هشام شوقي يكتب: «السياحة».. زيارة افتراضية مدفوعة في زمن كورونا
صنعت أزمة كورونا خطوطا فاصلة ما بين مرحلة ما قبل انتشار الجائحة وما تلاها من تأثيرات عنيفة على مختلف القطاعات، و في القلب منها قطاع «السفر والسياحة» وأكثر من 70 صناعة مرتبطة بعمله، اليوم أصبح علي العالم أن يدرك ان فرص المستقبل أصبحت مرتبطة بالعمل عن بعد، وعلي الدول أن تدرك أنها تملك كنوز عدة يمكن استغلالها عبر الوسائط الإلكترونية و تحقيق عوائد مادية، وهو الأمر الذي انتبه له بعض صناع السياحة في الولايات المتحدة، وأوربا من خلال محاولة تحقيق عوائد للقطاع السياحي في ظل الجائحة.
منذ يناير، تتيح دارة «جرايسلاند» في الولايات المتحدة التي كان يقيم فيها المغني الراحل «إلفيس بريسلي»، زيارات سياحية بإشراف المرشدة المتخصصة «أنجي مارتشي» التي تعرّف الزوار على أسرار المكان على مدى ساعتين في مقابل مئة دولار للشخص الواحد.
بينما نظم متحف متروبوليتان زيارات مدفوعة في يونيو الماضي، وقد نظم بين يوليو و ديسمبر 116 زيارة افتراضية لأكثر من 2800 زائر في المجموع، وتكلّف الزيارة ثلاثمئة دولار لكل مجموعة تتكون من 40 شخصا بالغا كحد أقصى، و200 دولار لمجموعات الطلبة.
وهنا سؤال يطرح نفسه ماذا لو اتاحت دولة بحجم مصر و تاريخها العريق و ما تملكه من تراث ثقافي كبير علي غرار كنوز مقبرة توت عنخ آمون للزيارات الافتراضية المدفوعة ؟ ماذا لو اتيحت تلك الزيارات إلي المعابد المصرية في الأقصر أو للمقاصد الأثرية في قاهرة المعز مقارنة بالنموذجين السابقين ، ماذا عن النتائج التي يمكن ان تترتب علي ذلك ايضا من اتاحة الفرص لعمل المرشدين السياحيين من خلال المنزل و توفير فرص عمل لهم.
أعتقد أن الأمر ليس ببعيد المنال خاصة و ان مصر تملك علي المستوي التقني خبرات بشرية كبيرة ، و يمكن بناء منصات من جانب الدولة و القطاع الخاص لتسويق المقاصد الأثرية ، بينما يحقق ذلك الطرح أيضا فرص كبيرة لتقديم صورة ذهنية ايجابية عن المقصد السياحي المصري.
أعتقد أن الأمر يحتاج إلي انتباه صناع القرار السياحي بالقطاعين الحكومي و الخاص ، إلي المنتج السياحي الإلكتروني ، و دراسة الأمر بشكل علمي و الاستفادة من تجارب دول سبقت إلي ذلك التوجه ، فالتحول الرقمي لا يقف عند منصات التواصل الاجتماعي فقط ، فهي مجرد وسيط ، و هو وسيط يحقق أرباح نتيجة للخدمات التي يقدمها للمستخدمين.
نملك محتوى كبيرا من المقتنيات التي لا تقدر بثمن ، وما تزال مصر حبلى بالعديد من كنوز الأجداد التي لم يشاهدها أحد بعد، ماذا لو تم إتاحة الاكتشافات الأثرية الجديدة من خلال الزيارات الافتراضية المدفوعة؟ نحن في حاجة إلي طرح الملف للدراسة والفحص بشكل يضمن اعادة جزء مهم من القطاع السياحي إلي الحياة.