عاجل
الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
 السياسة والسيادة.. وحقوق المواطن

حصاد 2020

السياسة والسيادة.. وحقوق المواطن

تعتبر العلوم الإنسانية مفهوم الزمن «وضعى نسبى».. غير مادى. فكرة الزمن معنوية، وضعتها المجتمعات الأولى كوحدة قياس افتراضية.. قبل أن تستقر البشرية على إقرار الساعات، والأيام، والسنوات، كوحدات لمعايير قياس متفق عليها. 



 

وفى أعمار الدول، وفيما يتعلق بإنجازاتها وأهدافها وطموحاتها، عادة ما تتراوح نسبية الأزمنة لتتلاشى فى أحوال الطفرات فى الوصول، أو لتتباطأ نسبية الأزمنة فى حالات الخمول، والتخاذل.. والكلام بلا فعل.. والحديث بلا عمل. 

 

تتراوح نسبية الأزمنة «لتبدو أكثر سرعة» حسب قوة الدولة، وعنفوانها، ودقة سيرها على خطوط الزمان الوضعية.. تحقيقًا للأهداف.. وإحكامًا للسيطرة.

 

تسارع خطوات الدولة فى مصر، جعل منها مقالًا على هزيمة معادلات الزمن، وفق نظرية نسبية الأزمنة.. وفق الاختلاف فى معايير النظرة والشمول. 

 

قفزت دولة 30 يونيو. لم تتسارع خطواتها، فقط، إنما تعددت اتجاهاتها، بالتوازى، لتودع مصر الدولة عام 2020.. بإنجاز على أصعدة مختلفة على مقياس المكان.. حتى ولو كان معيار الزمن واحدًا.. وحيدًا. 

 

( 1 ) 

 

تتباين مفاهيم (سيطرة الدول) فى علوم السياسة، ما بين تطلعات قائمة على التوسع غير المشروع، والهيمنة بالعدوان، وفرض الأمر الواقع بالاعتداء، وبين مفاهيم رشيدة لا يتعدى فيها مفهوم السيطرة أكثر من الحق فى حماية الأمن القومى، وحفظ حقوق المواطن، وانتزاع الفرص المشروعة للبناء والتنمية.. وفق الأعراف الإنسانية القانونية. 

 

حسب علوم السياسة تصنف مصر 30 يونيو دولة رشيدة. ففى علوم السياسة، تسعى الدول الرشيدة وفق محددات متعارف عليها للنمو، بخطوات متلاحقة نحو البناء والتنمية، وبأيادٍ ممدودة بالسلام، ورغبات التعاون. فى الوقت نفسه لا تمنع علوم السياسة الدول الرشيدة من الحق فى إظهار العين الحمراء أوقات الضرورة وحسب المستجدات. 

 

( 2 ) 

 

فى 2020 خالفت مصر مقاييس الأزمنة، وراوحت معايير القياس. 

 

 تدخل مصر الدولة العام الجديد بزخم هائل فى معادلات السياسة والسيادة وحقوق المواطن. هى ليست مبالغات، ولا «كلام على الفاضى»، إذ إن الأرقام لا تكذب، ونتائج تفاعلات معادلات السياسة محايدة، لا تُرائِى، ولا تداهن.. كما أن خطوط البيان على الخرائط كاشفة.. لا تقبل الرشى.. تمامًا كما لا تعتد بالمغامرات. 

 

تراوحت أرصدة التفوق لمصر الدولة عام 2020 بين سياسات إيجابية متوازنة فى المنطقة وفى الإقليم، كما على مستوى العلاقات الاستراتيجية بالدول الكبرى.. وأوروبا، وبين تفوق ظاهر فى تجهيزات الردع بجاهزية مسلحة قادرة وفعالة دفاعًا عن الأرض.. والعرض.. والمبدأ.. والوطن. 

 

مهدت سياسات مصر المتوازنة، لحقوق مشروعة فى فرض السيادة خارجيًا، بالتوازى مع ضمان حقوق المواطن المصري فى حياة كريمة.. ومستقبل واعد فى الداخل.. لذلك تدخل مصر 2021، بثوابت أكدتها الدولة أكثر من مرة، ووفق سياسات ثابتة، تقوم فى الأساس على رغبات التعاون البناء مع الجميع، فى الوقت الذي تضمن فيه تلك الثوابت حق الدولة فى التصدى (وبقوة) لكل المطامع الإقليمية غير المحسوبة، من هواة، أو حواة، أو مرتزقة أوطان. 

 

تدخل مصر الدولة 2021 بحقوق مشروعة فى حريتها فى التصرف لضمان أمنها القومى، وحفظ مصالحها المشروعة، بتحديد مزيد من الخطوط الحمراء للمغامرين.. والمتاجرين.. والمتربحين من دماء الشعوب. 

 

يدخل عام 2021، بانعكاسات إيجابية واضحة، لثقل مصري متنامٍ على صعيد العلاقات الاستراتيجية بالدول الكبرى، ووفق تحولات غير مسبوقة أدارت فيها مصر جميع المحاور لصالحها، ووفق رؤاها، وحسب مقتضيات مصالحها، بعدما استعادت القاهرة زمام المبادرة، واستعادت المكان والمكانة فى الإقليم.. وعلى خريطة الكوكب .

 

  عام 2020 رسخت القيادة السياسية فى مصر الدولة مزيدًا من المفاهيم النابعة من الرغبة الحقيقية فى تعاون إقليمى دولى قائم على سياسة الآذان المفتوحة، والأيادى الممدودة، والحلول السلمية واعتماد الحوار. 

 

انتهجت مصر وفق ثوابتها سياسات مبادرة بالاعتراف بالتعدد، والإيمان بالتعاون، والمشاركة فى البحث عن أرضيات متساوية للرؤى المتباينة، بشريطة أن تشترك تلك الأرضيات فى القيام على الاحترام وعدم الاعتداء، وحظر التدخل فى شؤون الدول.. واعتماد الحلول السليمة للنزاعات. 

 

ووفق الثوابت المصرية، أيضًا، تبقى كل القضايا محل نظر، ونقاش، ومفاوضات، إلا ما يتعلق بقضايا الإرهاب، إذ يبقى الثابت المصري هو عدم التهاون فى التعامل (وبقوة مفرطة) مع من يرفع سلاح الترويع فى وجه الدولة.. وفى وجه المواطن. 

 

( 3) 

 

من فرنسا، والعام يقترب على أيامه الأخيرة، أعادت رسائل أطلقها رئيس مصر فى باريس، طلب مزيد من التعاون فى مجال مكافحة الإرهاب، بتحذيرات سبق وكررتها القاهرة أكثر من مرة، عن خطورة احتضان بعض الدول عناصر إرهابية ومتطرفة على أراضيها (ومن بينها دول أوروبية). 

 

تطلب مصر التعاون، لكنها لا تقبل المواربة.. ولا التسويف. 

 

وكما اعتمدت القاهرة أسلوب المصارحة، أوروبيًا، ومع قطبي العالم روسيا والولايات المتحدة، فإنها اعتمدت، وبوضوح، خيار التعاون باعتباره استراتيجيًا فى الملف الإفريقى، وعلى أساس أن الحوار واحد من أوسع أبواب الحلول السلمية لتوترات المنطقة، وإزالة حواجز قضاياها العالقة سواء فى الجوار.. أو على مستوى الإقليم. 

 

تطرح مصر أكف التعاون إفريقيًا، مع التأكيد فى الوقت نفسه على عدم التعاون فى سائر حقوقها، على رأسها الحق المشروع والتاريخى والوجودى فى مياه النيل. 

 

ودفاعًا عن حقوقها المشروعة، تخط مصر خطوطًا حمراء وقت اللزوم، وكلما اقتضت الضرورات. لم تقدم مصر على خطوط حمراء فى ليبيا وحدها، إنما وضعت خطوطًا مثيلة على خريطة البحر المتوسط، شرقًا وغربًا. 

 

 ويدخل عام 2021، برغبات مصرية فى اعتماد السياسة، وبالتوازى مع استعدادات ردع قادرة وجاهزة لإعادة أية تجاوزات إلى ما كانت عليه.. أو حسب تعبيرات القانون الدولي (إعادة إرساء الحقوق) عند خطوطها الأولى أو الأصلية أو المعتبرة. 

 

خطت مصر الحد الفاصل ( سرت – الجفرة ) فى واحد من أهم قرارات عام 2020 استعمالًا لحقها فى حماية حدودها الاستراتيجية من جانب، ومن جانب آخر تبنت الدولة إعلان القاهرة، لتضع الأطراف الليبية أمام مسؤولياتها لإعادة البناء، وحفظ الشعب، واستعادة البلد لثرواته، وقطعًا للطريق على كل محاولات العبث الخارجى بأمن الليبيين.. وبالأمن القومى المصري على امتداد الخط. 

 

 ( 4 ) 

 

يدخل 2021 وقد أغرقت مصر رغبات طفولية تركية مبالغ فيها فى التوسع فى المتوسط. 

 

حلول القاهرة كانت لازمة. سواء ما انتهت به من إعلان الخط الأحمر عند سرت الجفرة، ثم إطلاق إعلان القاهرة، أو سواء ما بدأت به من اتفاقات ترسيم الحدود مع دول المتوسط، وإعلان منتدى غاز إقليمى ضخم، أضاف إلى مبدأ الحق فى السيادة.. ممارسة لحق مشروع فى اقتصاد واعد.. بثروات وطنية. 

 

يدخل العام الجديد، ولم تتغير ثوابت السياسة المصرية فى التعامل بإيجابية مع كل قيم حفظ الإنسانية وحقوقها. لذلك كانت مصر الدولة هى صاحبة مبادرة إخلاء المنطقة من سلاح الدمار الشامل، ومصر الدولة كانت العنصر الفاعل وفق منظومة إجراءات اتفاقية باريس للمناخ، ومصر الدولة كانت العنصر الأكثر فاعلية 2020 بإجراءات ملموسة على الأرض لحلول قاطعة فى قضية الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر. 

 

خلال 2020 استمر الدور المصري، أكثر نشاطًا فى جهود ومساعى حل النزاعات فى سوريا واليمن والعراق. جددت القاهرة رسائلها أكثر من مرة، ووجهت جهودها لاستعادة عملية السلام فى الشرق الأوسط، تحقيقًا للهدف الأسمى بإقامة دولة فلسطين وعاصمتها القدس. 

 

( 5 ) 

 

يدخل 2021 وقد ارتقى الجيش المصري المرتبة التاسعة على قوائم الأكثر تفوقًا وقدرة على مستوى العالم، والمرتبة الأولى بأقوى قوات مسلحة على مستوى جيوش المنطقة. 

 

حسب موقع «جلوبال فاير باور» أتم الجيش المصري قدراته، وتجهيزاته، وجاهزيته الدفاعية والهجومية، متفوقًا على الجيشين التركى والإسرائيلى. 

 

مضى 2020 بتغيرات واضحة على خريطة القوى العسكرية فى المنطقة والإقليم، وجاء تفوق الجيش المصري، على الجيش التركى، بعدما كان الأخير مصنفًا عام 2019 فى المراكز الأكثر تقدمًا. 

 

فى علوم السياسة، لا تنمية بغير قدرة على الردع. وفى العلوم العسكرية، لا حقوق بلا قوة على إقرارها.. وانتزاعها بالجبر. 

 

فى العلوم العسكرية أيضًا تقوم حماية الاستراتيجيات على ركائز القوة والتجهيز، استعدادًا، فى حال الضرورة، لإصلاح ما قد تفسده السياسة. 

 

وقد كان، فقد عملت مصر خارجيًا على سياسة التوازنات المشروعة، بينما اعتمدت داخليًا على محددات حماية حقوق المواطن. وبين التنمية، والسياسة، كان قرار التفوق العسكرى.. ضامنًا.. ومهيمنًا.. وعينًا حمراء. 

 

 (6 ) 

 

تدخل مصر الدولة 2021 بطفرة اقتصادية مدعمة بالأرقام.. والأرقام لا تكذب. 

 

تدخل مصر العام الجديد، بمعدل نمو (5.6 %)، بالرغم من انكماش الاقتصاد العالمى، ومقارنة بـ(4.2 %) عام 2017، وبانخفاض معدل التضخم ليصل إلى (5.7 %) مقارنة بـ (13.9 %) عام 2019. 

 

تدخل مصر الدولة عام 2021، بانخفاض فى معدل البطالة وصل إلى (7.3 %) وهو الرقم الذي لم تصل إليه مصر منذ العام 2010. 

 

تخطت مصر الموجة الأولى من أزمة كورونا، رغم تداعيات تلك الأزمة الشديدة على دول العالم. ضخت مصر مليارات لدعم المواطن صحيًا وماديًا، جراء فيروس عصف اقتصاديًا بدول كبرى ذات موارد. 

 

عبرت مصر الموجة الأولى، وستعبر الثانية، مصحوبة بإشادات مؤسسات المال والتمويل العالمية، تأييدًا لسياسات اقتصادية، قامت على المواجهة، والحلول الجذرية. 

 

تدخل مصر 2021 بزيادة فى ناتج محلى وصل إلى 5.5 تريليون جنيه، مقارنة بـ 4.3 تريليون عام 2017. وحقق اقتصاد الدولة فائضًا أوليًا بنسبة من الناتج المحلى وصل إلى 1.8، مقارنة بعجز أولى عام 2018 قدر بـ 1.8. 

 

يمضى عام 2020 بصافى احتياطات أجنبية 45.5 مليار دولار، مقارنة بـ 23.1 مليار عام 2016، وبمزيد من الإشادات الدولية باقتصاد عفى وضع البلد فى مقدمة الاقتصاديات الناشئة، وصنفها الدولة الوحيدة فى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تحقيقًا لنمو اقتصادى عام 2020 رغم أزمة كورونا. 

 

تدخل مصر 2021 بتصنيف ائتمانى (B) مع نظرة مستقبلية مستقرة. 

 

كما تدخل مصر العام الجديد، بخريطة برلمانية غير مسبوقة، اكتملت فيها المنظومة التشريعية بإتمام استحقاقات انتخابية لغرفتى البرلمان، ووفق خرائط واضحة تدفع بالفعل لا بالكلام لتمكين الشباب والمرأة، وتضخ دماء جديدة فى حياة سياسية أصبح الناخب فيها هو معيار الفصل.. والبرنامج الانتخابى فيها معيار الاختيار. 

 

تدخل مصر الدولة عام 2021 بخطط لمزيد من مشروعات التنمية كثيفة العمالة، وبمزيد من ضمانات برامج حماية اجتماعية غير مسبوقة، مثل تكافل وكرامة، واستكمالات لمبادرات علاج الأمراض المزمنة والفيروسية، وتدخل بالبدء فى المشروع القومى لتطوير الألف قرية. 

 

يدخل العام الجديد على دولة تعمل وفق المفهوم الشامل لحقوق المواطن، فى الطريق للقضاء على العشوائيات، وبطفرات فى مشروعات مياه الشرب، بحجم إنفاق تعدى 124 مليار جنيه لأول مرة. 

 

وفى الوقت الذي شرعنت فيه دول كبرى فى العالم طرد اللاجئين من على أراضيها، أتاحت مصر «حقوق الإنسان» حرية التنقل والعيش والعمل لحوالى 5 ملايين لاجئ.. فروا من النزاعات والصراعات.. والقتل على العرق وعلى الهوية.. وعلى الرأى أحيانًا كثيرة.

 

من مجلة صباح الخير

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز