عاجل
الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
ذكرى انتصارات أكتوبر
البنك الاهلي

سرت على ضوء دانات المدافع بعد تنفيذ المهمة في موقع العدو

لواء د. إبراهيم بدر يروي تفاصيل أخطر مهمة نفذها في ثغرة الدفرسوار

بطل من حرب أكتوبر
بطل من حرب أكتوبر

إيمان رجال القوات المسلحة بقضيتهم، وعزيمتهم الراسخة على استرداد الأرض سر الانتصار

أبناء الدفعة "54" جميعاً في حرب أكتوبر المجيدة حققوا إنجازات سيتوقف التاريخ أمامها

أجرينا تدريبات على العبور في بحيرة قارون بالفيوم..عند سماعي لخبر العبور خفق قلبي بشدة وكأنه سيطير من مكانه

قمنا كقوات النسق الثاني بالجيشين الثاني والثالث بمحاصرة العدو بالدفرسوار وتكبيده خسائر كبيرة حتى وقف إطلاق النار

هذا الموقف في الحرب لن أنساه ما حييت ..و الحرب على الإرهاب أكثر صعوبة من حرب أكتوبر.. فأنت لا تعرف من تحارب ولا تراه

 

"التدريب المكثف والواقعي والمهارة في التخطيط للحرب والتنظيم المحكم لجميع القوات، والجسارة في تنفيذ جميع العمليات العسكرية، والأهم هو إيمان رجال القوات المسلحة بكل درجاتهم العسكرية، من أصغر جندي لأكبر ضابط، بقضيتهم، وعزيمتهم الراسخة على استرداد أرض الفيروز".. هكذا بدأني اللواء دكتور إبراهيم بدر حين سألته عن سر نصر أكتوبر.



 

لواء دكتور إبراهيم بدر من مواليد 1948، تخرج في الكلية الحربية، في العام 1969 في الدفعة الأشهر "54".

 

وسبب تميز تلك الدفعة يرجع لكونها أول دفعة تدخل الكلية الحربية عقب نكسة يونيو 67، وكانوا يعلمون تماما أنهم مقدمون على حرب، وأن عليهم عبء محو عار الهزيمة.

 

كما أنها الدفعة التي وقع عليها عبء قيادة القوات على الخطوط الأمامية في حرب أكتوبر كقادة سرايا لجميع الأسلحة، وهي الدفعة التي قدمت أكبر عدد من الشهداء خلال الحرب.

وقد شارك أبناء الدفعة "54" جميعاً في حرب أكتوبر المجيدة، وحققوا إنجازات سيتوقف التاريخ أمامها. بمناسبة الذكري 47 لإنتصارات حرب أكتوبر المجيدة، حرصت “بوابة روزاليوسف”، علي أن تلتقي مع اللواء إبراهيم بدر" الذي كان خلال حرب أكتوبر برتبة نقيب وقائد سرية مشاة ميكانيكي بإحدى كتائب الجيش الثالث الميداني. ذهبنا إليه في منزله وسألناه:

متى علمت بموعد شن الهجوم لاسترداد أرض سيناء؟

 

علمنا بخبر الحرب صباح يوم العمليات، حينما استدعانا قائد الكتيبة "المقدم رشاد سليم" ليبلغنا بأن حرب العبور ستكون الساعة 2 ظهرا، وقد كان هناك مشروع تعبوي في القوات المسلحة، وكانت هناك عدة نماذج محاكاة للعبور في أكثر من مكان، وأنا كتيبتي تدربت على العبور في بحيرة قارون بالفيوم، وقمنا بتركيب الكوبري وعبور الدبابات، وخراطيم المياه، وكل السيناريو الذي انقلب للحرب الحقيقية، في السادس من أكتوبر.

وماذا فعلت أنت وزملاؤك وجنودك بعد سماعكم هذا الخبر السار؟

 

فرحة لا توصف، لدرجة الشعور خفقان القلب بشدة وكأنه سيطير من مكانه، ففي تلك الفترة كنا نتدرب بكل جدية، دون أمل كبير في قيام الحرب وتنفيذ مشروعنا التعبوي.

 

وعندما وصلت التعليمات ببدء الحرب الشاملة كنا نعانق بعضنا البعض، والكل صاح صيحة واحدة بدون أي ترتيب مسبق "الله أكبر".

 

 

ماذا حدث خلال حرب أكتوبر بالضبط وفقا لمعايشتكم وما بعدها كضابط مقاتل وقائد سرية؟

 

القوات التي كانت موجودة على طول الجبهة الغربية للقناة هي الجيش الثاني في الشمال من بورسعيد حتى الدفرسوار، والجيش الثالث من جنوب الدفرسوار حتى السويس.

 

وقد كانت مهمة وحدتي التابعة لكتيبة مشاة ميكانيكي بالجيش الثالث، تطوير الهجوم في سيناء، بعد أن تتوغل قوات المشاة في سيناء لمسافة معينة.. وفي تلك الفترة انحصر دورنا على عمليات مساعدة لقواتنا في سيناء، وحين جاء دورنا في تطوير الهجوم، حدث ما يطلق عليه "ثغرة الدفرسوار" في 15 أكتوبر، فصدرت لنا الأوامر بإحداث أكبر قدر من الخسائر فى قوات العدو وأسلحته ومعداته، حتى يصبح بقاؤه غرب القناة جحيما لا يحتمل، مع منع العدو من تحسين وتحصين مواقعه شرق وغرب القناة.

 

وبالفعل قابلناها، وقد كانت الثغرة مكونة من 4 لواءات مدرع، ولواء مشاة ميكانيكي، ولواء مظلي، واتجهت كتيبتنا بالكامل لملاقاة القوات، وبالفعل تمكنا من إيقافهم، بل وحصارهم في منطقة تسمى “الجفرة”، بعدما كانوا متجهين للسويس.

 

وقد سميت هذه العملية باسم "شامل" لتدمير أي قوات للعدو في الثغرة، وقد كان ذلك التعامل أفضل من سحب قوات من الشرق، لأن هناك بالفعل قوات بالغرب، فبدلا من تطوير الهجوم قمنا كقوات النسق الثاني بالجيشين الثاني والثالث بمحاصرة العدو وتكبيده خسائر كبيرة حتى صدور وقف إطلاق النار.

 

وبالمناسبة لموضوع الثغرة هذا لم يكن يمثل لإسرائيل إلا شو إعلامي أمام العالم والشب اليهودي خاصة، بعد الفضيحة التي منيت بها بعد فضح الأسطورة التي لا تقهر.

 

ما أغرب موقف تعرضت له خلال الحرب  المجيدة؟

 

صدرت أوامر لكل وحدة من وحدات النسق الثاني، بفتح ثغرة في جيش العدو في الثغرة، وبالفعل أخذت معي 2 من سلاح المهندسين، وجنديين، في سيارة، واتجهنا لفتح الثغرة والاستيلاء على الألغام بعد العشاء، وبالفعل قمنا بقطع السلك الشائك المقام من العدو، ثم بدأنا في استعمال المجسات وعرفنا طريق الألغام، وقمنا بفك "المشعل"، وأخذناها في السيارة، وأخذنا ساترا من العدو، ونوينا البيات حتى ظهور أول ضوء من الفجر لكي نعود لوحدتنا، وبعد ساعتين تقريبا قذفت وحدتي عدة طلقات مدفعية باتجاه العدو، فسرنا إلي وحدتنا علي ضوء دانات مدافعنا  بالليل، وعدنا سالمين والحمد لله.

 

 

 

موقف حدث في الحرب لن تنساه ما حييت؟

 

بعد نجاح قواتنا في صد الثغرة وانسحاب جيش العدو منها، عبرنا لسيناء لكي نعمل على تنفيذ مهامنا القتالية وهي تطوير الهجوم، ومن المعروف أن قوات المشاة الميكانيكي لابد أن تحيط كل وحدة نفسها بسياج من الألغام، حتى لا يقدر أحد على اقتحامها.. المهم تم إرسال سيارة بها 4 جنود وضابط، لإحضار الألغام من الإمداد بالخلف، وفي طريق عودة السيارة للوحدة وقبل أن تصل بـ300 متر وكنا نراها فإذا بها تنحرف عن "المدق" الآمن من الألغام لتصطدم بلغم مضاد للدبابات، فتنفجر السيارة بمن فيها، وطبعا بسبب شدة الانفجار لأنها كانت محملة بالألغام، لم نجد جثث زملائنا رحمهم الله.. ولكن كله يهون علشانك يا مصر.

 

بم تفسر.. رغم التفوق الإسرائيلي في الأسلحة والعتاد والإمكانيات المادية والحليف الأمريكي السخي، فإن الجيش المصري كانت له الغلبة والانتصار الساحق؟

 

"العنصر البشري" وعزيمة الجندي المصري التي جددت السلاح المصري القديم، فمثلا بعد أن دمر جيشنا 73 دبابة للعدو في خلال ساعتين، قامت أمريكا بتعويض العدو بغيرها وأحدث، ودمرناها أيضا، فقامت أمريكا بإمداد العدو بصاروخ يسمى "تاو" مضاد للدبابات، ولم يكن قد تم اختباره بعد في الجيش الأمريكي، أي أنه خدم لإسرائيل قبل أن يخدم في الجيش الأمريكي!

 

كان هذا الصاروخ متطور تكنولوجيا جدا وقتها، حيث كان لايتطلب إلا أن توجهه في اتجاه الدبابة، وهو يقوم بالباقي حيث يعمل بمستشعرات حرارية فيضرب الموتور أو الجاكمان، أو مدفع الدبابة، فكان لابد لنا من حيلة، وكانت بسيطة وفقا لإمكانياتنا المتاحة، وهي أننا قمنا بجمع علب الصفيح الكبيرة أو البراميل القديمة ونملأها بالرمال، وقطع القماش القديمة بعد أن نغمسها في السولار، ثم نشعل فيها النار ونضع أحدها عن يمين وعن يسار كل دبابة، فيأتي الصاروخ ليضرب الصفيحة.. إنه الجندي المصري ياسادة، وإنها العزيمة التي لا تلين.

 

في رأيك ما الفرق بين المعارك التي دارت لتحرير سيناء في حرب 73 والحرب الدائرة حاليا لتطهيرها؟

في حرب أكتوبر كنا نحارب عدوا نراه أمامنا ونعرفه جيدا، سواء أثناء القتال المتلاحم أو عن بعد، أما الحرب على الإرهاب الدائرة حاليا في سيناء، فالعدو انت لا تعرفه أو تراه، وبالتالي لا تستطيع أن تتعامل مع عدوك إلا بعد أن يبدأ هو التعامل معك، فقد يكون شخصا عاديا ويتحرك أمامك، بل قد يأتي ليسألك عن مكان ما ثم يفاجئك هو أولا، وتكون المبادأة من جانبه، وأنت تقوم برد الفعل، وهو ما يتطلب من جنودنا اليقظة التامة والمستمرة، وهو ما يحافظ عليه أبناؤنا في سيناء الحبيبة، فالحرب على الإرهاب أكثر صعوبة.  

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز