عاجل
الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي

ليبيا.. أمريكا تناور بأسلحة السياسة بعد حبس أردوغان خلف الخط الأحمر

واشنطن تطلق قذائف التقسيم وتصر  على نزع السلاح في سرت والجفرة



 

وزير خارجية ليبيا: تصريحات مستشار الأمن القومي الأمريكي يمكن البناء عليها.. ومدير الشؤون المعنوية بالجيش: الحل منزوع السلاح لا يعني انسحاب القوات

 

السفير رمضان البحباح: الطرح الأمريكي حول الخط الأحمر الخطوة الأولى لسيناريو التقسيم

 

د. محمد الزبيدي: الجيش يرفض الانسحاب ولا ثقة في الأتراك رضوان الفيتوري: الحديث عن حلول سياسية في زمن الاحتلال خيانة النائب علي التكبالي: لا تسوية دون الرجوع للبرلمان وشيوخ القبائل وموافقة الجيش

 

 

أصبح من المعلوم بالضرورة في الأزمة الليبية، أن الغزو التركي، وجلب آلاف المرتزقة والعناصر الإرهابية، تم بدعم أمريكي مباشر؛ بهدف الاستحواذ على النفط الليبي، وليس فقط لإبعاد النفوذ الروسي المحتمل.

في هذا السياق يشار  إلى أنه بعد نجاح الدولة المصرية في لجم تحركات أردوغان العسكرية داخل الأراضي الليبية، بإعلان تدخلها للدفاع عن أمنها القومي، وخطوطه الحمراء في سرت والجفرة، شرعت الإدارة الأمريكية في لعب دور سياسي لتحقيق ما عجزت الآلة العسكرية للمحتل التركي عنه، حيث نشطت الدبلوماسية الأمريكية بتنسيق مع الاتحاد الأوروبي، للدعوة لإقامة منطقة عازلة ومنزوعة السلاح في سرت والجفرة.

 

 

 

لكن الدولة المصرية والجيش الوطني الليبي، أعلنا رفضهما القاطع والمطلق لهذه الدعوة، كونها تعني مباشرة تقسيم ليبيا، ومن ثم تهديد الأمن القومي المصري بشكل مباشر، وأمام هذا الرفض لجأت الإدارة الأمريكية إلى مناورة جديدة، اعتمدت فيها على اللعب بالألفاظ والمصطلحات ذات الدلالات المتعددة والغامضة.

مطلع الأسبوع الماضي، أعلن مستشار الأمن القومي الأمريكي، ضرورة العمل على إيجاد حل منزوع السلاح في سرت والجفرة، وخروج جميع المرتزقة والعناصر الأجنبية، لبدء مفاوضات الحل السياسي، طبقا لمخرجات برلين وإعلان القاهرة. استبدلت الإدارة الأمريكية عبارة "منطقة منزوعة السلاح"، بعبارة "حل منزوع السلاح"، سعيا منها لتسويق فكرة وجود منطقة خضراء في وسط ليبيا على نحو قد يلقي قبولا، خاصة أن هذه العبارة لا تعني مباشرة انسحاب الجيش الليبي من سرت والجفرة ومنطقة الهلال النفطي.

صدى هذه الدلالة الحديدة كان حديث وزير الخارجية والتعاون الدولي عبدالهادي حويج، عندما سألته عن تقييمه لطرح مستشار الأمن القومي الأمريكي، الذي وصف بأنه الموقف النهائي للإدارة الأمريكية حيال الأزمة الليبية. "حويج" قال في عبارة مقتضبة إن الموقف الأمريكي إيجابي، ويمكن البناء عليه. السؤال ذاته طرحته على اللواء خالد المحجوب مدير الشؤون المعنوية للجيش الوطني الليبي، على هامش احتفالية الذكرى الـ ٨٠ لتأسيس الجيش الليبي بأبورواش؛ وما إذا كان يرى تطورا في الموقف الأمريكي بالحديث عما أسموه بحل منزوع السلاح؟!. اللواء المحجوب استحسن بيان مستشار الأمن القومي الأمريكي وقال إن هذه العبارة لا تعني أبدا انسحاب الجيش الليبي من سرت والجفرة، وتحويلهما إلى مناطق منزوعة السلاح، وأضاف أن المقصود بتلك العبارة هو إيجاد حل سياسي يستبعد الحرب.

 

 

 

 

المؤكد أن المسؤولين الليبيين رفيعي المستوي يدركون تماما حقيقة النوايا الأمريكية وأهدافها من استخدام ألفاظ ومصطلحات حمالة أوجه، إلا أنهما لم يردا استباق الأحداث، لاسيما أن رئيس مجلس النواب الليبي المستشار عقيلة صالح كان على موعد في اليوم التالي، الاثنين ١٠ أغسطس، مع سفير الولايات المتحدة لدى ليبيا ريتشارد نورلاند في القاهرة، علاوة على لقاءات أخرى مع كبار المسؤولين المصريين؛ إضافة إلى أن المناصب الرسمية تفرض على أصحابها إجابات دبلوماسية. أبى يوم الاثنين أن ينتهي دون أن يكشف حقيقة الموقف الأمريكي، فبعد وقت ليس بطويل من انتهاء اللقاء، الذي جمع رئيس مجلس النواب الليبي بالسفير الأمريكي، خرجت أخبار تتحدث عن أن تحويل سرت والجفرة إلى مناطق منزوعة السلاح واعتبار سرت عاصمة لإدارة شؤون الحكم في البلاد، ومقرا لمجلس رئاسي جديد وتحت حماية جهاز أمني ليبي موحد، يضم عناصر من جميع المناطق، كانت جوهر المباحثات بين الطرفين. وكان جل من تحدثت معهم من السياسيين الليبيين وخبراء في العلوم الاستراتيجية والعسكرية، عن دلالات المصطلح الجديد الذي تحدث عنه مستشار الأمن القومي الأمريكي "حل منزوع السلاح"، قد أكدوا أن الولايات المتحدة تسعى للالتفاف على المبادرة المصرية، وجعل سرت والجفرة مناطق منزوعة السلاح، لينسحب الجيش الليبي إلى ما وراء منطقة الهلال النفطي، لتحل محله قوات أممية، ويتم بعدها توزيع عوائد النفط على شرق وغرب ليبيا، تمهيدا لتقسيم البلاد.

 

 

السياسي والدبلوماسي الليبي السفير رمضان البحباح قال: أعتقد أن الأمريكيين، الذين ابتعدوا عن الملف الليبي في البداية، الآن، عادوا بقوة بغية فرض حل في ليبيا على مقاسهم، ويضمن مصالح حلفائهم في هذا البلد الذي دمروه في 2011 وأسقطوا نظامه، وبالتالي هم يعملون على إعادة تقسيمه بما يلبي استراتيجياتهم المستقبلية في كامل المنطقة العربية.

وأضاف: الأمريكيون هم عصاة الصهيونية، التي يتم بها تربية الأنظمة المارقة حسب وصفهم، والتي لا تسير في فلكهم، أعتقد أن المشروع الأمريكي في ليبيا لا يقصد منه أي حل سياسي مزمع بين الليبيين، فهم يعرفون أن ليبيا دولة محتلة وإدارتها تخضع لقوانين الحرب، وهي الأوامر والإملاءات الصادرة من خلالها، ليبيا اليوم هي فريسة تتصارع عليها وحوش الأرض، كل حسب قوتها ونفوذها بالنهاية سيسفر مصيرها إلى حالة الاندثار، ولن يبقى شيء اسمه ليبيا، لأنها ستؤول إلى بطون تلك الوحوش، من يفكر في إعادة الدولة الليبية بهذه المشاريع هو يفكر في الوهم والخيال، إن إقامة متاطق منزوعة السلاح في الواقع لا يقصد منه إبعاد الأطراف المباشرة في الصراع، وهي مصر وتركيا، وإنما خلق منطقة محمية لدخول الدول العظمى لتسييرها بحكومات عميلة تحمل أسماء ليبية، لكنها عبارة عن حكومات ديكورية تعمل لصالح الدول الكبرى، التي فرضت هذا الحل، وبمرور الوقت ستبقى هذه السياسة مطبقة عمليا لأجل غير مسمى.

من جانبه أكد أستاذ العلاقات الدولية بالجامعات الليبية دكتور محمد الزبيدي أن الإدارة الأمريكية تسعى لإيجاد اتفاق يعمل على انسحاب الجيش الليبي من سرت والجفرة، حتى تتمكن عبر مرتزقة أردوغان من فرض سيطرتها الكاملة على ثروات الليبيين، لافتا إلى أن بعض الأطراف الليبية، بدأت تتحدث عن عدد أعضاء المجلس الرئاسي، وضرورة تقليصه إلى ثلاثة أعضاء، بدلا من تسعه أو خمسة، وكأن مشكلة ليبيا كلها تنحسر في عدد أعضاء هذا المجلس.

وألمح إلى أن هناك من يسعى لخلافة فائز السراج، الذي شرع وزير داخليته المفوض فتحي باش أغا، بالتعاون مع نائبه في المجلس الرئاسي، أحمد ميعتيق، للإطاحة به.

وشدد الدكتور الزبيدي، على أنه لا ضمانات حتى لإيجاد منطقة عازلة حقيقية، حال وافق الجيش الليبي على هذا الطرح، وذلك أن أردوغان يقف على أبواب سرت والجفرة بـ ١٧ ألف مرتزق وعنصر إرهابي، والمؤكد أنهم سيجتاجون سرت والجفرة والهلال النفطي، فور انسحاب الجيش الليبي، وسنرى سيناريو الانسحاب من ترهونة يتكرر مرة أخرى.

وعن موقف الجيش الوطني، بقيادة المشير خليفة حفتر من المقترح، أكد الأكاديمي الليبي، أن الجيش لن يقبل بأي حال الانسحاب من نقاط تمركزه الحالية غرب سرت والجفرة، تحت أي مسمى، خاصة أن مصر بدورها لن توافق على طرح من هذا النوع، لإدراكها جيدا أنه يعني مباشرة وصول مرتزقة أردوغان وآلاف الإرهابيين على حدود التماس مع حدودها الغربية.

 

 

 

ويتفق المحلل السياسي والاستراتيجي الليبي رضوان الفيتوري مع رؤية الدكتور الزبيدي، قائلا إن مثل هذه الأطروحات تأتي في سياق مؤامرة كبرى على الجيش الوطني الليبي، والتي بدأت بالحديث عن تسويات سياسية، وإجراء انتخابات وتشكيل مجلس رئاسي وحكومة في الوقت، الذي تعاني فيه البلاد من احتلال تركي غاشم، وانتشار للميليشيات المسلحة والعصابات الإرهابية، فأي حلول سياسية تلك يمكن مباشرتها، بينما نحن نعاني من الاحتلال والفوضى.

الفيتوري، أكد أن الجيش الليبي، سيرفض مطلقا المقترح الذي جرى مناقشته في اجتماع صالح والسفير الأمريكي، متهما كل من يروج له بالخيانة للوطن ودماء الشهداء، الذين سقطوا دفاعا عن وحدة ترابه.

لكن ماذا عن أعضاء مجلس النواب، الذي ناقش رئيسه هذا المقترح الذي تسعى الولايات المتحدة لصياغته في إطار اتفاق شامل؟!. عضو لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب الليبي النائب علي التكبالي، أكد أنه لا مجال للحديث عن اتفاق أو حتى صياغة مبدئية له، خاصة أن المستشار عقيلة صالح نفى ذلك، ولا يوجد حديث رسمي عن ذلك الطرح الذي رددته بعض الأطراف، فضلًا عن أن أي قرار باتفاق لا يتخذ بشكل منفرد دون الرجوع إلى أعضاء البرلمان، والمؤسسة العسكرية، وشيوخ وأعيان القبائل الليبية.

ورجح النائب علي التكبالي، أن كل ما جرى هو مجرد مناقشة هذا المقترح الأمريكي مع المستشار عقيلة صالح، الذي عرض بدوره الموقف الليبي والمتمثل في مبادئ إعلان القاهرة ومخرجاته، مشددا على أن مجلس النواب الليبي والجيش وشيوخ القبائل يرفضون نهائيا مثل هذه المقترحات، التي من شأنها تقسيم ليبيا، وتقطيع أوصالها واستمرار رزوحها تحت وطأة الاحتلال التركي.  

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز