عاجل
السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
ذكرى انتصارات أكتوبر
البنك الاهلي

8 أكتوبر ..يوم القبض على "عساف"

الأسير عساف ياغوري
الأسير عساف ياغوري

 8أكتوبر1973، ثالث أيام الحرب، اندفعت قوات لواء دبابات إسرائيلي مكونة من 35 دبابة بقيادة العقيد عساف ياغوري لاختراق مواقع الفرقة الثانية مشاة، بقيادة العميد حسن أبو سعدة في اتجاه كوبري الفردان بغرض الوصول إلى خط القناة، وكلما تقدمت الدبابات الإسرائيلية ازداد أمل آدان ـ قائد الفرقة التي يتبعها لواء نيتكا 190 مدرع، فجأة انهمرت النيران علي اللواء الإسرائيلي المدرع، من ثلاث جهات في وقت واحد تنفيذا لخطة حسن أبو سعدة ، المفاجأة الأقوى كان يتم تدمير الدبابات المعادية بمعدل سريع بنيران الدبابات المصرية والأسلحة المضادة للدبابات والمدفعية.



 وكانت الدبابات الإسرائيلية المتقدمة باندفاع شديد تتكون من 35 دبابة مدعمة بقيادة العقيد عساف ياجورى وهى إحدى الوحدات التي كانت تتقدم الهجوم، فأصابه الذعر عندما أصيبت ودمرت له ثلاثون دبابة خلال معركة دامت نصف ساعة في أرض القتل. 

 

ولم يكن أمام عساف ياغورى إلا القفز من دبابة القيادة ومعه طاقمها للاختفاء في إحدى الحفر لعدة دقائق وقعوا بعدها في الأسر برجال الفرقة الثانية وظلت هذه الدبابة المدمرة في أرض المعركة تسجيلا لها يشاهدها الجميع بعد الحرب.

 

 يقول عساف ياغوري قائد لواء مدرع إسرائيلي في مذكراته: يوم ٨ أكتوبر في الساعة 14:30 بدأت دبابات ومصفحات لوائي بالانطلاق بأقصى سرعة لإثارة سحُب من الغبار تحجب عنهم حجم قواتي، ولإحداث الارتباك في صفوفهم وظل تقدم اللواء على مساحة عرضها 3 كيلومترات، وبنفس السرعة العالية. اخترقنا النطاق المحدد ولا توجد مقاومة تذكر للعدو وفتحت الاتصال اللاسلكي بالجنرال آدان وبادرني بالسؤال في قلق عن موقف لوائي، قلت له ضاحكا "إن كل شيء على ما يرام ودباباتى تدوس الجنود المصريين الذين أربكهم الهجوم ولم تظهر حتى الآن محاولة لصدنا.

 

 لم أكد انتهى من اتصالي بآدان حتى أبلغتني الدبابات الثلاث الأولى بوصولها إلى مقربة من ضفة القناة، في نفس هذه اللحظة حدث ما لم يمكن في الحسبان إطلاقا، لقد انقلبت الدنيا رأسا على عقب، إن المصريين قد أوقعونا في كمين محكم، كيف ضبطوا أعصابهم ونيرانهم طوال هذا الوقت؟ لا أعلم !! لقد أنصبت مدافعهم علينا بنيران مذهلة الكثافة والدقة كما لو كان ضابط مدفعية مصري يقف فوق دبابتي لضبط وتوجيه نيران مدافعهم، وقفز جنود المشاة من حفرهم التي اختبأوا فيها واندفعوا نحو دباباتنا بصواريخهم القاتلة.

 

وقوع قائد اللواء الإسرائيلي في الأسر

 الدبابات تنفجر، والجنود والضباط يقفزون منها، يصرخون، ويبحثون عن مكان يهربون فيه، رشاشات المصريين تسكت هذه الصرخات اتجه المصريون بعد ذلك ناحيتنا، لا مفر من الاستسلام، رفعت يدى إلى أعلى وأخذت أصيح في وجوههم وأنا أرى الموت يتقدم نحوي  "أنني جنرال.. أنا جنرال.. لا تقتلوني" فوجئت بهم يتوقفون عن الضرب، جندي واحد فقط اضطر قائده إلى أن يأمره بصوت حاد بعدم إطلاق النار. 

 

سرت بينهم مقيدا، لا استطيع أن أقاوم البكاء، هذا هو أشد الأيام كآبة وأكثرها إحباطا على الجبهة المصرية، نظراتهم صارمة حادة لكنهم لم يفعلوا شيئا.. كنت أتوقع أنهم سوف يقتلونني ومن معي في أية لحظة.  قادوني إلى مقر قيادة الفرقة التي كنت مكلفا باختراقها، جذبني هدوء وبرود قائدها، قلت له إنني أملك في الحياة المدنية فندقا في تل أبيب، وشرحت له كيف كانت خطته محكمة وكيف أن الجنود المصريين يقفزون على دبابتنا دون أن يبالوا بأي شيء حتى ولو كان الموت. 

 

تحدث هو إلى بصوت هادئ أكد لي أنهم يحترمون قرارات جنيف وإنني سأعامل في الأسر معاملة طيبة، وألمح هو إلى بعض ما جرى للمصريين في حرب 1967 وقال " مع ذلك لن نعاملكم بالمثل وستلقون معاملة إنسانية.

 

 قادوني بعد ذلك إلى مقر المخابرات في القاهرة وتم استجوابي من جديد، وكانت الأسئلة تتناول أمورا كثيرة عسكرية واجتماعية واقتصادية وسياسية وعن بعض الشخصيات العامة، أعتقد أنه كان بين المستجوبين أستاذ علم نفس على الأقل.  

 

وتم إجراء لقاء تليفزيوني معي بعد انتهاء التسجيل معي للتليفزيون والتسجيل لإذاعة القاهرة الناطقة بالعبرية قادوني إلى مقر الأسر وقد نظموا لي طوال فترة وجودى عدة رحلات إلى الأهرام وفندق هيلتون، كما التقيت ببعض اليهود الذين لا يزالون يعيشون في مصر وذلك بناء على طلبي.

 

أثناء فترة أسرى كنت أقول لنفسي ترى ماذا حدث لبقية زملائي ترى هل وجدوا طريقهم إلى النجاة. بعد عودتي من الأسر فوجئت بل أذهلني حجم الخسائر التي وقعت في صفوفنا ومع ذلك لم تعلن حتى الآن الأرقام الحقيقية لخسائرنا.

 

حائر أنا ..حيرتى بالغة .. كيف حدث هذا لجيشنا الذي لا يقهر وصاحب اليد الطولي والتجربة العريضة؟ كيف وجدنا أنفسنا فى هذا الموقف المخجل؟ أين ضاعت سرعة حركة جيشنا وتأهبه الدائم؟   

 

مذكرات إبراهام آدان عن يوم 8 أكتوبر

يقول الجنرال إبراهام آدان في كتابه على ضفتي قناة السويس، كانت أكبر أخطائي هو هجومي في اتجاه القناة، لقد أحسست في الثامن من أكتوبر بضغوطهم على بينما لم يكن يحدث مثل ذلك في الحروب السابقة، ولم يكن أمامي مفر سوى أن استجيب.

 

لم اعرف أن الخطة المتفق عليها في اليوم السابق قد غيرت وبينما كنت في حالة من التردد إذا بأوامر يوري بن آري نائب جونين قائد الجبهة الجنوبية "سيناء"، تدفع بي للاقتراب بقواتي من القناة واشترطت لهجومي على القناة ضرورة حصولي على معونة جوية ومساعدة من المدفعية وتدعيمي بكتيبة مدرعة من فرقة شارون.

 

لست أتنصل من مسؤولية ما حاق بالفرقة المدرعة التي توليت قيادتها من فشل، فقد كان الأسلوب القتالي للفرقة متخلفا، وكان التنسيق والسيطرة من جانبي على قواتي غير كافيين، وفى الهجوم الثاني لم أنجح في تدعيم لواء "نيتكا" حتى لا يهاجم العدو بمفرده، وكان قادة ألويتي المدرعة على نفس هذا الحال، فقد كانت سيطرتهم وتنسيقهم بين قواتهم غير كافيين، ولم يكن هناك مبررا ليدفعوا بنا للهجوم على مقربة من القناة في الوقت الذي كان علينا أن ننتشر جنوبا ، لقد كان أساس الفشل أننا هاجمنا وحدنا بلا مشاة وبلا مساعدة سواء من المدفعية أو من الطيران لقد وعدنا جونيين بالمساعدة الجوية ولكن اتضح لنا بعد ذلك أن المساعدة الجوية مبعثرة ومشتتة في كل مكان، فمن بين عشرات الطلعات التي قامت بها طائرتنا لمساعدة القوات الأرضية لم تقم إلا بأربع وعشرين طلعة فقط على قطاع الفردان.

 

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز