عاجل
الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

سارة فؤاد تكتب: وصايا وحيد حامد

سارة فؤاد
سارة فؤاد

وصايا وحيد حامد "معايير النقد الفني لا تخصع إلى معايير النقد الأخلاقي " وسؤال ماذا بعد ؟! 



 

كيف كان ليحب وحيد حامد أن نفتقده ، ظله مازال ممسكاً بإفشاء سر ثلاث كلمات "الصدق" "الإخلاص" و " التحايل على الرقابة" ! إنما أجمل أفعال الفقد أن نحفظ وصاياه ، وأن نستكمل مسيرة الوعي التي شغلته ضد التسلط واستبداد رأس المال وإرهاب المتطرفين والبيروقراطية، نتلمس جرح الشارع المصري في أفلامه ونتمسك بخوض المعركة ضد أخونة أو تسليف الفكر وكان هذا أشد ما يكره ويناهض فقال مرة " التيار الديني هو اللي جرجرنا إلى التخلف" . 

 

سالت دموع الكثيرين من جيلي وحتى جيل الحداثة لدى سماع خبر وفاة "وحيد حامد" فهو أخطر حواة القوة الناعمة، وهو الفنان والفلاح المحب لمصر وأهم من ساهم في تكوين الوعي لجيل الثمانينات والتسعينات فقد تربينا وتشكلنا على أفلامه. جلست مع شخصياته التي ظلت تقترب و تنبض بالحياة أكثر فأكثر خاصة بعد ذهاب المؤلف . منح السينما والمسرح والإذاعة ما يدق الطبول من قلوب الشارع في قصص وحالات بعينها تعبر عن تكوينات المجتمع المصري وتفاعلاته ، كأنهم يحملون الأجراس على بوابات الوعي لتنفتح على المسكوت عنه وتقرأ الشارع البسيط وتتأهب لما سيحدث له مستقبلاً.

 

كنت مع "طائر الليل الحزين" والذي يسعى لإثبات براءته و"البرئ" الجندي الذي قتلته معرفة أن الدم على يده هو لبرئ آخر يشبهه ، والصحفي "عادل عيسى" المتطلع إلى ميزان العدالة  والذي يواجه"الغول" وحده ، و"الإرهابي" الذي قُتِل برصاص أفراد الجماعةوهو حالة كادت أن تمتثل إلى الشفاء من التطرف حين جرب العيش في أوساط عائلية نظيفة ولكن  القتل كتب نهايته ليتضح أنه صناعة وضحية المجتمع بأكمله باليأس والإحباط والأحلام المحطمة.و"المنسي" البعيد كل البعد عن زيف أصحاب رأس المال إلى حدود اللامبالاة بمعرفة ذلك، ولكن قطار الفرص يفوته حد نسيان الذات وحد الركون إلى جوار الأحلام بامتثال تام، ومن فيلم "الوعد" خرج الشاب القاتل المأجور الذي ينقلب على السحراوي الزعيم المتسلط صاحب رأس المال والسطوة والذي يسخر كل شيء من القتلة حتى عناصر من الأمن لصالح خدمته وكأنه ينتسب إلى الآلهة ويطال ضحاياه، وفي النهاية يخرج له البطل ليتحداه ويوقع به و يجحد الآلهة ويهدم جبروت الأباطرة. 

 

شخصياته المصرية التي وقفت أمامي في بانوراما عارية عن المساومة على وجودها رافضة للموت ، فعرفتُ المظلوم والإرهابي والمحارب والهلفوت والحالم والمتنور والساذج والراقصة التي تشبه السياسي في نقاط مشتركة والمهمش ومعالي الوزير وآخر الرجال المحترمين في صرخة مجتمع تسوده العبثية يحاول تذكر إنسانيته كناية عن آخر أيام الحضارة .

 

وقفت جميع شخصيات وحيد حامد تتسلم العزاء عنه . لتحمل الشفرات وتكمل الطريق تلك الشخصيات، لم يكن وحيد يقدس الأشخاص أو يخضع لفكر مؤسسي عميل برغم ما أشيع عنه من شائعات تشي وشاية كاذبة بأنه" كاتب النظام" من جهة فئات الحاقدين ومن جهة كل مسؤول أسقط وحيد عنه ورقة التوت  وأيضا من الموالين للإخوان وهم زمرة أعدائه هنا وهناك ، ولكنه كان يتسم بالمرونة والدهاء وتطوير أدواته فيجيد التحدث باللغة المستترة الأنسب لإثارة القضايا الأهم، كما أنه أجاد التنويع والتجديد في موضوعاته حتى في اختياره لفريق العمل كل مرة!

 

 ولطالما مهد لمحاورة الجهات الرقابية تارة وتحديها تارة أخرى لضمان توصيل الرسائل المراد إرسالها إلى الجمهور المصري حتى وإن تطلب الأمر عقد المفاوضات ربما مع سلطات النظام السابق  بأقصى قدر ممكن من مساحة التعبير الممنوحة له والتي أحب التحايل عليها بفن وحرفية ولا يقدر على ذلك إلا الفنان الحقيقي.

 

وذكر مرات أن أشد محاولات المنع كانت مع "البرئ" و"الغول" و"الراقصة والسياسي" ومسرحيته "جحا يحكم المدينة" دائما كان فوران الغضب يحوم بينه وبين بعض المسؤولين والساسة بسبب أفلامه فلم يكن يربي النوايا الخائفة في مشواره الفني ولم يكن ذاتياً كل همه أن يجعل من وحيد حامد" وحيد أوحد" في أوساط المؤلفين أو كتاب السيناريو، هذا غير صحيح بل كان يعلي من قيمة العمل الفني والسينما على حساب ذاته، ولذلك أراد أن يترك أجيالا من المبدعين ونقل نصائحه إلى تلاميذه من كتاب السيناريو فلم يبخل بمعلومة ولم يرد أحداً بسؤال ، أراد أن يصنع مدرسته ،فالمجتمع الصحي كان في نظر وحيد لا يهتز بالقلق على سيرة ذاتية ولا يقدس مكانة بل يناهض من ينفرد بالسلطة ويتجبر بأي شيء يملكه، ومجتمع الفن أيضاً الذي سعى إلى خلقه وحيد حامد لا يكتفي بالدموع والطواف حول سيرة "وحيد حامد" وحسب بل يخلق بدائله! ويترك العنان للخيال و الأقلام والأفكار والفن الحقيقي الهادف  ويخلق العمل ، وحيد حامد بدوره تتلمذ على يد العديد من الكبار ولكن خلق شخصيته الواحدة وابرز أساتذته نجيب محفوظ ويوسف إدريس. هم من علموه شريعة الفن ولكنه أدرك أن الحقيقة الوحيدة هي العمل وإعلاء قيمة الإنسان ،وتلك هي أمانة آخر الرجال المحترمين بالتأكيد! 

 

ومن وصاياه العودة إلى قدرة الإستحسان الإنساني للذوق العام الذي تتفق عليه البديهة، فقد كان يحزنه في إشارة منه أمام الإعلامي "شريف عامر" في برنامج "يحدث في مصر" ما وصل إليه ذوق الشارع المصري من ذوق فاسد وقبيح يتجلى في موسيقاه الحديثة التي تدعى "المهرجانات" بما تحمله من فوضى وضوضاء مطالباً القانون بالتحرك لحل الازمة خوفاً من التغافل عن تفاقم المشكلات إذا تأخرت الحلول! 

 

أشار في حديثه إلى إحدى الصحف منذ أعوام أن السينما والفن يحكمهما الاستسهال ،وكان يقلقه أن كل شيء صار ظاهرة سريعة لا تتحرى الصدق أو الإتقان "والصدق كلمة متكررة في مفردات وحيد حامد". 

 

رأى في تقلص المشاهد الخارجية التي تنفذ في العراء والطبيعة والواقع اندثاراً لأشياء جميلة، كان قلقا وهو يصرح بأن العمل الفني والمشاهد الثمثيلية صارت تنفذ في الاستديوهات والأماكن المغلقة، كما أن المخرجين يتعاملون مع المشاهد الجماعية والتي تتضمن تجمهراً لأعداد غفيرة بالحذف والاختزال، فأبسط حل يساور بعض المخرجين هو الحذف لأي مشهد قد يكلفه عدداً كبيراً من الكومبارس خاصة بعد كورونا . قال في تصريحاته لإحدى الصحف منذ سنوات أن ورش السيناريو خطر عليه حيث تلتهم المبدعين وتخرج كتاباً غير مخلصين للفن.. فقد كان من أنصار البحث عن الموهبة وعن المخلصين للفن وحده ، كافح من أجل إعلاء القيم الفنية و القضايا التي تتجاذب انتباه المؤسسات والشارع المصري لها . كلمة الإخلاص ، هي المفردة بمثابة المفتاح عنده، والمعنى السحري الذي ظل يعول عليه" وحيد حامد" فلطالما لازمته كلمة الإخلاص في لقاءاته وندواته ومناقشاته، أحب الفضاء المفتوح والمساحة التي تجعله يتنفس ويكتب.. "يوسف إدريس أشار إليه : بص وراك. شايف ايه؟ مستقبلك هنا في الدراما" وكان خلفه ينتصب مبنى ماسبيرو! قال عنه  الناقد الفني طارق الشناوي صاحب كتاب "الفلاح الفصيح" : لم يكتب سوى ما يقتنع به! لم يدع يوما أنه يملك الحقيقة. يملك الكلمة والموقف ويعبر عنهما بقلمه! 

 

هل لنا أن نعبر النفق الذي تراجعنا إليه! هل لنا أن نتصاعد إلى فضاء الحرية الذي حلق إليه وحيد حامد.. هل مازال بالإمكان مهادنة الفن النظيف وإعلاء القيم الإنسانية  وهل يكفي الحزن المؤقت على رحيل كل عظيم لدينا؟ هل نحن أهل للحزن؟! هل نملك أدوات تليق لرسم الفقد الذي لا ينتهي. لإتمام ما لا ينتهي. لننتقل من خانة الفراغ الذي أصبح مخدعاً إلى أن نعاود التعبير عن كل آلام المجتمع، قبل وفاته كان يتحدث عن الصدق و الإخلاص كرموز للوصايا الأخيرة، فقراءة المجتمع والعيش في زحامه ورؤيته كما هو تحتاج إلى مس من الواقعية مع الخيال . فقد امتلك الراحل وحيد حامد تلك الخاصية التي تجعله غير مبالغ في تقدير ذاته أو تقدير قضاياه دؤوبا مستمرا في مساره.

 

هل بيننا في هذا الزمن الذي يغير ملامحه مخلص ذو منطلقات وفاعل للفن الهادف ، فنزاهة الافتقاد ليست في البكاء  وحده والخسارة وحدها، بل بدعم صفوف المبدعين الجدد الذين يعولون على الذاكرة الفنية وما تعلمناه و السماح لهم بالخلق والتعايش مع الواقع بجرأة الفنون وحريتها.  لنحافظ على هوية مصر الحقيقية، كان ذلك هو الأمل الوحيد ل "وحيد حامد"  على الدوام. فمفردات الإخلاص والصدق والافتقاد ،  تقاس بالكيف وليس الكم! 

 

صمم على تحرير الفن من المعيار الأخلاقي أو من أي تطويع يستعبد الكلمة ف "النص الكتابي الفني" في الأصل حر كالطائر  يعتمد على فنيات عناصر التكوين والإسقاط والإيحاء والضوء والحركة والمعنى ولا يحكمه تيار معين ولا يغير خواصه شيء. بل إن الفن هو الذي يغير خواص المجتمع والأفراد وتلك وظيفته الأصلية وماعدا ذلك هراء، أما الكتابة فتتنزه عن المزايدات والمناظرات السلفية ولا تأتي على حساب جدية العمل. النص فوق التعديل لدى وحيد حامد ، فالنص هو الآمر الناهي تعلو كلماته على الجميع وعلى مؤدي وصانع العمل وليس العكس لأنه الأبقى في النهاية . فكيف يكون الإخلاص إلى الكلمة إن كانت تُنتَهك بالحذف أو التعديل أو الإجهاز عليها وإخفاء معالمها ومغزاها؟! .

 

وفي لقاء مع وائل الإبراشي صرح بما معناه أن فريق العمل الذي يتضافر ليجسد النص الفني ،وجب عليه أن يتحول لأدوات لخدمة النص وليس إلى كهنة تمارس الإملاء على النص المطروح أمامهم، وذلك يسري فوق الكاتب ومؤلف العمل نفسه، على الفنان أن يخرج من ذاته وكيانه الشخصي لينتج العمل الذي يمتلك خصوصيته ومسلكه الخاص به، ومن يجد في نفسه الحرج لتأدية دور ما لجرأة الدور أو لرسالة معينة يخشاها الممثل، فمن الأفضل أن يترك الممثل هذا العمل بدلاً من تقطيعه أو الحذف منه، بل يترك مهنة التمثيل بأكملها على حد قول وحيد حامد. أما خطورة التنظير المدفوع بعقيدة أو مسألة أخلاقية والذي يحول الفنان إلى مقص يقتطع أجزاء ويقتنع بأجزاء أخرى ويحاسب ويعاقب ويقيم. فهذا أمر بالغ الخطورة ويترك العمل شائها وقد يغير المضمون لصالح فرد واحد وفكر أوحد .

 

فوظيفة الممثل أن يغير في طبيعة شكله وكيانه لتمثيل الدور. أما أن يتحول إلى شخص يمارس التمييز بأن يميز نفسه بنظرياته الأخلاقية الواهية ويصدرها رغماً للجمهور ف "هذه متاجرة رخيصة بالدين" ولفت النظر إلى عمل "بميت وش" كمثال رائع وحالة من البهجة خرجت من عباءة المسألة الأخلاقية والإرشاد العقائدي ونشرت رسالة بهجة ممزوجة بسخرية وخفة ظل نابعة من مجموعة لصوص، والناس بحاجة إلى البهجة التي يخلقها الفن! أشاد وحيد حامد بالعمل" بميت وش "وأشاد بنجومه كحالة فنية متناغمة كما وصف نيللي كريم وآسر ياسين بأنهما "صعدا إلى القمة" . فالعمل الفني كيان حر يخلق حالة من البهجة ويصدر الرسائل بطريقته المجازية وليس الفن_ مثلما فهمت فئة بالخطأ _كاهناً يملي الدروس والنظريات بصوت أجش فلا علاقة لذلك إلا بأفكار بائدة لا تخلو من دوغما وتهدم الذائقة الفنية! ندد وحيد حامد كثيرا بخطورة تسليف سلوكيات الشارع المصري قال " الأفكار السلفية يجب محاربتها، وعلينا احترام المرأة. لا. ليست هي العورة فهي الأم والأخت والمعلمة والطبيبة والعاملة الكادحة جنباً إلى جنب مع الرجل"..وقال ضاحكاَ أيضاً مع الإبراشي "التي تعمل بمهنة ستايلش أو طبيبة مثلاً، كيف تمس المريض و تنجز عملها،  هل تأتي بحاوي ؟!! 

 

وحيد حامد واجه محاولات التعديل والتغيير من شكل أعماله لما لها من جرأة وخطورة، وكان كل فيلم له يخرج إلى الجمهور بعد العديد من المواجهات والعناء، وكان له موقف ثابت غالباً تجاه إخلاصه لكتاباته ،يرفض تطويعه بالحذف أو التغيير، وذكر طارق الشناوي أنه تفاجئ بفيلم "قصاقيص العشاق" بطولة نبيلة عبيد وإخراج سعيد مرزوق، حيث أضاف المخرج مشاهداً لم يكتبها وحيد حامد وحذف أخرى ، فاكتفى وحيد حامد بانتشال اسمه من التترات كموقف رافض لمبدأ التعديل. ومع ذلك كان وحيد حامد يتسم بالمرونة أمام النقد إن كان له مغزى وهدف جدير بالاستماع..حيث انتقد نفسه بنفسه مرة في مؤتمر صحفي بمهرجان الإسكندرية عن فيلم" العربجي" تأليف وحيد حامد وإخراج أحمد فؤاد، وفي فيلم البرئ واجهته صعوبات كبيرة فتم منع عرض الفيلم لعشرين عاماً.. إلى أن وقع العديد من الفنانين على عريضة لعرض الفيلم وخرج إلى النور في عهد فاروق حسني وهذا الفيلم اضطر فيه وحيد حامد لتغيير النهاية بصرخة بدلاً من إفراغ الرصاص في الجنود بعد مواجهات عنيفة ضد عرض الفيلم بحجة أنه تم تصويره في معتقلات حقيقية ويعد ذلك إفشاء أسرار عسكرية، ولكن عرضت النسخة الأصلية في بعض المحطات.

 

تلاعب بالرقابة وأهداف الساسة من وراء لعبة التنفيس :

 

اتهمه المتربصون والإخوان بالنظامية فقالوا أنه كاتب النظام الأول، ولكنه على أرض الأحداث العملية وما وراء المسموح له  ، قد خلق واقعاً لصالح تمرير الرسالة الهامة إلى الجمهور خلسة.. ونجح في قلب الطاولة واستغلال سياسة التنفيس التي سمح بها نظام مبارك كنوع من تخفيف حدة غضب المصريين تفادياً لانقلاب أو انفجار أو ثورة ، ولكن هل كان وحيد حامد يجهل ببعد نظره ما ناتج التربيت المستمر على جروح الشارع المصري؟! أم أنه كان ثعلباً ماكراً يرتدي الوجوه في شخوصه ويعلم ما يريد تماماً ويربي فوارة الغضب من بعيد ، كانت فلسفة النظام تتيح لوحيد حامد الإبداع وتفريغ غليل الناس، وذلك لاستخفافهم الشديد بإمكانيات الكلمة والإبداع، فلم تتصور مراكز القوى في عهد حسني مبارك للحظة أن تنفجر بالفعل ثورة أو تتحقق مشاهد وحيد حامد! ولكن سياسة التنفيس بالفعل أتت ثمارها وهدأت من غضب الشعب لعهد طويل ما ضمن الحراسة لأقطاب الحكم ،حتى أن وحيد حامد لأجل هذا الغرض أطلق " النوم في العسل" خاصة وأن ثورة الجياع في عهد السادات والتي أطلق عليها البعض آنذاك اسم ثورة " اللصوص" مع أنها ببساطة أليمة ثورة شعب غاضب قد علمت نظام مبارك مدى أهمية استغلال الإعلام والفن في تفتيت مشاكل الشعب بالمناقشة، فكان سيل النقد يتدفق على الشاشات وفي الصحف ، ما جعل نظام مبارك يستمر في الحكم أطول فترة ممكنة ويرسخ لنظرياته عميقاً ،ويجعل من نفسه أكثر مرونه ويفاوض الإخوان، وخلال لقاء لبرنامج "حديث المساء" عبر فضائية "mbc مصر" أكد وحيد حامد أن أحد رموز نظام مبارك عارض مسلسل "الجماعة" قائلاً له بصراحة "إحنا والإخوان سمنة على عسل مش عاوزين نزعلهم" بحسب رواية الكاتب الكبير.. وهو المسلسل الذي سلط الضوء على تاريخ جمال عبد الناصر مع الإخوان وأنه كان عضواً في جماعة الإخوان، ما سبب معارضة الناصريين أيضاَ واستنكارهم للمسلسل الجماعة! قال الأستاذ الكبير مع الإعلامية" ياسمين عز " لأني قلت أن جمال عبد الناصر في الأصل إخواني، فتحوا علي الناصريين أبواب جهنم! وهكذا اعتاد المبدع الكبير أن يفتح أبواب جهنم ويصفعها ويتلاعب بالنيران..! قال قبل وفاته " أنا حبيت أيامي" وقال "لم أكذب في كلمة" وقال " عشت أهوى الكتابة بإخلاص ولا استكتب ".. 

 

، ولكن في أكثر من مناسبة صرح بجرأة و بفخر حكيم " تحايلتُ على الرقابة ! وفي إحدى اللقاءات الصحفية قال" كنت أمرر المشاهد السياسية خلف المشاهد الجنسية كي أغافل الرقابة عن المعنى الضمني للعمل والذي يحمل إسقاطات سياسية ،ونجحت في ذلك مرات عديدة وذات مرة لم أنجح وكشفت الرقابة الأمر " فكان وحيد حامد يتلاعب بجميع الخيوط وهو الذي يعلم بذكاء واستقراء الكاتب أن مساحة الحرية لا تشكل تهديد على أهداف أي طرف بل هي تضمن القوة والأمن والتوازن بين الحكومة والشعب    ووجه  الكاتب الكبير وحيد حامد رسالة صريحة إلى الرقابة في المؤتمر الصحفي بمهرجان القاهرة السينمائي وأهم وصاياه قبل وفاته :

 

"خلي الناس تتنفس. فكها عالناس شوية "  

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز