عاجل
الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
مصر بين الرسائل.. الدولة خطٌ أحمر

الندوة التثقيفية .. بريد هيلاري كلينتون.. تعيينات الشيوخ وانتخابات النواب

مصر بين الرسائل.. الدولة خطٌ أحمر

على مدار الأيام الماضية، وتحديدًا بداية من الأحد الماضى مع انعقاد الندوة التثقيفية الـ32 للقوات المسلحة تحت عنوان «أكتوبر 73 رمز البقاء والنماء» وإعلان الرئيس عبدالفتاح السيسي الواضح والقاطع بأنه «لا مصالحة» مع من أرادوا الخراب لمصر وما شهدته الندوة من عرض إحصائى قدَّمه رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى، حول تحديات التنمية بين الماضى والحاضر والمستقبل ومحورية قضية الزيادة السكانية فى رسم ملامح السنوات والعقود القادمة.. ومن بعد ذلك زلزال سياسى فى الولايات المتحدة تمثَّل فى الكشف عن الرسائل الإلكترونية لوزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلارى كلينتون والذي جاء محتوى ما تم تداوله والإفراج عنه مؤكدًا لحجم المؤامرة التي تعرَّض لها العالم العربى ومصر فى القلب منه استخدمت فيه إدارة باراك أوباما جماعة الإخوان الإرهابية وسندها الإقليمى- ممثلاً فى قطر- فى تدمير وتخريب كل ثوابت الدولة الوطنيّة فى المنطقة.. وأن الحديث المصري حول حجم المؤامرات التي تعرضت وتتعرض لها الدولة المصرية ما كان ينطق عن الهوى ولا كان يستدعى فوبيا الجماهير للحشد كما يزعم إعلام الجماعة الإرهابية.. ولكنه حديث ينطلق وفق معلومات - لم يكشف منها إلا قشور للرأى العام - ودراية وقراءة وأفق استوعب حجم المؤامرة التي جرت وقرر هزيمتها، ومن هنا كان النداء الدائم بحتمية الوعى والاصطفاف الوطني حول الدولة المصرية وحمايتها والدفاع عنها.



 

وأخيرًا، جاءت أنباء الأسماء التي تم تعيينها من قبل السيد رئيس الجمهورية فى مجلس الشيوخ لينتبه الذهن أيضًا إلى عملية «البناء النيابى» التي تجرى الآن بعد انتهاء تكوين مجلس الشيوخ الذي سيُشكل الغرفة الثانية للبرلمان، بينما دخلت انتخابات مجلس النواب فى مرحلة الجد.. وبدأت حدة المنافسة خصوصًا فى المنافسة بين المقاعد الفردية تعلن عن نفسها فى أغلب الدوائر، بينما تشكل القوائم وخاصة القائمة الوطنية مجموعة من الرسائل تستحق التوقف أمامها.

 

ومن خضم كل هذه التفاعلات.. وما بين حديث الندوة التثقيفية وفضيحة بريد هيلارى الإليكترونى وتعيينات الشيوخ وانتخابات النواب.. ظهرت علامات واضحة يمكن اعتبارها وتسميتها بعلامات.. «الترقيم السياسى».. وظنى أنه حان الوقت لكى تكون حاضرة فى ذهننا جميعًا، فالصورة الكاملة بأبعادها المتعددة.. وحجم تحدياتها.. أفرزت أيضًا تنوُّعًا للمسؤوليات وللأعباء.. والحديث هنا ليس فقط لكل مهتم بالعمل العام أو متابع للشأن العام.. ولكن لكل إنسان مصري حريص على بلده ومستقبله، أيًا كان موقعه وأفكاره ورؤيته مادمنا جميعًا نقف على أرض «الوطنية المصرية» وسيادة مصر واستقلال قرارها ورفعة علمها نصب أعيننا، فأى اختلاف ما هو إلا طبيعة بشر وفطرة إنسانية وتباين رؤى.. وعلامات «الترقيم السياسى» هذه من وجهة نظرى تتمثل فى الآتى:

 

العلامة الأولى: استقرار مصر خط أحمر

 

كل من عاش كابوس يوم 28 يناير 2011 يعرف ويدرك جيدًا أن ما حقَّقته مصر الآن هو معجزة بكل المقاييس.. كل من شاهد مصر فى هذا اليوم الكارثى الأسود كان أقل تقديره أن مصر لن تعود إلى عنفوانها قبل عشرين عامًا وربما أكثر.. ولهذا كان الرئيس عبدالفتاح السيسي محقًا عندما وصف حجم العمل فى السنوات الست الماضية للدولة المصرية بأنه يعادل عشرين عامًا من الجَهد الحقيقى بهدف تحقيق معدلات تنمية مرتفعة وهى أعلى معدلات التنمية فى الأسواق الناشئة عالميًا وانخفاض معدل البطالة لأدنى مستوياته وتحقيق هذه التنمية العمرانية المبهرة.. كل هذا النجاح «الاستقرار» عنوانه العريض وكل من يريد خراب مصر مدخله هو العبث باستقرار مصر، وبالتالى مصر تواجه على مدار السنوات الست الماضية كمًا مهولًا من الشائعات يوميًا وقنوات معادية ودعوات تحريضية، وكل هذا تقف خلفه دول معادية وتنظيم إرهابى دولى وهدفهم هو ضرب استقرار مصر.

 

وكلمة «استقرار» سهلة فى نطقها وفى كتابتها، ولكن كان الوصول لها صعبًا يقف على حافة المستحيل.. وفى سبيله دُفع ثمن غالٍ من دماء الشهداء وهم أغلى أبناء مصر وزهرة شبابها ولتحقيقه تحمل الشعب المصري بجسارة وشرف قسوة الإصلاحات الاقتصادية ومن أجله يخوض رئيس مصر ومؤسسات الدولة المصرية معارك شرسة.

 

وبالتالى فإن استقرار مصر والحفاظ على المكتسبات التي تحقَّقت «خط أحمر» لا تفريط فيه ولا يخضع لأى حديث إلا حمايته.. العبث بمصير 100 مليون لا يمكن اعتباره وجهة نظر.

 

العلامة الثانية: الإرهاب لن يكون جزءًا  من واقع ومستقبل مصر

 

منذ ثورة يونيو المجيدة التي حررت مصر من حكم الجماعة الإرهابية ومحاولة إعادة الإخوان إلى المشهد لا تتوقف.. بدأت مع إدارة أوباما التي كثَّفت كل أدوات ضغطها فى الفترة من يونيو 2013 وحتى رحيل الإدارة من البيت الأبيض فى يناير 2016 بغرض تمرير ما سُمى بـ«دمج» الإخوان فى المشهد السياسى المصري وهى محاولات وجدت تصديًا حاسمًا من الإدارة المصرية ومؤسسات الدولة المصرية بوضوح شديد وأنه لا رجعة فى الانتصار لإرادة الشعب المصري مهما كانت التحديات.. ومن هنا نستطيع أن نفهم حرص الرئيس السيسي على وحدة الشعب المصري دائمًا واستخدامه مصطلح «الكتلة» وإعلانه أكثر من مرة أنه لا أحد يستطيع هزيمة المصريين إذا اتحدوا.

 

ثم بعد رحيل إدارة أوباما تولى الأتراك والقطريون - أثبتت رسائل هيلارى كلينتون أنهم فريق واحد فى مهمة قذرة – تلك المهمة من خلال استهداف الاستقرار الداخلى والتشويش على الوعى العام من خلال لجان إلكترونية وقنوات معادية وتم استبدال مصطلح «الدمج» بمصطلح «المصالحة».. وظهرت معه ما أعتبره «خيانة المثقفين» وظهر معه أيضًا التحالف المريض بين اليسار والإخوان.. وبدأت مجموعة محسوبة على النخبة تكتب وتظهر فى البرامج تتحدث عن «المصالحة»، وذلك فى الفترة من 2016 وحتى 2018 مع نشاط مكثف فى الاتجاه نفسه من قبل جمعيات حقوقية داخل دول الاتحاد الأوروبى تدور فى فلك التنظيم الدولى للإخوان تسعى لنفس الهدف وتروج للمصطلح نفسه، وكالعادة تصدت مصر للأمر نفسه وأنه لا مجال للمصالحة.

 

ومنذ العام 2018، وحتى يومنا هذا فى العام 2020 وبعد تمكُّن مصر من تحجيم، بل هزيمة القوى الإقليمية الداعمة للإخوان بدأت مساعى هذه القوى الإقليمية للحديث عن المصالحة معهم من خلال تلميحات إعلامية وتصريحات شبه رسمية.

 

خذ كل هذه المعطيات والمحاولات ستجد النتيجة المنطقية هى إعلان الرئيس السيسي بحسم أنه لا مصالحة مع من أراد الخراب لمصر ولشعب مصر.

 

وهذا يعنى أن مصر استوعبت كل دروس الماضى وأنه لا مجال لكى يكون الإرهاب جزءًا من حاضر مصر ومستقبلها.

 

العلامة الثالثة: إدراك حجم التحديات  التي تواجهها مصر

 

لم تعد التحديات التي تواجهها مصر شمالًا وجنوبًا وشرقًا وغربًا سرًا، ولكنها واقع نعيشه فلماذا يسعى البعض لإنكاره وتجاهله؟.. مصر لا تُغمض عينيها منتبهة لما يدور حولها وما يحاك ضدها.. فلا يصح أن تقف متفرجًا أو فى موقع المحايد، وعليك أن تدرك حجم هذه التحديات وأن مواجهتها استدعت امتلاك «القدرة» حتى نملك مصيرنا ويظل قرارنا الوطني مستقلًا.. وبالتالى لا تترك عقلك للتغييب وحصِّن نفسك بالمعرفة وكن أنت خط دفاع عن بلدك فى محيطك بين أفراد أسرتك فى عملك فى كل موقع لا تسمح بأى تضليل يباشر فى حق وطنك، أما إذا كنت تتعرض للعمل العام فإن إغفالك لحجم التحديات والمخاطر التي تواجهها مصر إذا كان يتم عمدًا من جانبك فأنت مغرض.. تسعى لإرباك إدراك الناس، وإذا غاب الإدراك حضر الإخوان وأنت شريك لهم.. لأن هذا التنظيم الإرهابى ينشط فى المساحات الرمادية، ولهذا فإن الإخوان أعداء الوعى.. وأما إذا كنت تسقط حجم التحديات من حساباتك جهلاً وأنت تتعرض للعمل العام فهذه كارثة كبرى.

 

وتظهر مثل هذه الأمور فى خلط المصطلحات عند تحديد المواقف السياسية بلا تمييز.. خلط معنى الدولة بالحكومة.. والنظام السياسى بالإدارة السياسية.. وهى نقطة قد يراها البعض هامشية، لكنها محورية لأن فقدان التمييز ينسحب على أداء النخب ويلقى بالمجتمع كله إلى متاهات مدمرة.

 

العلامة الرابعة: الإصلاح الاقتصادى والإصلاح السياسى مساران متوازيان

 

بلغة الأرقام مصر حققت معجزة اقتصادية، وهى بالفعل أكثر الأسواق الناشئة نموًا وتقديرات الأمم المتحدة تشير إلى قدرة الاقتصاد المصري على احتلال المركز السادس عالميًا بحلول العام 2030.. وذلك بفضل الرؤية الاقتصادية ومسار الإصلاح الاقتصادى الجاد الذي خاضته مصر وتستكمله بالإصلاح الهيكلى بمشاركة أكبر للقطاع الخاص فى عملية التنمية، ومن ثم فنحن أيضًا أمام عملية خلق رأسمالية وطنية جديدة فى مصر تعمل وفق محددات ورؤية، وكذلك حصّن الإصلاح الاقتصادى مصر إلى حد بعيد من تجنب تبعات فيروس كورونا الاقتصادية .

 

ولكن الأيام الماضية أيضا أثبتت أن مسار الحياة السياسية السليمة يمضى بشكل إصلاحى منضبط، ظهر ذلك من خلال عدد من الأسماء التي تم تعيينها من قبل السيد رئيس الجمهورية فى مجلس الشيوخ؛ حيث اتسمت بالتنوُّع الفكرى والثقافى من جهة وبعضها تحسبه على المعارضة من جهة أخرى.. وفى المقابل عند النظر إلى انتخابات مجلس النواب وتحديدًا عند التدقيق فى بناء القائمة الوطنية ستكتشف أن هناك ما يمكن اعتباره إفساح مجال للمعارضة وليس صناعة معارضة.. وبعض هذه الأحزاب لولا دخوله فى القائمة الوطنية ما كان له الاستمرار فى الحياة السياسية لأنه كان من الصعوبة أن يخوض الانتخابات سواء على النظام الفردى وكذلك لا يستطيع تكوين قائمة بمفرده وإذا استطاع فرص نجاحه تكاد تكون معدومة.

 

العلامة الخامسة: المشاركة فى التصويت على انتخابات مجلس النواب

 

بعد دخول انتخابات مجلس النواب فى مرحلة الجد كما ذكرنا ومع استعراض قدر يسير من الصورة العامة للمشهد المصري، وبعدما علم الجميع حجم المؤامرة التي تعرضت وتتعرض لها مصر بعد الكشف عن إيميلات هيلارى كلينتون وما تضمنته من أدلة صريحة على عمالة نظام الإخوان والمخطط الذي استهدف إسقاط  مصر.. لم يعد هناك مكان لمتابعة انتخابات مجلس النواب من موقع المشاهد، ولكن عليك أن تشارك وأن تساند بلدك وأن تقول رأيك وأن تفرز المرشحين وتختار الأفضل وأن تهزم مجددًا من أرادوا هزيمة وطنك.. صوتك فى الصندوق يهزمهم، عليك أن تعرف ذلك.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز