يا حواء

قد تختلف الحياة كثيرًا إذا أدركت "حواء" قيمة نفسها، وأنها قادرة على أن تكون سندًا لنفسها، فلا تهتزى أو تنهاري إذا تخلى عنك أحدهم وأنتِ فى أشد الاحتياج إليه… ولا تفكرى أبدًا فى الانتقام أو تجعلي غضبك يعميكى… ويكفى أن تتركيه لعدالة السماء وترحلي… ثم تبدأي فى البحث عن الشيء الذي يسعدك لتقومي يه...ستجدين ساعتها أن الحل أمام عينيكى...بالنسيان والتغيير، يمكنك النظر الى الأمام وكلك أمل وإصرار على أن تجعلى القادم من حياتك أفضل مما مضى… لن تجدين ساعتها وقتًا للتفكير فى أى شيء قد فات...وربما إذا تذكرتي شيئًا، ستبتسمين وتحمدين الله على تغيير الحال… فتمسكي عزيزتي فقط بمن يشد على يدك وقت ضعفك وتجديه بجانبك فى أحلك الظروف.

كان لى الحظ أن التقى بامرأة استطاعت أن تتجاوز محنتها بكل شجاعة… واجهت الدكتورة "إيمان كريم" ظروفًا قاسية بقوة وإرادة… فبعد الحادث الذي تعرضت له فى سن ال14 وجدت نفسها تعيش حياتها على كرسٍ متحرك... لم تفقد الأمل ولكنها تفوقت دراسيًا واتجهت للعمل العام التطوعي حتى أصبحت أستاذًا للغة الألمانية وعضو هيئة تدريس بإحدى الجامعات الخاصة… كما أنها فازت فى انتخابات إحدى الأندية الرياضية، وترأست لجنة الطفولة وكان لها اهتمامات واضحة بالأنشطة الفنية للأطفال، وساعدت على تنمية مهاراتهم.

وتعد "إيمان" أيضا عضوًا بارزًا فى مجلس أمناء مؤسسة الحسن لإعادة تأهيل مستخدمي الكراسي المتحركة، حتى يصبحوا أعضاء فاعلين وناجحين فى المجتمع… "إيمان" هى نموذج فريد للتحدى والتصميم على تحقيق أحلامها مهما كانت الصعاب التي تواجهها... تلك القوة التي تتمتع بها "إيمان" ربما تكون كامنة لديك أنتِ أيضا يا "حواء"... كل ما تحتاجينه هو أن تنفضي الغبار عنها لتلمع من جديد… فلا تشكي لحظة فى قدراتك ولا تفكري أبدًا فى التقليل من قيمة نفسك.… فليس كل سقوط نهاية بل قد يعقبه أجمل بداية.. فلا تستسلمى إذا وجدتى الحياة تعاندك ولا تستسلمي إذا تكالبت عليك الهموم من كل جانب… فالحياة تستمر بخيرها وشرها وإن لم تتوافق مع رغباتنا وحاجاتنا.

كل ما علينا هو التعايش معها بصبر… فلا تجعلى سعادتك مشروطة بزوال جميع مشاكلك… وتأكدي أنها ستزول فى يوم ما لأن بقاء الحال من المحال… وابتعدى عزيزتي عن الأشخاص السلبيين الذين يصدرون الطاقة السلبية لك طوال الوقت، لأن التعاسة ستكون النتيجة الحتمية لذلك...وابحثى عن الأشخاص الملهمين المحبين، الذين يتحدثون عنك بإيجابية ويشعرونك بقيمتك.. يا "حواء" إذا لم يحالفك الحظ وأسأت الاختيار فى بداية حياتك… فلا تجزعى.. فقد يكون الاختيار السيئ سببًا فى التأنى بعد ذلك فى اختياراتك المستقبلية… وتأكدي أنك تستحقين الأفضل دائما.