عاجل
الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

نشوى سلامة تكتب: انتبهوا أيها السادة

نشوى سلامة
نشوى سلامة

ساقني القدر ذات مرة بينما أسير وصديقتي بجانب الجامع الأزهر أن أصلي به صلاة الظهر، وهذا ألطف ما حدث في هذا اليوم، وطبعًا معروف أن أسوار المساجد لا تخلو من جلوس بعض البشر المسكينة الهيئة، ليس لعرقلة المارة قطعًا، ربما سنعرف لاحقًا سبب جلوسهم وافتراشهم الأرصفة، وقد لبستنا روح المجتمع المدني المساعد وقررنا أن نقتحم جلستهم ونعرف حكاياتهم، وبالفعل أتممنا المهمة وقررنا أن نعود مرة أخرى بحلولٍ منطقية لهؤلاء المساكين.



 

وعدنا مرة أخرى ثم بدأنا البحث، وسألنا حارس الباب عنهم فضحك ساخرًا وقال أتذكركم جيدًا وتركتكم لأن ما فعلتموه رزق الناس ومقدرش أقف فيه، بس هما النهارده إجازة، أما فلانة وعلانة فلم يأتِ موعد تواجدهم بعد، (يعني بالعربي ده نظام ورديات)، فسألناه عن الأطفال، فقال كل يوم يبقى معاهم عيل شكل.

 

وفي مصر الجديدة، تحديدًا في روكس، ساقتني الأقدار أيضا ان يكن طبيبي الذي أتردد عليه في العقار الذي يرى الشارع والإشارة ومحطة البنزين المتواجدة هناك، وهناك أيضًا سيدة تهبط على سيارتك وزجاجها لتبيع لك المناديل، لا تهاب السيارات، تلقي بنفسها فتشعر بأنها طاسة الخضة، وبدردشة مع الطبيب أشار لي من نافذة العيادة على تلك السيدة وعلى سيارتها الملاكي التي تركنها في المحطة يوميًا ولا تبرح المكان الا منتصف الليل، بتشقي الحقيقة.

 

ولا تزال الأقدار تقذف بي في طرقات لأرى مشاهد مختلفة، مثلا تلك السيدة التي تبيع النعناع وتتوسل اليك لتشعرك في نهاية الأمر أنك أحط مخلوق على وجه الأرض إن لم تشترِ منها، ولكنها ليست وحدها، فإذا تمكنت من مراقبتها حتى تجتمع مع بقية مجموعتها ستعرف أنهم منظومة يعرفون اين يقفون وكيف يتحدثون ومتى يتفرقون.

 

لن أتحدث عن بائع البالونات الخالية من الهيليوم أساسا، والذي ينام كالقطط في تجويف الرصيف في الظلام والبرد بملابس خفيفة والذي اراه طيلة أربع سنوات في نفس المكان في التجمع الخامس ليستعطفك، ولكنني سأذكر بائعي البخور في مدينة السويس، الذين يترصدون الكورنيش ومن يرتادوه ليطيروا دخان مباخرهم في وجوه المارة ويدعون ويتوسلون ليعطوهم، لا ليبيعوهم علب بخور.

 

كل هذه نماذج مصغرة من نماذج أكبر نصادفها في أيامنا ولكن لم تحظ بتصوير ولا تريند كي تبتز مشاعر الناس، على العكس كل هذه النماذج مرفوضة تماما، ويجب القضاء عليها، ولن أتعاطف ابدا مع اصحابها، فهم يتسولون لا يعملون، وهؤلاء من ينطبق عليهم مثل لو مديت لهم ايدك شدوا دراعك، وهيفضلوا كده علطول لأن دي مهنتهم ولو اتعرض عليهم حاجة غير الشارع بيرجعوا للشارع تاني وده حصل بالفعل الا نادرين منهم، اصل اللي بيجيبوه في ساعة إحنا أصحاب النمط الاجتماعي المختلف كليًا عنهم نحصل عليه في يوم لو هنحسبها باليومية وأننا جميعا نخرج للشارع سعيًا للرزق لا للاحتيال، فانتبهوا أيها السادة، فوراء كل منهم عوالم أخرى، فنحن من نعتبرهم ضحايا الظروف، ونحن أنفسنا من جعلتنا ظروفنا نقع ضحايا لهم.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز