المحكمة اتهمت الفن الهابط وأغاني المهرجانات بأنها سبب سوء الأخلاق
حكم تاريخي للإدارية العليا بقضية تحرش تلاميذ الإعدادية بمعلمتهم
محمد البربرى
حسمت المحكمة الإدارية العليا بحكم تاريخى يتدارسه المجتمع واحدة من أهم قضايا الرأى العام فى مصر والعالم العربى عن التحرش الجنسى والذي اتهم فيه لأول مرة تلاميذ فى الإعدادى قاموا بالتحرش بعنف بمعلمتهم داخل لجنة الامتحان بعد قيامها بمنعهم من الغش حيث لم تجد نصير لها من وزارة التعليم أو مدير الإدارة التعليمية الذي امتنعت عن اتخاذ أى إجراء مع هؤلاء الصبية , فناضلت السيدة وحدها حتى حاكمت الصبية جنائيا وجاءت للمحكمة العليا لتحصل على كرامتها بمحاسبة مدير الإدارة التعليمية الذي تخلى عنها وحمى هؤلاء الصبية فسجلت المحكمة نضالها وأعادت إليها كرامتها .
وقضت المحكمة الإدارية العليا برئاسة المستشار عادل بريك نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية المستشارين سيد سلطان والدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى ونبيل عطا الله وأحمد ماهر نواب رئيس مجلس الدولة بمجازاة " ك م ع " مدير عام إدارة العمرانية سابقاً ومعلم خبير رياضيات بمدرسة السعيدية الثانوية حالياً بالوقف عن العمل لمدة ستة أشهر مع صرف نصف الأجر , لأنه خالف مدونات السلوك وأخلاقيات الخدمة المدنية بأن تقاعس عن اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة حيال واقعة تحرش تلاميذ الإعدادى بالمعلمة " أ.م .م " أثناء لجنة امتحانات مدرسة طلعت حرب الإعدادية , وأغفل ذكر الواقعة بتقرير سير الامتحانات رغم اخطاره بالواقعة من قبل المُعلمة المذكورة , كما وضع توقيع وكيلة وزارة التربية والتعليم بالجيزة علي الصورة الضوئية من الافادة المقدمة منه للنيابة بنفى واقعة التحرش بالمُعلمة بالمخالفة للحقيقة ورغم عدم اخطار المديرية بالواقعة .
وقد أكدت المحكمة في حكمها أن المعلمة لم تجد الدعم الكافى من رؤسائها بوزارة التعليم وتخلى عنها مدير الإدارة التعليمية رغم تحرش الطلاب بها وملامسة أجزاء من جسدها بشكل عنيف وغوغائى -- ناضلت وحدها حتى حاكمت الصبية جنائيا وعانت قهراً نطقت الأوراق به ، والمحكمة تسجل فى صفحات حكمها نضالها نموذج للمرأة المثابرة فتعيد إليها كرامتها التي اُهدرت، وأن تحرش طلاب الإعدادية على معلمتهم 50 عاما أحلك أشكال العنف ضد المرأة وأشد فتكا بالمجتمع ولها آثار خطيرة علي البناء الاجتماعي والنسق القيمي -- دور المدرسة التربوي والارشادي والتقويمي تضاءل والإدارة المدرسية لا تمارس أسلوب المكاشفة في مواجهة التحرش بل التستر بحجة أنها حالات فردية، كما أن للأسرة دور إلى جانب الأدوار الحكومية في مراقبة أبنائها في رواحهم وغدوهم ووسائل التواصل الاجتماعى والمحكمة استفاضت قياما بالدور الاجتماعى للأحكام القضائية لتنبيه المجتمع.
وأكدت المحكمة أنها من منصتها العالية تدق ناقوس الخطر لتسارع ظاهرة التحرش قبل أن تخرج عن السيطرة وقصر التنشئة الأسرية على البيت دون ربطها بالمدرسة أول أسباب الفشل ، ويجب استعادة ثقافة التكامل بين المدرسة والبيت , وأن نفاذ المسؤولية التربوية بين الأسرة والمدرسة أظهر جيلا مشوها لا نعرفه ولا يعرفنا مما يقتضى من الجميع أسرة ومدرسة ومنظمات حكومية وغير حكومية ومنابر دينية ومنارات ثقافية التراص والتعاون لإعادة هذه الأجيال التي تفلت عقالها إلى مرابضها الحقيقية ومشاربها النقية.
كما أكدت المحكمة أنها تسجل الدور السلبى للفن ووسائل الإعلام في أفلام البطل الفوضوي وأقوال الفُحش والرذيلة وكلمات الإيحاءات الخارجة لأغانى المهرجانات والحفلات عززت من انتشار التحرش الجنسي حتى وصل تحرش تلاميذ الإعدادية بمعلمتهم وهو ثمرة تشويه فكري وأخلاقي وديني، وأنها تستنهض همم الأجهزة الفنية الرقابية للقيام بدورها تجاه الأفلام الهابطة وأغانى المهرجانات والحفلات الساقطة تصريحا وتلميحا معولا لهدم القيم ونصلاً لخدش الحياء وسهما مصوبا لقتل الفضائل ومكارم الأخلاق، وفرق بين كفالة حرية الإبداع الفنى وبين استغلال ما تفرزه العقول المريضة والنفوس الرخيصة من قيم سلبية يعانى منها المجتمع سنين عددا للتخلص من اَثارها على أجياله، ونحتاج مصنفات فنية تخاطب النشء بالقيم الإنسانية والإبداع والحق والجمال والشجاعة والتسامح الدينى والصدق والمحبة والرحمة وإعلاء الانتماء والولاء لمصر، كما تناشد المحكمة المشرع تعديل العقوبات للمصنفات الفنية المشجعة للانحراف الواردة في قانون الطفل دون 18 عاما رغم مرور ربع قرن ! (غرامة 50 جنيه وأخرى 100 جنيه)، وأن مدير الإدارة التعليمية جاء بإقرار موثق بالشهر العقارى لثلاثة من مرؤوسيه ينفي التحرش والمحكمة تصفه إقرار بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ منهم مَّا اكْتَسَبَت يداه ِمن الْإِثْمِ.
قالت المحكمة أن الثابت فى الأوراق أن المعلمة "أ.م.م" مدرسة اللغة الانجليزية بمدرسة عثمان أحمد عثمان الإعدادية بنات كانت مكلفة هى وزميل لها مدرس بإحدى مدارس العمرانية بالمراقبة على أعمال امتحانات الإعدادية بإحدى اللجان بمدرسة طلعت حرب الإعدادية وكان يؤدى الامتحان بالمدرسة المذكورة طلبة مدرسة عمر مكرم الإعدادية بنين، وأثناء أعمال المراقبة باللجنة وبعد منتصف الوقت بعشر دقائق قام بعض الطلاب من أماكنهم للتحدث مع زميلها المراقب المذكور بطريقة يسودها الود وعدم الجدية وسمح لبعض الطلبة من اللجان المجاروة بالحضور والدخول إلى اللجنة مما أحدث هرجاً ومرجاً باللجنة وقام البعض بإحراق أوراق الأسئلة واعترضت على ذلك الخروج عن قواعد الانضباط داخل قاعات الامتحان , فتوجه إليها أحد الطلاب متحرشا بها وقامت بدفعه ثم قام عدد أخر من الطلبة بمحاولة الاعتداء عليها ومسك ذراعيها وشدها وجذبها على الأرض فحاولت دفعهم قدر استطاعتها، وحضر إليها زميلاتها المراقبات وقمن بإخراجها من اللجنة وعند نزولها على السلم تبعها ذات الطلبة وتحرشوا جماعيا بها وامسكوها من مناطق حساسة فقامت إحدى زميلاتها بالصراخ ومحاولة الدفاع عنها فسمع رئيس اللجنة ومراقب الدور الصراخ وهرولا إليها فقاما بإبعاد الطلبة عنها وتوجهوا لغرفة الكونترول وقامت بسرد ما حدث لمدير المدرسة " أ.ع" فقام على الفور بالاتصال بقسم الشرطة وتحدث مع الطاعن مدير عام الإدارة التعليمية بالعمرانية لإخباره بكل ما حدث ليتخذ الإجراءات القانونية اللازمة إلا أنه تقاعس ولم يفعل شئيا واتخذ موقفا سلبيا لا يتناسب مع جسامة واقعة التحرش على إحدى المعلمات الفضليات وعدم اتخاذه الإجراءات القانونية التي يجب عليه اتخاذها في مثل هذه الحالات مما يستوجب مؤاخذته عنه تأديبياً .
أوضحت المحكمة أنها تسجل فى حكمها فى ضوء ما تكشف لها من تتبع ظروف وملابسات الطعن الماثل أن المعلمة التي تعرضت للتحرش الجنسى من طلاب الإعدادية فى لجنة الامتحان لم تجد الدعم الكافى من رؤسائها بوزارة التربية والتعليم فقد تخلى عنها الطاعن بصفته مدير الإدارة التعليمية بالعمرانية فى ذلك الوقت وامتنع عن أداء دوره المنوط به من تسجيل واقعة التحرش واخطار الجهات الرئاسية له مما حدا بها إلى تحرير مذكرة للسيدة مديرة مديرية التربية والتعليم بمحافظة الجيزة ذكرت فيها أن طلاب الاعدادية قاموا بالتهجم عليها والتحرش بها وملامسة أجزاء من جسدها بشكل عنيف وغوغائى ولولا اصرارها ودأبها للحصول على حقها ما تمكنت من محاسبة هؤلاء الصبية جنائيا وهى المعلمة والمربية لكنها لم تيأس ولم تهن مما تعرضت له من ظلم الفسدة والخُلق الذميم ، الذي يؤدى إلى إيذاء الناس وخراب المجتمعات ، فكيف لمثلها عايشت ظلما وقهرا وسط أسرتها ومجتمعها أن تكون معلمة ومربية فاعلة، فكان لزاما على المحكمة أن تتصدي لما عانته هذه السيدة من قهر نطقت الأوراق به ، وأن يكون لها قول الحق وتسجل فى صفحات حكمها نضال هذه السيدة وهى نموذج للمرأة المثابرة فتعيد إليها كرامتها التي اُهدرت والتي تصون لها الدستور فى المادة 51 منه التي جعلت الكرامة حق لكل إنسان لا يجوز المساس بها والزم الدولة باحترامها وحمايتها، والعدوان الذي تم عليها هو عدوان على كل مربية أعطت من عمرها فى خدمة التعليم والوطن.
أشارت المحكمة أنها تسجل فى حكمها أيضا أنها ولئن عالجت فى حكم سابق لها تحرش بعض المعلمين بتلاميذ المدارس إلا أنها تدق ناقوس الخطر من جديد على واقعة أشد فتكا بالمجتمع بأن يصل الانحراف إلى تلاميذ الصف الإعدادى فيتحرشون بمعلمتهم التي تجاوز عمرها الخمسين عاما، ومكمن الخطورة أن ظاهرة التحرش التي انتشرت على مسرح الشوارع انتقلت إلى مسرح أخر له قدسية محراب العلم بالمدارس الأصل فيه أنه مجال للقيم والتربية والتعليم , إن ظاهرة التحرش الجنسي من طلاب الاعدادية على معلمتهم - الذي كشف عنها الطعن الماثل - لها أثار خطيرة علي البناء الاجتماعي للمجتمع ،والنسق القيمي له ، وهو من أحلك أشكال العنف ضد المرأة التي أصبحت تتعرض له في مختلف مناحي الحياة الاجتماعية ،خاصة في مجتمع اختلطت فيه المعايير والقيم الاجتماعية المتعارف عليها بموروث ثقافى مصري على مدار التاريخ عن الحياء والحشمة , فتضاءل دور المدرسة التربوي والارشادي والتقويمي حتي أصبحت المدرسة بيئة خصبة لشتي الانحرافات السلوكية ، كما أن الادارة المدرسية لا تمارس أسلوب المكاشفة في مواجهة المشاكل كمشكلة التحرش الجنسي بل تلجأ الي طريقة التستر وادعاء أن مثل هذه الجرائم مجرد حالات فردية أو مشاكل محدودة , والمسؤول عن هذا التردى الأسرة والمدرسة معاً.
وأضافت المحكمة في حكمها أنه لا ريب أن للأسرة دور إلى جانب هذه الأدوار الحكومية وهو مراقبة أبنائها في رواحهم وغدوهم والأماكن التي يرتادونها أو يترددون عليها ومراقبة استخدامهم لوسائل التواصل الاجتماعى ومحتوياتها التي تموج بالعديد من القيم السلبية والسلوكيات المعوجة . ولقد كان لأهمية وخطورة الواقعة محل الطعن على المجتمع هى الباعث لهذه المحكمة في أن تستفيض في بيان أسبابها ومظاهرها ووسائل مقاومتها والقضاء عليها , قياما بالدور الاجتماعى للأحكام القضائية الذي لا يقتصر فقط على معاقبة من تنكبوا سبيل الرشاد بل دق ناقوس الخطر لتنبيه المجتمع بما استجلته من وقائع طُرحت على قضائه وتحتم على المجتمع كل المجتمع التصدى لها .وقالت المحكمة أنها من منصتها العالية تدق ناقوس الخطر إلى ضرورة التنبيه لاستفحال ظاهرة التحرش ونموها بشكل متسارع بما يقتضى التصدى لها قبل أن تخرج عن السيطرة , ومن ثم وجب المشاركة الفعالة من الاَباء في متابعة تعليم أبنائهم وتفعيل دور المدرسة ليكون مكملاً لدور البيت، باعتبارها مجتمعا كبيرا يمارس فيه الطالب ما تربى عليه في محيطه الأسري المصغر، ويوظف خبراته التي تلقاها من أبويه، ولتضيف إليه المدرسة خبرات جديدة من خلال تعامله مع أقرانه ومع مدرسيه ذوى الخبرة , فيتفاعل الطالب داخل الوسط المدرسي الذي تغرس فيه أنماط سلوكية واجتماعية أوسع من تلك التي تلقاها في البيت، ولا ريب أن للإدارة المدرسية دور كبير في حماية الطلاب من الانحراف أخذا في الاعتبار وجود قنوات اتصال بين المنزل والمدرسة. ومن ثم يصبح الدور التكاملي بين الأسرة والمدرسة جوهرى وضروري في تربية النشء ؛ ويجب مشاركة الآباء في مجالس الآباء وعقد لقاءات دورية تجمع الآباء بالمعلمين , وتنبه المحكمة أن تفرقة المجتمع لدور الأسرة والمدرسة بقصر التنشئة الأسرية على البيت فقط دون ربطها بالمدرسة هو أول أسباب الفشل ، فلا يمكن اعتبار المدرسة مكانا لتلقي العلوم فحسب ، ولا يمكن اعتبار نطاق التربية في البيت فقط , فيجب استعادة ثقافة التكامل بين المدرسة والبيت داخل المجتمع , فالتأثر والتأثير بين البيت والمدرسة هو معيار تقدم الأمم في التنشئة الصحيحة.
وأوضحت المحكمة أن الأسرة هي المؤسسة التربوية الأولى في حياة الطفل ، يتشكل منها نظرته للحياة واتجاهاته وقيمه وسلوكياته وميوله وعاداته , فاهتمام الآباء بأبنائهم، والقيم التي يحرصون على غرسها فيهم هي من أهم العوامل الأساسية التي تحسم مدى نجاح الطفل في المدرسة , ولهذا كان دور الآباء والأمهات من أهم الأدوار في التنشئة الاجتماعية ، ومن الأخطاء الشائعة التي قد يقع فيها الأبوان هي الاتكال على المدرسة وحدها ، لعدم وجود الوقت الكافي للأسرة لتربية الأبناء ، وبين نفاذ في المسؤولية التربوية بين الأسرة والمدرسة ضاعت الأجيال الناشئة واتخذت لها قيماً سلبية بعيدة عن القيم الحضارية لمصر على مر العصور وكر الدهور , وأصبح بين ظهرينا جيل مشوه لا نعرفه ولا يعرفنا يقتضى منا جميعا أسرة ومدرسة ومنظمات حكومية وغير حكومية ومنابر دينية ومنارات ثقافية التراص والتعاون في صبر ومثابرة لإعادة هذه الأجيال التي تفلت عقالها إلى مرابضها الحقيقية ومشاربها النقية كى تصح نفوسها وتسمو أخلاقها فينصلح حالها وحال الأسرة والمجتمع .
ذكرت المحكمة أنها تسجل في حكمها الدور السلبى للفن ووسائل الإعلام بما فيها وسائل التواصل الاجتماعي فبعض الأفلام غيرت من عقلية النشء دون الثمانية عشر عاما حيث تقدم البطل على أنه إنسان فوضوي خارج عن القانون والعادات يفعل ما شاء وما أراد ، ويندفع وراء غرائزه عن طريق غير سوي متحديًا قيم وتقاليد المجتمع فيتخذ الطلاب من تلك الشخصية الفوضوية عديمة المبادئ والقيم مثلاً وقدوة ، فهذا النوع من الأفلام الذي يصور العديد من مظاهر الخيانة وأقوال الفُحش والرذيلة والجرائم والخروج على القانون و مشاهد العنف والسلوكيات ذات الايحاء الجنسى , فضلا عن انتشار المهرجانات والحفلات وأغانيها بكلمات يملؤها الإيحاءات الخارجة في ألفاظها عززت من انتشار ظاهرة التحرش الجنسي سواء بسلوك لفظي يتضمن التعليقات والالفاظ والفكاهات الجنسية أو سلوك جنسي يتضمن التحرش المادى وصل الأمر معه بتحرش طلاب المدارس الإعدادية بمعلماتهم وهو ثمرة تشويه فكري وأخلاقي وديني .قالت المحكمة وكل ذلك على الرغم من أن المادة الأولى من القانون رقم 430 لسنة 1955 بتنظيم الرقابة على الأشرطة السينمائية ولوحات الفانوس السحرى والأغانى والمسرحيات والمنولوجات والاسطوانات وأشرطة التسجيل الصوتى تنص على أن تخضع للرقابة الأشرطة السينمائية ولوحات الفانوس السحرى والمسرحيات والمنولوجات والأغانى والأشرطة الصوتية والاسطوانات أو ما يماثلها وذلك بقصد حماية الاَداب العامة والمحافظة على الأمن والنظام العام ومصالح الدولة العليا , وغدت معه تلك النوعية من الأفلام الهابطة ذات المشاهد الفاضحة وعبارات بعض أغانى المهرجانات والحفلات الساقطة تصريحا وتلميحا خروجا على التقاليد والقيم التي خصها الدستور بالرعاية وأوجب على الكافة مراعاتها والتصون لها , بحسبانها معولا لهدم القيم الأصيلة في المجتمع ونصلاً لخدش الحياء , وسهما مصوبا لقتل الفضائل ومكارم الأخلاق فيه , بما يقتضى استنهاض همم الأجهزة الفنية الرقابية للقيام بدورها دون مواربة إزاء ما أصاب شباب المجتمع وناشئيه من انحلال الخلق وفقدان القيم.
واضافت المحكمة ودون أن يضعف من همة تلك الأجهزة الفنية الرقابية القول بأن نوعية تلك الأفلام وأغانى هذه المهرجانات التي أفسدت الذوق العام قد صادفت استجابة الجماهير , فاتجاه جانب من الجماهير إلى متابعتها وتكالبهم على مشاهدتها ليس قرينة على سلامتها من النواحى الاجتماعية والخلقية ذلك أن العبرة بما تحدثه تلك الأفلام والأغانى من انعكاسات على المجتمع , ودون أن يثبط من همة تلك الأجهزة الادعاء بحرية الابداع الفنى وفقا للدستور , ذلك إنه يتعين التفرقة بين كفالة حرية الإبداع الأدبى والفنى والثقافى وبين استغلال ما تفرزه العقول المريضة والنفوس الرخيصة من قيم سلبية يعانى منها المجتمع سنين عددا للتخلص من اَثارها على أجياله .وأضافت المحكمة أنه إزاء تأثير المصنفات الفنية على النشء دون 18 عاما يجب أن تسود مصنفات فنية تخاطب النشء بالقيم الإنسانية والإبداع والحق والجمال والشجاعة والتسامح الدينى والصدق والمحبة والرحمة وإعلاء الانتماء والولاء لمصر , وخاصة أن المشرع حظر في المادة 176 من اللائحة التنفيذية لقانون الطفل الصادرة بقرار رئيس مجلس الوزراء 2075 لسنة 2010 على دور السينما وما يماثلها من أماكن عامة أن تعرض على الأطفال دون الثمانية عشر عاما أية أشرطة سينمائية أو مسرحيات أو عروض أو أغاني أو أشرطة صوتية أو مرئية أو أسطوانات تنطوي بشكل صريح أو ضمني على ما يخالف المعاني التي تجسد قيمة العقل وأهمية الإبداع أو التي تتعلق بقيم الحق والعدل والشجاعة أو تشرح القيم الإنسانية الرفيعة في المساواة بين الناس كافة واحترام الآخرين وجودا ورأيا وحرية وتقبل الأخر بصرف النظر عن جنسه أو دينه أو عنصره، أو أصله الاجتماعي، أو إعاقته، أو أي وجه آخر من وجوه التمييز أو التي تبرز ما في الأديان السماوية من قيم الصدق والطهارة والإخلاص والمحبة والإيثار والتسامح والرحمة أو التي تبلور عظمة البحث العلمي أهمية التفاني فيه والربط بين أهدافه ومراميه وبين خير الإنسانية وسعادتها ورفاهيتها وخير الوطن وأبنائه ورفاهيتهم وسعادتهمأو التي تربط بين الوطنية والوطن وكل أو بعض المعاني السابقة بما يكفل إعلاء الانتماء والولاء لمصر , أو تستهدف إثارة أمر من الأمور التي تخاطب الغرائز الدنيا للأطفال أو تزين لهم السلوكيات المخالفة للقيم السامية والمبادئ العليا.
وتناشد المحكمة المشرع المصري بتشديد العقوبة الواردة بالمادة 89 من قانون الطفل رقم 12 لسنة 1996 المعدل بالقانون رقم 126 لسنة 2008 التي تعاقب فقط بغرامة لا تقل عن مائة جنيه و لا تزيد عن خمسمائة جنيه ، لكل من يخالف حظر نشر أو عرض أو تداول أي مطبوعات أو مصنفات فنية مرئية أو مسموعة على اختلاف أنواعها الفنية خاصة بالطفل تخاطب غرائزه الدنيا ، أو تزين له السلوكيات المخالفة لقيم المجتمع أو يكون من شأنها تشجعه على الانحراف وهى غرامة لا تكفى لتحقيق وظيفة الردع ولا تتناسب مع جسامة الجريمة وأثارها المدمرة في نفوس النشء الذين يقل أعمارهم عن ثمانية عشر عاما حتى ولو صادرت المطبوعات أو المصنفات الفنية المخالفة .
كما تناشد المشرع أيضا بتشديد العقوبة الواردة بالمادة 92 التي تعاقب علي مخالفة أحكام المادة (90) من هذا القانون بغرامة لا تقل عن خمسين جنيهاً ، و لا تزيد على مائة جنيه عن كل طفل فى حالة مخالفة حظر ما يعرض علي الأطفال في دور السينما و الأماكن العامة المماثلة طبقاً للشروط و الأوضاع المقررة قانونا، و الحظر علي مديري دور السينما وغيرها من الأماكن العامة المماثلة و التي يصدر بتحديدها قرار من وزير الثقافة ، و علي مستغليها و علي المشرفين علي إقامة الحفلات و المسؤولين عن إدخال الجمهور السماح للأطفال بدخول هذه الدور أو مشاهدة ما يعرض فيها إذا كان العرض محظوراً عليهم طبقاً لما تقرره جهة الاختصاص ، كما يحظر اصطحاب الأطفال عند الدخول لمشاهدة هذه الحفلات وهو الأمر غير المطبق .
كما تناشد المشرع بتشديد العقوبة التي تعاقب علي مخالفة أحكام المادة (91) من هذا القانون بغرامة لا تقل عن خمسين جنيها و لا تزيد علي خمسمائة جنيه فى حالة مخالفة مديري دور السينما و غيرها من الأماكن العامة المماثلة الاعلان في مكان العرض و في كافة وسائل الدعاية الخاصة ما يفيد حظر مشاهدة العرض علي الأطفال ، و يكون ذلك الإعلان بطريقة واضحة ، و باللغة العربية وهى عقوبات ضئيلة لم تعد مناسبة للعصر الحالى بعد مرور ربع قرن من الزمان على إصدار قانون الطفل تغيرت فيها أحوال المجتمع وتبدلت قالت المكمة أن الطاعن تقدم بإقرار موثق بالشهر العقاري لثلاثة موظفين من تدافع بعض الطلبة علي المعلمة مما أدي إلي سقوط الطلبة عليها ناسبا إليها على غير الحقيقة رفضها تحرير محضر بقالة "أنا مش عاوزة شوشرة ليا ولأسرتي " فذلك مردود بأن المحكمة ترتاب فى ذلك الاقرار لأن محرريه من المرؤوسين للطاعن , فضلا عن أنه يحمل إفكا وزورا بنفى واقعة التحرش الجنسى من طلاب الإعدادية على مُدرستهم وهى الواقعة الثابتة بموجب حكم محكمة جنح الطفل بالجيزة في القضية رقم 817 لسنة 2015 المحكوم بها بجلسة 31/3/2016 بحبس خمسة من المتهمين ثلاث سنوات والغرامة ألف جنيه , وأن صدور حكمين فى الجنحتين رقمى 20810 لسنة 2016 و2733 لسنة 2017 بإلغاء الحكم المستأنف بتبرئة طالبين اثنين من الخمسة لم يكن بسبب نفى واقعة التحرش على المعلمة من ذات الطلاب وإنما جاء بسبب أن الشهود الوارد ذكرهم فى التحريات لم يشاهدوا الواقعة ولم يجزم الحكم الجنائى بنفى الواقعة، وهو لا ينفي أيضا ثبوت واقعة التحرش الجنسى من غيرهم من الطلاب وفقا لحكم محكمة جنح الطفل بالجيزة .
ومما يؤكد افك شهادة المرؤوسين للطاعن من قولهم بأن المُدرسة المذكورة رفضت تحرير مذكرة أمام رئيس اللجنة ورفضت إبلاغ مدير الإدارة خوفاً من الشوشرة لها ولأسرتها أنه قول باطل، فالثابت من التحقيقات وشهادة الشهود أن المُدرسة المذكورة ذهبت إلي قسم شرطة الطالبية لتحرير محضر بالواقعة وأنها لو كانت تخشي الشوشرة لها ولأسرتها وفقاً لما جاء بإقرار الإفك ما ذهبت إلي قسم الشرطة وناضلت من أجل سمعتها وكرامتها حتى حصلت على حكم جنائى بحبسهم.
بل إن أحد المحررين لهذا الإقرار وهو" إ. ح . ع ". شهد فى التحقيقات بأنه " فور علمه بحجز الطلاب للمُدرسة توجه إليها ووجد عدد من الطلاب محاطين بها فعلاً خارج اللجنة فأخذهم بعيداً عنها وكان بعض الطلاب يتابعون المُدرسة حتي وصلت إلي السلم فتوجه إليها فوجد طالب ممسك بجزء من جسدها فحاول إبعاد الطلبة عنها إلي أن حضر باقي المدرسين وابعدوا عنها الطلاب " ومن ثم يكون ما جاء به هؤلاء المرؤوسين بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ منهم لَا تَحْسَبُه المحكمة شَرًّا للمعلمة المجروح كرامتها بَلْ هُوَ خَيْرٌ لها ولِكُلِّ موقع مِّنْهُم على هذا الاقرار مَّا اكْتَسَبَت يداه ِمن الْإِثْمِ والَّذِي تَوَلَّىٰ كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ جرم عَظِيم.