الثلاثاء 23 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

قبائل الصنغي

قبائل الصنغي
قبائل الصنغي

تُعد قبائل الصنغي من القبائل ذات الأهمية البالغة في منطقة السودان الغربي، والتي ارتبط تاريخها بنشر العقيدة الإسلامية، وقد استقرت حول حوض نهر النيجر الأوسط، واتخذت من المنطقة الواقعة بين مدن جني وتنبكت وجاو موطنًا لها، وكانت تحف السهول الخضراء بالمنطقة، وتنمو بها الحشائش التي يعتمد عليها الرعاة في تغذية ماشيتهم.

 

وقد امتهنت قبائل الصنغي صيد الأسماك وزراعة الدخن، كما عمل بعضهم في الأنشطة الحرفية، وتكون شعب الصنغي من قبيلتين هما: السوروكو أو سادة المياه، وهم المشتغلون بحرفة صيد الأسماك الذين عاشوا في تنقل على ضفتي نهر النيجر بحكم حرفتهم، كما عملوا في كل الحرف المرتبطة بالنهر فصنعوا القوارب والزوارق، واستعملوا هذه القوارب في الصيد، ونقل الناس والسلع عبر نهر النيجر.

 

 

كما عُرفت القبيلة الثانية بقبيلة الجابيبي أو سادة الأرض، وهم المشتغلين بالزراعة، وقد استغلوا الأرض الخصبة المجاورة للنهر في الزراعة، وعاشت هذه القبائل في إقليم دندي وبدأت في الانتشار شمالًا حتى مدينة تنبكت، وأسس هذا الشعب مملكة مزدهرة عاصمتها جاو.

 

 

وقد مرت هذه المملكة بأطوار القوة والضعف طوال تاريخها الذي يرجع إلى حوالي القرن الأول الهجري/ السابع الميلادي، وأسست مملكة بعد توحيد جزء كبير من بلاد السودان الغربي، وأقامت حضارة مزدهرة منذ القرن التاسع الهجري/ الخامس عشر الميلادي.

 

 

وقد تتابع على حكم صنغي 4 أسر حاكمة، أما الأسرة الأولى فإن أقدم ما يُعرف عنها أن عاصمة مملكة صنغي في عهد هذه الأسرة بداية القرن الرابع الميلادي كانت مدينة كوكيا على نهر النيجر، وكان شعب الصنغي في بدايات تاريخه وثنيَّا تجمع حول نهر النيجر في 3 مجموعات متناحرة، هي: السوركو Soroko))، أي: صيادو السمك وغوي (Gwai) وهم القناصون، والفري (Alfari) وهم المزارعون، ويُطلق عليهم أيضًا: غاب غوي كي (Gabi Goy Kai) أي: الأيدي العاملة أو الممتهنين للمهن التي تحتاج إلى قوة بدنية، وقد تبادلت هذه الجماعات الثلاث حكم الأسرة الأولى في كوكيا عاصمة صنغي، وكانت مشهورة ومزدهرة.

 

 

وبعد أن توحدت هذه الجماعات الثلاث انتقل إليها سلطان صنغي، وذلك بعد هجرة أفراد من الصنغي متجهة إلى الغرب، فاستقروا في دندي ثم في كوكيا، ثم في جاو، وقد امتدت مملكة صنغي فترة حكم هذه الأسرة إلى حوض نهر النيجر الأوسط عند ثنيته الشمالية، وانتهى حكمها في القرن الأول الهجري/ السابع الميلادي، وعلى أي حال لم تكن هذه الأسرة في شكل أسرة حاكمة بمفهومها المتعارف عليه من حيث استقرار الحكم، وإنما كانت عبارة عن نظام قبلي تنتقل السلطة والحكم فيه إلى القبيلة التي لها القوة والغلبة.  

 

 

أما الأسرة الثانية التي حكمت صنغي، فهي أسرة زوا أو الأزواء، وقد عاصرت بداية انتشار الإسلام، عندما أسلم أحد ملوكها، وهو الملك الخامس عشر ويُدعى: زاكسي، ويقال له في لغتهم: مسلم دام، أي: أسلم طوعًا بلا إكراه، وذلك في (سنة 400هـ/ 1009م)، وقد بلغ عدد ملوك هذه الأسرة واحدًا وثلاثين ملكًا، أسلم منهم سبعة عشر ملكًا، وقد مات منهم على الوثنية أربعة عشر ملكًا، كما ذكرهم السعيدي.

 

 

وبعد انتهاء عهد أسرة زوا، بدأت أسرة جديدة، هي أسرة سني، ومؤسسها علي كولن وأخوه سليمان نار أبناء الملك زاياسبي آخر ملوك صنغي قبل آل سني، أي أن هذه الأسرة تُعد امتدادًا أيضًا لأسرة الأزواء، ومن أشهر ملوكها سني علي الذي حكم صنغي في الفترة ما بين (869-898هـ/ 1464-1492م)، والذي بلغ حكمه حوالى ثمانية وعشرين عامًا استطاع خلالها أن يحول صنغي من إمارة صغيرة إلى مملكة مزدهرة تتحكم في مناطق السودان الغربي، امتدادًا من المحيط الأطلنطي غربًا وإمارات الهوسا شرقًا، ووسط الصحراء شمالًا وبلاد الموشى جنوبًا، واستمر حكم هذه الأسرة حتى عام (898هـ/ 1492م)، وذلك حين خرج أحد قادة سني على متولي العرش، ويدعى محمد بن أبي بكر التوري على سني بارو، ونجح في القضاء عليه، وسيطر على أملاك مملكة صنغي، ولقب نفسه بالأسكيا، وأسس أسرة جديدة حكمت صنغي، وهي الأسرة الرابعة المعروفة بأسرة أسكيا، ومؤسسها أسكيا الحاج محمد الكبير (898-935هـ/ 1493- 1528م)، ودام حكم هذه الأسرة نحو قرن من الزمن، حتى قضى عليها الغزو المغربي (عام 1000هـ/ 1591م).

 

مدرس التاريخ والحضارة الإسلامية – جامعة الأزهر  

تم نسخ الرابط