عاجل
الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
ذكرى انتصارات أكتوبر
البنك الاهلي

مروان الريس يكتب: حكاية مقاتلين من دفتر النصر

تقدما إلى الالتحاق بالجيش المصري، بداية سنوات حرب الاستنزاف، خشي الأهل عليهما كثيرًا، لكن الأمل دفعهما للالتحاق بركب الكرامة وأخذ الثأر، بدايات عام 1969م، كل منهما راح يُؤهب نفسه للكشف الطبي، وتمت نتيجتهما بالقبول، أحدهما تم ترحيله للالتحاق بسلاح "المشاة"، والآخر بسلاح "الدفاع الجوي" المُحدّث، يفترقان لأول مرة منذ سنوات طوال عاشاها فتيةً، فشبابًا، كلٌ ذهب في طريقه ليكون ضمن دفعته في سلاحه.



 

دارت رحى هجمات الرعب والفزع الموجهة إلى قلب العدو، والضربات الخاطفة التي أقضت مضاجع اللئام على أرضنا في الضفة الشرقية، وعاش الرجال الأبطال عيش الراجي رفع راية البلاد عالية، كي يراها من في العالم أجمع على الضفة الشرقية للقناة، لكن لكل حدث حديثًا ووقتًا للقرار، كانا يتقابلان في قريتهما- التي أصبحت مدينة بعد عقود عدة- يتناولان الحديث حول الاستعداد والمشاركة في الهجمات التي تستنزف من طاقة ونفسية العدو، في حدود ما هو مسموح الحديث عنه، وبعد انتهاء إجازتيهما يرجع كل منهما إلى وحدته العسكرية.

 

وتتقدم الأيام حاملة العزم الأكيد على العبور لتخليص الأرض من يد الغادرين، ويتأكد دوريهما في سلاحيهما، ولشدة حرصهما وجدّهما في التدريبات، أصبحا قائدين لمجموعتين من الجنود (عريفين)، عُرف كل منهما في وحدته بالاسم لتفانيهما في التدريبات، ووضع مهمة كل منهما على عاتقه كي يؤديها بأفضل ما يكون من أجل مصر.

 

تنتقل الأحداث سراعًا حتى يأتي الموعد للعبور، في بداية العمليات كان أحدهما على الضفة الشرقية يتسلق خط برليف حاملًا فوق ظهره مدفعًا رشاشًا حمولته تتخطى وزن شخص بالغ، والآخر على الضفة الغربية يعمل ضمن إحدى منظومات الدفاع الجوي الحديثة، لعمل حائط تغطية صاروخي لصديقه ورفقائه من أبطال سلاح المشاة، وكأنهما اتفقا أيضًا في أحلك الساعات وأشدها أن يكونا سندًا لبعضهما، تنقضي أيام الحرب، ويعود بطل الدفاع الجوي وغيره من الأبطال أبناء القرية قبل بطل المشاة وبعض الأبطال الآخرين، فمنهم من وقع مصابًا أو أسيرًا أو مفقودًا، وتطول الغيبة، يظن الأهل في قريتهما، أن في الأمر شيئًا، تمر الأيام ثقالًا، لم يعد بطل المشاة وبعض الأبطال الغائبين.

 

وبعد أيام ثقيلة على النفوس، ينتشر سريعًا خبر عودة البطل الآخر، تهرول البيوت للقائه والاطمئنان عليه، ويتلاقى الصديقان، ولا يفترقان بعدها، إلا في عام الذكرى الرابعة والأربعين للنصر؛ حيث ترتقي روحاهما تباعًا، فينتقل بطل المشاة (عريف: محمود عبد الرازق الدالي) قبل رفيقه بثلاثة أشهر، وترتقي روح الآخر بطل الدفاع الجوي (عريف: حماد أحمد محمود)، في يوم النصر، يوم الكرامة 6 من أكتوبر.. تحية لكل الأبطال من أبناء هذا الشعب.. تحية لأبطال 67 (سعيد سالم أبو عفش، فتحي أبو الفتوح، سيد محمد بسيوني.. وغيرهم)، الذين لم يعودوا.

 

تحية إلى الرفيقين وأبطال قريتهما وأبناء مصر مصطفى الضليفي، وجلال الدالي، وصبحي المنشاوي، ومحمد هناء أبو زيد... وغيرهم، الذين كتبت لهم الحياة أن يعيشوا ذكريات النصر لمدة عقود؛ فتمر عليهم الذكرى كل عام محملة بأعطر النسمات، وأشرف لحظات البذل والعطاء والتضحية.

 

عاشت بلادنا حرة، قوية، ملكًا لأبنائها.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز