عاجل
الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
الكتاب الذهبي
البنك الاهلي
كفاح الكنيسة الوطنيـة فى العصر الحديث

كفاح الكنيسة الوطنيـة فى العصر الحديث

إنها الكنيسة الوحيدة التي تطلق على نفسها الكنيسة المصرية الأرثوذكسية، أى القومية، ذلك لأنها تؤمن أن الأوطان قبل الأديان، والدليل على ذلك أن الله خلق الأرض قبل الإنسان، كما تؤمن أن للدين ربّا يحميه، أمّا الوطن فليس له إلا نحن.. مسلمين ومسيحيين.



 

جاءت مارجريت كندل، عالمة الجينات الأمريكية، وأجرت بحوثها على الجنس الآرى، والمصري واليهودى، وكانت نتائج بحوثها على مصر أن 97.5 % من الشعب المصري - مسلمين ومسيحيين- لهم جينات واحدة.

 

نحن شعب واحد من قبل الأديان وإلى آخر الزمان، شعب اعتنق الأمونية ثم المسيحية، ثم الإسلام، ثم جاء عالم الجينات د.طارق طه، وهو لواء طبيب، رئيس قسم البصمة الوراثية والمناعة بالقوات المسلحة

 

وأعاد د. طارق بحوث مارجريت كندل، ولكن على أعداد أكبر، وخرج بنفس النتيجة 97.5 ٪ من جينات المسلمين والمسيحيين واحدة.. أيضًا  87.6٪ من جينات توت عنخ آمون موجودة فينا جميعًا، نحن إذن أحفاد هؤلاء العظماء. الغريب أن ستامب قال منذ عشرات السنين: المشكلة فى مصر ليس فى غزوها، بل فى كيفية الوصول إليها، فنادرًا ما تجد شعبًا متماثلا فى شكله وطباعه وأخلاقه، بل وفى مزاجه مثل الشعب المصري، ومن هنا حاول أعداء مصر تقسيم هذا الشعب الفريد الجميل العريق بالحجاب، والنقاب، والدبلة الذهب، والدبلة الفضة، ومسلم ومسيحى، ثم زرعوا رشيد رضا، ومن عباءته زرعوا حسن الساعاتى، والذي أصبح حسن البنا نسبة إلى البنائين الأحرار، أو الماسونية والتي كان عضوًا من أعضائها.

 

الغريب أيضًا أن فلاندرز بترى، عالم المصريات البريطانى، يقول: رُغم الغزوات الكثيرة التي مرّت على مصر، بداية من الآشوريين مرورًا بالفرس، ثم اليونان ثم البطاطة ثم الرومان ثم العرب ثم الطولنيين ثم الأخشيد ثم الفاطميين، ثم الأيوبيين ثم المماليك ثم الأتراك العثمانيين ثم الفرنسيين ثم الإنجليز، رغم 2500 سنة احتلال؛ فإنه كان تغييرًا فى الحكام، ولم يكن تغييرًا فى جنسية مصر، ذلك لأن بحر مصر الجينى الكبير كان يلتهم هؤلاء الغزاة؛ خصوصًا أنهم كانوا لا يخالطون إلا الأسر الكبيرة.

 

prtt  كلمة وطن عرفناها مع الحملة الفرنسية  1798، عرفنا أن المواطنة citizinship  وتعرف بحادثة الميلاد، أنت وُلدت على أرض هذا الوطن، إذن لك كل الحقوق وعليك نفس الواجبات التي لأى إنسان وُلد على نفس هذه الأرض، بغض النظر عن الدين أو الجنس أو العرق، لم تكن المواطنة قبل 1800 معروفة بهذا الوضوح، بل كانت بالدين مسلم أم مسيحى، بالجنس رجل أم امرأة، بالقرب من الحاكم أم البُعد عنه، بالقوة المالية غنى أم فقير، وكان الوالى التركى خورشيد باشا، رجلا ظالمًا، واجتمعت مصر؛ مسلمين وأقباطا ممثلة فى عمر مكرم، وجرجس الجوهرى، لمحاربته وعزلته وأتت بمحمد على باشا بدلًا منه.

 

وكانت نتيجة هذا الكفاح الوطني وجود حاكم قوى مستنير، واكتسبت المواطنة بمفهومها الحديث مكاسب كثيرة، منها:

 

1 -  دخول المصريين الجيش بعد حرمانهم  2500  سنة.

 

2 - تكليف المصريين فى الوظائف العامة بغض النظر عن الدين.

 

3 - أصبح حق التملك من حقوق المواطن.

 

4 - إرسال البعثات إلى الخارج مسلمين ومسيحيين.

 

وكان كفاح الكنيسة المصرية فى عهد سعيد باشا ابن محمد على باشا، رائعًا، كان البطريرك المسمى بأبى الإصلاح كيرلس الرابع، أول من بنى مدارس للبنات، كما أنشأ المدارس القبطية للمسلمين والمسيحيين، كما أنشأ المدارس القبطية للمسلمين والمسيحيين، وتخرّج فى هذه المدارس رؤساء وزارات منهم عبدالخالق ثروت، حسين رشدى، بطرس غالى، محمود عبدالرازق، يوسف وهبة، وإسماعيل حسين، مع حفظ الألقاب، كذلك نجح البابا كرسول سلام بين مصر وإثيوبيا، وقد كادت تشتعل الحرب بينهما.

 

وعيّن سعيد باشا، حاكمًا قبطيّا للسودان، بهدف الاعتماد على الكفاءة لا الديانة مثلا رائعًا، كما سمح للجنود المسيحيين فى القوات المسلحة بممارسة طقوسهم الدينية علانية، كما كان له دور فى صدور الخط الهمايونى لتحسين وجه الخلافة العثمانية أمام المجتمع الأوروبى، وجدير بالذكر أن الخط الهمايونى فى حد ذاته جميل ومقبول، ولكن الشروط العشرة التي أضافها العزبى وكيل وزارة الداخلية 1933 هى التي أساءت إلى سمعة هذا الخط. 

 

وتألق نشاط الكنيسة المصرية فى عهد إسماعيل باشا ابن إبراهيم باشا ابن محمد على باشا، وكان ذلك فى وقت البابا ديمتروس الثانى، وكان إسماعيل يتمتع بروح عادلة وعقل مستنير، لذا لا نعجب أنه فى 1866 تكوّن أول مجلس شورى للنواب، وانتخب فيه ثلاثة من الأقباط، كما عيّن الخديو إسماعيل رئيس ديوانه، سكرتيره الخاص، ومحافظ القليوبية، ومحافظ المنوفية، ورئيس إدارة السودان، جميعهم من الأقباط، كما أصر الخديو على ألا تكون هناك تفرقة فى قبول الطلاب أقباطاً ومسلمين فى المدارس الأميرية، كما أصر على أن يكون الأقباط ضمن أى تشكيل فى البعثات العلمية للخارج.

 

وتألق كفاح الأقباط المشترك فى عصر البابا كيرلس الخامس 1874 حين وقفت الكنيسة مع عرابى ضد الخائن الخديو توفيق والإنجليز، وذهب وفد كبير من الأقباط والمسلمين برئاسة الشيخ إمبابى، شيخ الجامع الأزهر مع البابا كيرلس الخامس، وطالبوا الخديو ببقاء عرابى وزيرًا للحربية لأنه كان قد طرده من منصبه، ووافق الخديوتحت هذا الضغط الشعبى، ولكن حدث ما هو أكثر خطورة من ذلك  إذ وقّع البابا كيرلس الخامس على قرار خطير، ومعه بطرس باشا غالى باعتبار الخديو خارجًا عن الشرع والقانون، ووجوب عرض الأمر على الباب العالى.

 

 كما وقّع البابا على قرار استمرار الحرب ضد الإنجليز، وحارب الشعب كله إلى جانب عرابى، وكانت انتصارات الشعب مع عرابى فى الإسكندرية، أبو قير، ولكن هزم عرابى فى التل الكبير، لكن الوحدة الوطنية انتصرت.

 

واحتل الإنجليز مصر بخيانة الخديو توفيق، ومعه مجموعة من الضباط الخونة على رأسهم الضابط على يوسف الملقب بـ"الخنفس"، وكان معه رئيس الحزب الوطني سلطان باشا.

 

وأراد اللورد كتشنر مقابلة البابا وكان واقفًا أمام باب الكاتدرائية، فأرسل البابا تلميذه وقال له: اذهب يا ولد وقل للورد البابا لا يقابل أحدًا من دون موعد سابق، ورفض الأقباط التعاون مع الإنجليز، فما كان من اللورد كرومر إلا أن طردهم جميعًا من وظائفهم، واستبدلهم بالمسيحيين السوريين، وقال: أقباط مصر أعداء لنا، ولا بُد أن نبادلهم عداءً بعداء، كما قال: أنت لا تستطيع أن تفرّق بين المسلم والمسيحى فى أى شىء إلا فى شىء واحد، هذا يذهب للجامع يوم الجمعة، وذاك يذهب للكنيسة يوم الأحد.

 

وهاجم البابا كيرلس الخامس إرسالية يوحنا هوج الأمريكية للتبشير، وحين قابل يومنا هوج البابا سأله: لماذا تهاجموننا ونحن نُبشر بالإنجيل؟ كان رد البابا: الإنجيل عندنا فى مصر من قبل أن يكون لأمريكا وجود.

 

وبارك البابا وزارة سعد باشا زغلول، ويذكر لنا التاريخ أن سعد باشا عرض تشكيل وزارته على الملك فؤاد، فقال الملك فؤاد: يا سعد باشا هذا ليس مجلسا للوزراء بل مجلسا مليّا، وأخذ سعد باشا الورقة وأعاد النظر إليها ثم قال: يا جلالة الملك أنا لا أرى مسلمين أو مسيحيين فى هذا التشكيل الوزارى.. بل أرى مصريين، وتم التشكيل كما وضعه سعد زغلول.

 

ورفضت الكنيسة المصرية حماية إنجلترا للأقباط كما رفض البابا تقديم معونات مالية للمدارس القبطية، ويعلق سعد باشا قائلا: لولا وطنية الأقباط ورفضهم الحماية لأصبح وضع مصر سيئًا.

 

وحرصت الكنيسة المصرية على الوحدة الوطنية فقاومت قيام أحزاب دينية، وتقدم أخنوخ فانوس بطلب قيام حزب مسيحى فتصدت الكنيسة المصرية الوطنية مع ويصا واصف الذي تحدّى الملك، وحطم سلاسل البرلمان، ودخل هو والأعضاء إلى المجلس، أقول تصدت الكنيسة مع ويصا واصف مع مرقس باشا حنا لهذا الحزب الدينى، ولم ير النور، كما رفض البابا شنودة فكرة قيام حزب دينى أثناء فترة بابويته، قائلا: الأحزاب الدينية إنما هى تمزيق للأمّة.

 

وعندما ظهر عريان يوسف سعد، ألقى قنبلتين فى ديسمبر  1919 على يوسف وهبة، رئيس الوزراء المسيحى لتعاونه مع الإنجليز، وتقول صفية زغلول زوجة سعد باشا وأم المصريين، أريد أن أقابل هذا الشاب، وقالت لعبدالرحمن فهمى باشا: لا تدعهم يقتلوه، حاولوا أن تخطفوه، وحُكم على عريان بالحُكم المؤبد، رُغم أن رئيس الوزراء نجا من محاولة الاغتيال، ولكن أفرج عنه 1924 فى وزارة سعد باشا زغلول.

 

وحين نفى الإنجليز سعد باشا، كان معه عبدالله بركات، عاطف بركات، مصطفى النحاس، سينوت حنا، ومكرم عبيد، وكان ذلك فى ديسمبر 1920 عندما عمت الحركة الوطنية نساء مصر جميعًا، مسلمات ومسيحيات، ونجد صفية زغلول، أستر فهمى ويصا تتزعمان حركة شعبية لمقاطعة كل ما يخص الاحتلال الإنجليزى من محلات وشركات وبنوك، حتى توقفت ثم أفلست.

 

ورفض الأقباط تمثيلهم فى البرلمان بنسبة معينة، وقالوا: نحن لسنا أقلية؛ لأن الأقلية هى المختلفة عرقًا، ونحن عرق واحد، شعب واحد.

 

وتألق كفاح الكنيسة المصرية الأرثوذكسية فى السنوات القليلة الماضية، حرقوا ثمانين كنيسة لإشعال نيران فتنة طائفية، رد البابا تواضروس الثانى: "وطن بلا كنائس أفضل من كنائس بلا وطن".

 

قالوا : مصر حفنة من تراب عفن، وقال البابا تواضروس:" إذا كان العالم كله فى يد الله، فلا بُد أن تكون مصر فى قلبه" 

 

من الكتاب الذهبي

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز