عاجل
الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

عبقرية "الوصية"

تلقيت دعوة حضور من الفنانة الكبيرة سميرة عبد العزيز لحضور مسرحية "الوصية"، فذهبت للتو إلى المسرح القومى لحضور العرض، فأعمالها جديرة دوما بالمتابعة والحضور. وقبل بدء العرض توافد عدد كبير من الجمهور، الذي اختلفت اعماره، وكان أغلبهم من الشباب -وذلك على غير عادتهم- حيث إنهم يفضلون السينمات على المسارح.



 

افتتح العرض المسرحى بالسلام الجمهورى، الأمر الذي أضفى حس وطني للحضور تجاه العرض، والذي دار حول قصة شاب شهيد، يدعى "محمد المعتز رشاد"، توفيت والدته منذ صغره، وتحمل والده مسؤولية تربيته هو شقيقه وشقيقته، وهذا الأب يعمل عميد دكتور بالقوات المسلحة، ولم يكمل ابنه الشهيد أياما كثيرة عقب تخرجه بتفوق ساحق، حيث احتفلت اسرته وخطيبته بنجاحه، ليلتحق بالخدمة العسكرية، ويطلب نقل خدمته الى "سيناء" لمواجهة الارهاب، دون أن يخبر والده حتى لا ينشغل عليه، وتتوالى الايام، ويصمد البطل فى خدمته، لتحدث هجمة إرهابية عليه، يصاب خلالها بإصابة بالغة، وينتقل على أثرها إلى المستشفى التي يعمل بها والده، ويفاجىء الأب أن الحالة التي يقوم بمداوتها تخص نجله، إلا أن الموت يسبقه إليه، ليرتقى نجله شهيدا أمام عينيه، لينتهى العرض بذلك وسط تصفيق وبكاء الجمهور، وينجح المخرج خلال جلال فى مهمته.

فقدم المخرج عرض مسرحى واكب تطورات العصر الذي نعيشه، فقد اعتمد على ديكورات سريعة ومتحركة وثرية ساهمت بشكل كبير فى نجاح العرض، وجعلت فيه قدر كبير من الحيوية والنشاط، واستطاع أن يحدث تناغم بين تلك الديكورات وحركة الممثلين فيها، والتي جاءت مرتبة ومتناسقة، لتكشف عن مدى الجهد المبذول خلال البروفات والتحضيرات. وكعادة خالد جلال، استطاع ان يكتشف وجوه شابة جديدة واستفز بداخلهم مواهب دفينة ودمجها داخل العرض مع قدرات فنانين كبار مثل احمد فؤاد سليم وسميرة عبد العزيز، ومع الفنانين الشباب مثل ميدو عادل، لتصل الرسالة للجمهور بسلاسة، نتيجة بساطة وتلقائية الحوار. كما انه انتقى الشخصيات الرئيسية فى العرض بعناية شديدة، فقد قدم الفنانة سميرة عبد العزيز، فى دور "أم الشهيد"، حيث جسدته بادائها الراقى المعتاد، ونبرة صوتها الحنونة، التي جعلت الدموع تترقرق من أعين الجمهور، وهى تحنو على نجلها، وتنصحه فى أصعب المواقف. أما الفنان احمد فؤاد سليم، فقد كانت له صولات وجولات خلال حرب اكتوبر المجيدة التي شارك فيها، ويبدو أنه استرجع تفاصيل تلك الحرب، واحداثها خلال أداءه المسرحى. واستطاع المؤلف أيمن سلامة توصيل هدف المسرحية ببراعة شديدة، فرغم انها تتحدث عن قصة شهيد، اي يغلب عليها طابع "الجد"، إلا أنه قدم خلطة فنية مزجت بين الكوميديا والتراجيديا والحب والرومانسية ولحظات الفرح بالنجاح والتفوق والعلاقات الانسانية بين الجنود خلال خدمتهم، ومشاعر الاخوة والامومة والابوة،الى لحظات الحزن والاسي، بجانب الصراع الداخلى الذي فجره المؤلف داخل شخصية الأب "الطبيب الجراح" الذي يتطلب عمله الجلد والتحمل، وبين ما يقتضيه الموقف من مشاعر الأبوة والحنان، فخلال العرض تارة كان الجمهور يضحك لدرجة تصل الى "القهقة"، وتارة اخرى كان يجهش بالبكاء. فهذا العرض، يؤكد أن المسرح القومى برئاسة الفنان إيهاب فهمى، يعود بكل قوة فى استعادة دوره فى تثقيف المصريين ببطولات جيشهم الباسل، والتي يجب أن تبقى قصصه خالدة، فأبطالها دفعوا دمائهم وأرواحهم فداء للوطن. ورغم تناول بطولات الشهداء فى أعمال فنية متنوعة، إلا أن صدق تلك القصص وتنوعها يجعلها مادة فنية ثرية متجددة لإقتباس الأعمال منها، ومازلنا ننتظر المزيد والمزيد من المسرح القومى، لتقديم أعمال هادفة ومؤثرة لجمهوره، فالفن وجدان الشعوب.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز