عاجل
الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
احكى يا شهرزاد.. ولايزال وحيد حامد أيضا يحكى!!

احكى يا شهرزاد.. ولايزال وحيد حامد أيضا يحكى!!

 قبل بضعة أشهُر من عرض الشريط السينمائى، كتبتُ كيف يمتزج الزيت بالماء، كنت أشير إلى فيلم (احكى شهرزاد) 2009 تأليف «وحيد حامد» إخراج «يسرى نصر الله».. كل من الكاتب والمخرج لديه خصوصية ومنهج، «يسرى» طوال تاريخه لم يتعامل مع كاتب سيناريو محترف، فهو يشارك أو يكتب أغلب أفلامه، ومن يتواجدون على خريطته السينمائية كمؤلفين إمّا أنها تجاربهم الأولى، وبالتالى يخضعون لرؤيته أو أنهم يفكرون بعقله ويكتبون بأصابعه



 

تستطيع أن تعتبر «وحيد حامد» نموذجًا للكاتب الدرامى الكلاسيكى الذي يشكل حَجَر الزاوية فى الفيلم السينمائى، حضوره فى الفيلم السينمائى طاغيًا، بينما «يسرى نصر الله» يقدم رؤية تذوب فيها روح الكاتب تمامًا لنرى فقط أننا بصدد فيلم ينتمى إلى عالم المخرج، ولهذا فإن أفلام «يسرى» تنمو كفكرة فى داخله يكتبها أو يكلف بها غيره لكنه يظل هو المسؤول الأول عن نضوجها، أمّا فيلم (احكى شهرزاد) فهو أولًا سيناريو مكتمل متعدد المستويات الدرامية بمنهج وفكر وأسلوب «وحيد حامد»، وهو بالمناسبة الذي رشّح «يسرى» للفيلم، بعد أن ترى الفيلم، تستطيع أن تقول وأنت مطمئن أنه ينطق باسم «وحيد حامد» مائة بالمائة وتستطيع أن تقول أيضًا وبالثقة نفسها وفى اللحظة نفسها أنه فيلم يهتف باسم «يسرى نصر الله» مائة بالمائة؟!

 

 

فى البداية كنت أعتقد أن كلّا من «وحيد» و«يسرى» سوف يَسبَح فى اتجاه الآخر من شاطئين متضادين ليلتقيا فى منتصف الطريق، كل منهما يترك شاطئه لكنه لا يذهب للشاطئ الآخر يَعبر فقط إلى نصف الطريق، والحقيقة أن الشريط السينمائى كذّب كل ذلك، فلقد التقيا من دون أن يغادر أىُّ منهما شاطئه!!

 

 

اللقطات الأولى نرى كاميرا «سمير بهزان» تستعرض تلك الشقة التي قدّمتها بألق وإبداع عين مهندس الديكور «محمد عطية» ترصد كل التفاصيل؛ السقف الأرض السرير.. نرى الزوجين «منى زكى» مقدمة برامج التوك شو و«حسن الرداد» الصحفى فى جريدة حكومية - يتطلع إلى منصب رئيس التحرير - «منى» فى قناة تليفزيونية خاصة طموحها أن تتسع دائرة مشاهديها، مذيعة برامج «التوك شو» اختيار درامى ذكى من «وحيد حامد» اعتمد على قدرته على التقاط كل ما هو جديد ويشكل فى وجدان المتفرج مَلمحًا خاصّا طازجًا ومؤثرًا، وهكذا من الممكن أن نرى أن مذيعى هذه البرامج صاروا جزءًا من المنزل المصري والعربى، وهكذا المرأة المقهورة تبدو دائمًا على السطح كتيمة درامية ولكن ما نراه امرأة تقاوم، «منى زكى» نموذج صارخ لتلك المرأة التي تحاول أن تتواءم مع نفسها وطموحها.. تعلم أن هناك سقفًا للدولة فى الانتقاد لا يمكن اختراقه، وسقفًا للحياة الزوجية ينبغى لها أن تحافظ على جدرانه.. إلا أنها فى الوقت نفسه لا تتنازل عن طموحها الخاص.. القضايا السياسية المباشرة تثير غضب الدولة بكل أجهزتها، فتغير البوصلة إلى المشاكل الاجتماعية والتي تصطدم فى نهاية الأمر أيضًا بتوجّه الدولة السياسى، كل شىء لا يمكن أن تعزله عن السياسة، الدولة بقدر المستطاع تريد أقلمة الإعلام والصحافة، بناء السيناريو كما صاغه «وحيد» قائم على الانتقال من حكاية إلى حكاية، إلا أن هناك خطّا عامّا يسيطر على الأحداث، وهو مقاومة الظلم والانتصار للمرأة، فهو لا يقدم حكايات عشوائية، إنه يشبه فى البناء الشكلى فيلم سابق لوحيد حامد (ديل السمكة) 2003، إخراج «سمير سيف»، وكان البطل هو كشّاف عداد الكهرباء الذي يدخل إلى البيوت ويقدم حكايات متتابعة تكشف الحياة فى مصر.. هذه المرّة تبحث مذيعة البرنامج عن حياة الناس، تلتقطها من الشارع ومن صفحة الحوادث، الخط الدرامى الآخر هو الزوج «حسن الرداد» الباحث عن كرسى رئيس التحرير، لا ينسَى «وحيد» القصة الشهيرة التي ترددت عن حلم رآه صحفى لصحفى آخر بأنه سيصبح رئيسًا للتحرير، وباقى الحكاية المعروفة غضب رئيس التحرير ورئيس مجلس الإدارة، فى الواقع وصل رئيس التحرير إلى الكرسى، ولكن فى حكاية «وحيد» أُدخل عليها تعديل درامى فلم يصل إلى الكرسى!!

 

 

تفاصيل يقدمها «وحيد» يمسك فيها بلمحات دقيقة مثل لقائه مع المسؤول الذي أدى دوره الممثل الجديد فى تلك السنوات «عبده تميم».. لمحة أخرى عندما يلتقط «حسن الرداد» الرسالة من هذا المسؤول بأن عليه أن يسيطر على زوجته، يضع فى لحظة ارتباك (رِجْل على رِجْل) حرصت الكاميرا على أن تؤكدها فى لقطة قريبة، إنها لغة الجسد التي يشير إليها دائمًا الكاتب على الورق، ثم تنتقل إلى ملامح الوجه التي تدرك المطلوب فتجمع بين الرجاء والدهشة والخوف مع إضفاء قدر من السخرية على الحوار عندما يقول «الرداد» نطلقها؟!

 

 

تفصيلة أخرى تكشف أيضًا شخصية الزوجين «الرداد» يترك زوجته بمفردها أثناء تناولهما الغداء فى مطعم على النيل، وذلك بمجرد أن يرى مسؤولًا ولا يكتفى بالحوار معه، ولكنه ينسى أن زوجته تنتظره على المائدة الأخرى، ولهذا تغادر المائدة لنرى أمامنا زوجة تحب زوجها نعم ولكنها فى الوقت نفسه تحرص على كرامتها، تستطيع أن تلمح هذا المعنى فى الاستخدام الدرامى الجيد لصوت الباخرة التي تتحرك على صفحة نهر النيل، الحوار بين «الرداد» وهذا المسؤول لا جديد فيه نتوقعه كمشاهدين.. لجأ الكاتب والمخرج إلى استخدام صوت عالٍ لموتور الباخرة يعلو على صوت الحوار الذي لن يضيف معلومة جديدة للمُشاهد، فى الوقت نفسه يبدو أن الحذف ضرورة طبيعية يفرضها المكان وليس حيلة درامية، نعم تفصيلة دقيقة تكشف أن وراء هذا العمل الفنى مَن يريدون تقديم فيلم سينمائى بحق وحقيقى وليس مجرد مَلء شريط.. نتوقف أمام الحكاية الأولى «فاطمة» التي أدت دور «سلمى حايك المصرية» بائعة فى محل مستحضرات تجميل لا يمكن بالطبع أن تستقبل الزبائن بالحجاب لكنها مُرغَمة على ارتدائه فى منزلها، وقدّم الفيلم لمحة شديدة الذكاء عندما نرى «منى زكى» تضطر لاستخدام إيشارب تضعه أيضًا على رأسها لكى يؤكد أيضًا أن الضغط الاجتماعى يشكل قوة تفرض قانونها على الجميع وأن «منى زكى» لو كانت تعيش فى البيئة نفسها فليس أمامها سوى أن ترتدى الحجاب مثل («سلمى حايك» المصرية)، نعم تصل الرسالة بهدوء، حكاية أخرى «سوسن بدر» التي رأيناها فى مَصحّة للأمراض النفسية.. لا يعلم الكثيرون أن كلمة الهستيريا مشتقة من «هيستورم» باللاتينية يعنى الرّحم.. وأن بعض أعراض المرض النفسى للنساء تأتى من الكبت الجنسى، وهو ما تعانى منه «سوسن بدر» التي عاشت عذراء.. لكنها لم تكن تريد سوى أن تحقق المساواة فى علاقتها بالرجل داخل إطار الزواج الشرعى، إلّا أن ما يريده الرجل الشرقى يتجاوز مرحلة التوازى والتكافؤ ليصل إلى الخضوع المطلق الذي يحيل الزواج إلى صفقة يريد أن يستحوذ فيها الرجل، على القسط الوافر من الأرباح مقابل أن يمنح المرأة لقب زوجة، «حسين الإمام» هو الرجل الذي يختار الزوجة بمقياس من ذهب طبقًا لمواصفاته القياسية وعليها أن تقبل نصيبها فى تلك الصفقة، ولكن «سوسن بدر» لم تقبل وكان مصيرها المستشفى النفسى، لم يقل السيناريو مباشرة إن الكبت الجنسى كان هو الطريق إلى الوقوع فى المرض، ترك ذلك للمتفرج.الحكاية الثالثة وهى أكثرها توترًا، نعم اقترب فيها «وحيد» من رائعة «يوسف إدريس» (بيت من لحم)، الذي سبق أن قدّمت فى أكثر من فيلم روائى قصير، وهى هدف لأغلب طلبة معهد السينما لإنجاز مشروعاتهم، إنها تبدو تنويعة أخرى على نفس اللحن الأصلى، صحيح أن «وحيد» أعاد بناء الحبكة بما يتفق مع رؤية مغايرة طرحها الفيلم، وصحيح أيضًا أنه من الناحية القانونية لا تستطيع أن تعتبرها اقتباسًا من أصل أدبى، إلا أن الأحداث التي جرت فى القصة الأصلية سوف تسيطر عليك وتتذكر على الفور روح «يوسف إدريس».. قدّم «وحيد» علاقة البنات الثلاث مع الصّبى الذي يعمل بمحل والدهن.. البنات هن حسب السّن «رحاب الجمل»، و«نسرين أمين»، و«ناهد السباعى».. الجريمة التي أدت بأن «رحاب» الشقيقة الكبرى لا تجد أمامها سوى أن تقتل العامل فى محل أبيها الذي أدى دوره «محمد رمضان»؛ لأنه أقام علاقة جنسية مع الثلاثة بزواج شفهى فكان مصيره القتل، وتمضى عشر سنوات فى السجن لتخرج منه وهى تعمل عند سجّانتها ترعاها، لم يراع السيناريو ولا المخرج ضرورة أن نرى تغيير الزمن على وجه المرأة القاتلة فكانت تسرد الحكاية بنفس ملامحها بعد انتهاء فترة العقوبة، زادت مساحة هذا المقطع أكثر مما ينبغى مما أثر على حالة البناء السينمائى التي لجأ إليها المخرج وكأننا بصدد فيلم داخل فيلم، ثم إنه أيضًا تناسَى أن هذا الشاب الصغير ضحية أكثر من كونه مجرمًا. ننتقل للحكاية الرابعة التي تتوجّه أيضًا للإمساك بنفس الخيط، فهى لامرأة والحل الذي تطرحه لمواجهة ذلك ما بين التسليم بالأمر الواقع كما حدث فى قصة (سلمى حايك المصرية)أو الذهاب إلى مستشفى الأمراض العقلية، حالة «سوسن بدر» أو اللجوء لاستخدام سلاح القتل كما حدث فى الحكاية الثالثة.. المقطع الأخير فى الفيلم البطلة تقاوم بقوة الممثلة «سناء عكرود» فى اللقطة الأولى التي تتعرف عليها نشاهدها وهى تحمل عَلمًا أبيض مكتوب عليه (على أى أساس يتم اختيارهم؟)، تقصد الوزراء فى مصر، وتكتشف خطوط حكايتها إنها طبيبة الأسنان التي تقع ضحية الرجل الغنى الوسيم «محمود حميدة» الذي يختار المطلقات والعوانس للاقتران بهن، ثم بعد أن يقيم العلاقة الجسدية قبل إشهار ليلة الدخلة، فى هذه اللحظة وبعد أن تصبح حاملًا يعلن غضبه، فهو عقيم كيف لها أن تنجب طفلًا، سلاحه هو التشهير، هو يعلم أن الطرف الآخر لن يجرؤ على الإعلان خوفًا من الفضيحة، ولهذا يختار ضحاياه بعناية فهم عادة أبرياء تحكمهن قواعد اجتماعية صارمة هو يعلم بالطبع أنه مثل لاعب أكروبات يرقص على الحبل، من الممكن لو اختل توازنه أن يسقط على الأرض.. هى حالة نادرة جدّا، وتخاصم المنطق؛ لأنه إذا أصر الطرف الآخر على تحليل الـ D.N.A فسوف يكتشف اللعبة لا محالة.. الجزء الإضافى فى هذه اللعبة هو أن هذا الرجل تختاره الدولة ليصبح وزيرًا، ولينتقل إلى الانتقاد السياسى متوازيًا مع حكاية «منى زكى» فى علاقتها مع زوجها نكتشف أنه لم يحصل على موقع رئيس التحرير؛ لأن هناك من يقدم تنازلات أكثر منه فيعتلى الكرسى.. نعم هناك دائمًا من يستطيع أن يقدم للدولة ما هو أكثر حتى مما هو مطلوب منه، وهؤلاء فى العادة هم الذين ترحب بهم الأنظمة!!

 

 

كيف نُعَبر سينمائيّا عن الغضب السياسى وعنف النظام، لجأ الكاتب والمخرج إلى أهدأ الحلول وفى الوقت نفسه فإن هذا التعبير الهادئ الأكثر قدرة، على توصيل المعنى، وهكذا رأينا راية مرفوعة أمام مجلس الشعب على الفور تتجمع دوائر من جنود الأمن المركزى تحيط بالمتظاهرة، إنها الزوجة المخدوعة «سناء عكرود».. وتبدأ الدولة ممثلة فى أعلى سُلطة «الرئيس» فى البحث عن الخيط الذي يؤدى إلى هذا الرجل وبالطبع من الممكن ببساطة للدولة أن تراجع أوراق زواج المرأة المخدوعة لتعرف بالضبط من هو المقصود بهذه الحكاية ومدَى صدقها من دون الحاجة إلى مطاردة المذيعة لمعرفة حقيقة هذا الوزير.. ونأتى للذروة عندما تفشل محاولات «حسن الرداد» فى الوثوب إلى كرسى رئيس التحرير.. على الفور لا يجد سوى أن ينتقم من «شهرزاد» التي كانت تحكى لتعيش مثل «شهرزاد» فى حكايات «ألف ليلة وليلة» والفارق أن سيف «مسرور» فى «شهرزاد» كان يقترب من رقبتها مباشرة.. أمّا حكايات «شهرزاد» فى (التوك شو) فإن السيف يقترب من رقبتنا نحن، إنه سيف الفساد الذي يهددنا جميعًا، وعلى هذا جاء العنف الموجّه ضدها من زوجها منطقيّا؛ حيث وصل إلى حدود محاولة قتلها.. اغتيالًا ماديّا وليس فقط معنويّا لتبدأ تروى حكايتها للجمهور تنتقل من مقعدها كشاهد متعاطف مع ضحاياه ولكنها ليست ضحية.. هذه المرّة تجد نفسَها وقد أصبحت ضحية وتنتظر أن يتعاطف معها الناس.. فى هذه اللحظة تنتقل الكاميرا إلى أعلى لنرى الضوء فى نهاية النفق المظلم ولا تتوقف «شهرزاد» عن استكمال الحكايات!!

 

 

نحن بصدد فيلم سينمائى يجمع بين القضية الساخنة والواقع الذي يعيشه الناس ومفردات الشريط السينمائى التي تتألق أمامنا.. خطوة جريئة جدّا أن يسند «يسرى نصر الله» الدور إلى «منى زكى»، وكانت من الذكاء أنها اقتنصت الدور ولا أتصور أنها توقعت ولو للحظة واحدة كل ردود الأفعال الغاضبة لمجرد أننا شاهدنا أمامنا ممثلة تؤدى دور زوجة تحب زوجها لا إغراء ولا غواية ولا إثارة.. لا شىء على الإطلاق، فقط شاهدنا أمامنا امرأة، وكان قد سبق لـ«منى» أن قدمت ملمحًا من ذلك فى فيلم (تيمور وشفيقة)، لكن يبدو أن الجمهور وقتها لم يلحظ أن منى زكى «شفيقة» المرأة التي تحب.. هذه المرّة كانت مقدمات الفيلم التي نقلتها الفضائيات ربما أكثر صراحة فى إعلان ذلك، ونجحت «منى زكى» فى أداء هذا الدور المتعدد الأبعاد، فى مشاعره المختلفة ما بين حب الزوج والانتماء إلى الناس وحرصها فى الوقت نفسه على نجاحها المهنى والذي يصل بالمذيعة إلى حالة من العشق للنجاح وللتواصل الدائم مع الجمهور.. «محمود حميدة» يعيش أنصج مرحلة فى حياته، وهكذا صار هذا النجم أقرب إلى رمانة الميزان فى الأفلام التي يشارك فيها، إنه الشرير الناعم الذي ينتظر لحظة الذروة لكى يبدأ فى ممارسة شروط اللعبة ويبحث بعدها عن صيد آخر، أتذكر هذه اللقطة عندما وضع على وجهه «ماسك» لتبدو ملامح الغضب، بعد أن واجهته «سناء عكرود» أنها حامل كان المطلوب دراميّا أن تصل رسالة الغضب إلى زوجته بينما الجمهور يعلم أنه يضع مجرد «ماسك» زائف على وجهه، وهذا هو تحديدًا ما نجح «حميدة» فى توصيله بأستاذية.. «سوسن بدر» هذه المرّة فى دور حقيقى إنها «الجوكر» الدائم حاليًا فى أغلب الأفلام يعوزها الاختيار فى عدد منها ولكنها تنجح ولا شك هذه المرّة عندما تجد دورًا له ملامح ويتطلب أحاسيس فى التعبير.. «حسين الإمام» دائمًا ما يثبت لى أنه الممثل العتويل بعد دوره فى فيلم (واحد صفر) يسجل هدفًا آخر.. ومن الممثلين أيضًا «تميم عبدو» لا أتذكر له سوى فيلم (جنينة الأسماك) ويواصل الأداء بقدر ملفت من التلقائية.. «محمد فريد» الذي خاصمته السينما رُغم أنه ممثل كبير وأثبت بالفعل أنه كذلك فى هذا الدور.. ويبقى الوجه الجديد «حسن الرداد» منحه «يسرى نصر الله» دور البطولة ليتقدم خطوات فى السينما بعد أن شاهدناه فى مسلسل (الدالى) فكان له حضور مؤثر.. دخل إلى بوابة السينما مدعمًا بدور مكتوب بدقة ومخرج يستطيع أن يحصل من الممثل على أفضل ما عنده.. وبين الوجوه الجديدة أتوقف أمام «فاطمة نصر» التي أدت دور «فاطمة حايك» المصرية.. وفى قصة الفتيات الثلاث تأتى فى المركز الأول فى القدرة على الأداء «نسرين أمين»، وأتصور أن هذا الفيلم سوف يفتح لها أبوابًا سينمائية عديدة.. أيضًا «ناهد السباعى» التي شاهدتها فى بعض المسلسلات التليفزيونية، ثم فيلم (بصرة)، وهذه التجربة السينمائية الثانية لها أراها مشروعًا لممثلة موهوبة يبدو أنها ورثت الجينات من جدّيها «فريد شوقى» و«هدى سلطان».. بعد ذلك «رحاب الجمل» الشقيقة الكبرى التي أدت دور القاتلة، «سناء عكرود» كانت تفلت منها أحيانًا اللهجة المصرية.. ويبقى «محمد رمضان» رُغم أن الدور يحتاج إلى ممثل فى مرحلة عمرية أكبر فإنه ولا شك ممثل له نبض عصرى فى فن الأداء من خلال توجيه جيد من «يسرى نصر الله»، ولكن كان ينبغى أن نلمح خصوصية فى علاقته مع «نسرين أمين» التي جمعته معها علاقة جنسية سابقة، بالتأكيد فإن اثنين بينهما علاقة ينبغى أن نرى بينهما شيئًا خاصّا، وهذا بالطبع خطأ فى بناء الفيلم ورسم الشخصية!!

 

 

«منى ربيع» بطلة فى هذا الفيلم، إنها فنانة المونتاج دائمًا تضبط الإيقاع لتصنع حالة خاصة من الإبداع، إنها الفنانة التي تجيد إنجاز المهام الصعبة، وهذا الفيلم المتعدد الحكايات كان يحتاج بالفعل إلى مونتيرة لديها كل هذا الفيض من الإحساس.. موسيقى «تامر كروان» وتصوير «سمير بهزان» صنعا شاشة تتكلم سينما.. نعم من الممكن أن نرى «وحيد حامد» و«يسرى نصر الله» وهما يمتزجان.. علم الطبيعة يؤكد أن الماء والزيت لا يجتمعان، بينما «يسرى» و«وحيد» تحديا علوم الطبيعة وامتزجا.. لم يسبح أى منهما فى اتجاه الآخر ولكن الجمهور كان يسبح إليهما معًا!!

 

من مجلة روزاليوسف

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز