير من المنظمات الدولية، وكانت العقود الماضية قد شهدت إرسال البعثات والقوافل الدينية وكذلك توفير المنح للدارسين لنشر الدين الإسلامي، ونشر ثقافة الوسطية، ومحاربة العنصرية والتمييز، ومكافحة التطرف والإرهاب.



 

وتعد إفريقيا هي العمق الاستراتيجي لمصر، وتستمد دول القارة قوتها من مصر، كونها صاحبة الريادة والبوابة الرئيسية لإفريقيا، وأزهرها الشريف قوتها الناعمة في نشر الحضارة والدين الإسلامي. 

 

فالأزهر جامعًا وجامعة له دوره العظيم في مد يد العون للقارة السمراء منذ قرون كثيرة، وكان له أثره في نشر ثقافة تكريم الإنسان رافضًا تجارة الرقيق والعبيد التي عانت منها القارة كثيرًا، ونابذًا لكل أشكال العنصرية والتطرف والإرهاب، وعمل الأزهر بمثابة نبراس التقدم والثقافة والانفتاح وخرجت منه الكثير من الحركات الإصلاحية، مثل المهدية في السودان، والسنوسية في ليبيا، وتعددت أروقة الأفارقة في الجامع الأزهر الشريف، مثل أروقة الدارفورية، والمغاربية، والبربر... إلخ.

 

 

وفي إطار اهتمام جامعة الأزهر بفتح نوافذ ثقافية وحضارية في إفريقيا، تم اختيارها لتكون المقر الإقليمي لاتحاد جامعات شمال إفريقيا، فالأزهر في قلب إفريقيا دومًا وأبدًا، بداية من تخريج العلماء الأفارقة وتقديم المنح الدراسية وإيفاد البعثات التعليمية والقوافل الدعوية والدعاة والأئمة. 

 

 

وفي إطار تفعيل تلك العلاقات تم عقد المؤتمر الدولي لمؤسسات التعليم العالي بجامعة الأزهر عام 2019 بالتعاون مع اتحاد الجامعات الإفريقية، والذي يعقده الاتحاد كل عامين، كما شاركت الجامعة في تنظيم الأولمبياد الأول لاتحاد الجامعات الإفريقية خلال مارس 2019. 

 

 

وفي إطار هذه الانطلاقة الجغرافية وباعتبار الجامعة نموذجًا لتقديم الحضارة الإسلامية بكافة صورها وأشكالها، كان لا بد من تشجيع السياحة الدينية في مصر أرض الحضارات والأنبياء، أرض المعابد والكنائس والمساجد، كما يجب وضع خطة لتعزيز دور الأزهر لمكافحة الإرهاب في إفريقيا على كافة المستويات الجغرافية. 

_ دول شمال إفريقيا وتشمل مصر وليبيا وتونس والجزائر والمغرب ودولتي السودان وجنوب السودان. 

_ دول حوض النيل والاتجاه نحو الجنوب وتعميق البعد الاستراتيجي الأمني لمصر والتعليم الأزهري في دول حوض النيل. 

 _ دول شرق إفريقيا وأهمية تفعيل العلاقات لحفظ أمن مصر من ناحية البحر الأحمر.  _ دول وسط وغرب إفريقيا وتفعيل العلاقات التجارية والنقل متعدد الوسائط عبر الدول الحبيسة. 

 

 

واستهداف الأزهر الوصول للمناطق النائية في إفريقيا لنشر الدين الإسلامي واللغة العربية ونشر الثقافة الجغرافية لتلك الدول من خلال تدريس مقررات جغرافية للقارة الإفريقية ودول حوض النيل في كليات الدعوة والدراسات الإسلامية، وأقسام اللغات الإفريقية، وكذلك نشر الثقافة الجغرافية من خلال دورات تدريبية للدعاة. 

 

 

وكذا مساهمة اتحاد دول شمال إفريقيا ومؤسسات التعليم العالي في حل الكثير من المشكلات التي تعاني منها تلك الدول الإفريقية، وتناول قضايا مهمة مثل الجفاف والتصحر والتنمية المستدامة والمرأة، وتلبية احتياجات المسلمين التعليمية والدينية في الجهات النائية.

 

 

وأيضًا المساهمة في تدريس اللغة العربية في الجامعات الإفريقية، وتدريس اللغات الإفريقية في الأزهر، وهي موجودة بالفعل في قسم اللغات الإفريقية مثل لغة السواحيلية والهوسا والأمهرية وكذلك الأمازيغية، وأيضا تفعيل دور الترجمة لكتب التراث والحضارة الإسلامية والتفسير للغات الإفريقية. 

 

 

ومن الضروري تفعيل علاقات الاتحاد مع معظم الجهات والمؤسسات الخاصة بالقارة ومراكز البحوث والجمعيات والسفارات ولجان الشؤون الإفريقية، ومراكز الثقافة وكلية الدراسات الإفريقية والبنك الإفريقي للتنمية، ومفوضية الاتحاد الإفريقي والمنظمات الاقتصادية. 

 

 

مع ضرورة وجود لجان من داخل الاتحاد للاهتمام بالقضايا التنموية المستدامة، وبحث أوجه التعاون والتكامل الاقتصادي والتجاري، وقضايا التنمية البشرية والاجتماعية، والشباب والبطالة والفقر والهجرة غير الشرعية، والمساواة وعدم العنصرية، وذلك من خلال المؤتمرات والندوات والبروتوكولات العلمية بين الجامعات والمنظمات التي تهدف إلى إبعاد الفكر الصهيوني عن التدخل في تلك الدول، والتواصل العلمي والثقافي مع الشعوب.

 

 

وفي إطار الحرص الزائد من مؤسسة الأزهر تم افتتاح مرصد الأزهر لمكافحة التطرف في ٣ يونيو ٢٠١٥ ليكون عين الأزهر الناظرة إلى العالم، وتنحصر مهامه الرئيسية في مكافحة التطرف ومتابعة أحوال المسلمين من أرجاء العالم، ودعم القضية الفلسطينية، ومساندة الأزمات والقضايا الإنسانية، كما يشارك المرصد في المنتديات الدولية، ومنها المنتدى الدولي للحرية الدينية أو المعتقد. 

 

 

كما يصدر المرصد مجلة (مرصد) لنشر كافة القضايا المتعلقة بمكافحة التطرف، وتوجد به وحدات رصد اللغات التي تصل إلى ١٢ لغة، ومهمتها نشر الأخبار والتقارير والمقالات المتعلقة بالإرهاب، كما توجد به وحدة رصد اللغات الإفريقية، ويقوم المرصد بتسجيل الوثائق ورصد الانتهاكات، كما يقوم بالرد على خطابات الجماعات الإرهابية التي تدعو للتحريض، ويناقش بعض الاتفاقيات الخاصة في مجال مكافحة الإرهاب، ويقوم بعرضها والإشادة بدور الدول الرائدة في مجال الإرهاب، ومن مهام المرصد أيضًا الرد على الهيئات والمنظمات والأحزاب اليمينية المتطرفة والرد عليهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، والردود على بعض الهاشتاجات التي تصدرها بعض الدول مثل هاشتاج (أوقفوا الأسلمة). 

 

 

كما رد على بعض الأحزاب ومنها حزب فوكس اليميني المتطرف على موقع تويتر لنشاطه العدائي ضد الإسلام، والتحريض الدائم على كراهية المسلمين لتحقيق مكاسب انتخابية، وهو الأمر الذي لا يشكل انتهاكًا لمعايير مواقع التواصل الاجتماعي فقط، وإنما يعد خرقًا للقوانين والأعراف الدولية ومبادئ حقوق الإنسان.

 

 

ومن مهام المرصد أيضًا إطلاق المبادرات والحملات مثل حملة مرصد الأزهر.. حمايتهم واجب عليك.. لتوعية الأسرة وكذلك تحليل الخطابات الإعلامية لبعض التنظيمات الإرهابية، وفى عام ٢٠٢٠ قام المرصد بقراءة في الخطاب الإعلامي لتنظيم داعش، وحلل أساليبه القائمة على البروباجاندا والتحريض وخطاب اليوتوبيا، وهو خطاب المظلومية، واتخاذ صفة الشرعية واستخدام بروباجاندا الدمج على تهيئة المؤيدين وتطبيعهم وشرح طرقهم، خاصة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، والتي يصفها بأنها أبواق إعلامية، وكذلك استخدامهم لتطبيق Hoop وإنشاء قنوات خاصة للتنظيم. ويتبع المرصد كافة السياسات والطرق الحديثة لمكافحة الإرهاب بلغاته المختلفة.

 

كما يقوم بإصدار التقارير المهمة المتعلقة بالإرهاب، مثل تقرير الاختطاف ظاهرة مقلقة تخدم أجندة الإرهاب في إفريقيا، كما يؤكد مرصد الأزهر لمكافحة التطرف أن عمليات الاختطاف التي تقوم بها الجماعات الإرهابية من أجل الحصول على الفدية وأخذ الرهائن يعد جريمة نكراء ولا تقرها الأديان السماوية والأعراف والمواثيق والمعاهدات الدولية، كما رصدت ذلك وزارة الخارجية في تقريرها الوطني الصادر عام ٢٠٢٠. 

 

 

ويفتح المرصد بابه للزيارات من قبل المنظمات الدولية، مثل منظمة شباب المتوسط، وأصدر في عام ٢٠٢٠ عدد ٥٣٨٨ تقريرًا دوليًا، و٣٦ كتابًا ودراسة، و٩٣ حملة توعية بـ١٢ لغة، و٦١٤ تقريرًا ومقالًا باللغة العربية واللغات الأجنبية. 

 

 

ويشارك المرصد عبر وسائل التواصل الاجتماعي المقالات والتقارير المهمة التي تسهم في نشر ثقافة مواجهة التطرف في كل مكان، وكذلك ينشر بعض القوانين الخاصة بالدول، والتي تعد ضمن الانتهاكات، مثل قانون شرعنة المستوطنات في فلسطين والمعروف بقانون كيمنتس الذي صدر عام 2017، وسمح ببناء اليهود للمستوطنات، وسمح بهدم المنازل الخاصة بالفلسطينيين الغائبين، وهو القانون الذي تم إلغاؤه في يناير 2021.

 

وعلى المستوى الإفريقي ففي المرصد توجد وحدة اللغات الإفريقية، فضلًا على نشر المقالات والتقارير الخاصة بالجماعات الإرهابية في إفريقيا.   

 

- أستاذ الجغرافيا الاقتصادية المساعد

كلية الدراسات الإنسانية – جامعة الأزهر

عضو مجلس إدارة الجمعية العلمية العربية للنقل  

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز